من التغير المناخي إلى خلل منظومة الدعم.. هل تنجح وعود الإصلاح الحكومي في إنقاذ الموسم الزراعي؟
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
في أروقة وزارة الزراعة، تدور نقاشات ساخنة بين الوزير وكبار المزارعين حول أزمة الأسمدة، وارتفاع أسعار المحاصيل. فيما يترقب الجميع حلولًا جذرية تنقذ الموسم الشتوي القادم، يتساءل الفلاحون: هل تستجيب الحكومة لنداءاتهم قبل فوات الأوان؟
يتزامن ذلك مع معاناة السوق المصري من موجات غلاء غير مسبوقة في أسعار الخضروات والفاكهة، وفي المقابل، ظهرت قضية ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي كأحد الأسباب الجوهرية لهذه الأزمة.
وكان لقاء علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، مع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام وعدد من كبار المزارعين، محور اهتمام الرأي العام، حيث تناول الاجتماع المطالب الحثيثة بضرورة تخفيض أسعار الأسمدة، وتوفيرها بشكل عادل لضمان استقرار الإنتاج الزراعي.
مخاوف نقص الأسمدةوأكد وزير الزراعة خلال اللقاء أن الوزارة تعمل على تطوير أداء الجمعيات الزراعية لضمان وصول الأسمدة المدعمة لمستحقيها، إلى جانب تحسين منظومة الرقابة على توزيع مستلزمات الإنتاج. وأوضح الوزير أن نقص الأسمدة، الذي تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل لافت، يعود إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج عالميًا، وارتفاع أسعار الغاز، ما أثر على إنتاج المصانع وأدى إلى توقف بعضها عن العمل.
من جانبه، كشف مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة أن صيف هذا العام شهد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، مما أدى إلى تراجع إنتاجية بعض المحاصيل مثل الطماطم التي تأثرت بنسبة 50%. وأوضح المركز أن الارتفاع الحاد في أسعار الخضروات والفاكهة، الذي وصل إلى 80%، يعود إلى نقص المعروض نتيجة التغيرات المناخية وارتفاع تكاليف الإنتاج.
سوق بدون دعم حقيقيونائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، حاتم النجيب، أكد أن أزمة الأسمدة لا تعود فقط إلى نقص الإنتاج، بل إلى فشل منظومة الدعم في الوصول إلى المزارعين الحقيقيين. وأوضح أن كثيرًا من الحصص المدعمة يتم تسريبها إلى السوق السوداء، ما فاقم من معاناة الفلاحين.
ورغم وعود الوزارة بمعالجة الأزمة وتوفير مستلزمات الإنتاج، إلا أن استمرار ارتفاع الأسعار يثير تساؤلات حول قدرة هذه الحلول على إحداث تغيير حقيقي. "لدينا اكتفاء ذاتي من الأسمدة ونصدر للخارج، ومع ذلك يعاني الفلاحون من نقص في السوق المحلي"، قال النجيب، مشيرًا إلى ضرورة إعادة النظر في آليات توزيع الدعم الزراعي.
آمال بانفراجة متوقعةمع اقتراب الموسم الزراعي الشتوي، يأمل الفلاحون أن يؤدي توافر المحاصيل إلى تخفيف وطأة الأزمة. ووفقًا لتصريحات النجيب، من المتوقع أن تنخفض أسعار الخضروات والفاكهة بشكل ملحوظ بداية من نوفمبر المقبل، مع تحسن إنتاج الطماطم والبصل وتراجع الأسعار بنسبة قد تصل إلى 60%.
ولكن رغم هذه التوقعات المتفائلة، أشار النجيب إلى أن هناك تحديات أخرى لا تزال قائمة، مثل أزمة العفن الذي أضر بمحصول البصل، حيث تراجع الإنتاج بنسبة 30%. كما أكد على أن تدخل الوسطاء والتخزين غير المنضبط من كبار المنتجين والمصدرين يزيد من تفاقم الأزمات في السوق.
تحذير ودعوة للإصلاحفي السياق ذاته، شدد نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، على أن السوق لا يخضع فقط لقوانين العرض والطلب، بل يتأثر أيضًا بعوامل أخرى مثل ارتفاع أسعار السولار، الذي ضاعف من تكاليف النقل، وأثقل كاهل الفلاحين. كما نبه إلى أن المساحات المزروعة تقل تدريجيًا نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يهدد بحدوث أزمات متتالية في حال استمرار ارتفاع الأسعار.
أبو صدام طالب الحكومة بإعادة النظر في سياسات دعم الأسمدة، مقترحًا تحويل الدعم إلى دعم نقدي مباشر للمزارعين لضمان وصوله إلى مستحقيه. وأضاف: 90% من دعم الأسمدة لا يصل إلى الفلاحين، وهذا يجب أن يتغير.
منظومة كارت الفلاحعلى صعيد آخر، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اجتماعًا مع الوزراء المعنيين ورؤساء الشركات المنتجة للأسمدة لمتابعة سير منظومة حوكمة تداول الأسمدة. واستعرض وزير الزراعة خلال الاجتماع الخطوات المتخذة لضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال التكامل مع منظومة "كارت الفلاح". وأشار الوزير إلى أنه تم توزيع نحو 20 مليون شيكارة سماد خلال الموسم الصيفي الماضي، إضافة إلى 19 مليون شيكارة خلال الموسم الشتوي السابق.
