يرى المحلل الأمريكي الدكتور أرييل كوهين، أنه في الوقت الذي تنفق فيه إيران مليارات الدولارات لتمويل حزب الله في لبنان والميليشيات الحوثية في اليمن وحماس وحركة الجهاد في قطاع غزة، وكتائب حزب الله في العراق، يبرز التقرير الذي أصدرته مؤخراً إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بشأن صادرات البترول الإيراني، كتذكير صادم بأن العقوبات المتقطعة من جانب إدارتي الرئيس السابق باراك أوباما، والرئيس الحالي جو بايدن على طهران، كان مآلها الفشل.

وقال كوهين، المدير الإداري لبرنامج الطاقة والنمو والأمن في مركز الضرائب والاستثمار الدولي، وزميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إنه في الواقع وكما تشير العقوبات ضد الكرملين بسبب غزوه لأوكرانيا، فإن العقوبات وحدها ليست وسيلة ناجعة ضد الدول المعتدية.

Read @Dr_Ariel_Cohen's latest in @TheNatlInterest covering Iran's funding of proxies through its oil sales allowed by lax Obama and Biden era sanctions. https://t.co/rTqOMvUuGi

— Energy, Growth & Security Program @ITIC (@IticEgs) November 2, 2024

وتفشل سياسة الولايات المتحدة التجارية مراراً وتكراراً في وقف الانتهاكات الصارخة للعقوبات. ومنذ عام 2020، زادت عائدات إيران من الصادرات النفطية قرابة 4 أضعاف من 16 مليار دولار إلى 53 مليار في عام 2023، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة.

وأضاف كوهين أن "هناك 3 عوامل تفسر هذا التغيير الدراماتيكي: وهي التطبيق المتراخي للعقوبات من جانب إدارة بايدن، وارتفاع أسعار النفط العالمية، وتعطش الصين للنفط، الذي نتج عنه شراكة أوثق مع إيران".

ومع تدفق الأموال على إيران، أصبح لدى طهران الموارد التي كانت تحتاج إليها على مدار السنوات القليلة الماضية، لكي تمول كل من جماعاتها الإرهابية بالوكالة هجمات ضد إسرائيل، ودفع تكاليف حملة الحوثي لدفع التجارة العالمية عبر البحر الأحمر إلى التوقف تقريباً، ما تسبب في تكبد مصر خسارة عائدات ضخمة.

ولم يلغ الرئيس بايدن رسمياً أي عقوبات نفطية ضد إيران، ولكن من جهة أخرى، لم تصدر إيران رسمياً أي نفط إلى الصين أيضاً. وتستغل طهران مجموعة كبيرة من الشركات للتمويه وناقلات النفط المتخفية لإخفاء المنشأ الوطني لشحناتها من النفط. وقام العديد من شركات التأمين واللوجستيات الأمريكية بالفعل بتسهيل نقل النفط الإيراني إلى الصين.

وأخفقت إدارة بايدن في أن تقاضي على نحو فعال الحشد من المنتهكين للعقوبات. ويشكل هذا التسامح مع الممارسات التجارية الخادعة من جانب إيران عودة فعلية إلى النهج التصالحي الذي اتخذه الرئيس الأسبق أوباما تجاه إيران. وفي نفس الوقت، تحركت إيران أقرب وأقرب صوب الحصول على قدرات تصنيع الأسلحة النووية.

ووضع مؤيدو الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (خطة العمل المشتركة الشاملة)، إطار مقايضة خضعت بموجبه إيران لعمليات التفتيش على الأسلحة النووية مقابل تخفيف العقوبات.

وفي عام 2018، أعادت إدارة الرئيس دونالد ترامب إنذاك فرض العقوبات، مما تسبب في انهيار صادرات النفط الخام الإيراني من 2033 برميل في اليوم في عام 2018، إلى 675 برميل في عام 2019، ومن خلال غض الطرف عن انتهاك طهران للعقوبات منذ توليها السلطة، تقدم إدارة بايدن بالفعل حوافز دون فرض أي تحذيرات.

ومحت الأعمال العدائية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران أي أرضية مشتركة باقية بين الولايات المتحدة والحكومة الإيرانية. ولم نعد نعيش في عالم عام 2015، ولكن بعض صناع السياسة الأمريكيين يدعون غير ذلك. وبالتالي، سوف تظل العقوبات الحالية عديمة التأثير حتى تعطي واشنطن الأولوية لتطبيق العقوبات وتخصيص موارد كبيرة لذلك.

