د. عبدالله عابدين

المهم هنا أن نظام “الانقاذ” المأدلج هذا، مضى مباشرة الى اكمال حلقات التآمر على الشعب السوداني، فبدلاً مما ادعاه بأنه اضطر للقيام بالانقلاب على ارادة الشعب لانقاذ البلاد، و العباد، مما تردت فيه من سوء على كل الأصعدة، توجه تواً الى انفاذ أجندته المتمثلة فيما عرف ب”التمكين”. و قد رتب “الانقاذيون” لخطتهم الخديعة هذه، تحت شعار مموه، هو ما أسموه ب”المشروع الحضاري” امعانا في ذر مزيد من الرماد في عيون الشعب السوداني.

ليس هذا فحسب، بل انهم تمادوا في هذا الاتجاه الذي يتقن اصطناع اللافتات البراقة، برفع شعارات من قبيل “نأكل مما نزرع، و نلبس مما نصنع”!! .. و أي شعب من شعوب الأرض، لا يحلم بالاكتفاء الذاتي؟. خاصة اذا كانت موارد بلاده غنية بما يكفي، مما دعى الى تسميتها بأسماء مثل”سلة غذاء العالم العربي، و الأفريقي”، أو حتى “سلة غذاء العالم”.. فكون السودان بلد واعد، و غني بموارده، و ثرواته المتنوعة: بشرية، و زراعية، و حيوانية، و معدنية، أمر مبذول للجميع، و لا يختلف عليه إثنان.

و السودان بهذا لا تنقصه سوى الادارة الجيدة لموارده المتنوعة هذه: مادية، و بشرية، ادارة تنبني على التخطيط العلمي الدقيق، و الخبرة الفنية، و الادارية، و التقنية العالية. يقوم بها المخلصون من أبنائه، متحلين بآخلاق سمتها العدالة، و الانحياز التام لأبناء شعبه، أو قل شعوبه المتنوعة السحن، و الاثنيات، و التقاليد الثقافية، و الديانات، و كريم المعتقدات.

بيد أن الجبهة القومية الاسلامية لم يكن في نيتها شئ من هذا، بل كان كل ما يشغل بال نخبها، و قياداتها، منذ البدء، و أثناء تخطيطهم طويل المدى للوصول الى السلطة، أمراً مناقضاً تماماً لهذا!!.. فقد أولت ظهرها لكل ما يتعلق باصلاح حال البلاد، و تنمية مواردها، و من ثم تفرغت بكليتها لما يسمى في مصطلح الحركة الاسلاموية بالتمكين، كما أسلفنا الى ذلك الاشارة في مقال سابق، و لكنهم في ذلك لم يكونوا معنيين الا بتمكين أنفسهم هم، و ليس بتمكين الشعب السوداني.

و على مدى ثلاثين عام عجاف ظلت زمر الاسلام السياسي عاكفة على هذا النهج الانتهازي، الذي لم تخطر حيله، و أفانينه، حتى على مخيله “ميكافيللي” نفسه!!.. و قد وظفوا في ذلك، السلطة الدينية، التي احتكروها لأنفسهم تماماً، و السلطة السياسية، التي ما توانوا في اغتصابها على ظهر الدبابات، و سلطة المال، الذي عكفوا على جمعه و تكديسه بنهم منقطع النظير، حيث وضعوا أيديهم على ثروات أرض السودان، و تغلغلوا في مفاصل الدولة السودانية، و أحكموا قبضتهم عليها.

أكثر من ذلك، فانهم شرعوا في محاولات محمومة لاعادة صياغة هوية الشعب السوداني، وفقا لرؤيتهم الأحادية الضيقة، امعاناً في ارتهان إرادته لديهم “من خلال اذلاله و سوقه الى الاستكانة”. و ذلك بغرض تحويل جموع الشعب الى متسولين على موائدهم، و من ثم الرضوخ التام لهم، و السير في ركاب مخططهم العالمي الرامي الى “أسلمة” كونية، وفقا لمبدأ تمكين مشابه، و لكن على دائرة أوسع من عالم اليوم ..

