المغاربة متفائلون بموسم فلاحي واعد بعد 6 سنوات من الجفاف
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
الرباط– بعد هطول أمطار غزيرة على قرية الرتبة شمال المغرب، شرع الفلاح المغربي عبد السلام بن الخمار في حرث الأرض وتقليبها بالمحراث. ويستعمل هذا الفلاح المحراث التقليدي لتقليب أرضه ذات المساحة الصغيرة تمهيدا لزرعها بالفول ثم بالبازلاء فالشعير، وبعدها سيزرعها بالقمح، وهي محاصيل ستذهب للاستهلاك العائلي.
واستبشر عبد السلام شأنه شأن الفلاحين المغاربة خيرا بهطول الأمطار في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، مما يؤشر على موسم فلاحي واعد بعد سنوات من الجفاف وانقطاع الغيث.
وانطلق موسم الحرث في المغرب الذي يوافق 30 أكتوبر/تشرين الأول ويستمر 103 أيام، وتزامن انطلاق الموسم مع سقوط أمطار غزيرة في مختلف مناطق المغرب أنعشت آمال الفلاحين ودفعتهم لمباشرة الحرث والبذر خاصة في الأراضي البورية أي تلك التي تعتمد على الأمطار.
وأعطى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، انطلاقة الموسم الفلاحي 2024 /2025، من مدينتي الحاجب ومكناس (وسط البلاد)، معلنا عن عدد من التدابير الموجهة للفلاحين بهدف تعزيز الإنتاج الوطني لهذه السنة.
وينظر محمد العماري -عضو الغرفة الفلاحية لجهة الدار البيضاء- بإيجابية للموسم الفلاحي بعد الأمطار التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة. وقال للجزيرة نت "لم تشهد جهتنا تساقط أمطار بهذه الكمية، وفي هذا الوقت منذ حوالي 7 سنوات، لذلك نتوقع أن يكون الموسم الفلاحي أفضل من السنوات الماضية".
وأوضح العماري أن 90% من فلاحي منطقته (البروج بني مسكين) اتجهوا في سنوات انقطاع الغيث إلى الزراعات السقوية.
وأضاف "منذ 6 سنوات توقفت الزراعة البورية، كنا نحرث الأرض، ونزرع الشعير، لكن لا ينبت أي محصول"، مشيرا إلى أن العام الماضي زرع الفلاحون الأرض البورية وفق تقنية البذر المباشر، لكن لم ينبت أي محصول بسبب قلة الأمطار.
ويوضح رياض أوحتيتا -الخبير والمستشار الزراعي- أن المغرب مر خلال السنوات الست الماضية بمرحلتين من الجفاف، الأولى هي الجفاف المائي المتعلق بشح الأمطار ثم المرحلة الثانية وهي الجفاف الهيدرولوجي المرتبط بضعف المخزون المائي وخاصة في السدود.
وأفاد المتحدث للجزيرة نت بأن الأمطار التي شهدتها المملكة في الشهرين الأخيرين جنبتها الدخول في المرحلة الثالثة وهي الأخطر، وتتعلق بجفاف التربة، موضحا "عندما تجف التربة تفقد خصائصها، وتصبح غير قادرة على الإنتاج".
وقال أوحتيتا إن التساقط المبكر للأمطار في المناطق التي عرفت جفافا قاسيا مثل الشرق والجنوب الشرقي ستحد من زحف الرعاة نحو المناطق الشمالية، كما أن تزامنها في الوسط والشمال مع ما يسمى "حلان الزريعة" أي البذر أعطى بارقة أمل للفلاحين حيث إنهم في هذه الفترة يشرعون في بذر البذور.
ورغم تأكيده على أن الأمطار التي تساقطت تبشر ببداية موسم جيد، لكنه يرى أنه لا يمكن الحكم على الموسم الفلاحي حكما نهائيا إلا في مارس/آذار المقبل حيث تشكل هذه الفترة مرحلة حساسة بالنسبة للحبوب.
وأضاف أنه إذا كانت كمية التساقطات جيدة في هذه الفترة يمكن الحديث عن موسم فلاحي جيد.
يرى رياض أوحتيتا أن انخفاض إنتاج الحبوب في السنوات الماضية ليس سببه الجفاف فقط، بل أيضا تقليص المساحات الزراعية.
وسجل المغرب محصولا ضعيفا للحبوب خلال الموسم الفلاحي 2021- 2022 وصل إلى 33.4 مليون قنطار بمساحة مزروعة بلغت 3.57 ملايين هكتار.
