بين ترامب وهاريس.. كيف تؤثر أميركا على اقتصاد إسرائيل؟
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
مع اقتراب الانتخابات الأميركية، تتصاعد الأسئلة عن كيفية تأثير السياسة الاقتصادية لكل من المرشحين الرئيسيين، دونالد ترامب وكامالا هاريس، على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في ظل اعتماد إسرائيل المتزايد على الدعم الأميركي خلال الحرب المتواصلة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب تقرير في "كالكاليست"، تبرز اختلافات جوهرية بين رؤى ترامب وهاريس حول السياسة الاقتصادية، والضرائب، والتجارة العالمية، مما قد يترك أثرا مباشرا على الشركات الإسرائيلية، لا سيما في قطاع التكنولوجيا.
أوضح التقرير أن ترامب، خلال فترة رئاسته، خفّض الضرائب على الشركات من 35% إلى 21% بهدف تشجيع الاستثمار في الولايات المتحدة وتحفيز الاقتصاد.
ورغم أن هذه الخطوة ساعدت في تعزيز أرباح الشركات الكبيرة، فإنها أدت إلى تقليص عائدات الضرائب الفدرالية وتفاقم التفاوت الاجتماعي، وهو ما قد تكون له تداعيات سلبية على المدى الطويل.
وفي سياق تحفيز الإنتاج المحلي، فرض ترامب رسوما جمركية على الواردات، وخاصة من الصين، مما أثر على الشركات الأميركية التي تعتمد بشكل كبير على الواردات، نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي.
ويوضح المستشار الإستراتيجي وخبير الاقتصاد، عمّيت ساروسي، أن هذه السياسة أثرت على الشركات التي تستورد المواد من الخارج، وخلقت حالة من عدم اليقين بين الدول التي تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة.
رؤى هاريسفي المقابل، تتبنى هاريس رؤية اقتصادية تعتمد على رفع الضرائب على الشرائح الأكثر ثراء والشركات الكبرى، وذلك بهدف تقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم أن هذه الخطوة قد تساهم في تحقيق توازن اجتماعي، فإن ارتفاع الضرائب قد يؤدي إلى تقليل الاستثمارات الداخلية وبالتالي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي.
وتدعو هاريس أيضا إلى تطوير "اقتصاد أخضر" قائم على التكنولوجيا والطاقة النظيفة، مما قد يفتح الأبواب أمام التعاون الدولي، ويفتح فرصا تجارية عالمية جديدة.
وأشار التقرير إلى أن هذه السياسة قد تدعم توجه إسرائيل نحو الابتكار في قطاع التكنولوجيا المستدامة، وتزيد من التعاون التجاري بين الدول.
تأثير السياسات على الاقتصاد الإسرائيليومن منظور اقتصادي، قد تساهم سياسات ترامب في تعزيز نمو الشركات الإسرائيلية ذات الوُجود في الولايات المتحدة، خصوصا في قطاع التكنولوجيا.
ومع ذلك، فإن توجه ترامب الرأسمالي قد يؤدي إلى توسيع الفجوات الاجتماعية، مما قد يؤثر سلبا على الطبقة المتوسطة، ويضعف الاقتصاد الأميركي على المدى الطويل.
في المقابل، تتباين الآراء داخل الجالية اليهودية في الولايات المتحدة -وفق كالكاليست- حول هذه الانتخابات، حيث إن العديد منهم يميلون لدعم الحزب الديمقراطي تقليديا، لكن التغيرات السياسية الجارية في إسرائيل قد تؤثر على هذا الاتجاه.
ويُطرح السؤال حول إذا ما كانت هاريس ستواصل دعم إسرائيل كما فعلت إدارة بايدن، وإذا ما كان ترامب سيظل ملتزما بتعهداته السابقة.
ويبرز تقرير "كلكاليست" أن النتائج النهائية غير مؤكدة، وأن على إسرائيل في الوقت الحالي أن تركز جهودها على بناء حكومة مستقرة قادرة على اتخاذ قرارات اقتصادية وأمنية مستدامة تعزز من الوحدة وتدعم الاقتصاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة على الشرکات أن هذه
إقرأ أيضاً:
ما مآلات السياسات الاقتصادية والتجارية لترامب على أميركا والعالم؟
حالة من الترقب عاشها الاقتصاد العالمي إبان الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن بعد توليه السلطة في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، تحول الترقب إلى حالة من الارتباك، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وبخاصة لدى الشركاء التجاريين الكبار لأميركا.
وما يعكس حالة الارتباك على الصعيد الداخلي لأميركا ما أظهرته إحصاءات التجارة الخارجية، خلال يناير/كانون الثاني، من بلوغ عجز الميزان التجاري (للسلع والخدمات) 131.4 مليار دولار، بزيادة 34% عما كان عليه الوضع في ديسمبر/كانون الأول 2024.
