الأكثر رعبا في العالم .. تعرف على بي-52 التي أرسلتها أميركا للشرق الأوسط
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
سرايا - في خضم تنامي التهديدات وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، أرسل الجيش الأميركي تعزيزات عسكرية جديدة إلى المنطقة، وقال الجيش الأميركي السبت إن قاذفات أميركية من طراز بي-52 وصلت إلى الشرق الأوسط، وذلك غداة إعلان واشنطن عن نشرها في تحذير لإيران.
وأعلنت القيادة العسكرية للشرق الأوسط والدول المحيطة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "وصلت قاذفات استراتيجية من طراز بي-52 ستراتوفورتريس من جناح القنابل الخامس بقاعدة مينوت الجوية، إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية".
فماذا نعرف عن هذه القاذفات التي سجلت اسمها في كتب التاريخ، عندما أصبحت عنصرا أساسيا بقوة سلاح الجو الأميركي خلال حرب فيتنام، حيث قامت بمئات الطلعات الاستراتيجية وأسقطت أكثر من 15 طنا من القنابل؟.
تعد قاذفة بي-52 من العناصر الأساسية في الحروب الأميركية، وتمكنت من تثبيت مكانتها عبر الحرب الباردة وحرب العراق، ومن المقرر أن تستمر في الخدمة حتى منتصف القرن الحادي والعشرين.
وحسب ما قرأته العربية نت عن القاذفة الأميركية من طراز بي-52، فترجع جذورها إلى الأربعينات من القرن الماضي، عندما بدأت الولايات المتحدة بالتفكير بقاذفة استراتيجية ثقيلة بعد الحرب العالمية الثانية، وسرعان ما قدمت شركة بوينغ، إلى جانب العديد من الشركات المنافسة، عروضا لسلاح الجو لتصميم الطائرة، ونجحت الشركة العملاقة بالحصول على عقد التصميم.
وعقب مفاوضات ونماذج مرفوضة عديدة، نجحت بوينغ بتصميم طائرة أخف وأسرع من التصميم الأولي، وبعد 6 سنوات، في عام 1952، بدأت النماذج الأولية في دخول مرحلة الإنتاج.
مرعبة
وبمقدور قاذفة بي-52 الطيران بحمولة تصل إلى 31500 كيلوغرام، وتمتلك مدى تشغيلي مذهل يزيد عن 14 ألف كيلومتر، بدون إعادة التزود بالوقود الجوي، وتمثل قاذفة بي-52 "رعبا" حقيقيا لأعداء الولايات المتحدة، فهي مسلحة بشكل مذهل، ولديها قدرة على حمل الأسلحة النووية على رأس اثني عشر صاروخ كروز متقدم من نوع AGM-129، وعشرين صاروخ كروز من نوع AGM-86A.
إلى ذلك تدعم القاذفة الضخمة قائمة شاملة من الأسلحة لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام التقليدية: من بينها صواريخ AGM-84 Harpoon، وذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM)، وصواريخ AGM-142 Raptor و AGM-86C الجوية التقليدية، وصواريخ كروز (CALCM)، وهناك خطط لتحديث قاذفات بي-52 بصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، في رد من الجيش الأميركي على الخطوات الروسية الأخيرة في اختبار إطلاق صواريخ كروز التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
كما من المقرر أن يتلقى أسطول القوات الجوية المكون من 76 قاذفة بي-52 مجموعة كبيرة من إلكترونيات الطيران وتحديثات الاستهداف لإبقائها محدثة، عن طريق دمج هيكل الطائرة المرن بشكل ملحوظ، مع نهج التصميم المعياري الجديد، ستكون القاذفة "الشاملة" من بين الطائرات الأميركية الأطول خدمة عبر التاريخ، عندما يتم الاستغناء عنها في نهاية المطاف في خمسينيات القرن الحالي.
