الخليج الجديد:
2025-03-10@14:12:26 GMT

أمريكا و«موسيقى الجاز» في السياسة

تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT

أمريكا و«موسيقى الجاز» في السياسة

أمريكا و«موسيقى الجاز» في السياسة

الحزب الديمقراطي في عهد بايدن نجح في «وأد نجاح» الجناح التقدمي للحزب «وتحويله إلى ديكور مفيد».

حين يكون الترشح لانتخابات الرئاسة لا يهدف للفوز بالمنصب بل لتحقيق أهداف عامة، تصبح الحملة الانتخابية هي الهدف لا الوسيلة، ويغدو المقصد نبيلاً.

أعلن كورنيل ويست، الأكاديمى البارز، أستاذ الفلسفة والأديان بجامعة برنستون، ومن أهم المفكرين الأمريكيين المعاصرين ترشحه للرئاسة 2024 عن حزب الخُضر.

بحسب كورنيل ويست «يستحيل مواجهة الفاشية عبر تبني النيوليبرالية» التي أضرت بالفئات الأقل حظاً فالنيوليبرالية عنده «قد تعطل الفاشية ولكنها لا تقضي عليها».

أولويات كورنيل ويست السياسية ثابتة باختلاف المراحل، إذ يولي مصالح الطبقة العاملة والفقراء من كل الأعراق والإثنيات اهتمامه الأول ويدعم حقوق الفلسطينيين.

القوانين الأمريكية منحازة للحزبين ضد الأحزاب الأصغر، لأن من يكتبها ويقرها أعضاء الكونغرس المنتمون للحزبين وهي تشريعات تحمي استمرار نظام الحزبين واحتكار السلطة.

وصف ويست نفسه بأنه «رجل موسيقى الجاز في السياسة»؛ نشأت موسيقى الجاز في أوساط سود أمريكا، وتقوم على الارتجال وهو يرى أن الارتجال تفرضه السياسة كما فرضته العنصرية على موسيقى السود.

* * *

حين يكون الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية لا يهدف للفوز بالمنصب وإنما لتحقيق أهداف عامة، تصبح الحملة الانتخابية في ذاتها هي الهدف لا الوسيلة، ويغدو المقصد نبيلاً وبعيداً عن المصلحة الشخصية.

وكثيراً ما يصدق ذلك على من يترشحون من خارج الحزبين الكبيرين، الديمقراطي والجمهوري، سواء كمستقلين أو تحت رايات أحزاب صغيرة ففوز هؤلاء المرشحين يقيناً في حكم المستحيل.

إذ إن القوانين الأمريكية منحازة للحزبين على حساب الأحزاب الأصغر، لسبب بسيط هو أن من يكتب تلك القوانين ويوافق عليها هم أعضاء الكونغرس المنتمون لهذين الحزبين، أي يكتبون تشريعات تحمي مصلحتهم في استمرار نظام الحزبين واحتكار السلطة.

ولعل هذا هو السبب وراء ترشح بعضهم من خارج الحزبين من أجل تقليل حجم الضرر الذي يلحق بالمواطن الأمريكي العادي من استمرار نظام الحزبين فبترشحهم يطرحون قضايا مهمة يتجاهلها الحزبان وهو ما يعني إجبار مرشحَيهما على تناول تلك القضايا.

فمثلا، حين ترشح روس بيرو في التسعينيات، وأصر على طرح قضية عجز الموازنة التي تجاهلها الحزبان وقتها، أجبر كل من بيل كلينتون وبوش الأب على طرح القضية ثم حين فاز كلينتون، اضطر لمعالجة العجز في فترة حكمه الأولى.

وفي عام انتخابات الرئاسة المقبل، ينتظر أن تشهد أمريكا حملة من هذا النوع ستكون في تقديري أكثر إحراجاً لمترشحَي الحزبين الكبيرين فقد أعلن كورنيل ويست، الأكاديمى البارز، ترشحه للرئاسة 2024 عن حزب الخُضر.

