تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

من الطبيعي أن تتجه أنظار حركات الإسلام السياسي صوب الولايات المتحدة الأمريكية بصورة مستمرة، فالعلاقة بين الطرفين ممتدة وطويلة ومتشابكة ومعقدة في آن واحد، وبالتالي فإن حدثًا مثل انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجري منافساتها على أشدها حاليا، سوف يكون له صداه الطبيعي لديها، خاصة إذا كانت المنافسة على أشدها هكذا بين الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة، والتي تميل حركات الإسلام السياسي غالبًا إلى أحدهما وترى أنه أقل حدة في التعامل معها، وهو الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي له الرئيس الحالي جو بايدن، مقابل الحزب الجمهوري الذي ينتمي له الرئيس السابق دونالد ترامب المرشح القوي للرئاسة، وسط مخاوف غير معلنة لديها من عودته مرة أخرى للبيت الأبيض، والذي أوشك قبل ذلك أن يضع جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، لكنه فشل في ذلك بسبب الأصوات المعارضة له ومن بينها أصوات من داخل الحزب الجمهوري المنافس له.

. فهل ينجح ترامب هذه المرة في تحقيق هذه الهدف؟ وماذا أيضا عن موقفه من الجماعات والحركات الإسلامية الأخرى غير في حال فوزه بالرئاسة؟

الموقف الرسمي

إلى هذه اللحظة لم يظهر موقف رسمي لا من جماعة الإخوان ولا من غيرها من حركات الإسلام السياسي حول الأحداث الأخيرة التي شهدها سباق الانتخابات الرئاسة الأمريكية، والتي أعلن فيها البيت الأبيض تنحي الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن عن سباق الرئاسة، الذي حظي بتعامل ودود من قبل حركات الإسلام السياسي، نظرًا لتعاطف حزبه مع الأقليات ورفعه شعارات مغايرة لما عليه الحزب الجمهوري الذي ينتمي له الرئيس السابق والمرشح الأبرز في انتخابات الرئاسة. رغم مسارعة جماعة الإخوان بصورة رسمية في تهنئة بايدن بمجرد وصوله للبيت الأبيض بعد فوزه بانتخابات الرئاسة.

ومع عدم وجود موقف رسمي من الإسلاميين إلى الآن من إمكانية فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية وعودته مرة أخرى إلى البيت الأبيض، إلا ان المؤشرات الطبيعة حول هذه المسألة توضح أن المقارنة بين إدارة كل من ترامب وبايدن كانت تصب في صالح بايدن وحزبه الذي كان أكثر مرونة مع الإسلاميين، ربما كان ذلك بسبب انشغال إدارته في ملفات كانت لها الأولوية عن ذلك، أو ربما لميول حزبه الظاهرية باتجاه عدم الصدام معهم أو لأمور أخرى تكشفها المقارنة بين سلوكيات ترامب وبايدن وبين حزبيهما في التعامل مع حركات الإسلام السياسي.

الإخوان وبايدن

لم تستطع جماعة الإخوان المسلمين كتمان سعادتها بوصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة، وسارعت الجماعة بشكل رسمي إلى تهنئته في البيان الذي نشرته بعد الإعلان الرسمي بفوزهواصدرت بيانًا رسميًا ترحب فيه بهذه الفوز، على بوابة الحرية والعدالة المحظورة في نوفمبر 2020، أكد فيه إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان وقتها أنه:" قد آن الأوان للإدارة الأمريكية الجديدة مراجعة سياسات دعم ومساندة الديكتاتوريات، وما ترتكبه الأنظمة المستبدة حول العالم من جرائم وانتهاكات في حق الشعوب".

وأضاف البيان: "أي سياسات يتم فيها تجاهل الشعوب وخياراتها الحرة والاكتفاء ببناء علاقاتها مع مؤسسات الاستبداد الحاكمة، ستكون اختيارا في غير محله، ووقوفا على الجانب الخاطئ من التاريخ..

وأشار البيان إلى أن مشيرة إلى أن انتصار بايدن هو "الفوز الذي يبرهن على أن الشعب الأمريكي ما زال قادرا على فرض إرادته".