ويستهلك المغرب أكثر من 100 مليون قنطار من الحبوب سنويا.
أما في الموسم 2022-2023، فارتفع الإنتاج ليصل إلى 55.1 مليون قنطار بمساحة مزروعة بلغت 3.67 ملايين هكتار، مما ساهم في تحسن ملحوظ للقيمة المضافة الفلاحية.
وفي الموسم الفلاحي 2023-2024، انخفض إنتاج الحبوب مرة أخرى ليبلغ 31.2 مليون قنطار، في حين بلغت المساحة المزروعة 2.47 مليون هكتار بانخفاض قدره 33% مقارنة مع الموسم السابق.
أما في الموسم الفلاحي المقبل 2024-2025، فتتوقع الحكومة أن يتضاعف محصول الحبوب، ويصل إلى 70 مليون هكتار.
تدابير للموسم الفلاحيأعلن وزير الفلاحة أحمد البواري في جلسة عمومية في مجلس النواب أن وزارته اتخذت تدابير تحفيزية لخلق الظروف الملائمة لانطلاق الموسم الفلاحي الحالي، مشيرا إلى التوجه نحو تحقيق ما بين 4.5 إلى 5 ملايين هكتار من المساحة المزروعة بالحبوب الرئيسية، بهدف زرع الأمل في قلوب الفلاحين عبر دعم قدرتهم الإنتاجية وتحفيزهم على توسيع المساحات المزروعة من الحبوب وخفض كلفة الإنتاج.
ومن أبرز هذه التدابير توفير 1.3 مليون قنطار من البذور المعتمدة للحبوب الخريفية بأسعار أقل بـ3 إلى 5% مقارنة بالموسم الفلاحي المنصرم، ثم لأول مرة دعم القطاني الغذائية والعلفية مثل الشوفان والفول والعدس والحمص والجلبانة العلفية يتراوح ما بين 20% و26% من تكلفة الإنتاج، وكذا تزويد السوق بما يناهز 650 ألف طن من الأسمدة الفوسفاتية بنفس أسعار الموسم السابق ومواصلة دعم 200 ألف طن من الأسمدة الآزوتية.
هذا إلى جانب توسيع المساحة المخصصة للزرع المباشر لتبلغ 260 ألف هكتار ضمن البرنامج الوطني للزرع المباشر في أفق تحقيق مليون هكتار قبل 2030 وتوزيع 200 بذارة على التعاونيات.
الوعي بالتقنيات البديلةبعد 6 سنوات من تدبير الجفاف التي اعتمدتها الدولة، يرى رياض أوحتيتا أن الوعي ازداد بأهمية التقنيات البديلة، ومن بينها البذر المباشر، مشيرا إلى أن البرنامج الوطني للبذر المباشر تم تنفيذه للسنة الثالثة على التوالي.
وقال إن هذا النوع من البذر يحافظ من جهة على خصوبة التربة، وعلى رطوبتها وخصائصها، ومن جهة أخرى غير مكلف ماديا، لأنه لا يستلزم الحرث المسبق للأرض وإعدادها قبل الزرع مما سيخفض التكلفة بحوالي 800 إلى ألف درهم (ما بين 80 و100 دولار) للهكتار، كما أن مردوديته أكثر.
ودعا المتحدث إلى المزيد من العمل من أجل توعية الفلاحين بهذه التقنيات خاصة أولئك الذين ما زالوا مرتبطين بالأساليب التقليدية في البذر، كما أكد أهمية توجيه الفلاحين في مختلف المناطق إلى زراعة منتجات تتناسب مع كميات الأمطار في كل جهة وبحسب خصائص التربة وحاجيات المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الموسم الفلاحی ملیون قنطار
إقرأ أيضاً:
5 ملايين شخص يعانون الجفاف فى موزمبيق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) من أن الجفاف المتفاقم الناجم عن ظاهرة النينيو فى موزمبيق أدى إلى ارتفاع غير مسبوق فى مستويات انعدام الأمن الغذائي، حيث يُتوقع أن يعانى ما يقرب من ٥ ملايين شخص من الجوع الحاد حتى مارس ٢٠٢٥، وفقًا للتصنيف المرحلى المتكامل للأمن الغذائي.
وقال أوتشا إن من بين هؤلاء، يواجه نحو ٩١٢ ألف شخص مرحلة "الطوارئ"، وهو ما يمثل زيادة حادة تعادل أربعة أضعاف العدد المُسجل فى الموسم السابق، بينما يقع حوالى أربعة ملايين شخص فى نطاق "الأزمة" الغذائية.
