زيد مثل عبيد.. ترامب وهاريس بعيون تونسية
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
"زيد مثل عبيد".. مثل عربي يعكس نظرة تونسيين للانتخابات الأميركية أجمعوا تقريبا على أن الساكن الجديد للبيت الأبيض سواء كان مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس أو منافسها الجمهوري دونالد ترامب لن يغيّر سياسة واشنطن تجاه القضايا العربية، فالأسماء تتبدل والسياسة تبقى واحدة.
وفي استطلاع للرأي أجرته وكالة الأناضول بالشارع التونسي، توافق عدد كبير ممن استطلعت آراؤهم على أن التغيرات في الإدارة الأميركية ليست سوى انتقال من السيئ إلى الأقل سوءا، أو العكس، في ظل الدعم الأميركي المستمر لإسرائيل والمواقف المتشددة ضد الحقوق العربية.
تقول فاطمة، وهي مهندسة ميكانيك سيارات، إن المفاضلة بين ترامب وهاريس هي "بين الأسوأ والأقل سوءا"، فيما يتعلق بملف الهجرة الذي يهم المهاجرين التونسيين بالولايات المتحدة.
وترى بودقة أن تعامل الحزب الجمهوري مع ملف الهجرة "كارثي"، وتقول إن هاريس ستكون "أقل سوءا" في هذا الملف من ترامب المعروف "بتوجهاته المتطرفة" حيال المهاجرين.
وحسب ما ظهر من خطابات لهما ومناظرة جرت بينهما في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، تتبع هاريس سياسة تؤيد الإصلاح الشامل بملف الهجرة، حيث تدعم توفير مسارات واضحة لحصول المهاجرين على الجنسية، مع تعزيز أمن الحدود.
في المقابل، يعيد ترامب تقديم سياساته المتشددة السابقة، بما في ذلك الترحيل الجماعي الواسع للمهاجرين، وإلغاء حق الجنسية بالولادة، ويعد باستخدام الحرس الوطني لدعم حملات الترحيل، وتطبيق حظر على دخول رعايا دول معينة.
ووفق أرقام معهد سياسات الهجرة، يبلغ عدد المهاجرين من تونس بالولايات المتحدة نحو 176 ألف شخص، وذلك حتى منتصف عام 2020، في حين يوجد في الولايات المتحدة إجمالا 51.4 مليون مهاجر حتى فبراير/شباط 2024، وفق مكتب الإحصاء الأميركي.
وبخصوص ملف الحريات، ترجح بودقة زيف ما تدعيه الولايات المتحدة من قيام حضارتها على "احترام مبادئ الحقوق والحريات".
وتقول فاطمة إن الولايات المتحدة "تنتهك" هذه المبادئ في سياستها الخارجية، خاصة عبر دعمها غير المشروط لإسرائيل.
وتضيف أن "الحقوق والحريات عند الإدارة الأميركية -وليس الشعب- مرتبطة دائما بمصالح لجنة الأيباك، وولاء المترشح للرئاسيات لهذه اللجنة هو ما يجعله يربح الانتخابات".
وتعد اللجنة الأميركية للشؤون العامة الإسرائيلية (أيباك) مجموعة ضغط تدافع عن السياسات المؤيدة لإسرائيل لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية للولايات المتحدة.
وبصفة عامة، ترى بودقة أن هاريس هي "الأقل سوءا" بالنسبة للقضايا العربية الأخرى، لكنها تؤكد ضرورة مراجعة الدول العربية لسياساتها إزاء الولايات المتحدة بما يخدم مصالح شعوبها.
وتطالب في هذا الصدد الحكومات العربية بالعمل بشكل استباقي لتحقيق مصالح شعوبها وضمان موقف أكثر توازنا من الولايات المتحدة.
الطاهر الثابتييقول الطاهر، وهو عامل يبلغ من العمر نحو (50 عاما)، إن ارتباط تونس بالولايات المتحدة "بسيط". ويضيف "من سيفوز لن يضيف لنا أي شيء، فنحن كنا في ثورة (14 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي)، وكان الديمقراطيون بالحكم، ولم يضيفوا لنا أي شيء وقتها".
