السعودية – اختتم مؤتمر مكة الدولي تحت عنوان “التواصل مع إدارات الشؤون الدينية والإفتاء والمشيخات في العالم”، وسط تشديد المشاركين على ضرورة مكافحة التطرف وحماية المجتمع من الإلحاد والانحلال.

ورأس الجلسة الخامسة من أعمال المؤتمر، الدكتور محمد فهد الفريح عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء، وكانت الجلسة تحت عنوان “الوسطية والاعتدال في الكتاب والسنه تأصيلا وجهودا”.

وقال الدكتور باسم فضل الجوابرة أستاذ الحديث بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية إن “الوسطية والتيسير هي أهم ما يميز الإسلام عن غيره ويجب على أبناء الإسلام أن لا يخرجوا عن هذا المفهوم لا غلوا ولا انحلالا”.

كما أكد الشيخ محمد هاني محمد الجوزو قاضي بيروت في مشاركته أن “الأمة أبتلت بالغلو، مما جعل الوسطية هي الحل الأمثل لضبط السلوك”، مشيرا إلى أن أحكام الإسلام وتشريعاته مبنية على الوسطية والاعتدال.

وفي الجلسة السادسة التي رأسها الدكتور محمد عمر بازمول مفوض الإفتاء بمكة المكرمة تحت عنوان “جهود إدارات الشؤون الدينية والمشيخات في العالم وما في حكمها في مكافحة التطرف والإرهاب”، أكد الدكتور أحمد الهليل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق بالأردن، ضرورة الاهتمام بفقه النوازل، مشيرا إلى أنه أخطر ما يواجه الدعاة والعلماء في التعامل معه في الوقت الحالي.

من جهته تطرق الدكتور عبداللطيف أحمد أستاذ العقيدة في جامعة السليمانية بالعراق، إلى جهود الإدارات الدينية في كيفية التصدي للتطرف والإرهاب وعن دور العلماء وإسهامهم في ذلك.

وفي الجلسة السابعة التي عقدت تحت عنوان “جهود إدارات الشؤون الدينية والمشيخات في العالم وما في حكمها في حماية المجتمع من الإلحاد والانحلال”، التي رأسها الدكتور عبدالله إبراهيم اللحيدان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تحدث الدكتور عبدالقادر حسين طحلو الداعية بجمهورية الصومال عن الدور المنوط بالهيئات العلمية والدينية في حراسة المجتمع من آفة الانحلال والإلحاد ببيان خطرها وكشف مخططاتهم ودحض شبهاتهم.

واختتمت الجلسة بمشاركة للدكتور صالح عبدالكريم أحمد الباحث الشرعي بمجموعة البحوث والإرشاد الديني بمملكة البحرين، الذي حذر فيها من بعض الظواهر الطارئة التي تهدد المجتمع ومن أشدها ما يتعلق بوحدة الأسرة واستقرارها كالشذوذ الجنسي، مشيرا إلى أن على المؤسسات الدينية دورا كبيرا في مواجهة هذه الظواهر من خلال المؤسسات الدينية لحماية المجتمعات من هذه الظواهر الخطيرة.

المصدر: “عكاظ”

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: المجتمع من تحت عنوان

إقرأ أيضاً:

