الزراعة العضوية في الإمارات.. تجارب مبتكرة تعزز استدامة البيئة والأمن الغذائي
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
أبوظبي/ وام
تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بالمشروعات الصديقة للبيئة التي تنسجم مع مفاهيم الاستدامة، ومنها الزراعة العضوية التي تعد نظاماً متكاملاً لاستدامة الإنتاج الزراعي والموارد البيئية والمحافظة على صحة الإنسان، ولذلك توفر الدولة جميع السبل التي من شأنها المساهمة في تطوير الإنتاج العضوي المحلي انطلاقاً من الدور الريادي الذي يلعبه في تحقيق تنوع واستدامة الغذاء.
وتعد الزراعة العضوية نظاماً زراعياً يشجع على إنتاج الغذاء ضمن إطار بيئي، واجتماعي، واقتصادي، متجنباً استخدام المدخلات الكيميائية المصنعة ومعتمداً على استخدام الدورة الزراعية والسماد العضوي لتحسين خواص التربة، وباستخدام المكافحة البيولوجية والفيزيائية والميكانيكية للحد من أضرار الآفات الزراعية، وكل ذلك يتم من خلال تطبيق سلسلة من الأنظمة والمقاييس الدولية لضمان سلامة المنتج العضوي.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الزراعة العضوية من حيث نقص الموارد المائية، وارتفاع تكلفة الإنتاج، إلا أن دولة الإمارات تعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتوفير الدعم للمزارعين، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، للمساهمة في تحقيق أهداف الزراعة العضوية وتعزيز استدامتها في المستقبل.
كما أطلقت الجهات المعنية في الدولة العديد من المبادرات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تعزيز هذا النوع من الزراعة، ونتيجة لهذه الجهود، شهدت الزراعة العضوية في الإمارات على مدى السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً، إضافة إلى زيادة الوعي بين المزارعين والمستهلكين بالفوائد المتنوعة للمنتجات العضوية، مما أدى إلى زيادتها في الأسواق المحلية.
وينسجم التوسع في مشاريع الزراعة العضوية مع مستهدفات البرنامج الوطني «ازرع الإمارات»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، حيث يضم البرنامج مبادرات عدة تدعم توجهات دولة الإمارات للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام، إضافة إلى تطوير وتنفيذ مبادرات لتشجيع الزراعة العضوية ودعم المزارع العضوية في الدولة وتنميتها ورفع إنتاجيتها.
ويستهدف البرنامج الوطني «ازرع الإمارات» تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المنتج المحلّي ذي القيمة الغذائية العالية، كما يدعم البرنامج «عام الاستدامة 2024»، ويُعزز منظومة الاستدامة البيئية عبر المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية كمنتجات طازجة.
تقنيات حديثة
وتبذل وزارة التغير المناخي والبيئة جهوداً حثيثة منذ سنوات عدة لنشر مفهوم الزراعة العضوية وشجعت على تطويرها كمفهوم زراعي جديد في الدولة، وطورت منظومة متكاملة من الإجراءات الخاصة بالزراعة العضوية متوائمة مع الممارسات العالمية، وركزت هذه المنظومة على محاور عدة كالتشريعات، والرقابة والتفتيش، والإرشاد وبناء القدرات، والتسويق والأبحاث.
وفي الجانب التشريعي، طورت الوزارة منظومة تشريعية متوافقة مع المعايير والممارسات الدولية، تعنى بالإنتاج العضوي بكافة مراحله، سواء كان مستورداً أو محلياً، وعلى رأس هذه المنظومة التشريعية، القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009 ولائحته التنفيذية بشأن المدخلات والمنتجات العضوية والذي نظم كافة الممارسات الخاصة بالمنتجات العضوية، بما في ذلك الحصول على شعار الإنتاج العضوي وآلية عرض المنتجات في الأسواق.
ووضع القانون ولائحته التنفيذية المعايير والشروط الخاصة بالمدخلات والمنتجات العضوية وكل ما يتعلق بالإنتاج العضوي من حيث الإنتاج والتصنيع والتجهيز والتداول والاستيراد والتصدير للمدخلات والمنتجات العضوية، إضافة إلى إجراءات التصديق العضوي والرقابة والعقوبات على المنتجات المخالفة.
