يرى الفلسطينيون في الإجراءات التي طالت وتطال الأونروا محاولة إسرائيلية لتصفية قضية اللاجئين التي تعتبر حجر الزاوية في أي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية

اعلان

أعلنت الخارجية الإسرائيلية الاثنين أنها أخطرت الأمم المتحدة رسميا بانسحابها من الاتفاق المبرم عام 1967 والذي يعترف بوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الأونروا.

ويأتي هذا الإعلان بعد مصادقة الكنيست الماضي على تقييد أنشطة الوكالة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة المدمّر.

وقال وزير الخارجية إسرائيل كاتز إن الأونروا هي جزء من المشكلة في غزة بدل أن تكون الحل في إشارة للاتهامات التي كالتها إسرائيل لهذه الهيئة الأممية والتي تقول إن بعض موظفي الأونروا شاركوا في عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

Related"الأونروا شريان حياة الفلسطينيين".. إدانات دولية لقرار الكنيسيت بحظرها وغوتيريش يعلّق "لا بديل عنها"من بروكسل إلى نيويورك: ردود أفعال دولية منددة بمخطط إسرائيل حظر وجود وعمل الأونروا"الأونروا".. ماذا نعرف عن هيئة الأمم المتحدة التي تحاربها إسرائيل؟

وأضاف كاتز في تصريحه بأن الدولة العبرية قدمت عددا لا يحصى من الدلائل على أن حماس تستخدم منشآت الوكالة في عملياتها وأن بعض أعضاء الحركة كانوا موظفين لدى الأونروا التي لم تحرك ساكنا بحسب ادعاءات الوزير الإسرائيلي.

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تديرها الأونروا، وكالة الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين، في النصيرات، قطاع غزة،AP Photo/Abdel Kareem Hana, File

وكانت الأمم المتحدة قد أجرت تحقيقا في المزاعم الإسرائيلية وخلص تقرير أعدته وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا التي أشرفت على التحقيق بأنه لا يوجد ما يعزز تلك الاتهامات وأكدت على حيادية الوكالة التي تقوم على شؤون اللاجئين الفلسطينيين منذ أن عرفوا طريق النزوح والتهجير في أعقاب قيام دولة إسرائيل عام 1948.

الإجراء الذي اتخذته الدولة العبرية يأتي بعد تضييقات عدة واجهتها الأونروا منذ عدة سنوات بدأ منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب في صيف عام 2018 وقف تمويل الوكالة. حيث كانت مساهمة واشنطن المالية هي الأولى بما يقرب ثلث ميزانية الأونروا البالغة 1.24 مليار دولار سنويا.

وقد سبق هذا الوقف، قرار من إدارة ترامب تقليص حجم المساعدات من 365 مليون دولار إلى 125 مليونا لكن في الأصل لم يدخل خزينة الوكالة آنذاك إلا 60 مليون دولار. ويرى الفلسطينيون أن الإجراءات التي طالت وتطال الأونروا ما هي إلا محاولة إسرائيلية لتصفية قضية اللاجئين التي تعتبر حجر الزاوية في أي حل مستقبلي للقضية الفلسطينية.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الانتخابات الرئاسية الأمريكية: كيف يمكن أن يؤثر فوز هاريس على الاقتصاد الأوروبي؟ إسبانيا: الآلاف من المتطوعين يتكاتفون لتنظيف ما خلفته الفيضانات المدمرة في فالنسيا تكنولوجيا السيارات: كيف ستُغير مستقبل التنقل في أوروبا؟ غزة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - أونروا إسرائيل الأمم المتحدة الضفة الغربية لاجئون اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ395: إسرائيل تقطع علاقاتها بالأونروا وحزب الله يقصف ميرون ومستشار نتنياهو يتحسس رأسه يعرض الآن Next الانتخابات الرئاسية الأمريكية: كيف يمكن أن يؤثر فوز هاريس على الاقتصاد الأوروبي؟ يعرض الآن Next انتخابات مولدوفا: فوز مايا ساندو المرشحة المؤيدة للغرب بنسبة 51.1% من أصوات يعرض الآن Next إسبانيا: الآلاف من المتطوعين يتكاتفون لتنظيف ما خلفته الفيضانات المدمرة في فالنسيا يعرض الآن Next قطاع غزة.. قصفٌ وغذاء شحيح وارتفاع جنوني في الأسعار يزيد من معاناة من قُدر له أن يبقى على قيد الحياة اعلانالاكثر قراءة إسبانيا وجهودٌ مضنية للبحث عن جثث غرقت في وحلِ أسوء كارثةٍ طبيعية في تاريخ البلاد المعاصر الوثيقة الأمنية الأكثر سرية: كيف بات الإسرائيليون ضحية حملة كذب من آلة السم التابعة لمكتب نتنياهو واقعة صادمة في إيران.. امرأة تتجرّد من ملابسها في إحدى الجامعات! دراسة: ممارسة الجنس جزء أساسي في حياة من هم فوق 65 عاما قصف بلا هوداة ومقتل 50 طفلا في جباليا ونتنياهو الحل بإعادة حزب الله شمال الليطاني باتفاق أو من دونه اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024غزةفيضانات - سيولدونالد ترامبإسرائيلكامالا هاريسالذكاء الاصطناعيضحاياإسبانياروسياتركياأزمة المناخالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 غزة فيضانات سيول إسرائيل دونالد ترامب كامالا هاريس الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 غزة فيضانات سيول إسرائيل دونالد ترامب كامالا هاريس غزة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا إسرائيل الأمم المتحدة الضفة الغربية لاجئون الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 غزة فيضانات سيول دونالد ترامب إسرائيل كامالا هاريس الذكاء الاصطناعي ضحايا إسبانيا روسيا تركيا أزمة المناخ الأمم المتحدة یعرض الآن Next