يذكر أن القاذفات "بي 52" نفذت ما يعرف بـ "القصف البساطي" خلال حرب فييتنام وحرب الكويت عام1991، وكانت تطير أحيانا من الولايات المتحدة وتقصف أهدافاً في العراق ثم تهبط في قاعدة دييغو غارسيا الأميركية في المحيط الهندي.
كما استخدمت بكثافة أثناء الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001.
ولجأت إليها القوات الأميركية في قتالها ضد تنظيم داعش في سوريا في السنوات الأخيرة، وقد أضحت القاذفة قادرة على إطلاق صواريخ وقنابل موجهة بالليزر، كما أنها قادرة على حمل صواريخ تحمل رؤوساً نووية وصواريخ باليستية لقصف أهداف من مسافة مئات الكيلومترات.
وتوجد في المقصورة نوافذ إضافية تُغلق لحماية طاقم الطائرة من الضوء الناجم عن الانفجار النووي مما يؤكد أنها مجهزة لإلقاء قنابل نووية.
ورغم مظهرها الضخم، لا يجد المرء على متنها مساحة تكفي للحركة بسلاسة. وباستثناء مقصورة القيادة، فهي من الداخل أشبه بالغواصة أكثر منها بالطائرة مع تلك الأضواء الحمراء والشاشات التي تعد مصدر الإضاءة الوحيد على متنها.
ويجلس الضباط الفنيون المسؤولون عن تشغيل أجهرة الحرب الإلكترونية على مقعدين خلف مقصورة القيادة مباشرة.
وأسفل السلم الضيق، يجلس ضابط الملاحة والأسلحة، محشوراً في مساحة ضيقة لا تتجاوز مساحة خزانة ملابس صغيرة وحوله شاشات ومفاتيح تحكم بما في ذلك تلك التي تستخدم في إطلاق الصواريخ والقذائف.إقرأ أيضاً : قاس ومعقد .. دبلوماسيون يكشفون ملامح رد إيران على "إسرائيل"إقرأ أيضاً : هذا ما تعهدت به هاريس إذا فازت بالانتخاباتإقرأ أيضاً : ترامب يهدد: لن أقبل الهزيمة إذا حدثت
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الطيران القوات الطيران الكويت العراق القوات سوريا العالم الكويت ترامب إيران المنطقة العراق سوريا الطيران القوات
إقرأ أيضاً:
يضع وشم كافر ولا يغسل يديه.. تعرف على وزير الدفاع الأميركي
في يناير/كانون الثاني الماضي 2025 وفي جلسة استماع له في مجلس الشيوخ الأميركي، قال بيت هيغسيث مدافعا عن اختيار دونالد ترامب له: "صحيح أنني لا أملك سيرة ذاتية مشابهة لسير وزراء الدفاع خلال العقود الثلاثة الماضية، لقد وضعنا مرارا وتكرارا أشخاصا على رأس البنتاغون بالمؤهلات الصحيحة المفترضة.. إلى أين أوصلنا هذا؟".
ورغم هذه الروح الساخرة التي أبداها للسائلين له، بل والسخرية من المسار التقليدي لتعيين وزراء الدفاع في تاريخ الولايات المتحدة، واعتراض أعضاء مجلس الشيوخ، فقد ثُبّت تعيين وزير الدفاع بيت هيغسيث أخيرا وسط جدل كبير حول مؤهلاته وتاريخه المثير.
وتحوّل الرجل من جندي في الجيش الأميركي في حروب العراق وأفغانستان إلى معلق سياسي بارز في قناة "فوكس نيوز" ومن ثم المذيع المفضل لترامب كما كان يوصف، ثم أخيرا إلى منصب وزير الدفاع الأميركي.
واللافت أن هيغسيث لم يكن مجرد صوت عابر في الساحة السياسية الأميركية أو مذيع موتور، إذ اتَّسمت تصريحاته بالجرأة والتطرف، الأمر الذي جعله رمزا لتيارٍ محافظ متشدِّد يرى العالم من خلال عدسة صراع حضاري لا هوادة فيه.
