رامي بن سالم البوسعيدي

 

دعمًا لجهود تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنافسية الاقتصادية، جاءت توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- باعتماد السياسة الوطنية للمحتوى المحلي لرفع تنافسية الاقتصاد الوطني وتعزيز نموه، وتأكيدا على أهمية قيام القطاع الخاص بالإسهام في الدفع بتلك السياسة، وهي بلا شك تعتبر من الأسس الاستراتيجية التي تعزز الإنتاجية وتخلق فرص عمل وتساهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

السياسة الوطنية للمحتوى المحلي تعبر عن مجموعة من السياسات والإجراءات، وتأتي بهدف زيادة نسبة المدخلات الوطنية في مختلف القطاعات الاقتصادية، مثل الصناعات والتجارة والخدمات وتشمل مختلف العناصر التي تساهم في الإنتاج، مثل المواد الخام والخدمات والتقنيات والقوى العاملة، حيث يتم تشجيع القطاع الخاص والعام على الاعتماد على هذه المدخلات المحلية لتقليل الواردات وتعزيز الناتج المحلي.

ومن المُقرر أن تركز هذه السياسة الوطنية للمحتوى المحلي على تحقيق مجموعة من الأهداف الوطنية أهمها تعزيز المنافسة من خلال زيادة الاعتماد على الموارد المحلية العُمانية، وتعزيز تنافسية المنتجات والخدمات الوطنية، مما يدعم قدرة السوق المحلي على التنافس إقليمياً وعالمياً، كما يمكن أن نعتبر نجاحنا في تنفيذ التوجيهات السامية بزيادة نسبة المدخلات المحلية في الإنتاج وسيلة فعَّالة لتوفير المزيد من فرص العمل خاصة للكفاءات الوطنية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر في تقليل معدلات الباحثين عن عمل ورفع مستويات المعيشة.

من جانب آخر، يؤدي الاعتماد على المحتوى المحلي إلى زيادة القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني، وبالتالي تعزيز النمو وتوسيع قاعدة الإيرادات، خاصة وأن هذه السياسة تشجع على تطوير التقنيات المحلية وتبني الابتكارات الجديدة التي تساعد في تحسين الإنتاجية والجودة، ويعتبر القطاع الخاص ركيزة أساسية في تحقيق أهداف المحتوى المحلي، حيث يعتمد نجاح هذه السياسة بشكل كبير على مشاركة الشركات والمؤسسات الخاصة، ويمكن تلخيص دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد الوطني من خلال استثماراتها في الصناعات المحلية، وتطوير المنشآت الإنتاجية التي تعتمد على المواد والخدمات المحلية.

أما فيما يخص الابتكار، فإنَّ القطاع الخاص يتمتع بمرونة أكبر في الابتكار وتطوير المنتجات، وهو ما يساعد في تحقيق أهداف هذه السياسة الوطنية، وهي فرصة أمام الشركات لاستغلال هذا التوجه الوطني عبر تطوير منتجات جديدة باستخدام المواد والخدمات المحلية وتفتح مجالات جديدة للسوق المحلي والتصدير، خاصة مع وضع القطاع اللوجستي في السلطنة الذي يُشجع الشركات على التعاون مع الموردين المحليين وتفضيلهم على الموردين الأجانب، مما يُسهم في دعم الصناعات الوطنية الصغيرة والمتوسطة ويزيد من الاعتماد على السوق المحلي.

ولتفعيل دور القطاع الخاص في هذه السياسة، يجب أن نعمل في المرحلة المقبلة على توفير الحوافز والإجراءات التي تساعد الشركات على تطبيق هذه المبادئ عبر التسهيلات المالية للشركات التي تعتمد على المحتوى المحلي في إنتاجها، ويمكن توفير برامج تمويلية خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على الموارد المحلية عبر بنك الاستثمار العماني، بجانب توفير برامج تدريبية للكوادر الوطنية وتطوير مهاراتها لزيادة اعتماد الشركات على القوى العاملة المحلية، كما يمكن أن تشجع الحكومة على إنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز التعاون وزيادة الاعتماد على المحتوى المحلي.

وبلا شك ندرك أن هناك تحديات تواجه القطاع الخاص في تطبيق هذه السياسة، على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها المحتوى المحلي للاقتصاد، منها التكلفة لبعض المدخلات المحلية، والتي قد تكون بعض المواد الخام أو المنتجات المحلية مكلفة مقارنة بنظيراتها المستوردة، كما يجب الوقوف على نقص الكفاءات والتقنيات في بعض القطاعات، وقد يكون هناك نقص في الكفاءات المدربة أو التقنيات المتقدمة محليا، مما يشكل تحدياً أمام الشركات في تلبية احتياجات السوق، ولا يجب أن نهمل دعوات الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى تجاوز البيروقراطية والإجراءات الحكومية في بعض القطاعات وهو ما قد يؤثر على سرعة وكفاءة الإنتاج.