ليس هذا فحسب، بل ان الهوس الديني المتأسلم لم يكن يرى في أجزاء بذاتها من أرض السودان مثل الجنوب، الا عقبة أمام مشروعه الحضاري المزعوم، فما كان منه الا أن أعلن حربا دينية ضد أهلنا في الجنوب. و انبرى، من ثم، يجيش لها الجيوش، و يعدها بعقيدة جهادية موغلة في التطرف، أدت الى حصاد أرواح السودانيين من الطرفين. و غدى الأمر جراء كل هذا “بالنسبة للاخوة في جنوب السودان أشد و أمر، بل ان البعض الذي يدين بغير الاسلام كان يخشى من فرض هوية اسلامية بالقوة في مناطق لا تدين بالاسلام”. و قد “أثار التوجه الاسلامي المتزايد شكوك الجماعات غير المسلمة بأن يفقدوا حقوقهم كمواطنين ليكونوا أهل ذمة أو موا طنين من الدرجة الثانية” ..

و كانت النتيجة الحتمية لهذا الاتجاه الموغل في الاقصاء، و في الأنانية السياسية الممنهجة، أن تأججت نيران الحروب في أطراف السودان المختلفة: في دارفور، و جنوب كردفان، و النيل الأزرق. و من ثم تداعت الأمور الى فقدان السودان لما يقارب الثلث، من أغنى أراضيه، و أخلص أبنائه، حيث اختار جنوب السودان مضطراً، تحت وطأة هذه الظروف القاهرة، الانفصال عن جسد السودان الأم، و نأى بنفسه عن هذا الأتون الحارق، من التدهور المريع على كل الأصعدة.

و الدرس المستفاد من التجربة الواقعية للمآلات الوخيمة لانفصال الجنوب، أن تقسيم البلد، ليس فقط لا يحل مشكلة، بل انه يجلب من المشاكل، و الويلات، ما ليس في الحسبان. و الأمر، أنه و على قارعة وضع السودان الراهن، من الاحتراب، و اللا-دولة، ما زالت نفس المنظومة، و اسمها السائد الآن، الفلول، لا تفتأ و بنفس الاصرار، من خلال توظيف المؤسسة العسكرية، بل من خلال تماديها المعهود في استغلال الشعب السوداني، تسعى سعياّ حثيثاَ الى تفتيت البلاد بذات المنطق الأناني: “اما أن نحكمكم، أو نقتلكم”، أو “سودان بفهمنا، أو لا-سودان”!!..

و من العلامات الكبرى للانهيارالأخلاقي لدى قوى الظلام المتأسلمة هذه، تلك العين العوراء التي تنظر بها الى الأمور، دعنا نسمها ب “عين الذاتية” ضيقة الحدقة، و معتمة العدسة، و المصابة بعوز القدرة على رؤية الآخر. و عين الذاتية تلك، تجمع الى قصورها هذا، ايماناً أعمى بأن “الغاية تبرر الوسيلة”، و لا تؤمن بأن “الغاية تحدد الوسيلة”!! .. جملة غايات هذه الجماعة، تكريس بقائهم في كراسي السلطة، و احتكار مقدرات السودان، و ثرواته، من قبيل “أكل الترات أكلاً لما”. و الناس في كل هذا، فيما ترى هذه المنظومة، ليسوا سوى عبيد لهم، يستجدونهم: أعطوهم، أو منعوهم. أما الدين، و ما أدراك ما الدين؟ فهو مجرد طريق لعبورهم الى “كل ما يبرق”، و هو ما تبديه لهم نظرتهم الموغلة في الانكفاء على الذات، بأنه ذهب، ذاهلين في سيعيهم المحموم هذا، عن أمر بسيط و بديهي، منطوقه: “ليس كل ما يبرق ذهب”!!..