حزب بايدن

تميزت الفترة التي قضاها الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض بالهدوء النسبي ضد جماعات الإسلامي وعلى رأسها بالطبع جماعة الإخوان المسلمين، التي رحبت بفوزه في الانتخابات الرئاسية السابقة، مقابل التعامل الخشن من قبل الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب الذي كانت تربطه علاقات جيدة بالدول العربية التي حظرت جماعات الإخوان المسلمين، وحركات الإسلام السياسي الأخرى.

وقد رأت جماعة الإخوان في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له بايدن نوعًا من التعامل اللين في العديد من الملفات التي يمكن ان تتصور منها:

أولا: تصور الإخوان وحركات الإسلام السياسي أن هناك تعاطفًا من الحزب الديمقراطي معها. من خلال بعض المباديء التي يتبناها الحزب، وقد نتج هذا التصور عن وهم لديها بأن الحزب أكثر تسامحًا معها من منافسه، إذ يدعم الحزب حقوق الأقليات وله موقف إيجابي منها على عكس المعلن في الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب، كما فتح ذلك الباب أمام تعامل الحزب مع المنظمات الأمريكية المدافعة عن حقوق المسلمين والتي يتزعمها في الغالب أسماء لها علاقات مباشرة مع جماعة الإخوان المسلمين في العادة، سواء كانوا ينتمون لتلك الجماعة أو من الداعمين لها، وهو ما أعطى انطباعًا بأن هذه العلاقات وتلك الصلات تعبر عن تعاطف الحزب مع الجماعة ومع غيرها من الحركات الإسلامية.

غير أن حقيقة الأمر فإن هذا التوجه من الحزب، لا يتعلق بالمسلمين وحدهم أو بحركات الإسلام السياسي كما يفهم هؤلاء، بل هو توجه عام يشمل المسلمين وغير المسلمين خاصة الذين يكونون أكثر عرضة للتمييز العنصري أو العرقي أو الديني داخل الولايات المتحدة أو في بلدانهم، حتى في البلاد الإسلامية التي يواجه فيها بعض الطوائف نوعًأ من التمييز في بعض الدول كالبهائيين والإيزيديين وغيرهم.

فالحزب في كل الأحوال لا يحمل أفكارًا دينية تدعم جماعة الأخوان أو غيرها من الجماعات الإسلامية حيث يغلب عليه الطابع الليبرالي، المدافع عن الحريات بشكل عام، ومنها حرية النساء في العمل والتصرف في أجسادهن وغير ذلك، كما يدعم الحزب المثلية الجنسية الأمر الذي يتعارض تمامًا مع توجهات جميع حركات الإسلام السياسي بما فيها بالطبع جماعة الإخوان المسلمين.

ثانيًا: وجود اسماء إسلامية بالحزب

ومن الأمور الأخرى التي جعلت حركات الإسلام السياسي ترى أن حزب بادين أو الحزب الديمقراطي أفضل بالنسبة لهم هو وجود بعض الشخصيات الإسلامية أو ذات التوجه الإسلامي الداعم لها داخل الحزب من بينهم النائبة إلهان عمر التي فازت عن الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا في عام 2018 لتصبح واحدة من أول امرأتين مسلمتين تُنتخبان لعضوية الكونجرس الأمريكي، مع الفلسطينة رشيدة طليب، وكان من بين أهم تصريحات إلهان خلال حملتها الانتخابية: " عندما يسألني الناس عمن هو أكبر منافس لي، لا أذكر أسماء، بل أقول لهم إنها الإسلاموفوبيا والعنصرية وكراهية الأجانب وكره النساء، لا يمكننا السماح لحاملي هذه الأفكار بالفوز".

ثالثًا: التعاطف الظاهر من الإدارات السابقة لترامب مع حركات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط مع ما يسمى الربيع العربي خلال فترة بارك أوباما وتأييده لتحركات جماعة الإخوان وغيرها خلال الثورات التي شملت اندلعت في الدول العربية كمصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن، وتعاطي إدارته مع تلك الأحداث بنوع من الإيجابية، ثم قبول الولايات المتحدة حينها بالأمر الواقع وتعاملها مع جماعة الإخوان المسلمين بعد وصولها إلى السلطة واستضافة شخصيات لها علاقات مشبوهة مع جماعة الإخوان في الولايات الأمريكية برعاية الحزب الجمهوري.

