في أروقة وزارة الزراعة، تدور نقاشات ساخنة بين الوزير وكبار المزارعين حول أزمة الأسمدة، وارتفاع أسعار المحاصيل. فيما يترقب الجميع حلولًا جذرية تنقذ الموسم الشتوي القادم، يتساءل الفلاحون: هل تستجيب الحكومة لنداءاتهم قبل فوات الأوان؟

يتزامن ذلك مع معاناة السوق المصري من موجات غلاء غير مسبوقة في أسعار الخضروات والفاكهة، وفي المقابل، ظهرت قضية ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي كأحد الأسباب الجوهرية لهذه الأزمة.

وكان لقاء علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، مع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام وعدد من كبار المزارعين، محور اهتمام الرأي العام، حيث تناول الاجتماع المطالب الحثيثة بضرورة تخفيض أسعار الأسمدة، وتوفيرها بشكل عادل لضمان استقرار الإنتاج الزراعي.

مخاوف نقص الأسمدة

وأكد وزير الزراعة خلال اللقاء أن الوزارة تعمل على تطوير أداء الجمعيات الزراعية لضمان وصول الأسمدة المدعمة لمستحقيها، إلى جانب تحسين منظومة الرقابة على توزيع مستلزمات الإنتاج. وأوضح الوزير أن نقص الأسمدة، الذي تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل لافت، يعود إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج عالميًا، وارتفاع أسعار الغاز، ما أثر على إنتاج المصانع وأدى إلى توقف بعضها عن العمل.

من جانبه، كشف مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة أن صيف هذا العام شهد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، مما أدى إلى تراجع إنتاجية بعض المحاصيل مثل الطماطم التي تأثرت بنسبة 50%. وأوضح المركز أن الارتفاع الحاد في أسعار الخضروات والفاكهة، الذي وصل إلى 80%، يعود إلى نقص المعروض نتيجة التغيرات المناخية وارتفاع تكاليف الإنتاج.

سوق بدون دعم حقيقي

ونائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة، حاتم النجيب، أكد أن أزمة الأسمدة لا تعود فقط إلى نقص الإنتاج، بل إلى فشل منظومة الدعم في الوصول إلى المزارعين الحقيقيين. وأوضح أن كثيرًا من الحصص المدعمة يتم تسريبها إلى السوق السوداء، ما فاقم من معاناة الفلاحين.

ورغم وعود الوزارة بمعالجة الأزمة وتوفير مستلزمات الإنتاج، إلا أن استمرار ارتفاع الأسعار يثير تساؤلات حول قدرة هذه الحلول على إحداث تغيير حقيقي. "لدينا اكتفاء ذاتي من الأسمدة ونصدر للخارج، ومع ذلك يعاني الفلاحون من نقص في السوق المحلي"، قال النجيب، مشيرًا إلى ضرورة إعادة النظر في آليات توزيع الدعم الزراعي.

آمال بانفراجة متوقعة

مع اقتراب الموسم الزراعي الشتوي، يأمل الفلاحون أن يؤدي توافر المحاصيل إلى تخفيف وطأة الأزمة. ووفقًا لتصريحات النجيب، من المتوقع أن تنخفض أسعار الخضروات والفاكهة بشكل ملحوظ بداية من نوفمبر المقبل، مع تحسن إنتاج الطماطم والبصل وتراجع الأسعار بنسبة قد تصل إلى 60%.

ولكن رغم هذه التوقعات المتفائلة، أشار النجيب إلى أن هناك تحديات أخرى لا تزال قائمة، مثل أزمة العفن الذي أضر بمحصول البصل، حيث تراجع الإنتاج بنسبة 30%. كما أكد على أن تدخل الوسطاء والتخزين غير المنضبط من كبار المنتجين والمصدرين يزيد من تفاقم الأزمات في السوق.

تحذير ودعوة للإصلاح

في السياق ذاته، شدد نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، على أن السوق لا يخضع فقط لقوانين العرض والطلب، بل يتأثر أيضًا بعوامل أخرى مثل ارتفاع أسعار السولار، الذي ضاعف من تكاليف النقل، وأثقل كاهل الفلاحين. كما نبه إلى أن المساحات المزروعة تقل تدريجيًا نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يهدد بحدوث أزمات متتالية في حال استمرار ارتفاع الأسعار.