إقرأ أيضاً:

لماذا وافقت إسرائيل على الصفقة الآن بعد تعنت طويل؟

اندفعت "إسرائيل" في حرب إبادة جماعية على غزّة، أرادت منها جملة من الأهداف، أدناها وأقربها إلى ظنّها، هو فرض الانكسار والهزيمة والاستسلام على حركة حماس، وعموم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، فانتهجت أساليب الصدمة والترويع والقصف السجّاديّ والإزاحة السكانية والأحزمة النارية، وبنحو يزيد على الخبرة التاريخية في الصراع معها.

وأرادت بهذه الحرب، التي تنتهج الإبادة المكشوفة والمعلنة، أنّه ليس ثمّة محرمات في هذه الحرب، فطالت آلة الدمار الكاسحة معالم الحياة الحضرية والعمرانية كلّها في قطاع غزّة دون أن تستثنيَ مرفقًا أو إنسانًا أو حجرًا أو شجرًا.

في قلب هذه الكيفية الحربية غير المسبوقة، أرادت "إسرائيل" طمس ملفّ أسراها لدى حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، بالقول المضمر، والمعلن أحيانًا، إنّ التضحيات كلّها ينبغي أن تكون محتملة ومقبولة في حرب هي موصوفة بأنّها حرب مصيرية ووجودية، وتأتي ردًّا على عملية استثنائية غير مسبوقة بدورها في تاريخ الصراع، أمعنت في كشف المحدودية الإسرائيلية المُقنّعة بالدعاية عن الجيش الذي لا يُقهَر والمُخابرات التي لا تنام.

وللتغطية على إرادة طمس ملف الأسرى، رفعت شعارًا مُعلنًا بأنّ الأسرى سيعودون بمحض القوّة العسكرية، وبالاقتران مع القضاء على حركة حماس واستئصالها.

إعلان

هذا الهدف الإسرائيلي الذي كانت تعتقده الأقرب إلى التحقّق، أي فرض الهزيمة والاستسلام على حماس بقوّة النيران الجهنمية، كان الخطوة الأولى على طريق تحقيق الهدف الأكبر، الذي هو في بعده الأقصى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة، كما كشفت وثيقة لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية في بداية الحرب، وفي أبعاد متوسطة وقريبة، احتلال نصف القطاع، بعد تسوية شماليّه بالأرض، سواء قُصِدَ من ذلك استئناف الاستيطان من جديد، أم تثبت القوّة العسكرية والمناطق العازلة المحمية بهذه القوّة داخل القطاع، أم إعادة هندسة القطاع سياسيًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا على عين جيش الاحتلال وبإشرافه.