علامة «عضوي»
وفيما يتعلق بالجانب التسويقي وحماية للمنتج والمستهلك، عملت وزارة التغير المناخي والبيئة على إصدار القرار الوزاري رقم (103) لسنة 2012 في شأن اعتماد العلامة التجارية «عضوي» والتي أسهمت في تعزيز الثقة بالمنتجات العضوية وتمكين المستهلكين من تمييزها بسهولة ويسر.
ويسهل تمييز المنتجات العضوية في الأسواق المحلية من خلال العلامة التجارية (عضوي) المرفقة بعبوات التسويق، ويتم منح شهادة المنتج العضوي والعلامة التجارية «عضوي، Organic» من قبل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة من خلال تطبيق التشريعات المعمول بها في دولة الإمارات.
ويتم وضع العلامة التجارية «عضوي» فقط على المنتجات العضوية المستوفية لشروط الإنتاج العضوي المعمول بها في الدولة طبقاً للقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009م ولائحته التنفيذية في شأن المدخلات والمنتجات العضوية.
وتهدف العلامة التجارية العضوية إلى خدمة شريحة كبيرة من المزارعين في الدولة ممن يتبعون نمط الإنتاج العضوي وتساهم في مساعدة المستهلكين على تمييز المنتجات العضوية المحلية وتعزيز ثقتهم في هذه المنتجات ذات الجودة العالية وبهدف منع الغش وتضليل المستهلكين.
وفي جانب تعزيز ريادة تجارة المنتجات العضوية، فقد أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة القرار الوزاري رقم (768) لسنة 2014 بشأن تنظيم استيراد وتداول مدخلات ومنتجات الأغذية العضوية بما يخدم نمو السوق العضوي وتنظيمه وإدارته بكفاءة.
وتحرص الوزارة على تقديم الدعم الإرشادي للمزارعين، وتوفير الأسمدة والمبيدات العضوية المدعومة لهم، لتشجيعهم على التحول إلى الزراعة العضوية، وتتويجاً لهذه الجهود المبذولة فقد ارتفع إجمالي المزارع العضوية في دولة الإمارات إلى (78) مزرعة خلال عام 2023.
أفضل الممارسات
وتقدم المزارع العضوية في دولة الإمارات مجموعة متنوعة من المنتجات التي تزرع بطرق مستدامة للمحافظة على الموارد الطبيعية من التربة والمياه، كما تستخدم هذه المزارع أفضل الطرق الصديقة للبيئة في عمليات الحصاد والتعبئة، بهدف المساهمة في إنتاج نظام غذائي آمن ومستدام يعزز صحة الناس وينعكس إيجابياً على البيئة ويحقق أعلى مستويات الجودة في مجال المنتجات العضوية.
كما تقدم عدد من المزارع العضوية أنشطة ترفيهية وتثقيفية توفر تجربة تفاعلية ممتعة للعائلات بهدف التنزه والترفيه والتعلم والقيام بأنشطة التجارب الميدانية.
قيمة غذائية عالية
وأطلقت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في العام 2017 برنامج التحول إلى الزراعة العضوية محلياً، من خلال تأهيل 100 مزرعة على مدار 4 سنوات، وبداية من عام 2018 تم تأهيل أول 25 مزرعة، متخصصة في مجال الخضراوات وأشجار النخيل وأشجار الفاكهة.
وتهدف الهيئة من خلال هذه الخطوة إلى دعم مفاهيم الزراعة المستدامة والترويج لمزايا الزراعة العضوية وتشجيع المزارعين على استخدام المبيدات العضوية من خلال المستخلصات النباتية واعتماد أنظمة المكافحة الحيوية للآفات والحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة سواء كانت أسمدة أو مبيدات.
يذكر أن المنتجات العضوية لها قيمة غذائية عالية، حيث تحتوي على كميات أكبر من الفيتامين والعناصر الغذائية، وتكون خالية من المتبقيات والمبيدات والمعادن الثقيلة الضارة، كما تمتاز هذه المنتجات بزيادة عمر الثمرة بعد الحصاد، والطعم المتميز، وأنها آمنة ويسهل تتبعها من مصدرها وحتى وصولها إلى المستهلك.
