جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-23@03:53:40 GMT

العزلة سلاح ذو حدين

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

العزلة سلاح ذو حدين

 

أحمد بن موسى البلوشي

العُزلة هي حالة من الانفصال الجزئي أو الكامل عن المُجتمع؛ حيث يبتعد الفرد عن التواصل الاجتماعي ويتجنب التفاعل مع الآخرين. العزلة في الإسلام لها جوانب مُهمة ترتبط بأبعاد روحية وأخلاقية، والإسلام ينظر إلى العزلة بنوع من التوازن، فلا يدعو إلى الانعزال المطلق عن المجتمع، ولا إلى الانخراط المفرط الذي قد يُلهي الإنسان عن واجباته الروحية والدينية.

بل يرى الإسلام أنَّ هناك حالات يمكن أن تكون فيها العزلة ضرورية، وأخرى يفضل فيها التواصل والتفاعل مع الآخرين.

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الإنسان إلى العزلة، وقد تكون مؤقتة أو دائمة، اختيارية أو قسرية. تتنوع آثار العزلة بين الإيجابيات والسلبيات، ومن أهم إيجابيات العزلة: تتيح للإنسان الفرصة للتفكير العميق وإعادة تقييم حياته واتخاذ قرارات مُهمة دون تأثيرات خارجية. قد يجد بعض الأشخاص أن فترات العزلة تمكنهم من اكتشاف أنفسهم وتطوير أفكارهم وآرائهم بوضوح أكثر.

قد تكون العزلة وسيلة للتخفيف من الضغوط اليومية التي يواجهها الفرد، حيث يبتعد عن المواقف المزعجة أو التوترات التي قد يسببها الاحتكاك المستمر بالآخرين، مما يساعده على استعادة توازنه النفسي. في أوقات العزلة، يتمكن الفرد من التركيز على عمله أو دراسته دون مشتتات خارجية، ما يزيد من إنتاجيته. العديد من الكتاب والفنانين يلجؤون للعزلة بهدف تحسين إنتاجهم الإبداعي وتطوير أفكارهم في أجواء هادئة. تُساعد العزلة الأشخاص على الاعتماد على أنفسهم في حل مشاكلهم والاهتمام باحتياجاتهم الشخصية، مما يُعزز شعورهم بالاستقلالية ويدفعهم لتطوير مهارات جديدة.

ومن أهم سلبيات العزلة: قد تؤدي إلى مشاعر الاكتئاب والقلق، خصوصًا إذا كانت مطولة وغير اختيارية. يمكن أن يشعر الفرد بالوحدة والعزلة العاطفية مما يزيد من معاناته، ويؤدي إلى انخفاض معنوياته. تشير الدراسات إلى أنَّ العزلة الاجتماعية قد تكون مرتبطة بزيادة أخطار الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى ضعف الجهاز المناعي، نتيجة لنقص التفاعل الاجتماعي الذي يحفز الجسم على إفراز هرمونات السعادة. قد يؤدي الانعزال لفترات طويلة إلى ضعف مهارات التواصل الاجتماعي وصعوبة التكيف مع المجتمع. إذ يواجه الشخص صعوبة في بناء علاقات جديدة أو الحفاظ على علاقاته القديمة، مما يجعله غير مستعد للتفاعل في الحياة الاجتماعية. يمكن أن يشعر الفرد بالعزلة عن الأحداث المجتمعية وتطورات الحياة من حوله، ما قد يؤدي إلى الإحساس بالنقص أو الانعزال الكامل عن العالم، حيث يشعر وكأنه غريب في محيطه الاجتماعي.

الابتعاد عن الآخرين، خاصة لفترات طويلة، قد يؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى الحياة الشخصية والاجتماعية، يشكل الأصدقاء والعائلة والمجتمع المحيط دعمًا مهمًا للفرد في الأوقات الصعبة. الابتعاد عنهم يحرم الشخص من هذا الدعم ويتركه وحيدًا في مواجهة مشاكله. مع الوقت، يمكن أن يؤدي الابتعاد عن الآخرين إلى الشعور بالوحدة الشديدة، مما قد يتسبب في تدهور الحالة النفسية للفرد ويزيد من احتمالية تعرضه للاكتئاب. العزلة والابتعاد قد يؤديان إلى تراجع العلاقات بين الفرد وعائلته وأصدقائه، مما يؤثر على جودة تلك العلاقات وقدرتها على الاستمرار. الابتعاد المطول عن الآخرين قد يعزل الفرد عن الأحداث المجتمعية والتطورات، مما يؤدي إلى فقدان الشعور بالانتماء والانخراط في المجتمع، وقد يضعف قدرته على مواكبة مستجدات الحياة.