في هذه الحرب، وعند الإعلان عن وقف إطلاق النار الأخير، الذي يؤسّس في منطوقه ومفهومه لإبطال هذه الأهداف كلّها من أدناها إلى أقصاها، بدا أنّ الاحتلال، كما هو متوقع، تمكن من إنجاز مستويات مروّعة من القتل والدمار وفرض النزوح، ممّا يحوّل الإبادة من فعل فيزيائيّ مؤقت، إلى بنية دائمة مستمرّة فاعلة في جماهير الغزيين وعموم الفلسطينيين.

فالنتائج على المستوى البشري من حيث أعداد الشهداء والجرحى، وما يتصل بذلك من مآسٍ اجتماعية وأوضاع اقتصادية، وعلى المستوى المادي في البنية التحتية، لا يُمكِن أن تُوصف إلا بأنّها كارثية، ولا يُمكن إلا أن تُعتبر في طليعة القراءة لهذه الحرب، وهو ما يعني أنّ هذه الكلفة هي التحدّي الأثقل، على الأقلّ؛ خلال العقد القادم للفلسطينيين، وفي مقدمتهم حركة حماس، التي قادت هذه الملحمة الكفاحية، ابتداء من يوم "طوفان الأقصى" مرورًا بالصمود الملحمي طوال الحرب التي طالت إلى خمسة عشر شهرًا، وانتهاءً بالصفقة التي يُفترض بها أن تفضيَ إلى وقف الحرب.

اندفعت ‘إسرائيل’ في حرب إبادة جماعية على غزّة، أرادت منها جملة من الأهداف، أدناها وأقربها إلى ظنّها، هو فرض الانكسار والهزيمة والاستسلام على حركة حماس وعموم المقاومة الفلسطينية

بيدَ أنّ هذه الحقيقة الماثلة بسطوة في الوعي الراهن، وبقدر ما هي ثقيلة ولحوحة، لا يمكن أن تدفع عن الوعي، حين قراءة اتفاق وقف إطلاق النار – الذي أعلن عنه يوم الأربعاء 15 يناير/ كانون الثاني، ليدخل حيز التنفيذ كما يُفترض يوم الأحد 19 يناير/ كانون الثاني- أنّ إسرائيل أخفقت في تحقيق أهداف إستراتيجية في إطار الخطاب الإسرائيلي المعلن، وبما من شأنه أن تكون له تداعيات في الحالة الإسرائيلية الداخلية.

إعلان

لقد جاء الاتفاق المعلن، متفقًا في الجوهر مع صيغة الصفقة التي وافقت عليها حركة حماس في الثاني من يوليو/ تموز 2024، وهي في أصلها صيغة مُقدمة في أيار/ مايو من العام نفسه، ليكون أيّ تغيير حصل ما بين تلك الصيغة وهذا الاتفاق في التفاصيل وآليات التنفيذ، لا في المبدأ ولا في الجوهر.

وهو ما يعني أن يتحمّل نتنياهو، في السجال الإسرائيلي الداخلي، المسؤولية، عن جميع الأسرى الإسرائيليين الذين فُقِدوا أو قُتلوا منذ يوليو/ تموز 2024، وحتى يناير/ كانون الثاني 2025، علاوة على الجنود الذي قتلوا وبنحو مطّرد في الشهر الأخير من الحرب، لا سيما في شماليّ قطاع غزّة، حتى اضطرت أوساط إسرائيلية وأميركية إلى الإقرار بأنه لا يمكن القضاء على حركة حماس، بدليل الأداء القتاليّ لجناحها العسكري في المنطقة التي أراد الاحتلال تجريفها بالكامل، أي منطقة الشمال التي تضمّ جباليا وبين حانون وبيت لاهيا.

لا يمكن، حين الحديث عن هذا الاتفاق، تناول المسألة من منظور الانتصار/ الهزيمة، في صراع مفتوح متجدد تتصل حلقاته النضالية ببعضها، تمكن الاحتلال في حلقته هذه من إيقاع مقتلة عظيمة بالفلسطينيين، لكنه لم يتمكن بها من محو عار السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ولا من تحقيق جملة الأهداف المعلنة ذات الطابع الإستراتيجي، بل كان مفهوم الاتفاق المعلن، أنّ الحركة التي أراد الاحتلال القضاء عليها، تمهيدًا لتهجير الفلسطينيين، أو لإعادة احتلال قطاع غزّة، أو لهندسته من جديد، وقّع معها صفقة تنظّم خروجه من القطاع وتفضي إلى وقف إطلاق نار دائم.