وأشار أوتشا إلى أن الاستجابة الإنسانية تواجه تحديات كبيرة، حيث لم يتمكن سوى ٣٩١ ألف شخص من الحصول على شكل من أشكال الدعم، خاصة فى المناطق الأكثر تضررًا مثل مانيكا وسوفالا. وأكد المكتب أن نقص التمويل يمثل عقبة رئيسية أمام الجهود المبذولة، إذ لم يتم تأمين سوى ٢٨.٧ مليون دولار، أى ما يعادل ١٣٪ فقط من المبلغ المطلوب والبالغ ٢٢٢ مليون دولار، مما يحد بشكل خطير من قدرة الشركاء الإنسانيين على تقديم المساعدات الضرورية فى الوقت المناسب وبما يتناسب مع حجم الأزمة.
وأوضح أوتشا أن تحليل الأمن الغذائى بعد الحصاد فى أكتوبر ٢٠٢٤، إلى جانب تحليل ما بعد الصدمة فى يوليو ٢٠٢٤، كشف عن وصول معدلات الجوع إلى مستويات غير مسبوقة منذ بدء عمليات التقييم فى موزمبيق عام ٢٠١٧. وأكد المكتب أن الأزمة تفاقمت بشكل كبير نتيجة للصدمات المناخية، والصراعات المستمرة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث تسببت ظاهرة النينيو فى إلحاق أضرار جسيمة بالموسم الزراعى ٢٠٢٣/٢٠٢٤، مما أدى إلى تضرر أكثر من ٦٠ مقاطعة بسبب الأعاصير والعواصف المدارية، بينما تعرضت ٣٧ مقاطعة للجفاف الشديد، مما أثر سلبًا على الإنتاج الزراعي.
وشدد أوتشا على أن الأوضاع الأمنية فى بعض المناطق ساهمت فى تعقيد الأزمة، حيث تسببت الهجمات المسلحة فى تراجع الإنتاجية الزراعية وزيادة معاناة السكان. كما لفت إلى أن أسعار الحبوب الأساسية، مثل الذرة والدخن، ارتفعت بشكل حاد فى الأسواق الجنوبية والوسطى مقارنة بعام ٢٠٢٣، متجاوزة متوسط الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية، مما زاد من صعوبة حصول الأسر على الغذاء.
وأكد أوتشا أن البيانات المتاحة تعكس وضعًا إنسانيًا مقلقًا، حيث أظهر تحليل الأمن الغذائى أن ٣٣٪ من الأسر، خاصة فى مانيكا وسوفالا وإنهامبان، لا تمتلك احتياطيات من الذرة، بينما يفتقر ٧٠٪ من السكان إلى كميات كافية من الغذاء لتغطية احتياجاتهم حتى نهاية موسم العجاف.
وأضاف أن ٤٣٪ من السكان يعانون من استهلاك غذائى غير كافٍ، حيث يصنف ٩٪ ضمن الفئة "الرديئة"، بينما يعيش ٣٤٪ على الحد الأدنى من الغذاء.
وأشار المكتب إلى أن الأسر المتضررة تلجأ بشكل متزايد إلى استراتيجيات تكيّفية قاسية، مثل اقتراض الطعام، أو تقليل عدد الوجبات، أو حتى تخطى البالغين وجباتهم لإطعام الأطفال. كما أفاد بأن ٢٩٪ من الأسر تعتمد على استراتيجيات مواجهة سلبية متكررة تؤثر على سبل عيشها، مثل بيع الممتلكات أو تقليل الإنفاق الضروري، مما يجعلها أكثر هشاشة أمام أى أزمات مستقبلية.
ولفت أوتشا إلى أن مقاطعات تيتى (٢٣٪)، ومانيكا (١٧٪)، وكابو ديلجادو، وصوفالا (١٥٪ لكل منهما) من بين المناطق الأكثر تضررًا، حيث تعتمد نسبة كبيرة من الأسر فيها على استراتيجيات مواجهة متطرفة. كما حذر من أن الوضع فى تيتى وكابو ديلجادو يثير قلقًا خاصًا، حيث أفادت ٢٦٪ من الأسر باستخدام استراتيجيات مواجهة الأزمات والطوارئ، مما يعكس الحاجة الملحة إلى تدخلات إنسانية عاجلة وشاملة لتخفيف تداعيات الأزمة.