للاستفادة من إيجابيات العزلة وتجنب أضرارها، ينبغي تنظيم الوقت بحيث يخصص جزء من اليوم أو الأسبوع للعزلة والهدوء، والجزء الآخر للتفاعل الاجتماعي مع العائلة والأصدقاء. يمكن للفرد التركيز على بناء علاقات إيجابية وذات جودة، حيث يكون التواصل مع الآخرين هادفًا ومشبعًا للاحتياجات الاجتماعية والعاطفية. يمكن للفرد استخدام العزلة كفرصة لتطوير مهاراته وممارسة هواياته، مما يعزز من شعوره بالرضا الشخصي ويقلل من المشاعر السلبية المرتبطة بالعزلة. إذا شعر الفرد بأن العزلة تؤثر سلبًا على صحته النفسية، فمن المهم أن يلجأ إلى مختصين في الصحة النفسية للحصول على الدعم المناسب وتوجيهه للعودة إلى الحياة الاجتماعية بشكل صحي.

في الختام.. يمكن أن تكون العزلة سلاحًا ذا حدين. فمن جهة، تمنح الفرد فرصة للتفكر والنمو الذاتي، ومن جهة أخرى، قد تصبح ضارة إذا طالت مدتها وأدت إلى انفصال الشخص عن مجتمعه. لذا، فإن إيجاد التوازن بين العزلة والتواصل الاجتماعي ضروري للتمتع بحياة نفسية واجتماعية سليمة.

ويشجع الإسلام على هذا التوازن، حيث يُستحب للمسلم أن يختلي بنفسه أحيانًا للتأمل وتزكية النفس، لكنه مطالب بأن يكون جزءًا من مجتمعه، يُساهم في بنائه ونشر الخير بين أفراده، ففي الإسلام، لا تُعد العزلة هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة يمكن أن تساهم في تقوية الإيمان والاقتراب من الله إذا أُحسن استخدامها. وفي الوقت نفسه، يمثل التفاعل الاجتماعي قيمة أساسية في الإسلام، يهدف من خلالها إلى تحقيق التضامن والإصلاح الاجتماعي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

المجرم يفقد إنسانيته.. من الفيوم إلى الأقصر جرائم بشعة لا يعرفها المصريون.. خبراء: تعاطي المخدرات والكحول والغيرة والاضطرابات النفسية والانتقام أخطر دوافع للقتل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

جريمة القتل الأولى، استشهاد العقيد فتحي عبدالحفيظ سويلم، من قوة مديرية أمن الفيوم، أثناء محاولته السيطرة على شخص في حالة هياج داخل بنك مصر بمحافظة الفيوم.

وجريمة القتل الثانية، مقتل مسن على يد  متعاطى مخدر الشابو بالسلاح الابيض ويفصل رأسه عن جسده ويشرب من دماؤه ويأكل من لحمه فى ابو الجود فى الاقصر ويتم القبض عليه بصعوبه لاصابته بالصرع والهياج العصبى وتكبيله لخطورته على نفسه وعلى من حوله..كيف وصل الجناة  الى هذه الحاله من الاضطراب النفسي، هل الادمان ام الضغوط الكثيرة  ..هل تحول الى حيوان وفقد انسانيته بفعل سريان المخدر فى دماؤه ومارأى خبراء الأمن وعلماء النفس والاجتماع والطب النفسي فيما حدث

حجاج كامل 

الطب النفسي

من جانبها تقول أستاذة الطب النفسى بالجامعة الأمريكية  دكتورة هالة السيد ل " البوابة نيوز ": تعتبر جرائم القتل من أشد الجرائم التي تهز المجتمعات، وتثير تساؤلات حول الدوافع التي تدفع الأفراد إلى ارتكاب مثل هذه الأفعال الشنيعة. تتعدّد الدوافع وراء القتل، ولكن الدوافع النفسية تلعب دورًا حاسمًا في تفسير هذه الجرائم.
وتوضح: ان الدوافع النفسية للقتل تتنوع لكى تدفع الأفراد إلى القتل، ومن أبرزها تعاطي المخدرات والكحول والغيرة والاضطرابات النفسية والانتقام والشعور بالظلم  والحب ألمرضى ووالإثارة والتشويق، وكل دافع له محفزات من أحداث الحياة تحركه فى اتجاه الجريمة كالتالى: تعاطي المخدرات والكحول حيث يزيد تعاطي المخدرات والكحول من احتمالية ارتكاب الجرائم، حيث يؤثران على قدرة الفرد على التحكم في سلوكه وتذهب عقله، والغيرة تعد من الدوافع الشائعة للقتل، خاصة في العلاقات العاطفية وقد تؤدي الغيرة إلى نوبات غضب شديدة تدفع الفرد إلى ارتكاب أعمال عنف، 