من خلال ما سبق، ندرك أن السياسة الوطنية للمحتوى المحلي ليست مجرد خطة اقتصادية، بل هي رؤية استراتيجية لبناء اقتصاد قوي ومستدام يعتمد على الموارد المحلية ويعزز من تنافسيته، ولتحقيق هذا الهدف يجب أن يكون للقطاع الخاص دور رئيسي في دعم هذه السياسة من خلال الاستثمار في الصناعات الوطنية وتوظيف الكفاءات المحلية، والتعاون مع الموردين المحليين وأن يكون المساهم الأول في خلق اقتصاد متنوع ومتين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مصنعون: معرض التصنيع المحلي للصناعات الهندسية يحقق التكامل ويسهم في تطوير القطاع

أكد المصنعون في معرض تعميق التصنيع المحلي للصناعات الهندسية في نسخته الثانية الصناعي، أن المعرض يسهم في تحقيق التكامل فيما بينهم بما يسهم في تطوير القطاع الصناعي ودفعة نحو مزيد من النمو. 


وأشاد المشاركون - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط على هامش انطلاق فعاليات الملتقى معرض تعميق التصنيع المحلي في نسخته الثانية - بحسن التنظيم غرفة الصناعات الهندسية وإدارتها للمعرض وتحملها كافة تكاليف وتيسير كافة الإجراءات العارضين.


من جانبه أكد حمدي عبد العزيز مدير مصنع مصر لإدارة الشبكات أن هذا المعرض يعتبر من أهم المعارض التي تنظم سنويا وتعمل على إحداث تكامل وربط بين المصانع المحلية مما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. 


واتفق معه نادي شوقي رئيس شركة " انكو" منوها بأن المعرض فرصة لتسويق كافة المنتجات محليا وخارجيا، مشيرا إلى أن المعرض يستضيف عددا من المستثمرين العرب مما يساعد على فتح أسواق جديدة المنتجات الوطنية.


بينما أشار يوسف وليم المدير التنفيذي لشركة "زنك: إلى أنه من خلال المشاركة في المعرض نعمل على توفير كافة احتياجات السوق المحلي من خامات وصناعات مغذية لبعض صناعات القطاع الهندسي، منوها بأن الشركة لديها خطة لفتح خطوط إنتاج جديدة لتغطية السوق الخارجي.


كانت فعاليات المعرض السنوي "تعميق التصنيع المحلي للصناعات الهندسية " في نسخته الثانية قد انطلقت أول أمس بمشاركة 210 شركات وينتهي اليوم تحت رعاية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصناعة و النقل الفريق كامل الوزير و اتحاد الصناعات المصرية برئاسة المهندس محمد السويدي.


وتأتي هذه النسخة بعد النجاح الكبير الذي حققته النسخة الأولى للمعرض عام 2024 وتم بالفعل تحقيق العديد من الشراكات الناجحة التي تهدف إلى تحقيق تكامل صناعي مما أدى إلى تراجع الفاتورة الاستيرادية لقطاع الصناعات الهندسية ومستلزماته وزادت نسبة الصادرات الهندسية بشكل كبير وكل هذا نتاج جهود الغرفة في تحقيق تكامل صناعي وتواصل مباشر بين المصنعين و بعضهم.
 

مقالات مشابهة

  • رئيس جهاز “مستقبل مصر” يستقبل وزير السياسة الزراعية الأوكراني لبحث تعزيز التعاون
  • مجلس الأعمال الإماراتي القرغيزي يبحث تعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين
  • 4 مليار ريال مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي نهاية النصف الأول من 2024
  • «قطاع الأعمال العام»: حريصون على التعاون مع الشركات العالمية لدعم الصناعات المحلية
  • إطلاق سيارة نيسان ماجنيت الجديدة 2025 في مصر قريبا.. تعزيز التصنيع المحلي
  • مصنعون: معرض التصنيع المحلي للصناعات الهندسية يحقق التكامل ويسهم في تطوير القطاع
  • المختبر والمحتوى المحلي..
  • الحركة الوطنية: إشراك القطاع الخاص في صنع القرار الاقتصادي يعزز مناخ الاستثمار
  • تعزيز المحتوى المحلي.. ومستقبل التوظيف
  • «التنمية المحلية»: حملات تفتيشية بكل المحافظات لضمان تقديم خدمة أفضل للمواطن