ويتابع "نحن لا ننتظر مساعدات من أي جهة تصعد في الانتخابات القادمة"، مؤكدا أنه "سواء صعد الديمقراطيون أو الجمهوريون، فإننا لا نتوقع تغييرا كبيرا في السياسة الأميركية تجاه تونس".
وخلال الثورة التونسية أواخر العام 2010، تبنت الولايات المتحدة موقفا متحفظا، حيث كانت تربطها علاقات وثيقة مع نظام بن علي، الذي اعتُبر حليفا في مكافحة الإرهاب وضمان الاستقرار في المنطقة.
ومع تصاعد الاحتجاجات وتزايد الضغط الشعبي، أعربت واشنطن بقيادة الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، عن تأييدها لـ"حق" الشعب التونسي في التعبير عن تطلعاته.
ويرى الثابتي أيضا أن الحزب الديمقراطي يتحدث كثيرا عن حقوق الإنسان التي تبقى انتقائية بالنسبة للولايات المتحدة، ولم يتم تطبيقها على الحالة في غزة.
ويؤكد الثابتي أن "الإسرائيليين يتشفون في المدنيين بغزة، والولايات المتحدة ترى الجيش الإسرائيلي يقتل الأطفال والنساء والشيوخ هنا، ولا تتحرك، لذا نعتبر أن الجيش الإسرائيلي تحت قيادة أميركية".
ولا يتوقع الثابتي أي انفراجة في قضية غزة إذا فاز الديمقراطيون "الذي يعطون تطمينات، ولكن يمارسون الغدر من طرف خفي"، على حد قوله.
ويعرض ترامب، في برنامجه الانتخابي، نهجا أكثر تشددا لدعم أميركي غير مشروط لإسرائيل، حيث يسمح لها باتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة ضمن ما يصفه بـ"حقها في الدفاع عن النفس"، ودون أي تركيز على الجانب الإنساني.
في المقابل، تدعم هاريس ما تعتبره "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وتزعم أن الأخيرة "منظمة إرهابية يجب القضاء عليها"، لكنها تؤكد في الوقت ذاته على "ضرورة حماية المدنيين في غزة".
وفيما يبدو موقف هاريس أكثر توازنا من ترامب، فإن المواقف الفعلية إزاء غزة لإدارة جو بايدن التي تشغل فيها حاليا منصب نائبة الرئيس تتناقض مع وعودها.
بسام الصالحييرى بسام، وهو طبيب أسنان تونسي عمره (26 عاما)، أن العلاقات التونسية الأميركية قائمة على المصالح المتبادلة، بغض النظر عن توجهات الرئيس المقبل.
ويعتبر أن فوز هاريس قد يدفع نحو التركيز على حقوق الإنسان، بينما يميل ترامب إلى الدبلوماسية العملية التي تعزز التعاون الاقتصادي والأمني.
ويستنكر الصالحي كذلك الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل في عدوانها على غزة، معتبرا أنه "يتناقض بوضوح مع القيم المعلنة (من جانبها) لحقوق الإنسان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بالولایات المتحدة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
فاينانشيال تايمز: على حلفاء الولايات المتحدة في آسيا إعادة التفكير في سياساتهم الدفاعية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أنه يتعين على حلفاء الولايات المتحدة، إعادة التفكير في سياستهم الدفاعية، قائلة إن قيام الرئيس دونالد ترامب بتحويل الولايات المتحدة إلى شريك غير موثوق به دفع إلى إعادة نظر جذرية في سياسات الدفاع بين أعضاء حلف الناتو، ورغم أن تداعيات ذلك على حلفاء واشنطن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لم تحظ باهتمام يُذكر، إلا أنها لا تقل عمقا. إذ يشكل صعود الصين تحديا واسع النطاق للديمقراطيات في المنطقة التي اعتمدت طويلا على القوة الأمريكية للحفاظ على أمنها.