واشارت هالة السيد الى ان  الاضطرابات النفسية التى يعاني العديد من مرتكبي جرائم القتل منها مثل الفصام، والاكتئاب الشديد، واضطرابات الشخصية. قد تؤدي هذه الاضطرابات إلى هلاوس وأوهام تدفع الفرد إلى تصورات خاطئة عن الواقع، مما يؤدي إلى ارتكاب أعمال عنف، والانتقام الذى يشكل دافعًا قويًا للقتل، حيث يسعى الفرد إلى إيذاء من أساء إليه أو ألحقه بأذى. 

وتابعت: قد يكون الانتقام نتيجة لخيانة عاطفية، أو خسارة مادية، أو إهانة شخصية، والشعور بالظلم وغالبا قد يدفع الشعور بالظلم والتهميش بعض الأفراد إلى ارتكاب جرائم القتل، خاصة إذا كانوا يعانون من صعوبات اجتماعية واقتصادية، والحب المرضي ففي بعض الحالات، قد يدفع الحب المرضي الفرد إلى القتل، حيث يعتقد أن قتل الحبيب هو أفضل طريقة لإثبات حبه أو لمنعه من الزواج من شخص آخر، والإثارة والتشويق فقد يرتكب بعض الأفراد جرائم القتل بدافع الإثارة والتشويق، حيث يبحثون عن تجارب جديدة ومثيرة.


العوامل المؤثرة

وتكمل هالة السيد: تتأثر الدوافع النفسية للقتل بعدة عوامل، منها: التربية التى  تلعب دورًا هامًا في تشكيل شخصية الفرد وسلوكه فالأطفال الذين يتعرضون للإهمال أو العنف هم أكثر عرضة لارتكاب الجرائم في المستقبل، والمحيط الاجتماعي الذى يؤثر بشكل كبير على سلوك الفرد، فالأصدقاء السيئون والعصابات قد يشجعون الأفراد على ارتكاب الجرائم، إن الدوافع النفسية للقتل معقدة ومتشابكة، ولا يمكن تفسيرها بدافع واحد ولفهم هذه الجرائم، يجب دراسة كل حالة على حدة، مع الأخذ في الاعتبار العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على الفرد.


المنظور الأمنى 

 

ويقول الخبير الامنى اللواء عبد الحميد خيرت ل" البوابة نيوز ": تعد جريمة القتل واحدة من أشد الجرائم إثارة للقلق والاهتمام، وقد حظيت بدراسات معمقة من قبل مختلف التخصصات، لا سيما علم النفس وعلم الاجتماع والطب النفسي كل من هذه التخصصات يساهم في فهم الدوافع المعقدة التي تدفع الأفراد إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم.
ويكمل:  يعني ايه عميل بنك يعمل محامي، يروح البنك لعمل معاملة بنكية ومعاة ( الة حادة ) مطواة قرن غزال أو سكينة، إلا إذا كان ناوي على شر، أو سيئ النية، أو بلطجي، أو معتوه ؟هل هذا المجرم  يمتهن بالفعل  مهنة المحاماة ( يعني لبس روب المحاماة ) أم خريج حقوق وبيقدم نفسه كمحامي، أصل غير متصور محامي بمعنى محامي يدخل البنك بمطواة أو سكينة مطبخ ؟ هل هذا المجرم  يمكنه بمطواة  قرن غزال أو سكينة قتل ضابط يحمل سلاح  ناري ويصيب بعض أفراد قوة الأمن ( في حالة خطرة )  حال ضبطه، دون إستخدام سلاحهم الميري ؟

واضاف: لا يهمني المحامي فهو سينال عقوبته التي قد تصل للإعدام، لكن عندي سؤال،لماذا تردد الضابط الشهيد والقوة المرافقة لضبط المتهم في إستخدام السلاح كحق دفاع شرعي يقره القانون ؟ الله يرحم الفقيد الشهيد  ويغفر له ويدخله فسيح جناته.


منظور علم النفس

 

حول ذات السياق يقول رئيس قسم علم النفس بكلية الاداب جامعة عين شمس دكتور محمد سيد خليل ل " البوابة نيوز ": يهتم علم النفس بدراسة العمليات النفسية الداخلية التي قد تؤدي إلى سلوكيات عنيفة، مثل القتل. يركز علماء النفس على:الاضطرابات النفسية المضاد ة للمجتمع، والاكتئاب الشديد، والفصام، والتي قد تكون مرتبطة بزيادة خطر العنف، والشخصية التى يعتقد بعض علماء النفس أن بعض سمات الشخصية، مثل العدوانية والانطواء، قد تزيد من احتمالية ارتكاب الجرائم العنيفة، وكذلك التفكير المشوه فقد يكون لدى بعض المجرمين أنماط تفكير مشوهة، مثل الهلوسات أو الأوهام، والتي قد تدفعهم إلى تصرفات عنيفة.