أما على صعيد التجارة السلعية لأميركا، فقد لوحظ أن الواردات السلعية بلغت 329 مليار دولار في يناير/كانون الثاني، بزيادة 36 مليار دولار عن واقع الواردات السلعية في ديسمبر/كانون الأول 2024، مما يعني أن المستوردين حاولوا جلب أكبر كميات يمكن الحصول عليها من مستلزمات الإنتاج، قبل أن يرفع ترامب الرسوم الجمركية.
وكان ترامب قد اعتمد رسومًا جمركية بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، وفي حالة الصين بلغت 20%، وقد وعد ترامب أن لديه خطة قيد الإعداد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من الاتحاد الأوروبي.
لكنه بعد أيام قليلة من قراره فرض رسوما جمركية على كندا والمكسيك بنسبة 25%، عاد واستثنى هذه المنتجات الخاصة باتفاقية "يو إس إم سي إيه" (اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا) إلا أنه سيعاد النظر في هذا الأمر مطلع أبريل/نيسان المقبل، وفق ما يتحقق من تقدم في قضيتي تهريب المخدرات والبشر من هاتين الدولتين إلى أميركا.
إعلانولم تمض قرارات ترامب من دون رد فعل من قبل كندا والمكسيك والصين، فتم اتخاذ قرارات مماثلة بفرض رسوم جمركية بنفس النسب تجاه الواردات من أميركا.
وكان الجديد هو توجه كل من كندا والصين في 5 مارس/آذار الجاري إلى منظمة التجارة العالمية، وتقديم ما يعرف بطلب المشورة، أي أن تعقد الأخيرة جلسات للتشاور بين طرفي النزاع، حول ما اتخذ من قرارات تتعلق بالرسوم الجمركية، وتسوية الأمر وديًا، فإن فشلت هذه الخطوة، يتم التوجه لهيئة فض المنازعات بالمنظمة، وطلب التحكم في القضية محل النزاع.
سياسات ترامب والداخل الأميركييمكن قراءة أهداف سياسات ترامب الاقتصادية والتجارية، على الصعيد الداخلي، بأنها تتبلور حول 3 محاور:
توسيع دائرة وقدرات الإنتاج المحلي. العمل على زيادة الوظائف بشكل دائم وقوي. الحرص على أهمية الاعتبارات الخاصة بالأمن القومي.ونظرًا للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بالفعل، ودخلت حيز التنفيذ، فإن أعباء المعيشة على المواطن الأميركي سوف تزيد للأسرة الواحدة بحدود ألفي دولار، وذلك وفق تقدير دراسة لجامعة ييل، بسبب ارتفاع تكاليف الحصول على السلع والخدمات، وهو ما يعني ارتفاع معدلات التضخم، التي تُعد في اتجاه معاكس لسياسة كبح ارتفاعات الأسعار التي يتبناها بنك الاحتياطي الاتحادي الأميركي.
وفي حالة ارتفاع معدلات التضخم، لن يتبنى الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) سياسة نقدية من شأنها تخفيض الفائدة، وهو عكس ما يريده ترامب، ومن المتوقع أن يعجل إبقاء مستويات الفائدة الحالية بالصدام بين ترامب ورئيس الاحتياطي.
ويعد القطاع الزراعي أحد المتضررين من سياسات ترامب التجارية، لأنها تعد المستهدف الأول من قبل رسوم الصين الجمركية في الحرب التجارية مع أميركا. وفي ولاية ترامب الأولى، اضطر لتقديم دعم للقطاع الزراعي بنحو 14 مليار دولار كتعويض عن خسائر الصادرات الزراعية الناتجة عن رفع الرسوم الجمركية في الصين.
إعلانأما على مستوى المستفيدين، فيمكن رصد عدة فئات، منها المنتجون المحليون، الذين يستفيدون من الحماية التجارية التي يوفرها لهم ترامب، عبر سياسة رسوم جمركية عالية على الواردات، بحيث ستكون السلع المحلية أرخص من السلع المستوردة، وقد تعمل بعض الصناعات في ظل هذه السياسة على احتكار السوق الأميركي مما يزيد أرباحها.
وقد يترتب على الحماية الجمركية، ضخ استثمارات جديدة من قبل القطاع الخاص الأميركي، وكذلك الأجنبي، بما يعني توفير فرص عمل جديدة واستيعاب الموظفين المطرودين من الوكالات الفدرالية، وبخاصة أن ترامب أعلن أنه حصل على موافقات للاستثمار في أميركا من قبل أجانب بنحو 1.7 تريليون دولار، وإن كان ضخ استثمارات بهذا الرقم يستلزم من الوقت ما يجعل ثماره تتحقق في الأجلين المتوسط والطويل.
عائد سياسات ترامب على الاقتصاد العالمي
في الأجل القصير، تُلقي سياسات ترامب بآثارها على سوق النفط بشكل واضح؛ ففي ظل توقعات تراجع معدلات التجارة العالمية، وزيادة القيود التي سيشهدها الاقتصاد العالمي فيما يخص التجارة الدولية، ما زالت أسعار النفط تحافظ على معدلاتها المتراجعة. ففي 7 مارس/آذار 2025، بلغت أسعار النفط في متوسطاتها الأسبوعية نحو 70 دولارا لبرميل النفط من خام برنت، ونحو 66 دولار للبرميل من الخام الأميركي.