كورنيل ويست، أستاذ الفلسفة والأديان، من أهم المفكرين الأمريكيين المعاصرين فرغم انتمائه لواحدة من جامعات القمة، جامعة برنستون، رفض دوماً أن يحبس نفسه داخل أسوار الجامعة، وهو صاحب رؤية نقدية ثاقبة لقضايا بلاده فالأستاذ الجامعي، عنده، يستحيل أن يؤدي دوره لو ظل «حبيس جدران الجامعة».

يُدرّس كورنيل ويست الأديان، ويقوم بالوعظ أحياناً، وإن كان تأثر بالفلسفتين الماركسية والبراغماتية، وهو من الأكاديميين القلائل الذي تفاعلوا مع الثقافة الشعبية وخصوصاً ثقافة «هيب هوب»!

وهو المفكر الأسود الذي لا يتورع عن توجيه الانتقادات اللاذعة لرموز سوداء مهمة فهو وجه انتقادات لاذعة لوزيري الخارجية السابقين كولين باول وكوندوليزا رايس. ورغم أنه كان من أهم داعمي باراك أوباما في حملته الرئاسية الأولى في سنة 2008، فقد صار لاحقاً من أكثر ناقديه شراسة.

وحين ترشح بايدن ضد ترامب في سنة 2020، لم يتورع كورنيل ويست عن تأييد الأول رغم أن سياساته تماثل سياسات أوباما الذي انتقده في ما سبق، لكنه عدّ أن خطر ترامب يلزم معه دعم بايدن. وبعدما وقف خلف بايدن منذ أعوام، إذا به يتخذ قراراً بالترشح أمامه هذا العام.

ورغم أن مواقف ويست تلك قد تبدو متناقضة إلا أنها في الحقيقة تمثل مرونة تقتضيها تناقضات الحالة السياسية الأمريكية ذاتها وهو وصف نفسه ذات مرة بأنه «رجل موسيقى الجاز في السياسة» فموسيقى الجاز، التي نشأت في أوساط سود أمريكا، تقوم على الارتجال وهو يرى أن الارتجال تفرضه السياسة كما فرضته العنصرية على موسيقى السود.

ومن يبحث عن الاتساق في مواقف الرجل فما عليه إلا أن يتتبع أولوياته السياسية فيجدها ثابتة باختلاف المراحل السياسية، إذ يولي مصالح الطبقة العاملة والفقراء من كل الأعراق والإثنيات اهتمامه الأول.

لقد شرح، على سبيل المثال، قراره بالترشح العام الحالي، بأن وراءه قناعة بأن الحزب الديمقراطي في عهد بايدن نجح في «وأد نجاح» الجناح التقدمي للحزب «وتحويله إلى ديكور مفيد». ويوجه ويست كلماته لبايدن قائلاً: «يستحيل أن تواجه الفاشية عبر تبني النيوليبرالية» التي أضرت بالفئات الأقل حظاً فالنيوليبرالية عنده «قد تعطل الفاشية ولكنها لا تقضي عليها».

وفي السياسة الخارجية، يعارض ويست السياسات الإمبراطورية الأمريكية، فرغم رفضه غزو روسيا لأوكرانيا، فإنه لا يتجاهل سيادة روسيا ومصالحها ففي موقفه من تمدد حلف ناتو شرقاً، استخدم تشبيهاً صادماً للأمريكيين فقال «لو أن هناك صواريخ وضعتها روسيا في كندا على الحدود الأمريكية، لكانت أمريكا قد سوّت كندا بالأرض».

