يستبد الشوق إليك، ويحرق فؤادي القلق عليك، فأنكر اللهب وأنكر الرماد معاً، يا حبيبي الأمير. اختلفت معك كثيراً في تقديراتك السياسية، وكل ما زادت الخلافات وسعاً زادت المحبة طابقاً، على قول أبي الزهور (كل ما ازددتم لغطاً زدناه طابقاً).. إذ مهما استغربت منطقك لا يزحف الشك نحو معدنك ولا قلبك..
حفظك الله وزوجك وذريتك، وأنتم تحت القصف ونحن نرقب حزانى مشفقين من على الرصيف، وجمعنا الله وإياكم في وطن يسعنا جميعاً رغم خلافاتنا، ويفاقم محباتنا لبعض والأهم محبتنا له وولاءنا لرفعته لا رفعة الذوات الزائلة، وطن غير هذا الذي يتحكم فيه العبث الآن، والأحقاد، ويكون من هو مثلك من خبرات عسكرية ووطنية تحت مراصد اللؤم ومرامى الجرم، حفظك الله، وحفظ الله السودان وأهل السودان.

.
أهدي لك كلمات عثرت عليها وأنا أقلب ملفاتي القديمة، كتبتها في حقك.. وعنوانها “للأمير”.. في 20 نوفمبر 2004م.
لتحمل وزر الكرام
ووزر الكرام افتضاح الكرم
وحسد اللئام.. وركم الظُلَم
تكسّر حولك كل النصال
فأنت سليل البلاء الكبير
وأنت الذي فأله
كان فيض الخميس الشهير*
نعم يا أمير
فأنت الذي
مثل فارع طولك فاضت سجاياك
ومثل اصطبارك يأتي “الحِجام”
يجرّب فيك الفوارس سيفا
وتزداد فيك الرمايات بأسا
وأنت “تشيل” عليك “الدبر”
شاهق كالقمر
لا يضيرك أنك أصل النظام
وأن “الرقابة”** ضلت إليك الأثر
فمنذا الذي
يبلغ البحر وسعا؟
ومنذا الذي
إليه المكارم تسعى؟
يا أمير سواك
لنحمل عنك جميعا بلاك
وتمشي خفيفا
وكل الذي فيه خيرٌ.. رآك.
* إشارة لما حدث في الخميس الأول من أغسطس 1988م يوم الأمطار الأشد في الخرطوم. كان حبيبنا الإمام عليه الرضوان حدثنا نحن أبناءه وبناته قبل بدء موسم الأمطار ذاك، بأن مرصدا جويا عالميا تنبأ بنوبة جفاف تضرب السودان ذلك العام، فأشفق على حال الناس بعد سنوات الجفاف الطويلة أيام المخلوع الأخيرة، وقال لنا إنه صلى للرحمن ركعتي حاجة، وطلب عشر مطرات في أم درمان كل واحدة بفأل واحد من أبنائه وبناته، وذلك كما قال لأن “أم درمان صنقور الخريف”. فكنا نترقب الأمطار بترتيبنا العمري، وكانت أمطار عبد الرحمن هي الأشد، وقد قضى الليلة ينقذ ضحايا ذلك الغيث، ضحاياه! وكما قال الحبيب عليه الرضوان (الخير غرقنا).
** بعد أن انسلخ جماعة سوبا في 2002م سرعانما تفرقوا أيدي سبأ وتشتتوا وأعلن بعضهم انشقاقا عن الشق، فذهب الأمير ليحضر المؤتمر الصحفي سعيداً بتحقق تقديرات الإمام وهزيمة المنشقين، لم يذهب مناصرا لجهة، لكن هيئة الضبط ورقابة الأداء عاقبته على ذلك، وشعر بظلم كبير لكنه قبله ومضى في طريقه لم ينبس ببنت شفة، وكانت كلماتي للتخفيف عليه.. وها هو حتى الآن محط السهام.

رباح المهدي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الإفتاء: حماية المال والمحافظة عليه أحد مقاصد الشرع الشريف

قالت دار الإفتاء المصرية إن الشرع أمر بحماية المال والمحافظة عليه، وقد حرَّمَ الشرع الشريف التعدي على أموال الغير واستحلالها دون وجه حقٍّ، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [النساء: 29].

وورد عن أبي بَكرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» متفق عليه.

وأوضحت الإفتاء أن كان الاعتداء على الأموال الخاصة المملوكة للأشخاص حرامًا، فإن الحرمة تَشْتَدُّ إذا كان الاعتداء على الأموال العامَّة المملوكة لعموم المجتمع، إذ خطره أعظم؛ لأنه مالٌ تتعلق به ذمة عموم الناس، ولأنه ليس له مطالب بعينه من جهة العباد كالمال الخاصّ، ولما فيه من تضييع حقوق عامة الناس.