وتابع كوهين أنه "بالطبع لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل غلى السياسة الأمريكية، فيما يتعلق بارتفاع عائدات إيران من النفط". وقد عادت توجهات الاقتصاد الكلي أيضاً بالنفع على النظام الإيراني على مدار السنوات القليلة الماضية.

ووثق تقرير إدارة معلومات الطاقة زيادة حادة في متوسط السعر السنوي للنفط الخام الإيراني، من 29 دولار للبرميل في عام 2020 بسبب وباء كوفيد 19 إلى 84 دولار في عام 2022. وتفسر الصدمات الاقصادية الخارجية بشكل كبير هذا التغيير.

وأدى تخفيف القيود الخاصة بمكافحة وباء كوفيد 19-، إلى زيادة الطلب على الطاقة، وخفضت الحرب بين روسيا وأوكرانيا إمدادات الطاقة. ورغم أن الولايات المتحدة لها نفوذ محدود على سعر النفط، فإن زيادة الأسعار تكون بمثابة مضاعف للقوة بالنسبة لإيران مما يسمح لها بالحصول حتى على أرباح أكثر من النفط الذي تبيعه، في مواجهة فشل إدارة الرئيس بايدن في تطبيق العقوبات.

وتاريخياً، صدرت إيران الكثير من نفطها إلى سوريا وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية. غير أن الصين ظهرت كعميل لاغني عنه لصناعة البترول الإيرانية خلال السنوات الـ 5 الماضية.

وتضاعفت صادرات إيران النفطية إلى الصين 4 مرات منذ عام 2019، من 308 آلاف برميل في اليوم إلى 1.2 مليون برميل في عام 2023. وانخفضت الصادرات الإيرانية إلى وجهات غير الصين من 1.4 مليون برميل في اليوم عام 2018، إلى 148 ألف برميل فقط في عام 2023.

وتعكس هذه الإحصائيات توجهاً أوسع نطاقاً لرغبة الصين المتزايدة للإفلات من العقوبات، التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتنسيق مع إيران للقيام بذلك. وتشتري الصين ما يصل إلى 89% من الصادرات النفطية الإيرانية، وهذا يتوقف على الشهر (وهذا يمثل تقريباً 12-10% من إجمالي وارداتهم في عام 2023). ولم يعد بإلإمكان فصل مصالح الصين الجيوسياسية عن نظيرتها الإيرانية.

وتساعد عائدات إيران النفطية المتزايدة في تمويل وتنظيم محورها للمقاومة ضد الغرب، حيث توضح وابلات الهجمات المتواصلة من جانب الوكلاء ضد إسرائيل قدرتها على دعم الصراعات المستمرة. غير أن لوجستيات توزيع النفط الإيراني تكشف عن تطور عالمي مخيف بنفس القدر.

ويوضح تعطش الصين ولهفتها لشراء كميات ضخمة من النفط من كل من إيران وروسيا استقطاباً جوسياسياً، يتعمق ربما يؤدى إلى حريق عالمي واسع النطاق. وخلال معظم القرن الـ 20، كانت هذه الدول القوية الثلاث تعتبر كل منها الأخرى أعداء، والآن هي متحدة ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

واختتم كوهين تقريره بالقول إن "قطاع النفط الإيراني يظل عاملاً حيوياً في تمويل حملة طهران ضد إسرائيل والقوى الغربية، وعنصراً مهماً للغاية في علاقات طهران مع بكين. ويتعين أن يشمل أي تحرك للتصدي لمحور المقاومة حرمان إيران من قدراتها على تمويل الإرهاب وبرنامجها النووي، والتطبيق الصارم للعقوبات ، والاستعداد لضربات مضادة من جانب الصين".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الولايات المتحدة إيران هجمات ضد إسرائيل إيران وإسرائيل أمريكا إيران الولایات المتحدة النفط الإیرانی فی عام 2023 من النفط برمیل فی من جانب

إقرأ أيضاً:

خامنئي يدعو قطر إلى الإفراج عن أموال إيران المحتجزة

دعا المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمس الأربعاء، إلى عدم الانصياع للضغوط الأمريكية والعمل على الإفراج عن عائدات النفط الإيرانية المحتجزة لدى الدوحة، مضيفاً أن "طهران لا تزال تتوقع مثل هذا الإجراء من قطر"، وفق ما نقلته وكالة "بلومبرغ".

وقال خامنئي في اجتماع مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يزور طهران، إن قطر "دولة صديقة وشقيقة، على الرغم من وجود قضايا مبهمة".