كل تلك الأحداث أعطت انطباعًا حينها أن الرئيس بارك اوباما الذي ينتمي للحزب الديمقراطي أيضا متعاطف مع الإسلاميين ويشجعهم.

غير أن كثيرًأ من المراقبين أيضًا كان لهم رأي أخر في هذه الوضع، واعتبروا ان الإدارة الأمريكية بزعامة الديمقراطي باراك اوباما وجدت نفسها أمام أمر واقع فتعاملت معه على ما هو عليه، لكن الحقيقة كانت غير ذلك بعد الفضائح التي كشفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2020 حول علاقة وطيدة بين إدارة أوباما وحزبه بجماعة الإخوان المسلمين خاصة في مصر بعد أن رفع السرية عن فضيحة البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة الخارجية الأمريكية في إدارة أوباما، السيدة هيلاري كلينتون ليتضح الدور الذي لعبته الإداراة الامريكية في مساندة جماعة الإخوان وقتها للوصول إلى السلطة، وسنعود إلى تلك النقطة بعد قليل.

النتيجة

على كل فإن المعطيات السابقة كانت ولاتزال ترجح كفة حزب بايدن الديمقراطي على حزب ترامب لدى الإسلاميين نظرًا لتلك العلاقات الظاهرة منها والخفية، ولذلك فإن الحزب الديمقراطي كان يحظى بقبول لدى دوائر واسعة لدى المسلمين في أمريكا خاصة الذين لهم علاقات بجماعات الإسلامي السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، فقد كانت الكتلة التصويتية للمسلمين في الكثير من انتخابات الرئاسة الأمريكية من نصيب المرشح الديمقراطي رغم ما بين الطرفين من فروقات كبيرة في الناحية الأيديولوجية، فالحزب الديمقراطي يمكن أن تصفه بأنه حزب لاديني، ويدعم المثلية كما بينا، وهي من الأمور التي يرفضها الإسلاميون جميعهم، لكن المصالح هي التي تفرض نفسها على الطرفين للاستفادة من بعضهما البعض.   

مخاوف من ترامب

أشرنا إلى أن الإسلاميين لم يظهروا أي ردة فعل رسمية بشأن انسحاب الرئيس الأمريكي بايدن من السباق الرئاسي، والذي يعطي دفعة قوية لمنافسه اللدود دونالد ترامب المعروف بميوله المعادية لهم، فتاريخه معهم لا يحمل سوى ذكريات ليست سعيدة لهم كما هو الحال مع إدارة خصمه جو بايدن الذي تعاملت إدارته بشيء من الليونة معهم على عكس خشونة ترامب وصراحته في كشف علاقات الولايات المتحدة مع تلك التيارات ودعمها لتحقيق الفوضى في البلاد العربية والإسلامية.

ومن أبرز تلك المخاوف:

أولًا: التضييق على الإسلامين بالولايات المتحدة

تميزت فترة إدارة ترامب للبيت الأبيض بالعداء الواضح لحركات الإسلام السياسي، والتضييق على تحركاتهم على عكس الانفتاح الذي كانوا يتمتعون به في ظل الإدارات التي سبقته، الأمر الذي انعكس في صورة كراهية شديدة من جانبهم له ولحزبه الجمهوري الذي يمثله بتوجهه المعادي للإسلاميين.

في يناير 2017م وقع الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي لرئاسة الولايات المتحدة قرارًا تنفيذيًا يحظر فيه دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأمريكية، وشمل القرار أيضًا منع إصدار تأشيرات الدخول لمواطني ست دول إسلامية أخرى، هي: إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن، وعلل ذلك بحماية الأمن القومي الأمريكي على خلفية احتمالية وجود تهديدات إرهابية من هذه الدول.

وقال ترمب عقب التوقيع أمس الجمعة، إن القرار يمنع دخول من وصفهم بإرهابيي الإسلام المتطرف، وأضاف "نريد فقط أن نقبل في بلادنا هؤلاء الذين يدعمون بلادنا ويحبون شعبنا بعمق".

ونص القرار الذي جاء تحت عنوان "حماية الأمة من دخول إرهابيين أجانب إلى الولايات المتحدة" على تعليق برنامج دخول اللاجئين بالكامل أربعة أشهر على الأقل، حتى يتم اتخاذ إجراءات تدقيق جديدة أكثر صرامة.