ودعم كورنيل ويست لحقوق الفلسطينيين من شأنه أن يضع القضية على أجندة الانتخابات ولكن الأمر لا يخلو من مفارقة فلأن الأصوات التي ستذهب لويست ستحسم من أصوات بايدن، فإن ترشحه قد يؤدي لعودة ترامب إلى البيت الأبيض!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي

المصدر | البيان

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا موسيقى الجاز حقوق الفلسطينيين فی السیاسة

إقرأ أيضاً:

يمكن للمرأة السودانية أن تنجح في كل شيء ما عدا السياسة

يمكن للمرأة السودانية أن تنجح في كل شيء ما عدا السياسة ، هذا ليس نقصا فيها ولكن تعقيدات السياسة السودانية وتشابكاتها تجعل من هؤلاء النساء خصما على العمل السياسي المضطرب اصلا والذي يحتاج لخيال قادر على فهم أعمق وأشمل لماهية الفعل السياسي وتعقيداته ، هذا الفهم لن يتأتى إلا عبر ذهن صافي غير متقلب وغير متأثر بحالة مزاجية تتأرجح صعودا ونزولا ، فالواقع متحرك وفهمه على مستوى الداخل يتطلب اولا معرفة كلية بالتاريخ السياسي والجذور التاريخية لنشاة الأحزاب ومرجعياتها وبتنازع القوى التقليدية والحديثة وصعود النماذج الجديدة للتاثير السياسي وأخرها القبيلة ، اما على مستوى الخارج يتطلب فهم كبير للتحولات العميقة التى تشهدها المنطقة وقضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية والتغيرات الجيوسياسية وغيرها من القضايا الدولية ..

دائما ما أقول بصورة عامة أن على المرأة السودانية التركيز في قضايا مفيدة كالصحة في بعدها الخدمي ، البحوث في بعدها الإجتماعي ، الهندسة والعمارة والفنون ، الطب والبنوك ووكالات السفر والسياحة والعمل على إستخراج تاشيرات الحج والعمرة والكوارث ، فأنا أنطلق من موقف واضح رافض لتولي المرأة مناصب سياسية عليا في السودان إلا في بعض الإستثناءات كوزارة التنمية والطفل ، الشباب والتعليم ، السياحة والثقافة والخدمات والإتصالات وبعض السفارات في المناطق الآمنة ..

هذا القصور في الفهم السياسي ليس ذنب المرأة السودانية ولكنه مرتبط بالثقافة السياسية في السودان وبدور المرأة في المجتمع مع بعض الأسباب الآخرى والتي أتحفظ عن ذكرها ، طبعا هذا الكلام لاينطبق على النساء ممن ينتمون للقوى المحافظة ، فالمراة عند القوى المحافظة مبجلة وقادرة على العطاء والعمل والإنجاز ، فالمساحة التى تتحرك فيها جعلت قدرتها على الاستيعاب كبيرة وعلى مواكبة التغييرات وفهمها عميقة على عكس المرأة عند القوى السياسية الأخرى التى هي أداة توظيف وجلب للتمويل والمشاريع فضلا عن وجودها كعامل تحفيز للفعل الجماهيري والتماسك التنظيمي ، فالمراة عندنا مختلفة ومقدرة وعندهم حنان ومريم ورشا تمويل والثلاثة خير دليل ..
#السودان

حسبو البيلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • يمكن للمرأة السودانية أن تنجح في كل شيء ما عدا السياسة
  • مجلة أمريكية: تصنيف ” الحوثيين” مجرد استعراض لإدارة ترامب لمحاولة تمييز نفسها عن بايدن
  • الكاتبة نورا ناجي لـ "البوابة نيوز": "بيت الجاز" أحداثها واقعية.. وسأظل مخلصة للرواية
  • عبدالله آل حامد يحضر فعاليات مؤتمر «ساوث باي ساوث ويست» SXSW في تكساس
  • عبدالله آل حامد يحضر فعاليات مؤتمر "ساوث باي ساوث ويست" في تكساس
  • عبدالله آل حامد يحضر فعاليات مؤتمر “ساوث باي ساوث ويست” SXSW في تكساس
  • عاجل | واللا عن مصدر أميركي: إدارة بايدن أجرت محادثات غير مباشرة مع حماس عبر جهة أميركية غير رسمية لكن مقربة منها
  • السياسة وجهود التقارب بين المذاهب الإسلامية!
  • مفاجأة صادمة: كانييه ويست يختار ملابس زوجته الجريئة
  • المعادلة الطردية في الحرب و السياسة