الشعر الشعبي.. وهوية الشاعر العماني
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
تمر اللغة بتطورات وتحديثات دائمة، إنها الحياة الأكثر تغيّرا، وإذا سكنت اللغة وجمدت فقد ماتت، وكُتب عليها الفناء، لذلك فاللغة كائن حيّ، وعلى هذا الأساس يجب التعامل معها، واللهجات المحلية إنما هي لغات أخرى، بل هي الأكثر تغيرا وحيوية وديمومة، ولذلك تجد أن كل لهجة تمر بالكثير من التحديثات والتراكمات، بشكل شبه يومي، نتيجة التداخل مع لهجات الآخرين، والتعامل مع جنسيات مختلفة، والتأثر والتأثير مع الغير، ولذلك أشكال وأنماط لسنا بصددها حاليا.
وما كان الشعر الشعبي بعيدا عن هذا التلاقح اللغوي، بل كان الأكثر تأثرا برياح التغيير، ودخلت عليه الكثير من المفردات غير المحلية، وتأثر كثيرا بلهجات عربية وغير عربية، وتمازج معها، ونتج عن ذلك «مزيج ثالث» أحيانا من اللهجة، فهي لغة غير مستخدمة اجتماعيا، وغير محلية بشكل كبير، ومع ذلك قد يفهمها العامة من خلال السماع، أو التقارب مع اللهجات الأخرى، وفـي كل الأحوال، فإن هذه اللغة الهجين هي تأثر طبيعي بلغات أقوى، وأكثر انتشارا كاللهجة النجدية، والتي منها بدأت شرارة الشعر الشعبي فـي شبه الجزيرة العربية، ولذلك يستخدم الشعراء العمانيون أحيانا مفردات أو مصطلحات غير موجودة فـي قاموس لهجتهم الدارجة، وذلك يرجع لعاملين: إما لضعف إمكاناتهم اللغوية ولعدم درايتهم بالمقابل المحلي لتلك المفردة، وإما لقصور معين فـي ثقافتهم المحلية، ولذلك يلجؤون إلى «الاستلاف» من لهجات الآخرين، وهذه إشكالية يقع فـيها الكثيرون من خلال التأثر المباشر وغير المباشر مع مجتمعات وأشعار أتت من بيئات أخرى.
إن الشاعر هو «ابن بيئته»، وهو الناطق الرسمي بلسان مجتمعه، ولذلك فهو مطالب بالحفاظ على هويته اللغوية، والقبض عليها دون تهميش لها، أو إهمال لإمكاناتها، فاللهجات العمانية لهجات حية، وفـيها الكثير من الطاقة اللغوية التي تغني عن اللجوء للهجات الآخرين، وتعطي الكثير من الإيحاءات والإشارات التي يحتاجها الشاعر، ولكنها فـي كل الأحوال تحتاج إلى ذلك الشاعر المتمكن، والمتصالح مع لهجته، والمستكشف لها، والقادر على تطويع المفردات، وإرسالها دون أن يبحث فـي قاموس آخر بعيدا عن بيئته، رغم قرب البيئات الخليجية من بعضها، وتشابهها إلى حد كبير، وخاصة لهجات أهل البادية، ولكن تبقى هناك خصوصية على الشاعر الحفاظ عليها دون تفريط بها.
وقد يكون مخرجا للبعض استخدام «اللغة البيضاء» وهي لغة وسط قريبة من الفصحى، ولكنها بعيدة إلى حد ما عن لغة الحياة اليومية، وهذه «حيلة» يلجأ إليها كثير من الشعراء الشعبيين العمانيين وذلك يعود إلى عوامل المناهج الدراسية التي تتيح له الاطلاع على الشعر الفصيح بشكل واسع، وثقافة الأفراد، وقراءاتهم الفصيحة، وهي أيضا ـ أي اللغة البيضاء ـ لغة يمكن فهمها على نطاق واسع فـي أوساط الشعراء فـي الوطن العربي، ولكن يبقى أن هذا النوع من الشعر قد يفقد ميزته الأساسية وهي غياب الخصوصية، وعدم التفاتها إلى «الدارجة المحلية القحة»، ولذلك على الشاعر أن يضمّن قصائده مصطلحات أو مفردات محلية، قدر حاجة النص، حتى تفصح النصوص عن هوية شاعرها، وشخصية بيئتها، وهو ما يفعله بعض الشعراء الذين يفهمون معنى «حداثة الشعر» و«أصالة اللهجة».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بالصور.. الحرس السُّلطاني العماني يحتفل بيومه السنوي
مسقط - العُمانية
احتفل الحرس السلطاني العماني اليوم بيومه السنوي الذي يوافق الأول من نوفمبر من كل عام، تحت رعاية معالي الفريق حسن بن محسن الشريقي المفتش العام للشرطة والجمارك.