أبو صدام طالب الحكومة بإعادة النظر في سياسات دعم الأسمدة، مقترحًا تحويل الدعم إلى دعم نقدي مباشر للمزارعين لضمان وصوله إلى مستحقيه. وأضاف: 90% من دعم الأسمدة لا يصل إلى الفلاحين، وهذا يجب أن يتغير.

منظومة كارت الفلاح

على صعيد آخر، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اجتماعًا مع الوزراء المعنيين ورؤساء الشركات المنتجة للأسمدة لمتابعة سير منظومة حوكمة تداول الأسمدة. واستعرض وزير الزراعة خلال الاجتماع الخطوات المتخذة لضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال التكامل مع منظومة "كارت الفلاح". وأشار الوزير إلى أنه تم توزيع نحو 20 مليون شيكارة سماد خلال الموسم الصيفي الماضي، إضافة إلى 19 مليون شيكارة خلال الموسم الشتوي السابق.

وتهدف هذه الخطوات إلى تحسين منظومة الشحن وتوزيع الأسمدة وفقًا للخطط السمادية المعتمدة، بما يضمن توافر المستلزمات الزراعية وضبط السوق.

حلول شاملة ومستدامة

وفي ظل هذه التحديات المتشابكة، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع الحكومة السيطرة على أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة قبل أن تمتد تداعياتها إلى مواسم زراعية جديدة؟ بينما يترقب المزارعون تنفيذ وعود الإصلاح، يتطلع الجميع إلى حلول جذرية، ليس فقط في مجال الدعم الزراعي، بل أيضًا في التصدي لتأثيرات التغير المناخي التي أصبحت عاملًا حاسمًا في تحديد ملامح المستقبل الزراعي.

اقرأ أيضاًأبو الغيط يوجه بسرعة تنفيذ مبادرة إنقاذ الموسم الزراعي بالسودان

الحجر الزراعي يتابع بداية الموسم التصديري للموالح في محطات التعبئة بالسادات والنوبارية

الحجر الزراعي والمجلس التصديري يعقدان لقاء مع المصدريين لـ حل المعوقات التي تواجههم

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: تغير المناخ التغير المناخي أزمة الأسمدة الأسمدة ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة رئيس شعبة الخضروات والفاكهة نقيب الفلاحين حسين أبو صدام منظومة كارت الفلاح ارتفاع أسعار الأسمدة أزمة ارتفاع أسعار الأسمدة حاتم النجيب سبب ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة انخفاض أسعار الخضروات والفاكهة الموسم الزراعي الشتوي العروة الشتوية مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة خلل منظومة الدعم الإصلاح الحكومي الموسم الزراعي تحويل الدعم إلى دعم نقدي الخضروات والفاکهة ارتفاع أسعار ارتفاع ا

إقرأ أيضاً:

وزارةً الإعلام تُطلق خطّة منظومة التواصل الحكومي للفترة (2025-2027)

العُمانية/ أطلقت وزارةُ الإعلام ممثلة في مركز التواصل الحكومي خلال لقاء عُقد اليوم خطة منظومة التواصل الحكومي للفترة (2025-2027). التي صممت بما يتوافق مع أفضل الممارسات في مجالي التواصل والإعلام، لتعزيز الشفافية والتفاعل مع الجمهور.

وتضمن اللقاء عرض خطة منظومة التواصل الحكومي، التي جاءت لتكون مظلة لعدد من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى تنظيم التواصل بين المؤسسات الحكومية والمجتمع.

وقدمت زمزم بنت حمد الهنائية مديرة دائرة الأجندة الإعلامية والتكامل بالمركز عرضًا مرئيًّا اشتمل على خطة منظومة التواصل الحكومي وتضمنت ثلاثة محاور رئيسة هي: محور التمكين وتعزيز الموارد من خلال رفع كفاءة دوائر التواصل والإعلام في المؤسسات الحكومية للقيام بدورها بفاعلية، ومحور التكامل والتناسق عبر تأصيل مبدأ الانسجام بين أطراف المنظومة لتحقيق خطاب موحّد، ومحور التواصل الاستباقي وتعزيز الثقة بجعل أولويات الحكومة ومنجزاتها ومحور التفاعل مع الجمهور ووسائل الإعلام بما يعزز الثقة والشفافية.