وهو ما يعني أنّ الأهداف ذات الطابع المعنوي، في أبعادها الإستراتيجية، سوف تأخذ بالتآكل، ابتداء من هذا الاتفاق، لا سيما إن وصل إلى غايته النهائية، وذلك لأنّ عقيدة "تيئيس الفلسطينيين من جدوى المقاومة"، التي عبّرت عن نفسها هذه المرّة بالإبادة، تتعارض جوهريًّا مع تراجع الاحتلال عن جملة الأهداف المعلنة، وباتفاقه مع الحركة التي دخل غزّة للقضاء عليها.

وإذن وفي حال مضى هذا الاتفاق إلى الأمام، فإنّ جملة أهداف إسرائيلية سقطت بالضرورة، ابتداء من الهدف التمهيدي المتمثل في تحطيم حائط الصد الذي تجسّده حماس بما هي قائدة حالة المقاومة الراهنة في فلسطين، والمسؤولة عن عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وبما يعنيه تحطيمها من انكسار معنوي طويل الأمد تصعب القيامة منه في مدى منظور، وصولًا إلى الأهداف المتراوحة بين أنماط الاحتلال المتنوعة، وإعادة الهندسة الاستعمارية، والتهجير الكامل.

إعلان

في طيات السقوط المدوّي لهذه الأهداف، تأتي النتائج السريعة، التي هي بالضرورة لصالح الفلسطينيين وحركة حماس، من قبيل اضطرار الاحتلال للرضوخ مجدّدًا للإفراج عن المحكومين بالمؤبدات الذين أراد لهم الموت في السجن، والموصوفين إسرائيليًّا بأنّ أيديهم ملطخة بدماء الإسرائيليين، والذين أعلن باستمرار عن كونهم مستثنين دائمين من أيّ إمكان للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، علاوة على غيرهم من أصحاب الأحكام العالية، لتكون هذه المرّة الثانية التي تُكسَر فيها المعايير الإسرائيلية، في صفقة تبادل أسرى من داخل فلسطين، في تاريخ الصراع كلّه، وللمفارقة على يد بنيامين نتنياهو، وذلك بعد صفقة "جلعاد شاليط" التي قادتها حماس أيضًا.

بهذا الاعتبار، يكون قد سقط هدف القضاء على حماس، وهدف استعادة الأسرى الإسرائيليين بمحض القوّة العسكرية، أو بفرض الهزيمة والاستسلام على حماس، فإذا اكتمل هذا الهدف، باستمرار وقف إطلاق النار وثباته، ونجاح المرحلة الثانية في تثبيت ذلك وإخراج الاحتلال من قطاع غزّة واستكمال تبادل الأسرى، فإنّ الأهداف الإستراتيجية الأخرى تكون قد سقطت.

بالتأكيد ليس الحديث عن اتفاق صلب، إذ أسباب الهشاشة قائمة فيه بوضوح، وطبائع الحرب الاستثنائية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وطول حرب الإبادة مستمرة فيها بعد الاتفاق، ولا يمكن الحديث بثقة وجدّية عن ضامنين بخصوص السلوك الإسرائيلي.

بيد أنّ الاتفاق المبدئيّ الحاصل، تراجع إسرائيليّ ظاهر، من شأنه أن يؤسّس لتراجع أكبر، تكون له تداعيات إسرائيلية داخلية تحوّل الحرب إلى استقطاب إسرائيلي داخليّ، يعزّز من اتهامات الفشل، وهو فشل مؤكّد في يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وفشل محلّ استقطاب مؤكّد فيما يتعلق بشهور الحرب الطويلة، ولتعود قضية الأسرى الإسرائيليين القضية الأساس داخل إسرائيل ومحلّ الخصومة الداخلية بين التيار الصهيوني التقليدي والتيار الذي يلتفّ من حول بنيامين نتنياهو، وفي القلب منه تيار الاستيطان التوراتي، بعدما أراد هذا التيار الأخير التضحية بالأسرى لصالح "إسرائيل الكاملة" والتغطي بالحرب، لاستكمال إطباقه على مفاصل "الدولة" وأجهزتها العميقة، ليتساءل الإسرائيليون اليوم: "لماذا عاد بعض الأسرى أحياء، ورجع بعضهم في توابيت؟!".

