خيار أخف الضررين في الانتخابات الأمريكية
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
حسام عثمان محجوب
3 نوفمبر 2024
صوت يوم الأربعاء في تكساس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وكتبت اسم كورنيل ويست كمرشح (write-in candidate). بسبب النظام الانتخابي العقيم الموروث من زمن العبودية، فصوتي ليس مهماً في ولاية محسومة للجمهوريين مثل تكساس، ولذلك كان قراري أسهل مقارنة بالناخبين في الولايات المتأرجحة مثل ميتشيغان وبنسلفانيا.
أعرف تماماً أن الفرق بين ترامب وكمالا ليس كبيراً في قضايا عديدة، وأن الديمقراطية في الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة، وأنها تنطلق بسرعة كبيرة منذ عقود في مسارات غير ديمقراطية، حتى خلال فترات الرؤساء الديمقراطيين. كما أرى أن الشعب الأمريكي بحاجة إلى إدراك أن النظام يتطلب تغييراً جذرياً لن يتحقق إلا عندما يقرر غالبيته ذلك وينتظم ليحققه. ومع ذلك، فإنني أعلم أيضاً أن هناك فروقات محلية مهمة بين ترامب وكمالا، حيث أن سياسات ترامب قد تضر بعدد أكبر من الناس في أمريكا في السنوات القليلة القادمة، في حين أن بعض سياسات كمالا كانت قد تساعدهم. ومع ذلك، يجب على الناخبين الأمريكيين الذين سيصوتون لكمالا أن يدركوا أن الشعب الأمريكي يتحمل مسؤولية جرائم بايدن وكمالا، وأنهم - شاؤوا أم أبوا - سيدفعون ثمن الجرائم التي ترتكبها حكومتهم في أنحاء العالم بما فيها فقدانهم للديمقراطية المحدودة التي يعتقدون أنهم يعيشون فيها.
أنا لم أصوت في انتخابات هيلاري كلينتون وترامب في 2016، وكتبت أنني أتمنى أن يفوز ترامب كي لا يعيش الشعب تحت أي أوهام بأن الأمور على ما يرام، وحتى يرى الواقع المرير ويدرك حاجته إلى تغيير جذري. لكن من الواضح أن نسبة كبيرة من الشعب لم تصل بعد إلى هذا الإدراك، ولذلك كانت الخيارات في عام 2020 بايدن، وفي 2024 كمالا.
بالنسبة للذين يقولون إن رئاسة ترامب لن تكون نهاية الديمقراطية كما يخشى البعض، الفارق الكبير بين ترامب 2024 وترامب 2016 هو أن نجاح ترامب في المرة السابقة كان مفاجئاً له وللحزب الجمهوري وللمحافظين عموماً. لكن هذه المرة هناك مشروع واضح ومتكامل لتغيير أمريكا ونظامها لعقود قادمة. ترامب نفسه ليس صاحب هذا المشروع ولا المنفذ الوحيد له، بل هناك مجموعة منظمة للغاية تمتلك رؤية واضحة لهذا المشروع، وإذا نظرنا فقط إلى تأثير قرار المحكمة العليا (Citizens United) على تأثير الأموال في الانتخابات وعلى المساواة بين الناخبين، وحاولنا تخيل تبعات مشروع 2025 (Project 2025) الذي سيبدأ منذ اليوم الأول في إنهاء استقلالية ومهنية السلطات القضائية على المستويات المحلية والفيدرالية، وإنهاء استقلالية الخدمة المدنية وأجهزة الرقابة والتنظيم، سنحصل على فكرة بسيطة عن مدى اختلاف رئاسة ترامب القادمة عن سابقتها.
بالطبع، هناك احتمال، وإن كان ضعيفاً كما أرى، أن تفوز كمالا في الانتخابات، لكن في حال حدوث ذلك، لن يكون انتصاراً حاسماً، وعلى الأغلب لن يتم حسمه بسرعة. في ذلك الوقت، سيكون لدى ترامب وأنصاره خيارات عجيبة تشبه أحداث مسلسل (House of Cards) يعملون عليها، وقد ظهرت مؤخراً تحت مسمى السر الصغير (Little Secret) إضافة إلى العنف المتوقع الذي ستكون أحداث 6 يناير 2021 بالنسبة له لعب أطفال.
وقد تحدث ترامب قبل أيام عن هذا السر بينه وبين رئيس مجلس النواب، الجمهوري مايك جونسون، ولم ينف جونسون وجوده. وقد فصل إيلي ميستال (Elie Mystal) في مجلة (The Nation) عدة سيناريوهات محتملة لهذا السر، تعتمد على تفسير للتعديل الثاني عشر للدستور الأمريكي يتحدث عن فوز الحاصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي بالرئاسة، وعلى التواريخ المقررة لاختيار المجمع الانتخابي ولتصويته. يمكن في هذه السيناريوهات أن تتأخر بعض الولايات في تحديد ناخبيها للمجمع الانتخابي، وحينها يمكن إذا حلت التواريخ المذكورة إهمال أصوات هذه الولايات، كما يمكن أن ينتهي الأمر عند مجلس النواب بحيث يصبح لكل ولاية صوتاً واحداً لانتخاب الرئيس، والجمهوريون يملكون أغلبية الولايات في المجلس، ولرئيس المجلس جونسون سلطة في عدد من هذه السيناريوهات المحتملة. وإذا قاومها الديمقراطيون قانونياً فقد ينتهي الأمر أمام المحكمة العليا، وهو المحكمة التي غالبية قضاتها جمهوريون بل عين ترامب شخصياً ثلاثة من قضاتها التسعة.