تفكيك خطاب الإقصاء والتكفير في كتاب "الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء".. جديد الدكتور محمد بشاري في معرض الكتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في حفل توقيع حضره لفيف من رجال الفكر والسياسة، شهدت أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب حفل توقيع كتاب "الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء"، الصادر عن دار نهضة مصر للنشر، للمفكر الإسلامي الدكتور محمد بشاري والذي يضفي بعدًا فكريًا نقديًا يسعى إلى تفكيك واحدة من أكثر المفاهيم التي استُغلت في تاريخ الفكر الإسلامي، وهو مفهوم الفرقة الناجية، الذي وظفته العديد من الجماعات الإسلاموية والحركات المتطرفة لتبرير الإقصاء والتكفير، وإضفاء المشروعية على ممارساتها السياسية والعنيفة. الحديث الذي بُني عليه هذا المفهوم، وهو حديث افتراق الأمة، لم يكن مجرد نص ديني يتداول بين علماء الحديث، بل أصبح أداة تُستخدم عبر العصور لترسيخ الانقسامات بين المسلمين وإعطاء الأفضلية لطائفة على حساب غيرها. استغلته السلطات السياسية في التاريخ الإسلامي لتعزيز شرعيتها، كما استخدمته الجماعات المتشددة لتبرير العنف وإقصاء المخالفين، ما أدى إلى توظيفه في معارك فكرية وسياسية ودينية لم تكن له أي صلة بها عند نشأته.

 

يبدأ الدكتور محمد بشاري بتحليل الحديث من منظور حديثي وتاريخي، حيث يبين أنه ورد في روايات مختلفة عن عدد من الصحابة، أبرزهم عبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وأبو هريرة وأنس بن مالك وعوف بن مالك الأشجعي. وقد أخرجه العديد من المحدثين، مثل الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد بن حنبل والحاكم والطبراني والدارمي، لكن بدرجات متفاوتة من الصحة. لم يجمع علماء الحديث على صحة الحديث، حيث أشار بعضهم إلى اضطراب في سنده ومتنه، كما أن بعض الروايات تضمنت إدراجات تفسيرية لم ترد في الروايات الأخرى، وهو ما يثير التساؤل حول ثبات النص الأصلي للحديث. رفض ابن حزم الظاهري صحة الحديث استنادًا إلى ضعف أسانيده وتضارب رواياته، فيما أشار الإمام الشوكاني إلى وجود اضطرابات في بعض رواياته، بينما رأى الإمام الصنعاني أن الحديث لا يمكن اعتماده كمرجعية في مسائل العقيدة نظرًا لمشكلاته السندية.

 

لكن الإشكالية لم تتوقف عند الجانب الحديثي فحسب، بل امتدت إلى طريقة تأويله وتوظيفه عبر العصور. بدلًا من أن يكون الحديث تحذيرًا من خطورة التفرق، تم تأويله بشكل يرسخ فكرة أن هناك فرقة واحدة ناجية بينما بقية الفرق في ضلال وهلاك، ما أدى إلى استغلاله كأداة تكفيرية داخل الفكر الإسلامي. في التاريخ الإسلامي، استُخدم الحديث لإضفاء الشرعية على السلطة السياسية في العصرين الأموي والعباسي، حيث ربط الحكام بين طاعتهم والانتماء إلى الفرقة الناجية، بينما اعتبروا كل معارضة لهم خروجًا على الدين. كما لعبت الفرق الكلامية الكبرى، مثل المعتزلة والأشاعرة والجبرية والخوارج، دورًا في تكريس هذا المفهوم، حيث استخدم كل تيار الحديث لإثبات أنه وحده يمثل الإسلام الصحيح، بينما الآخرون على ضلال.

 

مع ظهور الحركات الإسلاموية في العصر الحديث، أخذت تأويلات الحديث منحًى أكثر تطرفًا، حيث وظفته جماعات مثل الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وحركة طالبان لتبرير إقصاء الآخرين وإضفاء الشرعية على مشاريعها الفكرية والسياسية. تبنى الإخوان المسلمون، منذ نشأتهم، خطابًا يقوم على فكرة أنهم يمثلون الإسلام الصحيح، وأن جماعتهم هي الفرقة الناجية، ما جعلهم يعاملون المخالفين على أنهم أقرب إلى الضلال. أما التنظيمات الجهادية، فقد استغلت الحديث بشكل أكثر دموية، حيث استخدمته القاعدة وداعش لتبرير التكفير والقتل، معتبرة أن كل من لا ينضم إليهما هو من الفرق الهالكة التي تستحق العقاب. وصل الأمر مع داعش إلى استغلال الحديث لإبادة المخالفين دينيًا وطائفيًا، كما حدث مع الإيزيديين في العراق، فضلًا عن محاكم التفتيش التي أقامها التنظيم بحق المسلمين الذين لم يتبعوا نهجه المتطرف.

