مأساة الثقافة والمثقفين في زمن التدمير الشامل
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
تتعرض المؤسسات الثقافـية فـي فلسطين ولبنان إلى تدمير ممنهج تشنه قوات الاحتلال الصهيوني منذ السابع من أكتوبر وإلى الآن، فقد قُتل العديد من الفاعلين الثقافـيين من كُتاب وشعراء وصحفـيين، وهُدمت مؤسسات كالمسارح والمكتبات ودور الثقافة وهناك توقف تام للأنشطة الثقافـية فـي غزة ولاحقا فـي الجنوب اللبناني.
إن حالة العجز التي نشعر بها حيال القتل اليومي فـي غزة ولبنان، لا تُعفـينا من محاولة طرح الأفكار والمقترحات التي يمكنها التخفـيف من معاناة الإنسان فـي المناطق المستهدفة بالقتل والتهجير، إذ يحتاج الفرد فـي تلك المناطق إلى الحصول على وسائل تمكنه من توفـير المتطلبات الأساسية له ولأسرته من الطعام والماء والأدوية والمأوى. فما الذي يمكن أن تقدمه المؤسسات الثقافـية فـي الوطن العربي للكتاب والمثقفـين فـي كل من لبنان وفلسطين والسودان واليمن ليبيا، الذين توقفت حياتهم بتوقف الأنشطة التي يمارسونها مثل إدارة الأنشطة والفعاليات ثقافـية، وأيضا إغلاق المكتبات وتوقف شراء الكتب، لهذا فإن المطلوب من المؤسسات الثقافـية الحكومية والخاصة فـي كل أنحاء الوطن العربي الوقوف إلى جانب نظيراتها فـي كل من غزة وجنوب لبنان، سواء باقتناء أعمال المؤلفـين والفنانين الرازحين تحت نير الاحتلال، أو استكتاب الكتاب والصحفـيين وإشراكهم فـي المؤتمرات والمهرجانات الثقافـية ومعارض الكتب، إما بالحضور الشخصي وإخراجهم مؤقتا من أتون المعاناة، أو استضافتهم افتراضيا عبر برامج التقنية الحديثة، أو إعفاء دور النشر التي تمر بظروف صعبة من رسوم المشاركة فـي معارض الكتب، وهنا لابد من الإشادة بجهود هيئة الشارقة للكتاب، إذ أمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة بإعفاء دور النشر فـي فلسطين ولبنان والسودان من رسوم المشاركة فـي معرض الشارقة للكتاب فـي دورته الحالية. والحقيقة أن دور النشر فـي البلدان المذكورة عانت ولا تزال تعاني، فعلى سبيل الذكر تعرضت دار الرافدين فـي الضاحية الجنوبية للقصف، وقد تضامن معها العديد من الكتاب وبعض دور النشر، بينما لم يصدر اتحاد الناشرين العرب أي بيان إدانة أو استنكار للقصف، لذلك نستغرب صمت الاتحاد المحسوب على المجتمع المدني، ولذلك فإن مسؤولية الاتحاد تتعدى جدولة معارض الكتب إلى الوقوف إلى جانب دور النشر والتضامن معها باعتبارها مؤسسات ثقافـية تتطلب تدعيمها لنشر المعرفة والثقافة فـي المجتمع، ونأمل من بقية إدارات معارض الكتب العربية إعفاء دور النشر التي تعاني من ظروف خاصة من رسم المشاركة. إن إشراك المثقف الموجود فـي المناطق المُدمرة فـي الفعاليات الثقافـية يُمثل تضامنا رمزيا مع معاناته، إضافة إلى أن الحصول على بعض المبالغ المالية نظير المساهمة الكتابية والفنية، تساهم فـي التخفـيف من معاناة المثقف الذي لا يتقن أي حرفة أو صنعة أخرى غير الكتابة وممارسة الفنون التي يمارسها فـي الحصول على قوت يومه. لذا نأمل من الهيئات والمنظمات العربية والدولية ذات الصلة بالشأن الثقافـي أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه المثقفـين ومؤسساتهم فـي فلسطين ولبنان. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دور النشر
إقرأ أيضاً:
فضائيات الأطفال في ثاني جلسات أدب الطفل بدار الكتب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انعقدت صباح اليوم في ثاني جلسات مؤتمر أدب الطفل السنوي التاسع في دار الكتب والوثائق القومية، والتي أقيمت تحت عنوان "الأطفال و تفضيلاتهم لمواقع ومجلات القنوات الفضائية الكرتونية ومحاكاة الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي"، تحدث فيها كل من الدكتورة، إيناس محمود حامد أحمد - أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس وعميد معهد الجزيرة العالى للإعلام وعلوم الاتصال، و منتصر ثابت رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام للتنمية الثقافية، د. نسرين محمود
دكتوراه الفلسفة في التربية تخصص أصول التربية- جامعة المنصورة،و د. نورا عبد العظيم، باحثة بمركز تحقيق التراث- دار الكتب والوثائق القومية.
وتحدثت الدكتورة إيناس محمود حامد أحمد عن "الأطفال وتفضيلاتهم لمواقع ومجلات القنوات الفضائية الكرتونية ومحاكاة الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي".
وأكدت إننا نشاهد الآن ثورة هائلة في مجال التكنولوجيا الذي كان له أثره الكبير على شكل الاتصال ومحتواه وأساليب إنتاجه والمتغيرات المشتركة في عملية الإنتاج، وقد تأثرت صناعة الصحافة كأحد أشكال الاتصال بالتطور التكنولوجي بشكلٍ ملحوظٍ، والذي انعكس على كم المضمون ونوعه وطبيعة الخدمة ومظهرها النهائي، كما خلق علاقات مستحدثة بين الإنسان والتكنولوجيا، فكثيرًا ما نرى الطفل يتفاعل مع فيلم أو صورة، ويعيش هذا الواقع الخيالي مع نفسه.