husamom@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی الانتخابات
إقرأ أيضاً:
انتخابات غرينلاند بين مطالب الاستقلال عن الدانمارك ومطامع ترامب
نوك- من المقرر أن تعقد غرينلاند انتخابات تشريعية الثلاثاء المقبل، وسط اهتمام عالمي متزايد عقب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب برغبته شراء جزيرة القطب الشمالي "بطريقة أو بأخرى" كما قال للكونغرس مازحا الأسبوع الماضي.
ولأن الاستقلال قضية انتخابية رئيسية في غرينلاند، تراقب حكومة الدانمارك عن كثب هذه الانتخابات التي يصفها كثيرون بـ"الحدث السياسي الأكثر أهمية في تاريخ الجزيرة" خاصة بعد سقوطها تحت أنظار ترامب الطامعة، بينما يعتبر السكان المحليون هذا التصويت فرصة تاريخية لتحريرهم من النفوذ الدانماركي.
فعلى الرغم من حصول هذه الجزيرة القطبية الشمالية على استقلالها عام 1979، فإن الوظائف السيادية، بما في ذلك الدفاع والشؤون الخارجية، لا تزال بعيدة المنال.
ومنذ صدور قانون الحكم الذاتي عام 2009، أصبح بإمكان سكان غرينلاند -البالغ عددهم 57 ألف نسمة- المبادرة وإطلاق عملية الاستقلال بأنفسهم، وهو ما يشمل التفاوض على اتفاق مع كوبنهاغن، من خلال استفتاء في غرينلاند وتصويت في البرلمان الدانماركي.
يُنظر إلى النظام السياسي بأكبر جزيرة في العالم على أنه معقد، فعلى الرغم من أنها جزء جغرافي من أميركا الشمالية، إلا أنها جزء سياسي من أوروبا، ويتأثر جزء كبير من تاريخها بالماضي الاستعماري القوي مع الدانمارك.
إعلانوتعتبر غرينلاند جزءا من الكومنولث الدانماركي، ورئيسها الرسمي هو ملك الدانمارك فريديريك العاشر، بموجب قانون الحكم الذاتي الذي دخل حيز التنفيذ في 21 يونيو/حزيران 2009، والذي حل قانون عام 1979 المعمول به كأساس دستوري لموقف الجزيرة داخل مملكة الدانمارك.
وقد صدر قانون الحكم الذاتي في أعقاب استفتاء بالجزيرة القطبية الشمالية في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وصوت لصالحه 75.5% من الناخبين، ويتمثل هدفه الأساسي بنقل المسؤولية والسلطة من السلطات الدانماركية إلى غرينلاند في المناطق التي يسمح الدستور بتنفيذها، مع التأكيد على التوازن بين الحقوق والالتزامات.
ويحق للجزيرة إعلان الاستقلال، إذ يعترف قانون الحكم الذاتي بغرينلاند كشعب أو أمة يحق لها حق تقرير المصير، ويضمن أن أي تحرك نحو الاستقلال سيكون قرارا ديمقراطيا من قبل الشعب الغرينلاندي.
وفي 8 يناير/كانون الثاني الماضي، شكك الرئيس الأميركي في الحقوق القانونية للدانمارك في غرينلاند، قائلا "الناس لا يعرفون حقا ما إذا كانت الدانمارك تتمتع بأي حقوق قانونية في غرينلاند".
كيفية التصويتوتتمتع غرينلاند بالحكم الذاتي مع ديمقراطية تمثيلية، وتُعقد فيها 3 أنواع من الانتخابات:
انتخابات برلمان غرينلاند. انتخابات البلديات والمجالس القروية. انتخابات البرلمان الدانماركي، حيث تنتخب غرينلاند عضوين.ويجب على الناخب أن يبلغ من العمر 18 عاما على الأقل، وأن يكون حاصلا على الجنسية الدانماركية ومقيما بشكل دائم في غرينلاند.
أما بالنسبة للانتخابات البلدية، فيمكن لغير الحاصلين على الجنسية الدانماركية التصويت، إذا كان الشخص مقيما بشكل دائم في كومنولث المملكة الذي يشمل الدانمارك وغرينلاند وجزر فارو، لمدة 3 سنوات على الأقل قبل الانتخابات.
وفي حال لم يتمكن الناخب من الحضور شخصيا إلى مركز الاقتراع يوم الانتخابات، فيمكنه اللجوء إلى التصويت عبر البريد، وهي طريقة معتمدة في انتخابات البرلمانين الدانماركي والغرينلاندي، وفي الانتخابات البلدية.