كما يمنع القرار اللاجئين السوريين تحديدا من دخول الولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى، أو إلى أن يقرر الرئيس أنهم لم يعودوا يشكلون أي خطر، مستثنيا بذلك "الأقليات الدينية"، في إشارة إلى المسيحيين السوريين.

وأثار القرار وقتها موجة ضخمة من الاعتراضات داخل الولايات المتحدة وخارجها، واعترضت الكثير من الجماعات والشخصيات الحقوقية على قرار ترامب واعتبروا ان ذلك القرار يساوي بين ضحايا النزاعات في تلك البلدان مع الجماعات الإرهابية، واعتبر المدير التنفيذي للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية أنتوني روميرو- وفقا للصحف الأمريكية وقتها- أن ذلك الإجراء ليس إلا تعبير عن التمييز ضد المسلمين، وهو ما يعد انتهاكًا للدستور الأمريكي الذي يحظر التمييز على أساس الدين. 

كما اعتبر الديمقراطيون أن القرار سيلطخ سمعة الولايات المتحدة بصفتها أرضا ترحب باللاجئين وأصدر السيناتور الديمقراطي ادوارد ماركي بيانا حول هذا الأمر مؤكدا ان الأمر التنفيذي الصادر من ترامب يعبر عن الخوف الشديد من الأجانب أكثر مما يتعلق بالفحص المشدد.

ومع كل هذه الاعتراضات فقد أيدت المحكمة العليا الاميريكية قرار ترامب بحظر دخول مواطني الدول الستة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وما يزيد مخاوف حركات الإسلام السياسي من ترامب هو عودة حديثه عن هذه النقطة مرة أخرى خلال حملته الانتخابية، فقد نشر موقع إنترسبت الإخباري مقالا في يوليو 2023 تحت عنوان "ترامب يحيي حظر المسلمين بينما يغازل الحزب الجمهوري الناخبين المسلمين قبل انتخابات 2024" وقد نقل الكاتب فيه تصريحات دونالد ترامب التي قال فيها: " عندما أعود إلى المنصب، سيعود حظر السفر أكبر وأقوى بكثير من ذي قبل... مضيفا: " لا نريد أن يفجر الناس مراكز التسوق عندنا، ولا نريد أن يفجروا مدننا".

ثانيًا: فضح الإسلاميين

تميزت أيضا فترة الرئيس السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض بممارسة نوع آخر من الضغوط على الإسلاميين من خلال فضح علاقة الإدارات السابقة معهم وكشف مؤامراتهم على البلاد الإسلامية خاصة في فترة ما يسمى بالربيع العربي.

وفي 2020  اصدر ترامب قرارا برفع السرية عن جميع الوثائق الخاصة بفضيحة البريد الإلكتروني الخاصة بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، والتي كانت تنافسه في سباق الانتخابات الأمريكية عام 2016، ليعيد إلى الأذهان مرة أخرى فضائح الإدارة الأمريكية ومساندتها لجماعة الإخوان المسلمين من أجل الوصول إلى السلطة في مصر.

وكان من أخطر تلك الوثائق التي تشرت بوجب قانون حماية المعلومات محادثات بين كل من هيلاري كلينتون ومحمد مرسي عرضت خلالها عليها مساعدات سرية لتحديث وإصلاح جهاز الشرطة المصرية بزعم خدمة الأسس والمعايير الديمقراطية تضمن الخطة إرسال فريق من الشرطة الأمريكية وخبراء من الأمن الامريكي لاختراق المنظومة الأمنية المصرية.

كما تناولت الوثائق أيضا تفاصيل عن مساندة الإدارة الأمريكية لجماعة الإخوان من أجل وصولها للسلطة وتثبت أركانها إلى الأبد.

ثالثا: علاقات ترامب بالدول العربية

شكل سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر ضربة قوية للولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تحاول الإمساك بالعصا من المنتصف، بعد أن كانت تأمل في استمرار تلك الجماعة في السلطة إلى الأبد أو على الأقل عدم سقوطها السريع بتلك الصورة التي يبدو أن حساباتها لم تكن دقيقة حول رصيد الجماعة في الشارع المصري خاصة وفي الشارع العربي بصفة عامة.