الوسومعبدالله عابدين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الشعب السودانی

إقرأ أيضاً:

مسارات جديدة للتبادل الحضاري بين الصين والعالم العربي

 

 

ووي وي يانغ **

مُنذ إطلاق مبادرة "الحزام والطريق"، شهدت العلاقات والتعاون بين الصين والدول العربية فرصًا جديدة غير مسبوقة.

تاريخيًا.. تواصلت الحضارتان الصينية والعربية وتأثرت بعضهما من البعض عبر طريق الحرير القديم، لتنسجا معًا ملحمة ثقافية تجاوزت حدود الجغرافيا والزمن. واليوم، في ظل العصر الجديد، يواصل الجانبان توسيع مجالات التعاون، وتنويع أشكال التبادل، وتعميق الحوار الحضاري على نحو أشمل وأعمق. إن هذا التفاعل الحضاري لا يُعدّ استمرارًا للتقاليد القديمة فحسب؛ بل يُمثل أيضًا ممارسة فعّالة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.

الأساس التاريخي.. التقاء الحضارات عبر طريق الحرير القديم

تستند جذور التبادل الحضاري بين الصين والدول العربية إلى شبكة التجارة والثقافة التي نشأت عبر طريق الحرير القديم. فمنذ القرن السابع الميلادي، نقل التجار العرب الحرير والخزف والشاي من الصين إلى غرب آسيا وشمال إفريقيا عبر طرق الحرير البرية والبحرية، في حين أدخلوا إلى الصين التوابل والأواني الزجاجية والعلوم الفلكية والتقويم. لم يكن هذا التبادل مقتصرًا على الجانب المادي؛ بل أدى أيضًا إلى اندماج ثقافي عميق. ولا يزال المثل العربي القائل: "اطلب العلم ولو في الصين" متداولًا حتى اليوم، مما يعكس إعجاب العالم العربي القديم بالحضارة الصينية واحترامه لها. كما تُرجمت كتب صينية كلاسيكية مثل "رحلة إلى الغرب" و"زوانغ زي" و"منغ زي" إلى اللغة العربية، مما عمّق التفاهم الفكري بين الجانبين.

وقد وفَّرت الاكتشافات الأثرية أدلة مادية على ذلك. ففي منطقة جلفار الأثرية برأس الخيمة في الإمارات، اكتشفت بعثة أثرية مشتركة عددًا كبيرًا من قطع الخزف المُصدَّرة من الصين، بما في ذلك خزف يويه الأخضر، وخزف لونغتشوان، وخزف جينغدهتشن الأزرق والأبيض، والتي تعود لفترات تتراوح بين القرنين الثامن والسابع عشر، مما يدل على ازدهار طريق الحرير البحري في العصور القديمة. لم تكن هذه القطع الخزفية مجرد سلع تجارية؛ بل كانت أيضًا حوامل لتبادل الخبرات الفنية والتقنية. على سبيل المثال، استلهم الحرفيون العرب من تقنية الطلاء الأزرق الكوبالتية المستخدمة في الخزف الصيني، وطوّروا فنونًا خزفية تتميز بالأسلوب الإسلامي الفريد.

وفي عام 2024، نظّم متحف شنغهاي معرضًا بعنوان "على قمة الأهرام: معرض الحضارة المصرية القديمة"، استقطب نحو 15 ألف زائر في اليوم الواحد. ومن بين أكثر من 400 قطعة أثرية معروضة، برزت نتائج التنقيب المشترك بين الصين ومصر، مثل تابوت مومياء بوجه أخضر وكنوز معبد الإلهة القطة. وقد ساهمت هذه المعارض في تحويل الاكتشافات الأثرية إلى منتجات ثقافية عامة، مما قرّب الشعب من التاريخ.