علم الاجتماع

فيما تقول رئيسة قسم الاجتماع بكلية الاداب جامعة المنصورة دكتورة دينا محمد السعيد ل " البوابة نيوز  ": يهتم علم الاجتماع بدراسة العوامل الاجتماعية والثقافية التي قد تساهم في حدوث الجرائم، مثل البيئة الاجتماعيةالتى تؤثر فيها  العوامل البيئية، مثل الفقر، والتمييز، والعنف الأسري، على سلوك الأفراد وتزيد من خطر تورطهم في الجرائم،  يليها الضغوط الاجتماعية التى قد تؤدي إلى فقدان الوظيفة، أو الطلاق، او إلى سلوكيات عدوانية كرد فعل لفشل ما، والثقافة الفرعية التي تشجع على العنف فى  سلوك أفرادها.


منظور الطب النفسي


بينما يقول استاذ الطب النفسى دكتور جمال فرويز ل " البوابة نيوز  ": يهتم الطب النفسي بتشخيص وعلاج الاضطرابات النفسية التي قد تكون مرتبطة بالعنف ويركز الأطباء النفسيون على:التقييم النفسي بإجراء تقييم شامل للفرد لتحديد أي اضطرابات نفسية قد يكون يعاني منها، والعلاج الدوائي باستخدام الأدوية لعلاج الاضطرابات النفسية التي قد تساهم في العنف، وجلسات العلاج النفسي لتغيير أنماط التفكير والسلوك.


أهمية التنسيق بين التخصصات

وأوضح: من المهم أن نؤكد أن دوافع القتل هي نتيجة تفاعل عوامل متعددة ومتشابكة، ولا يمكن إرجاعها إلى سبب واحد. قد يكون هناك تفاعل بين العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى سلوك عنيف، لكن لينتج العلاج اثره ولتطوير فهم أفضل لدوافع القتل لعلاجها بجدية ودقة، من الضروري التعاون بين مختلف التخصصات. يمكن لعلماء النفس، وعلم الاجتماع، والأطباء النفسيين، والباحثين في مجالات أخرى، مثل علم الأعصاب، أن يعملوا معًا لتطوير برامج وقائية وعلاجية فعالة.


المنظور العلمى المجتمعى 

تحذر أخر الأبحاث الصادرة عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية  من التعميم والأحكام المسبقة واستمرار الأمل فى العلاج والوقاية وتفصيلا:
تجنب التعميم فمن المهم تجنب التعميم عند الحديث عن دوافع القتل، فكل حالة فريدة من نوعها، والحذر من الأحكام المسبقة: يجب تجنب الأحكام المسبقة على الأفراد الذين يرتكبون جرائم قتل، فالأسباب قد تكون معقدة ومتنوعة.
الأمل في العلاج والوقاية: على الرغم من خطورة جريمة القتل، إلا أن هناك أملًا في تطوير برامج فعالة للوقاية والعلاج، من خلال فهم أعمق للدوافع النفسية والاجتماعية.

مقالات مشابهة

  • المجرم يفقد إنسانيته.. من الفيوم إلى الأقصر جرائم بشعة لا يعرفها المصريون.. خبراء: تعاطي المخدرات والكحول والغيرة والاضطرابات النفسية والانتقام أخطر دوافع للقتل
  • استشارية نفسية تكشف أسئلة بسيطة توضح إذا كان الطفل يتعرض للتنمر
  • ما هي "ديبنوفوبيا" فوبيا تناول الطعام أمام الآخرين؟
  • الوحدة.. العزلة الاجتماعية تصيبك بأمراض القلب والسكري والسكتات الدماغية
  • 3 أبراج تفضل العزلة عند الخذلان.. لا تحب إظهار ضعفها أمام الآخرين
  • حتى لو
  • عبد الله أبو قردة: لا يحق لأي شخص أخذ القانون بيده أو الاعتداء على الآخرين
  • المزاج العام واتخاذ القرار: صندوق الزواج أنموذجًا
  • عضو «الأزهر العالمي»: الاستئذان في الإسلام ضرورة احتراما لخصوصية الآخرين
  • 5 أبراج فلكية تحب التنظير على الآخرين في كل شيء.. «بيحبوا السيطرة»