صمود حركة حماس، لم يَحمِل ‘إسرائيل’ على التوقيع على اتفاقية كانت ترفضها فحسب، ولكنه حال دون استمرار الاندفاعة الإسرائيلية لتكريس مشروعها الصهيوني في فلسطين والمنطقة

يمكن ملاحظة التراجع الإسرائيلي في هذا الاتفاق، بتضمين المرحلة الثانية في المرحلة الأولى من البند الأوّل، وبما يضمن استمرار وقف إطلاق النار المؤقت، ما دامت المفاوضات قائمة على شروط المرحلة الثانية، إلى أن يتفق الطرفان، بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، وهو الشرط الذي رفضه بنيامين نتنياهو في يوليو/ تموز الماضي.

إعلان

يبقى – والحالة هذه – سؤالان: الأول، حول الأسباب المفضية إلى هذا الاتفاق بعد تعنّت إسرائيلي طويل مغطى بالدعاية والقوّة الأميركية، والثاني: حول المآلات البعيدة لهذه الحرب، في حال مضى الاتفاق، ولم تمزقه عوامل الهشاشة القائمة في المشهد العدواني الإسرائيلي على غزة، وهذان السؤالان مرتبطان ببعضهما كما سيتّضح.

أمّا الخضوع الإسرائيلي لاتفاق كان يرفضه نتنياهو، وبعد الأخذ بعين الاعتبار التحوّلات في البيت الأبيض مع مجيء الساكن الجديد دونالد ترامب، إذ تكاد تتطابق المصادر على أن مبعوث ترامب مارس ضغطًا جادًّا على نتنياهو، وبعد أن تصدّر ملف الأسرى الإسرائيليين أولوية النقاش السياسي الإسرائيلي حينما فرغت "إسرائيل" من حربها مع حزب الله، إذ باتت أغلبية الجمهور الإسرائيلي ترى ضرورة استرجاع الأسرى الإسرائيليين ولو كان الثمن وقف الحرب، فإنّه – أي ذلك الخضوع الإسرائيلي – مرتبط بصمود حركة حماس، وقدرتها على التجدّد والتكيف في غمرة الحرب، واستمرارها في القتال حتى النهاية، وتكبيدها الاحتلال خسائر متصاعدة في المنطقة الأكثر تضرّرًا من عنف الاحتلال، أي شماليّ قطاع غزّة.

راهنت "إسرائيل" ومعها الولايات المتحدة الأميركية على انكسار سريع لحركة حماس في ظرف من ثلاثة شهور إلى خمسة شهور؛ بفعل القوّة الإسرائيلية الاستثنائية المتَّخَذة في هذه الحرب، وهو ما يمكن أن يُفهم من تصريحات لوزير الخارجية الأميركي حينها أنتوني بلينكن في 20 ديسمبر/كانون الأول 2023، أي بعد شهرين ونصف الشهر من بداية الحرب، حينما قال: "لو سلّمت حماس أسلحتها فإن الأزمة ستنتهي فورًا".

وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لم تكن قد رأت بوادر انكسار من حماس والحرب في شهرها الثالث، ثمّ عاد الرهان الأميركي والإسرائيلي المتطلع إلى انكسار حماس بعد استشهاد قائدها يحيى السنوار وخروج حزب الله من المعركة، والبدء في خطة تدمير شماليّ القطاع وتهجير سكانه، بيد أنّ خطأ هذا الرهان مُجدّدًا وضع الحرب أمام حقيقة طولها الذي فاق توقعات الإسرائيليين والأميركان، وبما لا يحتمله الظرف الإسرائيلي المنفعل بهذه الحرب، مع تزايد خسائره الاقتصادية والبشرية والدعائية والدبلوماسية، في وضع لا تحتمله دولة صغيرة تفتقر إلى العمق الإستراتيجي، ولا يمكنها الاستمرار بلا إمداد أميركي.

