تتجه أنظار العالم إلى الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، المقررة في الخامس من الشهر الجاري، ولا تقتصر أهمية الانتخابات الأمريكية على الناخبين الأمريكيين، بل تؤثر أيضًا على مصير مناطق الصراع، خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي يشهدها العالم، حيث ستحدد نتائج الاستحقاق مسار السياسة الخارجية الأمريكية في ظل الأزمات العالمية الراهنة، بما في ذلك الحرب في غزة ولبنان، والصراع مع إيران، والحرب في أوكرانيا، فضلا عن العلاقات مع الصين وحلف الناتو.

تشهد الساحة السياسية الأمريكية منافسة قوية بين مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري. يتنافس مرشح الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، مع مرشحة الحزب الديمقراطي ونائبة الرئيس الحالية، كامالا هاريس، على رئاسة البيت الأبيض لمدة أربع سنوات مقبلة، ويشير آخر استطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف لهاريس على ترامب، حيث حصلت على 48% مقابل 47% لترامب، مع عدم اليقين بشأن الفائز. ومع بدء التصويت المبكر في العديد من الولايات، لا تزال هاريس تحتفظ بميزة متواضعة بفارق 1.2 نقطة على ترامب، فيما يخيم شعور عميق بعدم اليقين بمن سيفوز بتلك الانتخابات لاسيما مع بدء التصويت المبكر الذي بدأ منذ أيام قليلة فى العديد من الولايات.

حرب غزة:

تستمر إسرائيل في ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة بدعم أمريكي غير مشروط، وتعهدت مرشحة الحزب الديمقراطي، هاريس، باستمرار الدعم العسكري لإسرائيل في حال فوزها بالانتخابات، رغم تأكيداتها على ضرورة إنهاء الحرب وتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين، فيما انتقد مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، الرئيس جو بايدن بعد تهديده لرئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بمنع بعض الأسلحة الهجومية عن إسرائيل.

وأكدت حملة ترامب أن المساعدات العسكرية للكيان الصهيوني ستستمر مهما كانت الظروف، حيث نقل ترامب رسالة لنتنياهو مفادها "أفعل ما عليك فعله". وأشارت السكرتيرة الصحفية لحملة ترامب، كارولين ليفات، إلى أن عودته إلى البيت الأبيض (حال فوزه بالرئاسة) ستضمن حماية إسرائيل، مع التأكيد على أن إيران ستعود إلى الإفلاس وستتواصل «مطاردة الإرهابيين». ويفتخر ترامب بلقب «صانع السلام» متعهدا بتوسيع اتفاقيات إبراهيم التي أبرمت عام 2020، لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، حيث يرى مراقبون أن هذه الاتفاقيات أسهمت في تهميش الفلسطينيين وأدت إلى تفاقم الأزمة الحالية.

الملف الإيراني:

تعتبر هاريس أن إيران تمثل "أكبر تهديد للولايات المتحدة"، مشيرة إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل في أكتوبر الماضي، عقب مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وأكدت هاريس أن "أيدي إيران ملطخة بدماء أمريكيين" بسبب هذا الهجوم الذي استهدف إسرائيل باستخدام 200 صاروخ باليستي.

وأضافت أن من أولوياتها ضمان عدم قدرة إيران على أن تصبح قوة نووية، حيث تُعتبر هذه القضية من أعلى أولوياتها. يلاحظ المراقبون أن هاريس تشترك مع منافسها ترامب في موقفهما المعادي لبرنامج إيران النووي. وكان ترامب قد انسحب من الاتفاق النووي مع إيران خلال فترة رئاسته، مما يزيد من مخاوف طهران من عودته إلى الحكم. يعتقد العديد من المراقبين أن فوز ترامب في الانتخابات قد يتيح لنتنياهو فرصة تنفيذ خطط لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

الحرب الأوكرانية:

تظهر توجهات متباينة بين المرشحين الأمريكيين تجاه الحرب في أوكرانيا. فقد أكدت هاريس، خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي، أنها ستواصل دعم أوكرانيا إذا فازت بالرئاسة. وعندما أعلنت عن تقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات الأمريكية لأوكرانيا في يونيو الماضي، تعهدت بتوفير الدعم الكامل لأوكرانيا.

على الجانب الآخر، اعتبر ترامب أن الجمهوريين في الكونجرس ينبغي عليهم حجب المساعدات العسكرية عن أوكرانيا، كوسيلة للضغط عليها للتعاون مع التحقيقات المتعلقة بالرئيس بايدن وعائلته. ويؤكد ترامب أنه يعتزم "تسوية" الحرب في أوكرانيا قبل توليه المنصب، مشيرًا إلى تفكيره في خطة لإنهاء النزاع من خلال الضغط على أوكرانيا للتنازل عن بعض الأراضي لصالح روسيا.