وعندما وصل دونالد ترامب الى البيت الأبيض أقر بالأمر الواقع وسعى لتصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية بعد أن اضطر إلى بناء علاقات جيدة في الشرق الأوسط خاصة مع البلدان التي بدأت تحقق نهضة وتحولات متعددة وتثبت قدرتها على مواجهة التحديات، خاصة مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، فكون ترامب علاقات جيدة مع كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقيادات كل من المملكة السعودية ودولة الأمارات.

ومع إصراره على إدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، نتيجة اقتناعه بالأثار السلبية للجماعة وخطورتها على الأمن القومي الأمريكي بعد امتداد تأثيرها على الدول العربية إلى الولايات المتحدة ما بعد سقوط الجماعة في مصر. إلا أن ترامب لم يتمكن من ذلك قبل مغادرته البيت الابيض نتيجة لممارسات جماعات الضغط من قبل المنظمات الداعمة والموالية للاخوان في امريكا والمخاوف من تأثيرات القرار على المصالح الأمريكية في الشرق الاوسط، كما أن هناك دولا إسلامية لا يزال الإخوان فيها يشكلون جزءا من المكون السياسي في المؤسسات الدستورية بها، كالأردن والمغرب والكويت.

لكن يبقى هذا الهدف قائما في ذهب دونالد ترامب إلى الآن مع إمكانية تطبيقه في أي وقت مستقبلا في ظل المتغيرات السياسية التي طرأت على الساحة وما يستجد فيها من أحداث، وهو ما يزيد من مخاوف كل حركات الإسلام السياسي المرتبطة بجماعة الإخوان من هذه الخطوة.

رابعًا: موقفه من القضية الفلسطينية

وتحمل أجندة دونالد ترامب الكثير من التناقضات في تعامله مع قضايا الشرق الأوسط، فرغم علاقاته الجيدة مع الفاعلين الكبار في المنطقة إلا أن موقفه من القضية المركزية في المنطقة وهي القضية الفلسطينية، لا يتناسب مع تلك العلاقات، فقد كانت له قرارات شديدة في هذه الاتجاه منها على سبيل المثال: 

إعلان ترامب في ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، والبدء في نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس بدلا من تل أبيب، في محاولة منه لضرب حل الدولتين في مقتل.

فرغم إعلانه المستمر أنه يؤمن بقيم السلام والعدل ويعمل لإرسائهما في النظام الدولي. إلا أنه مع ذلك لايزال يضع إسرائيل في منزلة "القداسة ويصر على سلب حقوق الشعب الفلسطيني وأرضه، كل ذلك ينذر بأن عودته المحتملة إلى البيت الأبيض باتت تنذر بمزيد من شرعنة الإبادة الجماعية وتهجير الفلسطينيين ودعم اليمين المتطرف.

خامسًا: القاعدة وداعش  وطالبان

ليس من المتوقع أن يحدث أي تغيير يذكر في حال تغيير إدارة البيت الأبيض سواء تسلمه ترامب أو أحد خصومه من الديمقراطيين، وبالتالي فموقف التنظيمين وحلفائهما المنتشرين في اسيا وافريقيا يبدو انه غير مهتم بهذه المسألة، حيث إن الولايات المتحدة لديها أولويات أخرى في هذه المرحلة ولا تولى اهتماما كبيرًا بهذا الملف نظرا لانشغالها في الحرب الروسية الأوكرانية، فقد انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان من أفغانستان في نهاية عهد ترامب بعد سلسلة طويلة من المفاوضات بين الإدارة الأمريكية وحركة طالبان، كما انسحبت الولايات المتحدة أيضًا من تحالف مواجهة الإرهاب في افريقيا بشكل تدريجي.

ويشكل وجود القوات الأمريكية في الشرق الاوسط خاصة في العراق وسوريا والبحر الأحمر ضمن التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية صورة من الصراع التقليدي بين الولايات المتحدة وبين إيران واذرعها المنتشرة في المنطقة.

كامالا هاريس أمل الإسلاميين

من خلال المقارنة بين كل من ترامب وبايدن وبين حزبيهما بات واضحًا أن هناك حالة من القلق غير المعلن ببين الإسلاميين خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي رحبت بوصول بايدن إلى البيت الأبيض واعتبرت أن عهده عهد سلام مع حركات الإسلام السياسي، ويأتي القلق من إمكانية عودة دونالد ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض، الأمر الذي يعيد إليهم ذكرياته معهم.