وإذا توسع ترامب بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي والهند، فسيكون مستقبل أسعار النفط الاتجاه نحو المزيد من التراجع، وينقلنا هذا بدوره إلى نظرة سلبية لباقي مكونات سوق النفط، من حيث الاستثمارات والنقل وسوق التأمين على النفط وناقلاته.
وإبان أزمة تراجع أسعار النفط بعد منتصف عام 2014 وحتى 2018، تراجعت الاستثمارات في مجال النفط بشكل كبير، وكذلك تأثرت باقي الأنشطة المرتبطة بقطاع النفط من نقل وتأمين.
ولكن هذا التحليل يأتي في ظل ثبات العوامل الأخرى، بمعنى أن باقي دول العالم سوف ترضخ لسياسات ترامب.
إعلانونظن أن ترامب بتوسيعه دائرة الدول -التي سيرفع الرسوم الجمركية على وارداتها- سيدفعها لأن تكون غير عاجزة، بل قد يؤدي ذلك إلى حالة من العزلة أو شبه العزلة لأميركا وقد تكون هذه الفرصة المناسبة ليكون لتكتل "بريكس" دور ملموس في أداء الاقتصاد العالمي، بل وتشكيل نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب.
وقد تكون أمام الدول النامية والصاعدة فرصة في إعادة بناء المؤسسات الدولية، أو إنشاء مؤسسات أخرى، تعبر عن مصالح أكبر عدد ممكن من دول العالم، بخلاف ما هو قائم الآن حيث تخضع غالبية المؤسسات الدولية الاقتصادية لسيطرة أميركا والغرب.
موقف المنظمات الدوليةأعلنت المؤسسات الدولية، عدة مرات، اعتراضها على السياسات الأميركية الخاصة بتقييد التجارة، وكان ذلك واضحًا منذ ولاية ترامب الأولى، وذكرت التقارير الدورية للبنك والصندوق الدوليين، الحماية التجارية، كأحد المهددات للنمو الاقتصادي العالمي.
غير أن ترامب لا يعبأ بمنظمة التجارة العالمية، ويراها منحازة ضد أميركا، بل ويرى أنه من الواجب أن تخرج أميركا عن عضوية هذه المنظمة، لذلك مضى في إصدار قراراته الخاصة برفع قيمة الرسوم الجمركية، من دون أي اعتبار للمنظمة أو ما سيسفر عنها من توصيات وقرارات.
ولا شك أن نظرة ترامب هذه تجاه منظمة التجارة العالمية من شأنها أن تضعف دور الأخيرة، وبخاصة أن أعمالها التي تُعد بطيئة في اتخاذ التوصيات أو القرارات، ويكاد يكون نظامها القضائي في حكم الميت، لحرص أميركا على عدم اكتمال المحكمين داخل المنظومة القضائية بالتجارة العالمية.
وسيكون إضعاف التجارة العالمية له نتائج سلبية، بتحقيق المزيد من فقدان الثقة في مؤسسات النظام الاقتصادي العالمي، وتأكيد أن الدول الكبرى تسير هذه المنظمات وفق مصالحها فقط، وأن الدول النامية والصاعدة مجرد أعضاء بلا صلاحية أو مصالح في هذه المنظمات.
إعلانختامًا، على ما يبدو أن حديث ترامب عن هدف عودة أميركا "أمة عظمى" ينطلق من مقولة "من يملك الذهب يضع القواعد" لكن ما نسيه ترامب أنه لم يعد وحده يملك الذهب، فثمة شركاء آخرون لديهم حصص من المعدن الأصفر، ولعل سياسته التجارية وتأجيجه للحرب التجارية عالميا لن يمكنه من العودة بالاقتصاد العالمي إلى مذهب التجاريين، والذي يقضي بالعمل على أن تكون مصدرا قويا قليل الاستيراد أو بلا واردات، لتحصل على المزيد من الذهب.
ومن الصعب أن يتحقق لترامب ذلك، فواقع غالبية الشركاء بالاقتصاد العالمي يدعون لحرية التجارة، وأنها تحقق مصالح الجميع.
وثمة مؤشر مهم قد يحدد تصرف باقي الشركاء في الاقتصاد العالمي، وهو مدى تقدير شركاء الاقتصاد العالمي لسياسة ترامب، هل يعتبرونها سياسة شخصية، وبالتالي تزول بانتهاء ولايته؟ أم سيعتبرونها نهجًا يخص الدولة الأميركية، وبالتالي، يبدؤون في تبني سياسات مضادة لما تتبناه أميركا والمضي قدما إلى إرساء قواعد جديدة لنظام اقتصادي عالمي جديد؟