المقصود بالأموال العامة وبيان أسباب التملك التام في الشرع

وكشفت دار الإفتاء عن المقصود بالأموالُ العامَّةُ وهى كلُّ ما كان مملوكًا للدولة أو للأشخاص الاعتباريَّة العامَّةِ سواءٌ كان عقارًا أو منقولًا أو نحو ذلك، مما يكون مخصَّصًا لمنفعةٍ عامَّةٍ بالفعل أو بمقتضى قانونٍ أو مرسومٍ"، كما أفادته المادة رقم 87 من القانون المدني المصري.

وهذه الأموال تسَمَّى في الشريعة بـ"مال الله"؛ لأنها غير متعيّنة لفردٍ بعينه، وإنما هي حقُّ عام، يتصرف فيها ولي الأمر بما يحقق المصلحة للمجتمع.

فإذا اقتضت المصلحة تخصيص بعض الموارد الماليَّة العامَّة في هيئة مساعداتٍ ماليةٍ أو عينيةٍ وصَرْفها من قِبَلِ الجهات المختصة المنوط بها رعاية المجتمع وتقديم الدعم للمحتاجين لبعض الأسر أو الأفراد الأَولى بالرعاية، فإن هذه المساعدات تتعين لمن خصصته الدولة لهذا الاستحقاق دون غيره، وينبغي على هؤلاء المستحقين أن يحصلوا على تلك المخصصات بسببٍ صحيح حتى ينتقل إليهم الملك فيها بصورة صحيحة من صور التملك التام المأذون فيه شرعًا.

وأسباب التملك التام في الشرع متعددة، منها: المعاوضات، والميراث، والهبات والتبرعات، والوصايا، والوقف وغيرها، وهذه الأسباب كلها تحتاج إلى الانتقال بصورة صحيحة حتى يتم الملك الشرعي فيها، وتلك المساعدات التي تمنحها الدولة تُعدُّ من قبيل التبرعات فيلزم فيها انتقالها بصورةٍ صحيحةٍ إلى مستحقيها، ولا يحلُّ أخذها إلا لمن توفرت فيه شروط الاستحقاق.

فما تمنحه الدولة من مالٍ على سبيل التبرع لشخص مقيدٍ بوصفٍ معينٍ، فإنه يستحق هذه المنحة أو المساعدة متى كان على هذا الوصف، فإذا لم يكن متصفًا بذلك الوصف أو اتصف به ثم زال عنه، زال معه سبب الاستحقاق لهذا المال، ولا يحلُّ له أخذه؛ إذ من المقرر شرعًا أن الحكم المعلق والمقيد بوصف يدور معه وجودًا وعدمًا، بمعنى أنه ينزلُ الوصف من الحكم منزلةَ العلَّةِ التي يدور معها الحكم وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد الوصف وُجدَ الحكم، وإذا انتفى انتفى الحكم. ينظر: "أصول الإمام السرخسي" (1/ 258، ط. دار المعرفة)، و"كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي" للإمام علاء الدين البخاري (2/ 288، ط. دار الكتاب الإسلامي).

أما الاحتيال لأخذ تلك المِنَحِ والمساعدات عن طريق الإدلاء ببيانات خاطئةٍ أو بأيِّ وسيلة أخرى، فإنه أمرٌ محرمٌ شرعًا ومجرَّم قانونًا؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، بل هو أمرٌ تَعظم حرمته ويشتدُّ إثمه؛ لكونه اعتداءً على الأموال العامة التي تتعلق بها ذمة عموم المجتمع، كما سبق بيانه.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا، وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» متفق عليه.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ» أخرجه الأئمة: ابن حِبَّان في "صحيحه"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وأبو نُعَيْم الأَصْفَهَانِي في "حلية الأولياء".

ولهذا كله احتاط الشرع الشريف للمال العام احتياطًا أشدَّ من احتياطه للمال الخاص، حتى إنه جعل الاعتداء عليه غُلولًا -أي: خيانة- يحشر به صاحبه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161].

 

 

مقالات مشابهة

  • أمير منطقة الرياض يرعى حفل تخريج 515 طالبًا من جامعة الأمير سلطان
  • العقار الذي يحبه الأمير هاري.. آثار جانبية مرعبة لـ "آياهواسكا"
  • الإفتاء: حماية المال والمحافظة عليه أحد مقاصد الشرع الشريف
  • هذه الليلة .. الأشد برودة منذ بداية تأثير الموجة الباردة
  • أمير منطقة الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود وسارة آل الشيخ
  • أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن فرحان وسارة آل الشيخ
  • أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود وسارة آل الشيخ.. صور
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • ”حبيبي ولا على باله” و”أجمل إحساس”: ألحان خلدت المصري محمد رحيم
  • من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة إرهابية معادية للسامية؟