فمَن بيت هيغسيث؟ وما أبرز مواقفه وتصريحاته الغريبة تجاه الإسلام والقضية الفلسطينية؟
وُلد بيت هيغسيث في عام 1980 في ولاية مينيسوتا الأميركية، ووفقا لتقرير نشرته الجزيرة نت فإنه تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة "فورست ليك" في الولاية ذاتها، قبل أن يلتحق بجامعة برينستون حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 2003، ثم واصل بعدها دراسته العليا في كلية "جون إف. كينيدي" التابعة لجامعة هارفارد، ونال منها درجة الماجستير في السياسات العامة عام 2013.
إعلانبدأت أفكاره السياسية بالبزوغ خلال فترة رئاسة جورج دبليو بوش، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. في تلك الفترة، كان طالبًا جامعيًا، وقد عبّر عن تأييده للتدخل العسكري عبر مقال نشره في صحيفة الجامعة، دافع فيه عن خيار استخدام القوة.
ومن ثم كان هيغسيث من أبرز المؤيدين لغزو العراق عام 2003، ليس فقط من منطلق نظري، بل من خلال مشاركته الفعلية كجندي في صفوف الجيش الأميركي خلال تلك الحرب، إلا أن موقفه من هذا الملف تغيّر جذريًا بمرور الوقت، ليصرّح لاحقا بعد قرابة عقدين بأن الولايات المتحدة "ما كان ينبغي لها أبدًا أن تغزو العراق".
وفي أثناء خدمته في حروب العراق وأفغانستان حصل على ميداليتين برونزيتين لشجاعته، وعقب تركه الخدمة العسكرية اتجه إلى العمل السياسي والإعلامي، ليصبح وجها مألوفا في قناة "فوكس نيوز" منذ عام 2014.
كما ألف كتابًا بعنوان "في الميدان" (In the Arena) في 2016، وفيه عبّر عن آرائه حول القيادة الأميركية والصراعات العالمية.
وبحسب ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، فإن ترشيحه لمنصب وزير الدفاع جاء كجزء من رؤية ترامب لتعيين شخصيات متشددة في إدارته الجديدة، مما يعكس ثقة الرئيس الأميركي في مواقف هيغسيث الجريئة، بل وصفت الصحيفة هذا التعيين بمثابة استعراض للقوة.
ومن بين هذه المواقف الجريئة التي أعلنها هيغسيث صراحة انتقاده لمفهوم "التنوع هو قوتنا" في الجيش الأميركي، ففي فبراير/شباط 2025، وصف هيغسيث عبارة "التنوع هو قوتنا" بأنها "أغبى عبارة في تاريخ الجيش"، معبرا عن رفضه لسياسات التنوع والشمولية والمساواة في القوات المسلحة.
وقد تساءل ذات مرة عن سبب اختيار الجنرال تشارلز كوينتون براون جونيور المعروف بـ"سي كيو براون"، كأول أميركي من أصل أفريقي يقود هيئة الأركان المشتركة في الفترة ما بين 2023 و2025، وقد أُقيل براون من منصبه مع مجيء هيغسيث، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول مواقفه من التنوع في الجيش.
لكن ما يلفت النظر في هيغسيث ليس فقط خلفيته العسكرية اليمينية أو دوره الإعلامي، بل لغته الحادة التي لا تعرف المهادنة، وخاصة ما يتعلق بتصريحاته حول الإسلام والمسلمين في قضايا مختلفة.
إعلانلم يُخفِ بيت هيغسيث يوما رؤيته المتشددة تجاه الإسلام، وهي رؤية يراها البعض امتدادًا لفكر "الحروب الصليبية" الحديثة، فيقول في كتابه "في الميدان": "الإسلام، وخاصة الإسلاموية، قائم على تقاليد دينية مُغلقة ومُتصلبة".