ولذلك فقد بات الأمل الوحيد أمامهم للتخلص من كابوس ترامب هو أن تصل كاملا هاريس نائب الرئيس الحالي بايدن إلى البيت الأبيض خلفًا للرئيس الذي اعلن الانسحاب من السباق الانتخابي، والتي تحظى بقبول كبير ودعم هائل من الجمهوريين الذين توالت تصريحاتهم المؤيدة لترشيحها لمنصب الرئيس ممثلة عن الحزب الجمهوري الذي ينظر إليه الإسلاميون على أنه أقل خطورة عليهم من الحزب الديمقراطي الذي يمثله دونالد ترامب.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية 2024 ترامب الولايات المتحدة أمريكا الجماعات الإسلامية الإسلام الإسلام السياسي الاخوان هاريس انتخابات الرئاسة الأمریکیة جماعة الإخوان المسلمین الحزب الجمهوری الذی الإدارة الأمریکیة المتحدة الأمریکیة الحزب الدیمقراطی الولایات المتحدة إلى البیت الأبیض الرئیس الأمریکی الدول العربیة دونالد ترامب المتحدة ا جو بایدن فی الشرق مرة أخرى من ترامب فی مصر إلى أن

إقرأ أيضاً:

ما حجم النفط الذي يمكن أن يضخَّه ترامب؟

ترامب رجلٌ لا يُعرَف عنه أنه يركِّز بَالَه كثيرا أو يتعمَّق في الأمور. فهو يحب الصيغ البسيطة. وسكوت بيسَنْت مرشحه لتولي وزارة الخزانة لديه واحدة. إنها صيغة "ثلاثة - ثلاثة -ثلاثة". بيسَنت يريد خفض العجز في الموازنة الفيدرالية للولايات المتحدة بنسبة 3% وزيادة نموها الاقتصادي السنوي بنسبة تساوي 3% من الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز انتاجها من النفط والغاز بما يكافئ 3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2028 من 30 مليون برميل مكافئ نفط في عام 2024. الجزء الأخير من هذه الخطة هو الأكثر تقدما. فإدارة ترامب ستفتح المزيد من مناطق الامتياز البرية والبحرية لحفر الآبار وتصادق على تراخيص لمشروعات الغاز الطبيعي المسال. وترامب يريد إيجاد مجلس وطني للطاقة لتقليل الإجراءات البيروقراطية لكل شيء من إصدار الرخص والى التوزيع. (التوزيع هنا بمعنى إنشاء البنية التحتية لنقل وتسليم النفط والغاز المسال الى المستخدمين النهائيين أو أسواق التصدير- المترجم.) إنه يتطلع الى القضاء على الدعومات المالية والضوابط الإجرائية التي سَنَّها الرئيس جو بايدن لتعزيز التحول الى الطاقة الخضراء. والهدف من ذلك هو "الهيمنة العالمية على الطاقة،" وفقا لترامب. ازدهار انتاج النفط في بلاده سيخدم العديد من أهدافه الأخرى. فتصدير المزيد منه سيقلص العجز التجاري للولايات المتحدة. وتحصيل المزيد من العائد الضريبي سيعزز موازنتها. إلى ذلك تحقيق قفزة في إنتاج النفط سيمكن واشنطن من تشديد العقوبات على إيران وفي ذات الوقت يحافظ على رخص الأسعار في محطات الوقود.

إنتاج المزيد من الغاز سيساعد أيضا على الوفاء بالطلب المتصاعد للطاقة من الذكاء الاصطناعي وفي ذات الوقت يعزز اعتماد أوروبا الاقتصادي على شريكتها في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. المشكلة هي أن رغبة ترامب في "حفر المزيد والمزيد من الآبار" ستصطدم بالحقائق الملموسة لسوق الطاقة. الرئيس المنتخب في الواقع يهيئ نفسه للفشل.

فالنفط الأمريكي، خلافا لمعظم الدول البترولية التي تهيمن فيها الشركات المملوكة للحكومة على حفر الآبار، يُضخ بواسطة شركات خاصة تتخذ قراراتها بنفسها. زادت هذه الشركات إنتاجها منذ عام 2022 عندما شرعت أوروبا في التخلي عن البراميل الروسية وذلك بكميات جعلت الولايات المتحدة أكبر بلد منتج للنفط في العالم. وفي أكتوبر سجلت إنتاجا قياسيا بلغ 13.5 مليون برميل في اليوم ارتفاعا من 11.5 مليون برميل عندما بدأت حرب أوكرانيا.