وتهدف هذه الخطوات إلى تحسين منظومة الشحن وتوزيع الأسمدة وفقًا للخطط السمادية المعتمدة، بما يضمن توافر المستلزمات الزراعية وضبط السوق.
حلول شاملة ومستدامةوفي ظل هذه التحديات المتشابكة، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع الحكومة السيطرة على أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة قبل أن تمتد تداعياتها إلى مواسم زراعية جديدة؟ بينما يترقب المزارعون تنفيذ وعود الإصلاح، يتطلع الجميع إلى حلول جذرية، ليس فقط في مجال الدعم الزراعي، بل أيضًا في التصدي لتأثيرات التغير المناخي التي أصبحت عاملًا حاسمًا في تحديد ملامح المستقبل الزراعي.
اقرأ أيضاًأبو الغيط يوجه بسرعة تنفيذ مبادرة إنقاذ الموسم الزراعي بالسودان
الحجر الزراعي يتابع بداية الموسم التصديري للموالح في محطات التعبئة بالسادات والنوبارية
الحجر الزراعي والمجلس التصديري يعقدان لقاء مع المصدريين لـ حل المعوقات التي تواجههم
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تغير المناخ التغير المناخي أزمة الأسمدة الأسمدة ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة رئيس شعبة الخضروات والفاكهة نقيب الفلاحين حسين أبو صدام منظومة كارت الفلاح ارتفاع أسعار الأسمدة أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة حاتم النجيب سبب ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة انخفاض أسعار الخضروات والفاكهة الموسم الزراعي الشتوي العروة الشتوية مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة خلل منظومة الدعم الإصلاح الحكومي الموسم الزراعي تحويل الدعم إلى دعم نقدي الخضروات والفاکهة ارتفاع أسعار ارتفاع ا
إقرأ أيضاً:
طلب إحاطة بشأن التقلبات الحادة في أسعار الخضروات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقدمت النائبة أميرة صابر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
بطلب إحاطة موجه لكل من: رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة، بشأن التقلبات الحادة في أسعار الخضروات وتأثيرها السلبي على المزارعين واستقرار القطاع الزراعي في مصر.
و أوضحت النائبة أن السوق المصري شهد خلال الفترة الماضية انخفاضًا كبيرًا في أسعار بعض المحاصيل، تجاوز في بعض الحالات 80% من قيمتها السابقة، مشيرة إلى أن الطماطم، التي بلغ سعرها سابقًا 40 جنيهًا للكيلو، تُباع الآن بثلاثة جنيهات فقط، وهو سعر أقل من تكلفة الإنتاج الفعلية التي لا تقل عن خمسة جنيهات.
وأكدت أن هذا الانخفاض ليس ناتجًا عن تحسن مفاجئ في الإنتاجية أو انخفاض في الطلب، وإنما يعكس فوضى التخطيط الزراعي، حيث اندفع العديد من المزارعين لزراعة الطماطم بعد ارتفاع أسعارها العام الماضي، ما أدى إلى وفرة غير مدروسة في الإنتاج وانهيار الأسعار.
وأضافت النائبة أن التقلبات السعرية المتكررة تمثل تهديدًا طويل الأمد للقطاع الزراعي، حيث قد تدفع المزارعين إلى العزوف عن زراعة بعض المحاصيل مستقبلاً، ما قد يؤدي إلى نقص المعروض وارتفاع الأسعار بشكل غير مستدام.
وأشارت إلى أن الأزمة تمتد إلى محاصيل أخرى تعاني من نفس الدورات الإنتاجية العشوائية، مما يجعل الأمن الغذائي في مصر عرضة لاضطرابات متكررة.
وشددت النائبة على ضرورة وجود منظومة تصدير فعالة قادرة على امتصاص الفائض الإنتاجي، إلى جانب الاستثمار في الصناعات التحويلية التي يمكنها الاستفادة من وفرة المحاصيل، كما يحدث في دول مثل إسبانيا وهولندا، حيث يتم التعامل مع الفائض من خلال التصدير الفوري، والتصنيع الغذائي، والتخزين الاستراتيجي.
وحذرت نقابة الفلاحين، وفقًا لما ذكرته النائبة في طلب الإحاطة، من أن استمرار هذا التراجع دون تدخل حكومي قد يؤدي إلى تراجع مساحات زراعة المحاصيل الأساسية، مما قد يخلق أزمات مستقبلية في توافر الخضروات.
وطالبت النائبة الحكومة بتوضيح الإجراءات العاجلة التي تعتزم اتخاذها لحماية المزارعين من تداعيات انهيار الأسعار، ودعت إلى إعادة النظر في سياسات تنظيم الإنتاج الزراعي، سواء من خلال وضع خطط استراتيجية توائم بين الإنتاج والاستهلاك، أو عبر إطلاق حوافز وآليات دعم تضمن تحقيق توازن عادل يحمي المزارع والمستهلك على حد سواء.
وأكدت في ختام طلب الإحاطة على ضرورة إحالة الأمر إلى اللجنة المختصة لمناقشته واتخاذ ما يلزم، لضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات في المواسم الزراعية القادمة.