تبدو هذه النظرة المتشددة تجاه الإسلام بصورة جلية حين نفتش في كتابه السابق عن المؤثرات الفكرية التي اعتنقها وزير الدفاع الأميركي في هذه الرؤية التي تصف الإسلام والإسلاموية على حد وصفه بالانغلاق والتصلب، فسنجد مع النظرة الصليبية التاريخية التقليدية، تأثرا واضحا بأفكار فرانسيس فوكوياما حول نهاية التاريخ، وضرورة صدام الحضارات وخاصة الإسلام الذي يعد مهددا لعصر ما بعد الحداثة.
تظهر أفكار هيغسيث جلية في أثناء انتقاده تقليل عدد القوات الأميركية في العراق بعد 2011، ففي كتابه السابق يرى -وهو الشاهد في الوقت عينه- أن زيادة القوات عام 2007 في العراق وتغيير الإستراتيجية الأميركية كان التطبيق الفعال للقوة الأميركية اللازمة لتحقيق نتيجة جيدة.
يقول: "تُثبت دروس هذا الجهد -بالإضافة إلى فائدة الإدراك المتأخر- أن أميركا المنخرطة والعدائية والقوية أكثر فعالية من أميركا الخجولة والمعتذرة التي تقود من الخلف".
ويبدي هيغسيث موقفا متعصبا من الحركات الإسلامية كافة، ويحذر من خطرها وضرورة الوقوف أمامها، ففي كتابه "في الميدان" نراه يقول: "الإسلاموية الزاحفة -وهي حركة مكرّسة لفرض هيمنة الإسلام ونشره بوسائل سلمية وعنيفة على حد سواء- تتقدم، في حين تتراجع المساواة الأميركية. متى وأين ستتوقف؟ لن تتوقف إلا إذا نهض المواطنون الصالحون وواجهوها".
وهو يدرك أن كثيرا من أطروحاته وتصريحاته تتسم بالعدائية الشديدة والتطرف ويعترف بهذا حين يصفُ النقاد موقفه هذا بالتعصب، ولكن من وصفهم بالمواطنين الصالحين ممن يخوضون غمار الواقع يدركون أن الأمر لا علاقة له بالتعصب، "بل بكل ما يتعلق بالحفاظ على مبادئ جمهوريتنا الهشة وشريان حياتها. المسألة تتعلق بأميركا فقط".
ومع هذه المواقف وفي عام 2020 أصدر بيت هيغسيث كتابه الآخر، والأكثر إثارة للجدل بعنوان "الحملة الصليبية الأميركية" (American Crusade)، وفيه نرى بوضوح لا ريبة فيه أن هيغسيث يصارع بلا هوادة كل من يخالف أفكاره السياسية والدينية التي تنحو منحى التطرف اليميني الجلي، ويرى أن معظم هذه التيارات الفكرية يسارية كانت أم إسلامية أشد خطرا على واقع ومستقبل الولايات المتحدة.
إعلانولهذا السبب يرى أن امتلاك الولايات المتحدة لأقوى اقتصاد وأقوى جيش في العالم لا يُعفي مؤسساتها الثقافية والتعليمية التي يصفها بـ "روح أميركا" من خضوعها "للفساد اليساري"، وأنه لا تكفي القوة العسكرية والثروة العالمية وحدهما للحفاظ على مبادئ أميركا التأسيسية، ومن ثم فإن الحل من وجهة نظره يكمن في "الهزيمة الحاسمة لليسار، لا يمكن، ولن تتمكن أميركا من البقاء على قيد الحياة بطريقة أخرى".
بل يذهب هيغسيث إلى أبعد من ذلك في كتابه هذا، ويعلن أن الحل الشامل للفترة الحالية من التاريخ الأميركي "تستدعي حملة أميركية صليبية. نعم، حرب مقدسة من أجل قضية الحرية الإنسانية العادلة".
وفي الكتاب ذاته يكشف وزير الدفاع الأميركي هيغسيث عن موقفه تجاه الإسلام صراحة، ونراه لا يختلف كثيرا عن كتابه السابق "في الميدان" فهو يرى أن "الإسلاموية المستمدة مباشرة من الإسلام والقرآن، هي النظرة العالمية الأكثر تماسكا وانتشارا، بل والأكثر عدوانية على كوكب الأرض اليوم".