والآن مع ظهور تقنية (VR) الواقع الافتراضي وإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تعتمد على مشاهدة صورتين لنفس المشهد قبل أن يترجمها المخ إلى مشهدٍ واحدٍ ليضفي ميزة العمق، يستطيع الطفل من خلال ارتداء نظارة الواقع الافتراضي وسماعات رأس دخول عالم افتراضي للشعور بموقع الصوت والحركة، فيخرج عن الواقع ويدخل عالمًا خياليًّا بالكامل.
ويعتبر هذا الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي هو الأكثر إثارة للدماغ والأعصاب؛ فقد نرى الكثير من المشكلات التي قد يتعرض لها الطفل، والتي قد تصل إلى الإدمان.
وتحدث الكاتب منتصر ثابت عن الذكاء الاصطناعي واستلهام التراث المصري. ووضح في كلمته أن الذكاء الاصطناعي هو قدرة الكمبيوتر على التفكير والتعلم حتى يتمكن من أداء المهام التي يقوم بها البشر العاديون، إضافًة إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة كميات كبيرة من البيانات بطرقٍ لا يستطيع البشر القيام بها بشكلٍ عام. والهدف من استخدام الذكاء الاصطناعي هو القيام بعمل نماذج وأنماط واتخاذ قرارات مستنيرة و صائبة مثل الإنسان، أو بقولٍ آخر فعل ما يستطيع الإنسان فعله بشكلٍ صحيحٍ وعلمي ومدروس متحاشيًا السلبيات والأخطاء قادرًا على العمل بأكثر سرعة وحرَفيَّة.
والتراث المصري القديم حافل بقصصٍ ورواياتٍ للطفل كان لها الريادة في شتى مجالات الكتابة الأدبية. وعلى سبيل المثال قصة سنوحي أو سنوهيت القائد المصري الذي ذهب إلى سوريا ثم عاد في أواخر أيامه مُصرًا أن يدفن في وطنه مصر.
كما لدينا قصص لا تُحصى للفراعنة الذين يمكن تقديمهم كنماذج باهرة للشباب والأجيال القادمة؛ سيظل التاريخ يذكرها بكل فخرٍ.
وتحدثت دكتور نسرين محمود محمد رضوان عن توظيف الذكاء الاصطناعي في أدب التراث الشعبي للطفل لتحقيق فرص التنمية المستدامة حيث أكدت أن التراث الشعبي هو مادة خصبة وترجمة بليغة للمشاعر العامة؛ نظرًا لاغتنائه بألوانٍ وضروبٍ مثيرة من التعبيرات التي تسوغ مراحل وفترات متباينة من التاريخ البشري والكيان الإنساني؛ والتراث الشعبي هو جزء من الأدب الشعبي الذي يتسع ليشمل العادات والتقاليد، والأزياء والطقوس في المناسبات المختلفة، بالإضافة إلى سلوكيات الأفراد في حياتهم اليومية، وعلاقاتهم بالآخرين.
والذكاء الاصطناعي هو أحد أهم وسائل نشر الثقافة المجتمعية وتبسيطها بأسلوبٍ مبتكر ومشوق؛ لأنه ينمي أسلوب التفكير العلمي ويزيد من قدرة الأفراد على إدراك المفاهيم العلمية واستيعابها.
تناولت الدكتورة نورا عبد العظيم "توظيف الذكاء الاصطناعي في أدب الأطفال من خلال التراث."
وأشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي هو العلم الذي يشتغل بابتكار وتطوير خُوارِزْميات مفيدة تسهم في المحاكاة الآلية لقُدُرات الدماغ البشري، من إدراكٍ للبيئة المحيطة، والاستجابة المناسبة لمثيراتها، وتعلُّمٍ، وتخطيطٍ، وإيجاد حلولٍ للمسائل المُستجدَّة والتواصل اللغوي، وإدارةٍ للتراكم المعرفي،… إلخ، ويُطْلِقُ البعض على هذه القُدُراتِ وأمثالها «المَلَكات العليا» للإنسان.
وأدب الطفل هو ذاك الأدب الذي يختص بما يضيف للأطفال المعلومة والفكرة ولكن بأسلوبهم، وتغليف المعلومة بشكلٍ تربوي يتناسب مع الأطفال.
ومن الضروري أن نشير إلى أهمية التحديثات المواكبة لتحديات العصر، ولا سيما الذكاء الاصطناعي الذي أصبح من سمات العصر، والذي من الممكن أن يوظَّف لخدمة صناعة المحتوى الرقمي للأطفال، وذلك عن طريق: تحويل النص المكتوب إلى صورة مُعبرة وهناك مواقع كثيرة تساعد في توليد الصور، من خلال النصوص المكتوبة، إضافة لذلك إن عملية ابتكار صور مولدة تجعلك تجسد الخيال الذى يفشل أحيانًا في تجسيده رسامو أدب الطفل، فمثلًا نجد موقع (Leonardo AI) أحد المواقع المتخصصة بتحويل النص المكتوب إلى صورة تعبر عن النص، فنجد مثلًا هذه الصورة التي تعبر عن شارع المعز قديمًا ولَّدها الموقع بشكلٍ عصري وجذَّاب يلائم خيال القارئ.