وتكمن أهمية الزراعة العضوية في الاعتماد على الموارد المتوفرة في المزرعة وتدويرها وتقليل المدخلات الزراعية، وتحسين خصوبة التربة والمحافظة عليها وزيادة التنوع الحيوي، والتقليل من تلوث الموارد المائية، إضافة إلى مكافحة الآفات والأمراض بالطرق الطبيعية ودون الإضرار بالبيئة، وإنتاج غذاء عالي الجودة بطرق آمنة وخالية من «المتبقيات الكيميائية».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات العلامة التجاریة المنتجات العضویة الزراعة العضویة دولة الإمارات العضویة فی إضافة إلى فی الدولة من خلال
إقرأ أيضاً:
برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة للإمارات يصل إلى محطته الـ20
رشا طبيلة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةوصل عدد اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعتها الإمارات لغاية اليوم، 20 اتفاقية شراكة، بعد أن تم الإعلان أمس الأول عن توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وأفريقيا الوسطى، والتي تهدف إلى تعزيز التجارة البينية وفرص الاستثمار، خاصة في القطاعات الرئيسة.
ودخلت 6 من تلك الاتفاقيات حيز التنفيذ، أما بقية الـ14 دولة، فهي حالياً قيد الإجراءات تمهيداً لدخولها حيز التنفيذ وهي كوستاريكا وكولومبيا وكوريا الجنوبية وموريشيوس وتشيلي وصربيا والأردن وفيتنام وأستراليا ونيوزيلندا وماليزيا وكينيا وأوكرانيا، وأفريقيا الوسطى.
وخلال أسبوع أبوظبي للاستدامة في يناير الماضي في أبوظبي، تم الإعلان عن توقيع 3 اتفاقيات جديدة مع كل من نيوزيلندا وماليزيا وكينيا. وأبرم البرنامج، الذي جرى إطلاقه خلال شهر سبتمبر 2021، حتى الآن اتفاقيات مع دول في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وأميركا الجنوبية وأوروبا الشرقية، ما أسهم في تحسين العلاقات التجارية والوصول إلى أسواق تضم نحو ربع سكان العالم.
ويُعد برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة ركيزة أساسية لتحقيق هدف دولة الإمارات المتمثل في رفع إجمالي التجارة غير النفطية إلى 1.1 تريليون دولار بحلول العام 2031، حيث أدى البرنامج دوراً مهماً في تحسين الوصول إلى الأسواق سريعة النمو، وأسهم بصورة كبيرة في زيادة حجم إجمالي التبادل التجاري للدولة، الذي وصل في العام 2024 إلى أعلى مستوياته عند 816 مليار دولار، بزيادة تبلغ 14.6% عن عام 2023.
وتسعى الإمارات إلى تعزيز موقعها كمركز تجاري عالمي لتأتي اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، لتؤكد إيمان الدولة بمفهوم الانفتاح التجاري المبني على القواعد العادلة.
وقامت الدولة بتعزيز مكانتها التجارية من خلال هذا المشروع الحيوي، الذي يربط دولة الإمارات مع شركائها التجاريين من خلال منظومة الاتفاقيات التي تنظم العمل التجاري بين الإمارات وشركائها بشكل أفضل، ما يزيد من الصادرات الإماراتية، ويعزّز من استثمارات الدولة وحماية تلك الاستثمارات، إلى جانب دعم قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الانخراط بأسواق جديدة ومتنوعة.
وتم تحديد 5 مزايا رئيسة لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي أصبحت محطة مهمة ضمن استراتيجية التجارة الخارجية التي تنفذها الدولة، وتسعى من خلالها إلى بناء علاقات تجارية أقوى وأكثر تكاملاً مع الأسواق الأكثر ديناميكية حول العالم، وتتمثل هذه المزايا في تخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية، وتسهيل النفاذ للأسواق لمزودي الخدمات، وتوفير قواعد واضحة ومرنة وشفافة والوصول إلى الأسواق العالمية، إضافة إلى تسهيل الإجراءات الجمركية، وتعزيز المنافسة وفق مبدأ التجارة العادلة.
وتُعد اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة جسراً للشراكات المستدامة، حيث تتميز دولة الإمارات ببيئة أعمال جاذبة تجعلها الوجهة الأولى للاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم العربي، وأحد أبرز المراكز العالمية في هذا المجال بفضل مركزها المالي والتجاري والاقتصادي المتطور، وتسعى الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة لتصبح عاصمة عالمية للاستثمار والابتكار الاقتصادي.