لكي تنتج شركات النفط الأمريكية المزيد منه ستحتاج الى سبب مقنع. لكنها قد لا تجد سببا واحدا يبرر لها ذلك. فالنفط الصخري الذي يشكل معظم إنتاج الولايات المتحدة كان يستخرج بواسطة آلاف الشركات الصغيرة التي لا تتحسب للأمور. وتعني موجة الاندماجات والإخفاقات وسط هذه الشركات منذ أواخر العشرية الثانية عندما تسبب فرط الإنتاج في انهيار الأسعار أن صناعة النفط تتحكم فيها شركات كبيرة وقليلة وتكره المخاطرة.

فَحَمَلة أسهمها يطالبون بتوزيع ثابت للأرباح وعائدات من رقمين (أكثر من 9%.) كما تزيد ندرة رأس المال من ارتفاع التكاليف المرتفعة أصلا. فمع ازدياد الإنتاج نضبت الآبار الأفضل إنتاجا. لذلك شركات النفط الصخري ليس لديها حافز يذكر لحفر المزيد منها ما لم تصل أسعار النفط الى 89 دولارا للبرميل، وفقا لدراسة أعدها البنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كنساس سيتي. فسعر نفط غرب تكساس الوسيط وهو السعر المعياري لنفط الولايات المتحدة عند أقل من 70 دولارا للبرميل اليوم. وهو بعيد جدا عن تلك العتبة (أي 89 دولارا للبرميل.)

من المستبعد حسبما يبدو أن تتحرك سوق الطاقة في اتجاه يساعد ترامب على بلوغ هدفه. فإمدادات النفط العالمية ليست وفيرة فقط بل لدى أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) احتياطيات وفيرة أيضا. في ذات الوقت الطلب ضعيف بسبب النمو الاقتصادي العالمي الفاتر وإحلال سيارات محرك الاحتراق الداخلي بالسيارات الكهربائية. لذلك لا غرابة في أن إدارة معلومات الطاقة وهي وكالة أمريكية فيدرالية تتوقع ارتفاعا طفيفا في إنتاج النفط الأمريكي بحوالي 0.6 مليون برميل في اليوم فقط بحلول عام 2028. وفي يوم 5 ديسمبر قلصت شيفرون ثاني أكبر شركة نفط في الولايات المتحدة توقعاتها للإنفاق الرأسمالي في عام 2025.

وعلى الرغم من احتمال إلغاء ترامب الضرائب التي فرضها بايدن على شركات الطاقة كالرسوم على تسربات غاز الميثان إلا أن قيامه بذلك سيفيد في الغالب شركات استخراج النفط الصغيرة والمسؤولة عن كمية من الانبعاثات لا تتناسب مع حجم إنتاجها. وبحسب مايكل هيغ المسؤول ببنك سوسيتيه جنرال قد يزيد خفض الضرائب لشركات الطاقة الإنتاج بحوالي 200 ألف برميل في اليوم على أفضل تقدير. كما أن تقديم دعم مباشر للإنتاج سيكون ضارا بالحكومة ومناقضا لهدف آخر من أهداف بيسنت وهو خفض عجز الموازنة (بنسبة 3%.)

في الأثناء، تخطط الإدارة الأمريكية لتسريع التراخيص لخطوط الأنابيب الجديدة. ذلك قد يزيد من الجدوى الاقتصادية لاستخراج النفط من الآبار التي يصعب ربط إنتاجها بالسوق. لكن العدد الموجود من مثل هذه الآبار ليس واضحا. ومع ترجيح تولي مسؤولين جدد ليست لديهم خبرة إدارة الوحدات الحكومية التي تصدر التراخيص قد تتعثر المشروعات كما حدث في الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب عندما تخطى المسؤولون الإجراءات ما جعل التراخيص عرضة لمواجهة دعاوى قضائية.

لتحسين الجدوى الاقتصادية لمزيد من الآبار قد يحاول ترامب تعزيز أسعار النفط بفرض عقوبات على أي جهة تشتري النفط من إيران أو فنزويلا وأولئك الذين يساعدونهما. لكن من غير المؤكد كيف ستنجح هذه الخطوة. إذ من المحتمل أن يزيد أعضاء أوبك الآخرون الإنتاج لكسب حصة سوقية.