وذكرت الصحيفة في مقال افتتاحي اليوم الأحد أن هذا الأمر يشكل تحديا قويا بشكل خاص بالنسبة لليابان وكوريا الجنوبية. فلطالما كان التحالف مع الولايات المتحدة الركيزة الأساسية لأمنهما منذ خمسينيات القرن الماضي. ويتمركز حوالي 60 ألف جندي أمريكي في اليابان، في حين ويتمركز ما يقرب من 30 ألف جندي أمريكي في كوريا الجنوبية.
وأضافت الصحيفة أنه ظاهريا، تبدو علاقاتهما مع الولايات المتحدة متينة. فبعد اجتماع ودي مع ترامب في البيت الأبيض الشهر الماضي، تحدث رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا عن "عصرٍ ذهبي جديد" في العلاقات الثنائية. ويأمل صقور إدارة ترامب المتشددون تجاه الصين أن يقدر ترامب حلفائه الآسيويين مع تحول واشنطن نحو المحيط الهادئ، مشيرة إلى أنه تمت طمأنة البعض في طوكيو من خلال تحذير ترامب وإيشيبا المشترك من أي محاولة صينية لاستخدام "القوة أو الإكراه" لتغيير الوضع الراهن في بحر الصين الشرقي، وتأكيدهما أهمية الاستقرار في مضيق تايوان.
وأشارت إلى أنه رغم ذلك، فإن هناك سببا وجيها للتشكك في التزام ترامب تجاه تايوان. فالرئيس الأمريكي لا يبدي أي استعداد للتضحية بالدماء أو المال الأمريكي من أجل جزيرة يتهمها بـ"سرقة" صناعة أشباه الموصلات الأمريكية. لكن استيلاء الصين على تايوان سينهي "السلام الأمريكي" في آسيا، ويسمح لبكين بالهيمنة على ممرات الشحن الحيوية لاقتصادي اليابان وكوريا الجنوبية.
ومضت الصحيفة تقول إن تجنب الوقوع تحت سيطرة الصين سيتطلب إنفاقا أكبر على الدفاع. فقد زادت اليابان ميزانيتها الدفاعية بشكل كبير، لكن من المستهدف أن تصل إلى 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027. ورغم تهديد كوريا الشمالية النووية، لا تنفق كوريا الجنوبية سوى حوالي 2.8%.
ورأت الصحيفة أنه من أجل تحقيق أقصى استفادة من أموالهما - وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة - ينبغي على كليهما التعاون بشكل أوثق مع الديمقراطيات في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. ويعد اتفاق اليابان مع المملكة المتحدة وإيطاليا على تطوير مقاتلة جديدة بشكل مشترك خطوة جيدة في هذا الشأن. كما أن إقامة تحالفات جديدة بين حلفاء المنطقة الطبيعيين من شأنه أن يسهم في تحقيق ذلك. وقد تحدث إيشيبا عن إنشاء "حلف ناتو آسيوي". ولكن ينبغي أن يتم منح الأولوية لتوثيق العلاقات بين طوكيو وول، الجارتين المتوترتين اللتين اضطر رؤساء الولايات المتحدة السابقون إلى إقناعهما بالعمل معا في القضايا الأمنية.
ولفتت الصحيفة إلى أن تراجع الثقة بالمظلة النووية الأمريكية من شأنه أن يدفع بعض الحلفاء حتما إلى التفكير في إنشاء قوات ردع خاصة بهم، وهو خيار يناقش على نطاق واسع في كوريا الجنوبية. أما اليابان -التي لا تزال تعاني من آثار القصف النووي على هيروشيما وناجازاكي- فهي أكثر تحفظا.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلة إنه لم يتضح بعد ما إذا كان السياسيون في طوكيو وسول مستعدين للتعامل مع مثل هذه القضايا الجسيمة، مشيرة إلى أن الاستياء الكوري الجنوبي من الحكم الاستعماري الياباني السابق من شأنه أن يعقد بناء تحالف ثنائي. وقد أثار فشل محاولة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول لفرض الأحكام العرفية شكوكا حول تقارب سول الأخير مع طوكيو. ورغم أنه لا يبدو أن أيا من البلدين مستعد لإعادة النظر في استراتيجيته الأمنية برمتها، إلا أن هذا الأمر تحديدا هو ما يجب عليهما البدء به.