تضمن الاحتفال تخريج دفعة من الجنود المستجدين، كما تضمن عددًا من الفقرات المتنوعة والتشكيلات العسكرية الميدانية والقفز المظلي التي جسدت ما وصل إليه الحرس السلطاني العماني من كفاءة عالية وأداء متقن وفق تطوير مستمر في ظل القيادة الحكيمة لجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم القائد الأعلى حفظه الله ورعاه.
بدأت فقرات الاحتفال الذي أقيم بميدان الاستعراض العسكري بقيادة الحرس السلطاني العماني بعزف السلام السلطاني، ثم تقدم قائد طابور الاستعراض باستئذان راعي المناسبة وتفتيش الصف الأمامي ، بعدها قدم طابور العرض اللوحة الاستعراضية بالحركات الصامتة التي اشتملت على تشكيل عبارة " لا يلين العزم منا أبدا" وكلمة "حرس" على أرضية ميدان الاستعراض ، حيث جسدت ما يحظى به الحرس السلطاني العماني من اهتمام سام وعناية كريمة من لدن القائد الأعلى -أيده الله- وعكست مدى الإتقان والمهارة العالية التي يتمتع بها منتسبو الحرس السلطاني العماني. بعدها قدّم الطابور استعراضًا بالمسير البطيء في صفوف عسكرية منتظمة وخطوات واثقة مع الإيقاعات الموسيقية العسكرية لموسيقى الحرس السلطاني العماني، مرورًا من أمام المنصة الرئيسة، تتقدمهم راية الحرس السلطاني العماني.
وقام معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك بتسليم الشهادات لأوائل الخريجين من دورة الجنود المستجدين، حيث حقق الجندي علي بن محمد الفراجي المركز الأول على المستوى العام للدورة، وحصل الجندي عبدالله بن سعيد الحسني على المركز الأول في رماية المسدس، وفي رماية البندقية نال الجندي عمر بن جمعة العامري المركز الأول، وفي المسير وقوة التحمل حصل الجندي ماهير بن شمبيه البلوشي على المركز الأول، أما في اللياقة البدنية فقد جاء الجندي عبدالله بن أحمد الخروصي في المركز الأول.
وقلّد معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك راعي الحفل ميدالية الخدمة الخاصة للحرس لعدد من منتسبي الحرس السلطاني العماني؛ نظير الجهود التي بذلوها خلال خدمتهم، وتقديرًا لإخلاصهم في خدمة الوطن وجلالة القائد الأعلى -أعزه الله- وتفانيهم في أداء واجبهم الوطني المقدس. بعدها ردد طابور الاستعراض نشيد الحرس السلطاني العماني، صاحبه عرض مظلي قدمه فريق الحرس السلطاني العماني للقفز الحُر، ثم ردد الخريجون نداء التأييد، وهتفوا ثلاثًا بحياة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظّم القائد الأعلى -حفظه الله ورعاه - ثم تقدم طابور العرض بهيئة الاستعراض للأمام، وفي الختام عُزِف السلام السلطاني، ثم استأذن قائد الطابور بالانصراف من الميدان، حيث مرت الطوابير من أمام المنصة الرئيسة للاحتفال بالمسير العادي بمصاحبة موسيقى الحرس السلطاني العماني ومشاركة خيالة الحرس السلطاني العماني؛ مُعلنين بذلك انتهاء مراسم الاحتفال.
حضر المناسبة عدد من أصحاب المعالي الوزراء، ورئيس مجلس الشورى، وقادة قوات السلطان المسلحة والجهات العسكرية والأمنية، وعدد من القادة المتقاعدين، وعدد من المكرمين أعضاء مجلس الدولة، وعدد من أصحاب السعادة.
كما حضر المناسبة عدد من كبار ضباط قوات السلطان المسلحة والحرس السلطاني العماني والجهات العسكرية والأمنية الأخرى، وعدد من المدعوين من كبار الضباط المُتقاعدين من الحرس السلطاني العماني، وعدد من الملحقين العسكريين للدول الشقيقة والصديقة، وجمع من ضباط وضباط صف وأفراد الحرس السلطاني العماني، وجمع من المدعوين.