ومن هذا المنطق فهو يرى أن ما وصفهم بالمسلمين المعتدلين "لا يحاربون الإسلاميين فحسب، بل يحاربون أيضًا الجزء الأعظم من العقيدة والتاريخ والتقاليد الإسلامية، وإن جوهر الإسلام الحقيقي أقرب إلى الإسلاميين منه إلى المعتدلين".
وكما دعا إلى إعمال الروح الصليبية الكامنة في المجتمع الأميركي للتخلص من لوثة اليسار المستولي على روح أميركا في مؤسساتها الثقافية والتعليمية والسياسية، فإن الأمر عينه يجب أن يحصل مع من وصفهم بالإسلاميين.
يقول في موضع آخر: "كما تصدى الصليبيون المسيحيون الأوائل جحافل المسلمين في القرن الثاني عشر، سيحتاج الصليبيون الأميركيون اليوم إلى استجماع الشجاعة نفسها ضد الإسلاميين… فإلى جانب الشيوعيين الصينيين وطموحاتهم العالمية، تُعدّ الإسلاموية الخطر الذي يتهدد الحرية في العالم".
إعلانولهذا السبب يرى هيغسيث أن المعركة صفرية "لا يمكن التفاوض معها (أي الإسلاموية) أو التعايش معها أو فهمها، بل يجب تهميشها وسحقها".
أما الأمر الذي أثار الجدل في أواخر مارس/آذار الماضي وسط هذه الغابة من التصريحات والأفكار، حين ظهر وزير الدفاع الأميركي في أثناء زيارته إلى قاعدة بيرل هاربر-هيكام الجوية والبحرية، وفيها شارك مع الجنود في تدريبات اللياقة البدنية، وقد أظهرت إحدى الصور وَشما على ذراع هيغسيث يحمل كلمة "كافر" مكتوبة باللغة العربية خلال مشاركته في التدريبات مع الجنود.
كما ظهرت أسفل كلمة "كافر" عبارة "Deus Vult" باللاتينية التي تعني "إرادة الإله"، وهي الكلمة التي كانت شعارا لعامة الناس من الأوروبيين المتحمسين حين أعلن البابا أوربان الثاني عام 1095 انطلاقة الحملات الصليبية على العالم الإسلامي في مجمع كليرمونت بوسط فرنسا، وهو الأمر الذي يؤكد أن هيغسيث متشبع بعصر الحروب الصليبية على الشرق الإسلامي بحمولاته الثقافية والعقدية إلى حد الثُّمالة.
وإذا كانت مواقف هيغسيث من الإسلام والإسلاميين والتاريخ الإسلامي متشددة إلى هذه الدرجة، فإن نظرته إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا تقل حدة، إذ يعتبر هيغسيث إسرائيل "حليفا إستراتيجيا لا غنى عنه" للولايات المتحدة، ويدعم بقوة سياساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد زار إسرائيل عدة مرات حيث رصدت الصحافة الإسرائيلية أهم تصريحاته، ففي الزيارة الأولى التي قام بها في يونيو/حزيران 2016 والتقى أثناءها بعدد من كبار الشخصيات الإسرائيلية في فندق الملك داود في القدس ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن معلق قناة فوكس نيوز الأميركي وقتئذ هيغسيث انتقد حينها السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بزعامة باراك أوباما، ودعا إلى ضرورة الاقتداء بإسرائيل قائلا: "أميركا قادرة على التعلم من إسرائيل" وهو العنوان الذي وضعته الصحيفة في صدارة تقريرها.
إعلانوقصد هيغسيث من وراء تصريحه ذلك بحسب جيروزاليم بوست إلى أن تدرك الولايات المتحدة الأميركية القيم التي تتمتع بها إسرائيل، مثل إدراك الحاجة إلى "الدفاع الجماعي"، أو ثقافة امتلاك الجميع للسلاح، وامتلاك ثقافة واقتصاد قويين، "هي شيء يمكن للولايات المتحدة أن تتعلم منه" بحسب وصفه.