 

يدعو الدكتور محمد بشاري في كتابه إلى إعادة قراءة الحديث وفق مقاصد الشريعة الإسلامية التي تؤكد على الوحدة والتسامح، بدلًا من القراءات الإقصائية التي تؤدي إلى العنف والاحتراب الداخلي. يؤكد أن النجاة في الإسلام لا ترتبط بالانتماء إلى طائفة معينة، بل تتحقق من خلال الإيمان والعمل الصالح، كما ورد في قوله تعالى: "إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـُٔونَ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة: 62). كما يشدد على أن الإسلام ليس مشروعًا للتقسيم أو التصنيف، بل هو دين عالمي يدعو إلى العدالة والتسامح والتكامل بين الشعوب والمجتمعات.

 

في تقديمه للكتاب، يؤكد العلامة الدكتور علي جمعة على ضرورة تصحيح الفهم المغلوط لحديث الفرقة الناجية، محذرًا من استخدامه كوسيلة لإضفاء الشرعية على الصراعات الطائفية والمذهبية داخل الأمة الإسلامية. يرى الدكتور جمعة أن الإسلام جاء برسالة رحمة وتوحيد، وليس بمشروع لتقسيم الناس إلى ناجين وهالكين، كما أن الحديث عن النجاة لا ينبغي أن يكون مدخلًا لإقصاء الآخرين، بل يجب أن يكون وسيلة لتعزيز قيم الاعتدال والتسامح داخل المجتمع الإسلامي.

 

في ختام كتابه، يرسل الدكتور محمد بشاري رسالة واضحة مفادها أن النجاة ليست مرتبطة بجماعة معينة أو مذهب محدد، بل تتحقق من خلال التقوى والعمل الصالح، وأن التصنيفات المذهبية والطائفية التي ترسخت عبر العصور تحتاج إلى مراجعة نقدية عميقة تتماشى مع روح الإسلام الحقيقية. يشدد على أن استمرار تأويل الحديث وفق النهج الإقصائي سيؤدي إلى مزيد من التمزق داخل الأمة الإسلامية، داعيًا إلى تبني قراءة جديدة تعكس القيم الكبرى للإسلام، مثل العدل والرحمة والتسامح. يرفض الخطابات التي تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، ويدعو إلى تحرير الإسلام من التأويلات المغلقة التي حوّلته من دين عالمي إلى مشروع أيديولوجي ضيق يخدم مصالح جماعات محددة.

مقالات مشابهة

  • تفكيك خطاب الإقصاء والتكفير في كتاب "الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء".. جديد الدكتور محمد بشاري في معرض الكتاب
  • قومى المرأة بسوهاج يطلق دورات تدريبية جديدة للقيادات الدينية
  • حماة الوطن يدعو المجتمع الدولي لتحمل المسئولية التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني
  • الدكتور بن حبتور يعزي في وفاة الشيخ صالح مبخوت جمعان الجدري
  • الدكتور محمد مهنا: تعدد الطرق الصوفية يعكس قدرات الناس في إدراك الحقيقة الإلهية
  • أدان استغلال قضية فلسطين.. مؤتمر خولان يدعو إلى وحدة قبلية لمواجهة مليشيا الحوثي واستعادة الجمهورية
  • بالدليل العقلي والعلمي.. محمد داود يواجه المُلحدين بكتاب «حقائق الإيمان وأوهام الإلحاد»
  • «حوار الثقافات عبر الأدب».. في مكتبة محمد بن راشد
  • حوار الثقافات عبر الأدب في مكتبة محمد بن راشد
  • بالأسماء.. الفصائل المسلحة التي «حلّت نفسها» وشاركت بـ«مؤتمر النصر» في سوريا