زيادة إنتاج الغاز بكمية كبيرة تبدو يسيرة على الأقل في الورق (نظريا). فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا كثرت مشروعات الغاز الطبيعي المسال التي كانت كثيرة أصلا. وتتوقع شركة ريستاد انيرجي الاستشارية أن تصل الطاقة الإنتاجية للولايات المتحدة إلى 22.4 بليون قدما مكعبا في اليوم عام 2030 إذا نفذ ترامب تعهداته في الحملة الانتخابية وذلك ارتفاعا من 11.3 بليون عام 2023. هذه الزيادة تساوي 1.9 مليون برميل مكافئ نفط في اليوم (بحسب مصطلحات الطاقة هذه الكمية من الغاز المُقاسة بالأقدام المكعبة مكافئة لكمية النفط المذكورة من حيث قيمتها الحرارية- المترجم).

ما يعنيه ذلك بالنسبة للإنتاج الفعلي غير مؤكد إلى حد بعيد. تتوقع شركة ريستاد أن يرتفع بحوالي 2.1 مليون برميل مكافئ نفط في عام 2028 مع استهلاك جزء منه محليا. أما الآخرون فأقل تفاؤلا. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة حتى في السيناريو الأكثر تفاؤلا أن يرتفع الإنتاج في المتوسط بحوالي نصف مليون برميل مكافئ نفط في اليوم في ذلك العام عن مستواه في عام 2024.

لكي يزداد الإنتاج حقا يجب أن ترتفع أسعار الغاز الى أعلى من 4.24 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، حسب منتجين استطلع آراءهم البنك الاحتياطي الفدرالي بمدينة كنساس سيتي. مع ذلك يتوقع أولئك المنتجون أن ترتفع الأسعار الى 3.33 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية فقط خلال سنتين (من حوالي 3 دولارات اليوم.)

وعلى الرغم من أن الطلب على الغاز وهو الوقود الأحفوري الأقل تلويثا سيرتفع إلا أن كميات كبيرة من الإنتاج من أستراليا وقطر وبلدان أخرى ستصل الى السوق خلال فترة ترامب الرئاسية ، وهذا سيحدّ من ارتفاع الأسعار.

كل هذا سيسبب متاعب لطموحات ترامب وبيسنت. يقول بوب مكنالي وهو مستشار سابق للرئيس جورج دبليو بوش "الكميات التي ستنتجها الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة القادمة ستعتمد أكثر على القرارات التي تُتَّخذ في فِييَنَّا (حيث تجتمع أوبك) من تلك التي تتخذها واشنطن."

بل يمكن أن تُلحِق سياسات ترامب ضررا بالإنتاج. فرسومه الجمركية قد تجعل مواد مثل الألمونيوم والصلب أغلى لشركات النفط. وقد تردُّ البلدان الأخرى بفرض رسوم جمركية على صادرات الطاقة الأمريكية. وستُضعِف الحروب التجارية النموَّ في كل مكان وتقلل الطلب على النفط والغاز. وقد يتضح أن طموح ترامب في أن يصبح "بارون نفط بلا منافس" ليس أكثر من أضغاث أحلام.

مقالات مشابهة

  • مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار: مصر عانت من الإسلام السياسي
  • هل يستطيع إيلون ماسك التأثير على الانتخابات في المملكة المتحدة؟
  • الولايات المتحدة تعقد صفقة مع الشركة المصنعة للطائرة التي رصدت السنوار
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • ضيوف خادم الحرمين للعمرة من “الجبل الأسود”: يشيدون بجهود المملكة في خدمة الإسلام المسلمين
  • ما حجم النفط الذي يمكن أن يضخَّه ترامب؟
  • الحكومة الأمريكية تقترب من الإغلاق بعد رفض الجمهوريون مشروع قانون الإنفاق الذي يدعمه ترامب
  • بوتين عن موقف كييف من عقد ترانزيت الغاز الروسي إلى أوروبا: تعض اليد التي تطعمها
  • مع وجود رؤساء جدد وشرق أوسط متغير، ما هي فرص إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران؟
  • الولايات المتحدة: ملتزمون بالانتقال السياسي في سوريا