غادر المبعوث الأمريكي، آموس هوكشتاين، إلى بلاده بعد فشل مهمته في إقرار الهدنة التي اقترحتها الولايات المتحدة، وذلك قبل زيارته المرتقبة للبنان، التي لم تتحقق بسبب التعقيدات السياسية. ويؤكد مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لن يوافق على أي هُدنة قبل الخامس من نوفمبر (موعد الانتخابات الأمريكية) في مسعى منه لتحقيق أمل فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالرئاسة، حيث يسعى نتنياهو لتجنب منح إدارة بايدن، ومن خلفها كاميلا هاريس، نجاحًا مجانيًّا في حملتها بالتوصل إلى اتفاق مع حزب الله، الذي يرفض أي اتفاق قبل تحقيق وقف شامل لإطلاق النار.

التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمبعوث الأمريكي، آموس هوكشتاين، وكبير مستشاري بايدن، بريت ماكجورك، وأعلن نتنياهو بشكل قاطع رفضه لأي اتفاق لوقف الحرب على لبنان بناءً على المبادرة الأمريكية.. مُؤكدًا أن إسرائيل متمسكة بحقها في الحفاظ على حرية العمليات العسكرية داخل لبنان. وفي حديثه خلال الاجتماع، أوضح نتنياهو أن الأمر الأساسي ليس أوراقَ اتفاق، وإنما قدرة وإصرار إسرائيل على إنفاذ الاتفاق، وإحباط أي تهديد من لبنان على أمنها، وبشكل يعيد سكاننا إلى بيوتهم في أمان.

يأتي هذا فيما تم تسريبُ بنود الخطة الأمريكية بشكل مفصل، مما أثار غضب إدارة الرئيس جو بايدن التي أعربت عن استيائها من هذا التسريب. وكشفت وثائق عن الخطة عدة بنود رئيسية، كضرورة وقف جميع الأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل، مع احتفاظ إسرائيل بحق التحرك عسكريًّا داخل الأراضي اللبنانية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى استبدال قوات دولية من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بقوات اليونيفل، سيكون دورها مقتصرًا على مراقبة نشاط حزب الله، وأنه يتعين على إسرائيل سحب قواتها من لبنان خلال مدة لا تتجاوز 7 أيام.

يتضمن مقترح الخطة تطبيقَ كامل البنود خلال هدنة تمتد لستين يومًا، ينتشر خلالها الجيش اللبناني على طول الحدود بوجود 10 آلاف جندي، مع تسهيل مهام قوات السلام التابعة للأمم المتحدة، وأن يصادر الجيش اللبناني الأسلحةَ التابعة لحزب الله في جنوب لبنان، وفقًا للاتفاق المبرم. وبعد انقضاء فترة الهدنة، ستُعقد مفاوضات ثنائية بين لبنان وإسرائيل لبحث التنفيذ الكامل للقرار الأممي 1701، والعمل على حل النزاعات الحدودية القائمة.

أكدت هيئة البث الإسرائيلية وجود خلافات كبيرة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، حيث يعارض الأخير توسيع العمليات العسكرية على جبهة لبنان. في الوقت نفسه، تُجرى مفاوضات مع جدعون ساعر، الوزير بلا حقيبة ورئيس حزب اليمين الوطني، ليكون بديلًا لجالانت في هذا المنصب، فيما ظهر التحول النوعي في عمليات حزب الله، حيث زاد الحزب من استخدام الطائرات المسيَّرة لاستهداف مناطق حيوية، بما في ذلك مسكن نتنياهو نفسه. ونتيجة لهذه التهديدات، أُجبر نتنياهو على تأجيل حفل زفاف ابنه (أفنير) الذي كان مقررًا في 26 نوفمبر، خاصة بعد الهجوم الذي نفَّذه حزب الله في 19 أكتوبر، حيث أصابت طائرة مسيَّرة غرفة نومه بمنزله في بلدة قيساريا، رغم أنه لم يكن موجودًا في المنزل، آنذاك.

يقدّر مراقبون أن حزب الله يمتلك حوالي 2500 طائرة مسيَّرة متعددة الاستخدامات، منها طائرات مرصاد 1 ومرصاد 2، وأيوب، والصاعقة 1 و2، وأبابيل وأبابيل تي، والهدهد، وشاهد 136، وميراج 532، ومهاجر 6، وكرار، وصامد، وحسان، بالإضافة إلى صواريخ كروز طراز «دي آر 3 كي» وهيرميس 450 و900. واستهدفت مسيَّرات حزب الله خلال عملية خيبر، قاعدة جليلوت (مقر الموساد شمال تل أبيب، المسؤول عن عمليات اغتيال القادة وتنفيذ تفجيرات البيجرز وأجهزة اللاسلكي في أواخر سبتمبر الماضي) باستخدام صاروخ قادر 1 الباليستي.. وأعرب نتنياهو عن مخاوفه من تهديد الطائرات المسيَّرة خلال محادثات في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي.

في سياق آخر، كثفت إسرائيل من غاراتها، لاسيما على منطقة البقاع اللبناني، وخصوصًا مدينة بعلبك التاريخية المسجلة على قائمة التراث العالمي للثقافة في اليونسكو. وطالب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، الهيئات الدبلوماسية بالضغط على إسرائيل لوقف عدوانها.. مشيرًا إلى أن التهديدات التي يطلقها العدو الإسرائيلي للبنانيين بإخلاء مدن بأكملها، والنزوح عن مناطقهم ومنازلهم، هي جريمة حرب إضافية تضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي قتلًا وتدميرًا وتخريبًا.