وأضافت أن الخطة تهدف إلى تعزيز كفاءة الرسائل الإعلامية وضمان تناغمها وانسجامها في مختلف أنشطة المؤسسات الحكومية، إلى جانب تحقيق توجه موحد ومستمر للأنشطة الإعلامية بما يخدم أولويات الحكومة ويعكس أهدافها، ورفع مستوى وعي المجتمع العُماني بالحراك الحكومي، وتعزيز تفاعله الإيجابي مع المؤسسات الحكومية وتمكينه من إيصال مرئياته وتطلعاته.

وبينت أنه يتوقع من الخطة أن تسهم في تحقيق تواصل حكومي منظم وشامل، ورسائل منسجمة ضمن توجه موحد، ونشاط إعلامي متواصل يواكب احتياجات الجمهور المعرفية، بالإضافة إلى تعزيز وعي المجتمع ليصبح أكثر تفاعلًا مع رسائل الحكومة.

من جانب آخر استعرض نصر بن فارس الروشدي مدير دائرة التواصل والعمليات الإعلامية بالمركز حصاد أعمال المركز لعام 2024 م، حيث رصد 987 موضوعا وقضية، تم تحليلها وإعداد التقارير بشأنها ورفعها إلى أصحاب القرار، كما أصدر 604 تقارير تناولت أبرز الموضوعات التي شهدت تفاعلا واسعا من الجمهور عبر وسائل التواصل والإعلام، وتقارير يومية وأسبوعية وشهرية، إضافة إلى تقارير خاصة بشأن القضايا المتداولة، مع توصيات المركز للتعامل مع تلك القضايا.

وذكر أن المركز قدم الدعم الاتصالي والإعلامي لأكثر من 264 موضوعا وحملة وطنية خلال العام، إضافة إلى إسهامه في التخطيط الإعلامي للأنشطة التي تنظمها المؤسسات الحكومية، لضمان توحيد الجهود وتناسق الرسائل الإعلامية.

وفي مجال التواصل الرقمي، أشار إلى أن المركز نشر عبر حساباته في منصتي إكس وإنستجرام أكثر من 354 منشورا، بالإضافة إلى أكثر من 19 مقطعًا مرئيًّا عبر قناته على يوتيوب، و أطلق المركز حديثا قناته الرسمية على تطبيق سناب شات لتقديم تغطيات حية ومباشرة لمختلف الموضوعات الحكومية.

وأفاد بأن المركز نظم خلال عام 2024 أربعة لقاءات مع ممثلي دوائر التواصل والإعلام بالمؤسسات الحكومية تناولت محاور متنوعة أبرزها المشهد العام للتواصل والإعلام، واستراتيجيات التواصل الداخلي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي الحكومي، ودور الاتصال المؤسسي في تعزيز الصورة الذهنية وبناء السمعة المؤسسية.

ويأتي اللقاء بحضور مديري وممثلي دوائر التواصل والإعلام في الوحدات الحكومية، في إطار جهود المركز في تعزيز التواصل والتكامل الإعلامي مع مختلف الوحدات الحكومية، وتطوير آليات العمل الإعلامي، وتعزيز تبادل الخبرات بين الوحدات الحكومية، بما يحقق التكامل في إيصال الرسائل الإعلامية للجمهور.

مقالات مشابهة

  • بعد وعود «ترامب» بتعزيز الإنتاج.. هبوط حادّ بأسعار النفط
  • الجلسة الأخيرة.. صدور الحكم في استئناف مديرة الإصلاح الزراعي على حكم حبسها 15 عامًا
  • وزارةً الإعلام تُطلق خطّة منظومة التواصل الحكومي للفترة (2025-2027)
  • زعيم الأغلبية البرلمانية يشارك في مؤتمر عن التغير المناخي بدبي
  • زعيم الأغلبية البرلمانية يشارك في مؤتمر التغير المناخي وأثره على الصحة والتنمية بدبي
  • أسباب ارتفاع أسعار البنزين في اليمن
  • شعبة الاتصالات: كميات الهواتف المحمولة الموجودة لا تكفي السوق لمدة يومين
  • ارتفاع اسعار ايجار السكن وغياب الدور الحكومي
  • وزير التموين يتوقع ارتفاع الدعم السلعي في الموازنة المقبلة 100 مليار جنيه
  • وزير التموين: لا زيادة في أسعار السكر والخبز