هذا الإلهام الإسرائيلي الذي اقتنع به هيغسيث جعله في زيارته الثانية لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وأثناء الفترة الرئاسية الأولى لزعيمه المفضل دونالد ترامب لأميركا يعلن صراحة أنه "لا يوجد سبب يمنع إعادة بناء الهيكل"، وأن لشعب إسرائيل الحق الكامل في "أرض إسرائيل والحرم القدسي".
أبدى هيغسيث في هذه الزيارة تبنيًا للرواية الصهيونية بحذافيرها، فقد وصف الأراضي الفلسطينية المحتلة بيهودا والسامرة، ورأى أن المعجزات التي تحققت في تاريخ إسرائيل الحديث في إبان النشأة والظهور والانتصارات العسكرية التي حققتها واردة التكرار.
يقول: "كان عام 1917 معجزة، وعام 1948 معجزة، وعام 1967 معجزة، وفي عام 2017، كان إعلان القدس عاصمة لإسرائيل معجزة، ولا يوجد سبب يمنع معجزة إعادة بناء الهيكل في الحرم القدسي الشريف. لا أعرف كيف سيحدث، وأنتم لا تعرفون كيف سيحدث، لكنني أعلم أنه ممكن، هذا كل ما أعرفه".
وختم هيغسيث حديثه قائلا: "إحدى خطوات هذه العملية هي الاعتراف بأهمية الحقائق والأنشطة على الأرض. لهذا السبب، فإن زيارة يهودا والسامرة، مع إدراك أن السيادة على الأراضي الإسرائيلية ومدنها ومواقعها، هي خطوة حاسمة لكي نثبت للعالم أن هذه الأرض هي أرض اليهود، وأرض إسرائيل".
وخلال جلسة استماع تأكيد ترشيحه لمنصب وزير الدفاع في 14 يناير/كانون الثاني 2025، أعرب هيغسيث عن دعمه القوي لإسرائيل في حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، قائلا: "أدعم إسرائيل في تدمير وقتل كل عضو من حماس".
إعلانوعندما سُئل عما إذا كان يعتبر نفسه "صهيونيًا مسيحيا"، أجاب هيغسيث: "أنا مسيحي وأدعم بقوة دولة إسرائيل ودفاعها الوجودي، والطريقة التي تقف بها أميركا بجانبها كحليف عظيم".
وفي مقابلة لاحقة مع قناة فوكس نيوز بتاريخ السادس من فبراير/شباط 2025، ناقش هيغسيث اقتراح الرئيس ترامب بإمكانية تدخل الولايات المتحدة في غزة لإعادة إعمارها، مشيرًا إلى أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
ورغم قصر عُمر هيغسيث في وزارة الدفاع الأميركية، ورؤيته اليمينية المتشددة في كتبه ومقابلاته كما مرّ بنا، فإن سلسلة من التصريحات والأفكار الصادمة واللافتة لا يكفيها حجم هذا التقرير، فهو يؤمن بأن "أميركا قوية من جديد" تعني أن مصالحها مقدمة على مصالح الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) بل والمؤسسات الدولية كافة.
وهو يتشكك في قضايا المناخ واتفاقياته، ويرى أن المصالح الأميركية الاقتصادية مقدمة على هذا الأمر.
كما يؤمن بأمور أكثر غرابة من ذلك، ففي عام 2019 قال إنه لم يغسل يديه منذ 10 سنوات، بل ولا يعتقد بوجود الجراثيم، وهو ما أثار انتقادا واسعًا حينها، وجاء اعتراف هيغسيث خلال نقاش في برنامجه حول تناوله شريحة بيتزا بقيت خارج الثلاجة ليوم كامل، وهو أمر لم يرَ فيه أي مشكلة على الإطلاق.