حذرتِ المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين بلاسخارت، من الخطر الجسيم الذي تشكله الحرب المستمرة بين حزب الله وإسرائيل على المواقع الأثرية، لاسيما في مدينة بعلبك شرق البلاد، ومدينة صور في الجنوب، اللتين تعرضتا لغارات كثيفة في الآونة الأخيرة، حيث تواجه مدن فينيقية قديمة ضاربة في التاريخ خطرًا شديدًا قد يؤدي إلى تدميرها، وأن التراث الثقافي اللبناني يجب ألا يصبح ضحية أخرى لهذا الصراع المدمر.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن التراث الثقافي الذي لا يمكن استعادته غالبًا ما يتعرض للتدمير خلال الصراعات. وأكد دوجاريك على ضرورة حماية مواقع اليونسكو الثقافية.. مشيرًا إلى أن مدينة بعلبك اللبنانية، التي يبلغ عمرها 3000 عام، مُدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو. وتُعتبر مدينة بعلبك من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، ويعود تاريخها إلى أكثر من خمسة قرون قبل الميلاد، حيث تحتوي على العديد من الآثار التاريخية الفينيقية والرومانية والإغريقية والإسلامية. ومن بين أشهر هذه الآثار: قلعة بعلبك التي تعود إلى 5000 سنة، معبد باخوس، معبد جوبيتر، معبد فينوس المستدير، والبهو المسدس.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: آموس هوكشتاين المبعوث الأمريكي بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مرمى النيران الإسرائيلية موعد الانتخابات الأمريكية هوكشتاين مدینة بعلبک حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تتحدث عن اغتيال قيادي بحزب الله بقصف سيارة بجنوب لبنان

قتل لبناني وجرح 3 آخرون، الثلاثاء، جراء قصف مسيرة إسرائيلية سيارة في بلدة عيترون الحدودية بمحافظة النبطية جنوب البلاد، وتحدثت إسرائيل عن اغتيال قيادي بارز بحزب الله في الهجوم.

وقال الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو استهدف قائد فرقة في وحدة العمليات الخاصة بحزب الله في بلدة عيترون.

من جهتها أفادت وكالة الأنباء اللبنانية بأن مسيرة إسرائيلية استهدفت ظهر اليوم سيارة في بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل بثلاثة صواريخ موجهة.

ولاحقا قالت الوكالة إن غارة المسيرة الإسرائيلية استهدفت "سيارة رابيد" (حافلة نقل صغيرة) في عيترون وأدت إلى مقتل شخص، دون تحديد هويته.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان، مقتل شخص وإصابة 3 آخرين بينهم طفل جراء غارة من مسيرة إسرائيلية على سيارة جنوب البلاد.

وكانت وكالة الأنباء اللبنانية ذكرت في وقت سابق الثلاثاء، أن قوات إسرائيلية أطلقت النار من أسلحة رشاشة باتجاه بلدة ميس الجبل الحدودية جنوب البلاد.

وأضافت أن مسيّرة أخرى ألقت قنبلة على مزارعي التبغ في بلدة عيتا الشعب بقضاء بنت جبيل جنوب لبنان.

وتأتي هذه الهجمات في سياق سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية اليومية جنوب لبنان، لاتفاق وقف النار مع حزب الله وللقرار الدولي 1701.

إعلان

وقبل نحو أسبوع شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على جنوب لبنان أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة آخرين، وقالت إنها استهدفت قيادي ميداني بارز بحزب الله.

وفي 2006 اعتُمد القرار 1701 بالإجماع في الأمم المتحدة بهدف وقف القتال بين حزب الله وإسرائيل، ودعا مجلس الأمن إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.

وشنت إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، ارتكبت إسرائيل أكثر من 1440 خرقا له، ما خلّف نحو 125 قتيلا و371 جريحا على الأقل، وقق بيانات لبنانية رسمية.

وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا بينما تواصل احتلال 5 تلال رئيسية ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: الكيان الإسرائيلي قتل نحو 71 مدنيا في لبنان منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي
  • حماس ونتنياهو يصعدان الضغوط المتبادلة وهذا ما يجري داخل إسرائيل
  • الأمم المتحدة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتل أكثر من 71 مدنيًا في لبنان منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024
  • رئيس الشاباك في مرمى انتقادات حكومة نتنياهو بسبب قضيتيالتسريبات وقطر غيت
  • الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت 71 مدنيا منذ وقف إطلاق النار في لبنان
  • إسرائيل تتحدث عن اغتيال قيادي بحزب الله بقصف سيارة بجنوب لبنان
  • إسرائيل تعلن قتلها مسؤولا ميدانيا بـ"حزب الله" بغارة جنوب لبنان
  • مفاجأة اسرائيلية عن ميزات طائرة لـحزب الله.. قصفت منزل نتنياهو!
  • أبناء الفنانين في مرمى النيران .. مفيدة شيحة: اللي بيحصل منتهى الظلم
  • عن قرار حصر السلاح بيد الدولة والتطبيع مع إسرائيل.. هذا ما أكده الرئيس عون