بقلم :- ناهد بدوي
الحروف أبطال الثرثرة. تلك التى نلقى بها كهواء حلم كثيرًا أن يلتقطها فيثرثر، يكنس المقهى ويرشها بالماء الممزوج بماء الورد ويجلس فى ركن بجوار الحمام يراقب الأفواه ويلاحق الألسن، يجاهد فى الخفاء لرفع لسانه الذى يبدو خفيفًا، لكنه أثقل من سجادة فارسية لم يعرف أبدًا سبب ذلك الثقل ولم يحاول أحد.
فى الصباح يهندم نفسه ويختلس النظر إلى مرآة الحمام المقشرة والمكسورة يبلل شعره ويسرحه بأصابعه، يغسل وجهه من تراب الكنس ويبتسم لنفسه، يحاول النظر إليها بعينيها فيتحسر لكنه يصر على انتظارها أمام المقهى فى طريقها لعملها فى محل الملابس يراها تكنس المحل وتلقى بترابه أسفل الرصيف فيجرجر ترابه إليها ويمزج الترابين صانعًا لنفسه أملًا صغيرًا تراه من خلف الزجاج.. يبتسم كأنه أمام مرآته ويظل واقفًا حتى يهشه صاحب المحل.
يعود إلى المقهى وينتظر موعد انصرافها، يعزى نفسه بالتجسس على قصص العجائز عن زمن الحب الصامت من خلف الشبابيك.
فى الليل تقدمت إليه، لم يصدق أنها تناديه قالت: معايا بواقى من أكل الغدا، شكلك جعان، تحب تتعشى؟ صرخ من فرحته: أ أ أ حب.
ضحكت حتى بان أول لسانها وتركت له الطعام ومضت تاركة إياه واضعًا يده على فمه وعيناه مفتوحتان كطبق ورواد المقهى غارقين فى الضحك، بينما صوت أجش يأتى من طرف المقهى لرجل عجوز يدندن "خايف أقول اللى فى قلبى تتقل وتعاند ويايا".
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
ما أكملت الخرطوم شهرا من تحريرها، وهاهي الوفود تأتي عائدة إليها من كل حدب وصوب
غالبية من خرجوا من الخرطوم،لا يعيشون رفاهية، بل يعيشون أوضاعا مأساوية،لذلك تجدهم يتدافعون في رجوعهم إلى بيوتهم،فمهما كان الوضع في الخرطوم فهو أهون عليهم من الشدة التي عاشوها،والذي ينبغي علينا أن نعين أهلينا و أن نسعى في توفير سبل الحياة لهم، لا تثبيطهم وتخويفهم كما يفعل القحاته…
ما أكملت الخرطوم شهرا من تحريرها، وهاهي الوفود تأتي عائدة إليها من كل حدب وصوب،ووالله إن عودة الناس للخرطوم و عودة الحياة فيها،أكبر مهدد لمشروع الأعداء؛لذلك ترونهم يحذرون و يهددون ويضعون المخاوف،وأحيانا يعطلون الكهرباء ويتعمدون نشر بعض القصص وينشطون في نشر فيديوهات وصور بعينها؛لئلا يرجع الناس،ومع ذلك الناس يرجعون،وحالهم يقول لا شيء أسوأ من الجنجويد، وقد خرجوا بفضل الله عزوجل وما دونهم مقدور عليه ان شاءالله.
مصطفى ميرغني