الشباب والتعليم.. بناء جسور التفاهم بين الشعوب

يُعدّ الشباب سفراء طبيعيين للتبادل الحضاري بين الصين والدول العربية. ففي ديسمبر 2023، عُقد منتدى التنمية الشبابية الأول بين الصين والدول العربية في هاينان، برعاية الاتحاد الوطني للشباب الصيني. شارك في المنتدى أكثر من 200 شخص، من بينهم دبلوماسيون من 22 دولة عربية لدى الصين وممثلون شباب من مختلف القطاعات؛ حيث ناقشوا قضايا مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، بهدف تعزيز التعاون بين شباب الجانبين في مجال الابتكار العلمي والتكنولوجي. وفي عام 2023، زار طلاب من جامعة تسينغهوا السعودية، وأجروا تفاعلات عميقة مع طلاب من جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز. وقد أعرب الطلاب السعوديون عن اهتمامهم العميق بالثقافة الصينية من خلال استخدامهم الطليق للغة الصينية، كما ساهمت الندوات والأنشطة الثقافية والرياضية في تعميق التفاهم المتبادل وتوطيد الصداقة بين الطرفين.

أما التعليم، فيُعدّ حلقة وصل مهمة أخرى في التبادل الحضاري بين الصين والدول العربية. فقد أنشأت العشرات من الجامعات الصينية أقسامًا لتعليم اللغة العربية. وفي عام 2023، أعلنت المملكة العربية السعودية إدراج اللغة الصينية ضمن المناهج الدراسية للمرحلة الثانوية، وفي عام 2024 استقبلت الدفعة الأولى من 175 معلمًا صينيًا، الذين بدأوا التدريس في مناطق مختلفة من المملكة، مما جعل اللغة الصينية خيارًا رسميًا لتعلم اللغات الأجنبية لدى الطلاب السعوديين. ومنذ عام 2019، بدأت الإمارات العربية المتحدة بتدريس اللغة الصينية في 100 مدرسة من المستوى الابتدائي وحتى الثانوي، ووصل عدد المدارس التي تدرّس اللغة الصينية بحلول عام 2022 إلى 158 مدرسة حكومية، تضم أكثر من 54 ألف طالب. كما بدأت مصر وتونس في إدراج اللغة الصينية ضمن أنظمتها التعليمية الوطنية؛ حيث أدرجت تونس اللغة الصينية ضمن المناهج الدراسية للمرحلة الثانوية وامتحانات البكالوريا منذ عام 2003.

التعاون الاقتصادي والتجاري.. دعامة اقتصادية للتبادل الحضاري

يُشكّل التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية في إطار مبادرة "الحزام والطريق" دعامة قوية للتبادل الحضاري بين الجانبين. فقد أصبح مركز دبي المالي العالمي (DIFC) محورًا للتعاون المالي بين الصين والدول العربية؛ حيث تمثل أصول البنوك الصينية العاملة فيه نحو 30% من إجمالي أصول القطاع المصرفي في دبي، كما تجاوزت قيمة السندات التي أصدرتها المؤسسات الصينية في بورصة ناسداك دبي 22 مليار دولار أمريكي. لا يقتصر هذا التعاون على تدفق رؤوس الأموال فحسب؛ بل يشمل أيضًا نقل المعرفة في مجالات مثل التمويل الأخضر والذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، ساهمت التكنولوجيا الصينية في مجال الطاقة الشمسية في إنشاء أكبر محطة طاقة شمسية مستقلة في العالم بالإمارات، في حين قدّمت الخبرات الزراعية الصحراوية الإماراتية نموذجًا يُحتذى به في جهود الصين لإعادة تأهيل المناطق القاحلة في شمال غربي الصين.

ومُنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي (CASCF) عام 2004، شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين تطورًا كبيرًا. ووفقًا لإدارة الجمارك الصينية؛ بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية في عام 2023 نحو 2.8 تريليون يوان صيني (ما يعادل حوالي 393.75 مليار دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 820.9% مقارنة بعام 2004 الذي بلغ فيه حجم التبادل التجاري 303.81 مليار يوان. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024؛ بلغ إجمالي قيمة التجارة بين الجانبين 946.17 مليار يوان، بزيادة نسبتها 3.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو ما يمثل 6.9% من إجمالي قيمة التجارة الخارجية الصينية.