إعلانويمثل البرلمان السلطة التشريعية على المستوى الوطني، ويتم انتخاب الأعضاء البالغ عددهم 31 عضوا ديمقراطيا بالاقتراع كل 4 سنوات، حيث تعتبر كل الجزيرة دائرة انتخابية كبيرة واحدة.
الأحزاب السياسيةبدأت الطموحات الرامية إلى تشكيل دولة ذات سيادة في غرينلاند منذ بداية القرن العشرين على الأقل، وبات اتخاذ الخطوة التالية على الأجندة السياسية لجميع الأحزاب السياسية منذ إقرار قانون 2009، حيث لا تدور المناقشات حول الهدف النهائي، بل حول الوتيرة والوسائل اللازمة لتحقيق هذا الهدف.
ويوجد في غرينلاند 7 أحزاب سياسية، وعادة ما يتم انتخاب أكبر خمسة منها في البرلمان، وهي:
حزب مجتمع الشعب (يساري) يقوده رئيس الحكومة ميوتي إيغيدي منذ عام 2018، ويؤيد الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم في الدانمارك الذي يدعم استقلال غرينلاند عن المملكة، ويعمل من أجل الاعتراف بسكان الجزيرة كشعب مستقل لهم الحق في الأرض. حزب السيوموت (اشتراكي) يتزعمه وزير المالية المنتهية ولايته إريك ينين، تأسس عام 1977 باعتباره استمرارا لحركة سيوموت التي اكتسبت أهمية سياسية منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، ويتلخص هدفه السياسي بإنشاء مجتمع متجانس ونشط وقابل للحياة، حيث يدرك سكانه مسؤوليتهم كشعب. حزب الديمقراطيين (ليبرالي نقابي) يترأسه فريدريك نيلسن وتأسس عام 2002، وقدم مرشحين للانتخابات الوطنية لأول مرة عام 2005، ويعتبر طيفه السياسي من الوسط ووسط اليمين. حزب التضامن الغرينلاندي (ليبرالي محافظ منحاز سياسيا إلى وسط اليمين) تأسس عام 1978، ويرأسه أكالو جيرمياسين، ويهدف إلى التضامن مع الدانمارك في سياق الكومنولث والعمل ضد الانفصال عن المملكة. حزب ناليراك (قومي وسطي) تأسس رسميا عام 2005، وهو أكبر أحزاب المعارضة، اكتسب زخما كبيرا الفترة الأخيرة بفضل صوته البارز المؤيد للاستقلال والمنفتح على التعاون مع الولايات المتحدة. حزب التعاون (ليبرالي) تأسس عام 2018 على يد النائبين الديمقراطيين سابقا مايكل روزينغ وتيلي مارتينوسين، ويسعى للتحرر الاقتصادي وخصخصة الشركات الكبرى التي تهمين على اقتصاد الجزيرة والمملوكة للقطاع العام. حزب أحفاد البلاد (انفصالي) يسعى إلى الاستقلال منذ تأسيسه عام 2017 على يد وزير العمل والتجارة والشؤون الخارجية السابق فيتوس كوياوكيتسوك. إعلان العقدة الاقتصاديةوفي حين يفضل أغلب سكان هذه الجزيرة القطبية الشمالية الاستقلال، فإن الآراء والإستراتيجيات حول كيفية الوصول لهذا الوضع عديدة، ولا سيما فيما يتعلق بتحمل المسؤولية عن ميزانيتها.
يُذكر أن السلطات في غرينلاند تولت السيطرة على وظائف تشريعية وإدارية مختلفة، وخاصة في المالية العامة، حيث يتضمن الترتيب الاقتصادي بموجب القانون إعانة ثابتة من الحكومة الدانماركية يتم تعديلها إذا كانت غرينلاند تولد دخلا من الموارد المعدنية.
ويتركز اقتصاد الجزيرة الأكبر في العالم بشكل أساسي على صناعة صيد الأسماك وقطاع السياحة المتنامي، فضلا عن بعض أنشطة التعدين بمنجمين نشطين فقط، في حين يشكل القطاع العام حوالي نصف العمالة المحلية.
كما تتلقى غرينلاند الدعم من الحكومة الدانماركية في شكل منحة مقطوعة، تشكل حوالي نصف عائدات الحكومة، وتظل معتمدة اقتصاديا على كوبنهاغن بنحو 3.8 مليارات كرونة دانماركية (428 مليون جنيه إسترليني) ترسلها الدانمارك كل عام.
وبينما يدرك الغرينلانديون والدانماركيون الثروة التي لم تُستغل بعد تحت التربة الصقيعية بجزيرة القطب الشمالي، وخاصة المعادن والوقود الأحفوري، ورغم وجود حظر على استخراجها حاليا لأسباب بيئية، يعلم الجميع أن تحرك الإدارة الأميركية الجديدة مرتبط بهذه الجبهة بالغة الأهمية على المستوى الاقتصادي والجيوسياسي أيضا.