العلاقة بالناتو:

تشعر دول حلف الناتو بالقلق من احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، نظرًا لتصريحاته السابقة حول الانسحاب من الحلف خلال فترة رئاسته. ويُظهر ترامب فخره بجهوده لإجبار الدول الأعضاء على تحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي المحددة بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي، رغم أن 23 دولة فقط من أصل 30 عضوًا تمكنت من تحقيق هذا الهدف بحلول عام 2024. وتبقى تصريحاته مصدر قلق لدول الحلف.

في المقابل، تملك نائبة الأمين العام السابقة لحلف الناتو، روزماري جوتيمويلر (Rose Gottemoeller) وجهة نظر مختلفة، حيث تعتقد أن "حلف شمال الأطلسي سيكون في أيدٍ أمينة" إذا فازت كاملا هاريس بالرئاسة، مشيرة إلى أنها ستكون ملتزمة بالتعاون مع الناتو والاتحاد الأوروبي لتحقيق النصر في أوكرانيا.

معاداة الصين:

تتسم السياسة الأمريكية تجاه الصين بالعدائية، حيث تُعتبر بكين عدوًا تجب مواجهته في السنوات المقبلة. على الرغم من أن دونالد ترامب يتبنى موقفًا أكثر تشددًا، إلا أن هذه السياسة تتوافق مع توجهات الدول الغربية، التي ترى أن غزو الأسواق العالمية بالسلع الصينية يمثل تهديدًا وجوديًا. وقد اقترح ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على جميع البضائع الصينية في حال عودته إلى البيت الأبيض.

من جهة أخرى، لا تعبر هاريس عن تصريحات معادية للصين، لكنها تدعم خططًا عسكرية لمواجهة هذا التهديد المحتمل. ويرى بعض المراقبين أن فوز هاريس سيمثل استمرارًا للإدارة الحالية، حيث لم تعلن عن تغييرات جذرية في سياسة بايدن. بينما يتوقع آخرون أن تشهد السياسة الأمريكية بعض الاضطرابات في حال تولي ترامب الرئاسة مجددًا، مثلما حدث خلال فترة رئاسته السابقة، حيث أثار بعض قراراته جدلًا واسعًا. ومع ذلك، تبقى المبادئ الأساسية للسياسة الأمريكية ثابتة ولا تتغير بتغير الرؤساء، نظرًا لأنها تعتمد على مؤسسات قوية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دونالد ترامب إيران الانتخابات الأمريكية اقتراب الانتخابات الرئاسية الناخبين الأمريكيين دونالد ترامب البیت الأبیض فی أوکرانیا الحرب فی

إقرأ أيضاً:

جمال شقرة: إسرائيل تنتظر ظرفا طارئا لتنفيذ مخطط التهجير

أكد الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، أن إسرائيل تنتظر ظرفا طارئا لتنفيذ مخطط التهجير، لكن مصر وشعبها لن تعطي هذا الكيان الفرصة أمام ذلك المخطط، مشيرا إلى أن مصر لها جيش ومؤسسات محترمة وتاريخية.

وقال جمال شقرة، خلال لقاء له لبرنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، تقديم الإعلامي “مصطفى بكري”، أن  الشعب السوري لديه سعادة عارمة بانتهاء ديكتاتورية بشار الأسد، مؤكدا أن الجماعات الإرهابية المسلحة كان لها أطماع في السيطرة على سوريا.

وتابع  أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، أن أبو محمد الجولاني وليد تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المسلمين، مشددا على أن الأعداء يتمنون أن تكون مصر مرمى الهدف المقبل.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي يلتقي مدير المخابرات الأمريكية في كييف
  • وزير الخارجية المجري: السلام في أوكرانيا يقترب مع تولي ترامب منصبه
  • إيران وحـماس: من مرج الزهور إلى طوفان الأقصى.. فَـخْـرُ مسار.. كتاب جديد
  • برشلونة يواجه أتلتيكو مدريد بـ «ملفات شائكة»!
  • عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق
  • ترامب وشولتس يعترفان بأن الصراع في أوكرانيا طال أكثر من اللازم
  • جمال شقرة: إسرائيل تنتظر ظرفا طارئا لتنفيذ مخطط التهجير
  • عائلة أبوعجيلة المريمي تنتظر نتائج تحقيقات النائب العام الليبي بشأن تسليمه
  • 6 ملفات شائكة على طاولة الأهلي ومحمد رمضان
  • من سوريا إلى عودة ترامب واحتجاجات جورجيا.. ملفات شائكة على طاولة الاتحاد الأوروبي في بروكسل