وبحسب "بلومبرغ"، أشار على وجه التحديد إلى المدفوعات الكورية الجنوبية مقابل النفط الإيراني التي تمت قبل عدة سنوات، والتي تم تجميدها لاحقاً في حسابات مصرفية في كوريا الجنوبية بعد أن شددت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى العقوبات على طهران.

يذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، قد مهدت  الطريق في سبتمبر  (أيلول) 2023، لإعادة العائدات إلى إيران، عبر عدد من الدول بما في ذلك قطر، كجزء من صفقة تبادل السجناء.

وأصدر وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، في ذلك الوقت، إعفاءً يسمح للبنوك الألمانية والإيرلندية والقطرية والكورية الجنوبية والسويسرية بتحويل الأموال إلى إيران دون المخاطرة بانتهاك العقوبات الأمريكية.

#Iran’s Khamenei Tells Qatar to Transfer Oil Funds Blocked by US

Money from South Korea oil purchases still being held in Doha

Khamenei met with Qatar’s emir during visit to Tehran#ootthttps://t.co/A8f4ovWsmO

— Giovanni Staunovo???? (@staunovo) February 19, 2025

وأشار خامنئي إلى تصريحات أمير قطر حول قضايا المنطقة، وقال "إننا نعتبر دولة قطر، بلداً صديقاً وشقيقاً، رغم أن قضايا مبهمة، بما فيها إعادة مستحقات إيران من كوريا الجنوبية والتي نُقلت إلى قطر، لا زالت محتجزة، ونعلم أن العقبة الرئيسية لتنفيذ الاتفاق بهذا الشأن، هي أمريكا".

واعتبر خامنئي، أن "العقبة الرئيسية التي تمنع حكومة قطر من إعادة الأموال إلى طهران هي عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وسياسة الضغط القصوى التي ينتهجها ضد إيران".

Leader of the Islamic Revolution Ayatollah Seyyed Ali Khamenei has told Qatar’s Emir Sheikh Tamim bin Hamad Al Thani that expansion of ties with neighboring states is Iran's definitive policy. pic.twitter.com/vvi0Gn1TO4

— Mehr News Agency (@MehrnewsCom) February 19, 2025 ضغوط ترمب

وأبلغ خامنئي الشيخ تميم، أن قطر يجب ألا تنتبه للضغوط من الولايات المتحدة لحجب العائدات، وفقاً لوكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، معرباً عن أمله في أن تخدم الاتفاقات التي تم التوصل إليها في طهران، مصلحة البلدين.

وأضاف قائلاً: "لو كنا مكان قطر، لما أعرنا اهتماماً للضغوط الأمريكية، وكنا سنعيد هذه المستحقات إلى الطرف المقابل"، مشدداً على أن إيران لا تزال تتوقع مثل هذا الإجراء من قطر.

If we were in Qatar's place, we wouldn't pay attention to the pressures brought by the US and would return Iran's assets. We continue to expect Qatar to do this.

— Khamenei.ir (@khamenei_ir) February 19, 2025

وكان ترامب قال خلال حملته الانتخابية إن "سياسة بايدن بعدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط أضعفت موقف واشنطن وشجعت طهران، ما سمح لها ببيع النفط وجمع الأموال وزيادة مساعيها النووية ونفوذها من خلال الجماعات المسلحة".

وارتفعت صادرات إيران من النفط الخام، إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات في عام 2024، إذ وجدت طهران طرقاً للالتفاف على العقوبات الصارمة التي استهدفت إيراداتها.

وحققت صادرات النفط الإيرانية، إيرادات بلغت 53 مليار دولار في عام 2023، و54 مليار دولار في العام الماضي، وفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. كما أظهرت بيانات "أوبك" أن الإنتاج خلال 2024 سجل أعلى مستوياته منذ 2018.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تخيّر بغداد: استئناف صادرات نفط الإقليم أو العقوبات
  • ترامب … أسعار النفط … تحليل ..؟؟
  • الأسطول الشبح الروسي في مرمى عقوبات الاتحاد الأوروبي
  • تحليل لـCNN: لماذ تخشى الصين من تقارب ترامب نحو بوتين؟
  • الرئيس الإيراني: نرغب في التفاوض لكن ترامب يضع يده على رقابنا
  • من النفط إلى التمويل.. كيف تتحدى إيران العقوبات الأمريكية؟
  • خامنئي يدعو قطر إلى الإفراج عن أموال إيران المحتجزة
  • شركة أمريكية تستهدف زيادة إنتاج النفط الليبي إلى مليوني برميل يوميًا
  • أسعار النفط تتراجع إثر ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية
  • رئيس أركان الجيش الإيراني: أي اعتداء على إيران لن تنعم المنطقة بالهدوء ثانية