التداعيات الإستراتيجية لهذه الحرب لن تتضح إلا بعد سنوات، على "إسرائيل" والفلسطينيين، وكذلك في المنطقة والعالم

إنّ صمود حركة حماس، لم يَحمِل "إسرائيل" على التوقيع على اتفاقية كانت ترفضها فحسب، ولكنه حال دون استمرار الاندفاعة الإسرائيلية لتكريس مشروعها الصهيوني في فلسطين والمنطقة عبر انتصار شامل، بحسب تعبيرات نتنياهو، لا يحتمل النقاش ولا يعتريه التباس، ليكون هذا الصمود، هو الذي أفشل سلسلة التوابع الإستراتيجية من أنماط الاحتلال المتعددة، عسكرية واستيطانية، وإعادة هندسة، إلى التهجير الواسع أو الكامل.

إعلان

فالاستسلام ولو بدا في حينه للبعض أنّ من شأنه أن يوقف المقتلة، فإنّه كان سيفتح البوابة واسعة للزمن الإسرائيلي المستطيل على فلسطين والمنطقة، وبما لا يمكن للفلسطينيين أن ينهضوا منه إلى قرن قادم، وبالضرورة أيضًا، لن يكون ساعتها ما يمنع إسرائيل من الاستمرار في المذبحة.

هذا الأمر يتصل بالتقييم الدقيق لهذه الحرب، انطلاقًا من "طوفان الأقصى" وحتى نهايتها في حال ظلّ هذا الاتفاق قائمًا، فالوعي الراهن بالضرورة متعلق بالكارثة الإنسانية الهائلة التي أوقعها الاحتلال بالفلسطينيين في غزّة، وهو ما يعني أنّ الأسئلة حول أهداف حركة حماس من عملية "طوفان الأقصى" ستبقى قائمة ومشروعة، إلا أنّ التداعيات الإستراتيجية لهذه الحرب لن تتضح إلا بعد سنوات، على إسرائيل والفلسطينيين، وكذلك في المنطقة والعالم.

وإذا كانت "إسرائيل" لم تتمكن من محو عار السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فإنّ كلمة الشبان الفلسطينيين الذين هم اليوم في طور الطفولة والمراهقة وقد عاشوا أهوال الحرب، هم من سيقولون كلمتهم بعد سنوات إن كانت "إسرائيل" قد تمكنت من تيئيس الفلسطينيين من المقاومة وجدواها، أم لا.

أمّا حركة حماس، وقد خرجت من هذه الحرب بهذا الاتفاق لو كتب له الثبات، وبالرغم من أنّها ستواجه مهمات ثقيلة وصعبة أعظمها الكارثة الإنسانية المفتوحة في قطاع غزّة، وارتباط ذلك بحضورها في قطاع غزّة لا سيما من حيث الإدارة، وما يتصل به من علاقات إقليمية ودولية، منها طبيعة التوازنات بعد هذه الحرب التي كشفت أيضًا محدودية محور المقاومة، فإنّها من جهة أخرى رسّخت نفسها في وجدان الجماهير حركة جادّة وصادقة قاتلت قتالًا ملحميًّا وباسلًا على نحو غير مسبوق في تاريخ الصراع كلّه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: أكثر من 90% من منازل غزة دُمّرت أو تضررت
  • إحصاء بالضحايا وحجم الأضرار التي خلفتها 15 شهرًا من الحرب في غزة
  • واشنطن بوست: هذا حجم الدمار الذي أحدثته إسرائيل بلبنان بعد الهدنة
  • الأونروا: لأول مرة منذ 470 يوما يسمع صوت لعب أطفال غزة بدلا من القصف والغارات
  • خبير عسكري: إسرائيل تنسحب نهائيا من محور فلادلفيا في اليوم الـ50 من الاتفاق
  • الأمم المتحدة تعيد تقييم الأوضاع في قطاع غزة
  • الأونروا: نتابع بترقب ونحبس أنفاسنا قبل وقف إطلاق النار في غزة
  • نواف سلام يدعو لتأمين عودة اللاجئين السوريين
  • لماذا وافقت إسرائيل على الصفقة الآن بعد تعنت طويل؟
  • الأونروا: التراجع في دعم الوكالة قد يؤدي إلى نهاية أعمالها بقطاع غزة