كيف استغل المستعمرون البناء لمحو الهوية ونهب الثروات وقمع الثورات؟
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
في حلقة جديدة من برنامج "العمارة والإنسان"، تناولت منى حوا مسألة "العمارة والاستعمار" وكيف كان المستعمرون يقيمون المشاريع ويشقون الطرق والسكك الحديدية لتسهيل عمليات سرقة ونهب الدول التي يدعون أنهم كانوا سببا في عمارتها.
ففي الهند مثلا، أقام الاحتلال البريطاني شبكة سكك حديدية لنقل القطن والمعادن من مختلف المناطق إلى موانئ التصدير وليس لربط هذه المناطق كما كانوا يزعمون.
وفي الكونغو، قام المستعمر البلجيكي باستغلال العمالة المحلية لبناء السكك الحديدية من أجل نقل المطاط والعاج إلى الخارج وقد قتل مئات آلاف العمال خلال علمية إنشاء هذا المشروع.
الأمر نفسه في الجزائر، نهب الاستعمار الفرنسي الكثير من الأراضي لشق سكك حديدية بغية تعظيم الاستفادة من موارد المستعمرات في أفريقيا من خلال نقلها عبر البحر وهو ما تطلب إقامة مشروع السكك الحديدية في الجزائر.
البناء لمنع المقاومةوحتى إعادة تشكيل المدن التي خضعت للاستعمار كان المقصد الأساسي منها إضعاف المقاومة الشعبية عن أي عمل مسلح كما هي الحال في مدينة القصبة الجزائرية على سبيل المثال.
فقد أثبتت التجارب التاريخية أن الشوارع الواسعة التي توفر للجيوش إمكانية التحرك وقمع الانتفاضات على عكس الحال في الشوارع الضيقة والأزقة التي تقف أعتى الجيوش عاجزة عن التوغل فيها.
وفعليا، واجه الاستعمار مقاومة شرسة في مدينة القصبة التي كانت تتسم بكثرة أزقتها مما دفع الفرنسيين لشق عشرات الشوارع الكبيرة في المدينة لتسهيل السيطرة عليها.
وفي كل المدن الكبيرة التي خضعت للاستعمار الفرنسي توجد نفس طريقة التصميم الموجودة في باريس نفسها حيث الشوارع الواسعة والبنايات المرتفعة التي كان الهدف منها محو ثقافة المواطن الأصلي وتوفير شعور بالألفة للمستوطن الفرنسي القادم للعيش في البلد المحتل.
ولعل ما جرى خلال تخطيط العاصمة الفرنسية هو خير دليل على النية الحقيقية من وراء هذه التصميمات، فقد قال البارون جورج أوسمان -صاحب مشروع تطوير باريس- للبرلمان إن الهدف من إعادة بناء المدينة هو "تسهيل السيطرة على الشعب".
وبالعودة للتاريخ، نجد باريس عندما كانت عشوائية ومليئة بالأزقة والحارات شهدت 6 انتفاضات وقعت خلال 18 عاما -بمعدل انتفاضة كل 3 أعوام- بينما لم تشهد سوى انتفاضة واحدة بعد مشروع أوسمان.
بناء على أنقاض الغيروليس أدل على الأهداف الاستعمارية من عمليات إعادة البناء، هو ما فعله الفرنسيون عندما دخلوا الجزائر سنة 1930 حيث هدموا مدينة كاملة قبل أن يبنوا مدينة أخرى.
حيث هدم الفرنسيون مسجد السيدة في الجزائر وقد كان واحدا من أهم وأجمل المساجد في البلاد (ساحة الشهداء حاليا)، هذا فضلا عن نحو مساجد أخرى تم هدمها مما يعني أن الاحتلال لا يبني جديده إلا على أنقاض القديم.
وحتى مشروع قسنطينة أو "مخطط قسنطينة" كما يسميه المؤرخون الجزائريون فلم يكن في الحقيقة إلا محاولة من الرئيس الفرنسي شارل ديغول لفصل الجزائريين عن الثورة بعدما عجز في قمعها بالقوة.
يقول المؤرخون الجزائريون إن المشروع كان يهدف لإيهام الجزائريين بأنهم سوف ينتقلون من العيش في القصبة التي كانت تشبه الغيتو إلى المدينة العصرية.
ومع ذلك لم تكن البيوت التي وفروها لهم "آدمية" حيث كانوا يشتركون في دورة مياه واحدة مثلا، وكان هدفها الأساسي إبعاد الناس عن الثورة من خلال شغلهم بتشطيب شققهم الجديدة الضيقة ودفع أقساطها بدلا من البحث عن تحرير وطنهم.
4/11/2024
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
"مدينة الترفيه والتنشيط" مشروع ضخم في تطوان بـ500 مليار يسعى إلى خلق 10 آلاف فرصة عمل
علم موقع « اليوم24″، أن مدينة تطوان مقبلة على احتضان مشروع كبير يتعلق بإنشاء « مدينة الترفيه والتنشيط »، إذ من المرتقب أن يتم الإعلان عن طلب عروض العشرات من المشاريع بهذا الشأن.
المشروع الذي سيبنى على 53 هكتارا تشرف عليه شركة SIGMA، ويضم منتزها ترفيهيا للأطفال، ومركزا للألعاب الإلكترونية والتكنولوجيا، ومجمعا سينمائيا، ومركزا للمؤتمرات، ومواقع للتجارة والتسوق، ومنتزها بيئيا، وموقعا أثريا مع بنية تحتية متكاملة للعرض الثقافي.
وكشف مصدر مطلع أنه وقع الاختيار على سهل وادي مرتيل لبناء مدينة الترفيه والتنشيط، لقربه من وسط المدينة، ولتميزه بمساحات خضراء، ولكونه جزء من مشروع التنمية الحضرية للملك محمد السادس الذي يسعى من خلاله للنهوض بالمدينة والمنطقة.
وأبرز المصدر أن المشروع الكبير يروم إلى خلق 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، كما يسعى لتعزيز جاذبية تطوان كوجهة سياحية على مدار السنة، مما سينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي من خلال تحفيز الاستثمار وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز الاستدامة من خلال دمج تقنيات الطاقة النظيفة والمساحات الخضراء.
وأفاد مصدر للموقع، أن المعطيات الأولية حول المدينة الجديدة تشير إلى تخصيص مبلغ مالي ضخم يصل إلى 500 مليار سنتيم لإنجاز مشاريع تطوير مدينة تطوان كي تصبح وجهة متكاملة، حيث ستجمع بين الترفيه والثقافة والسياحة والتجارة.
وأوضح أنه تم اختيار مدينة تطوان لإنجاز المشروع الكبير لقربه من مدينة طنجة، ومطار تطوان سانية الرمل وميناء طنجة المتوسط، مما سيسهل الوصول الدولي والوطني، ولقربه كذلك من البحر الأبيض المتوسط وجبال الريف، وهو ما سيعزز بحسبه جاذبية الموقع للسياح الباحثين عن التنوع الطبيعي.
ومن بين الأهداف الرئيسية للمشروع، القطع مع السياحة الموسمية الصيفية، وتعويضها بسياحة دائمة، وذلك عبر خلق أنماط أخرى من السياحة، مثل السياحة الداخلية وسياحة الأعمال وسياحة التسوق.
كلمات دلالية تطوان مدينة الترفيه مونديال2030