أما من حيث تكوينات التجارة، فقد أصبحت الصين أكبر مصدر للسيارات والمنسوجات والملابس إلى الدول العربية. ففي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، زادت صادرات الصين من السيارات إلى الدول العربية بنسبة 66.3% على أساس سنوي، كما ارتفعت صادرات المنسوجات والملابس بنسبة 3.2%.

من ناحية أخرى، تُعد الدول العربية أكبر مصدر للواردات الصينية من منتجات الطاقة؛ حيث بلغت قيمة واردات الصين من منتجات الطاقة من الدول العربية خلال الفترة ذاتها 397.29 مليار يوان، وهو ما يمثل 38% من إجمالي واردات الصين من الطاقة.

الفنون والعلوم الإنسانية.. رسم لوحة جديدة لاندماج الحضارات

تُعدّ الفنون وسيطًا ثقافيًا يتجاوز الحدود اللغوية. فمنذ عام 2009، جذبت فعالية "الفنون على طريق الحرير.. زيارات الفنانين العرب البارزين إلى الصين" أكثر من 170 فنانًا من 22 دولة عربية. وقد أبدع الرسام المصري أحمد أكثر من 30 لوحة فنية بعد جولة في شينجيانغ، عكَست بدقة ملامح الناس والأشياء والمدن والريف في تلك المنطقة. أما الفنانة التونسية ليلى، فقد استلهمت من زرقة بحر في جزر تشوشان في مقاطعة تشجيانغ وأدمجت عناصر من الحبر الصيني التقليدي في لوحتها "السلام"، لتعكس رؤى الانسجام في مبادرة "الحزام والطريق". وقد جابت هذه الأعمال عدة دول عربية، لتصبح رموزًا بصرية لـ"طريق الحرير الثقافي".

وفي مجال السينما والأدب، أثمر التعاون بين الصين والدول العربية نتائج بارزة. ففي نوفمبر 2024، أُقيمت الدورة السادسة من "أسبوع الأفلام الصينية في الإمارات" في أبوظبي؛ حيث عُرضت مجموعة من الأفلام الصينية، كما شارك صناع الأفلام من الجانبين في فعاليات حوارية عميقة، مما عزز التعاون السينمائي بين البلدين. وفي يونيو 2018، عُقد المنتدى الأول للأدب بين الصين والدول العربية في القاهرة؛ حيث تبادل الكتّاب من الجانبين الآراء حول موضوع "طريق الحرير الأدبي الجديد"، وأسهم هذا الحدث في تعزيز الترجمة المتبادلة ونشر الأعمال الأدبية الصينية والعربية.

تتألّق الحضارات من خلال التبادل، وتزداد ثراءً من خلال التفاهم المتبادل. إن التفاعل والاندماج بين الحضارتين الصينية والعربية في إطار مبادرة "الحزام والطريق" في العصر الجديد، لا يجسّد فقط الاحترام المتبادل والتسامح بين الجانبين؛ بل يقدّم أيضًا نموذجًا يُحتذى به لتعايش وازدهار الحضارات المتعدّدة في العالم. فمن التراث التاريخي إلى تواصل الشباب، ومن التعاون الاقتصادي والتجاري إلى التبادل الفني، تمضي العلاقات الصينية العربية بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة أكثر تلاحمًا وبراغماتية وتحقيقًا للمنفعة المتبادلة.

وفي المستقبل، ما دامت الصين والدول العربية تواصلان تعميق التعاون بروح المساواة والمنفعة المتبادلة والتفاهم والتقارب، فلا شك أنهما ستنسجان معًا لوحة حضارية أكثر روعة، ويفتحان فصلًا جديدًا في بناء مجتمع صيني-عربي ذي مستقبل مشترك.

** باحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة "صون يات صن"

** يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان

مقالات مشابهة

  • مسارات جديدة للتبادل الحضاري بين الصين والعالم العربي
  • السوداني يؤكد أهمية تبسيط الإجراءات الإدارية التي تعترض مشاريع الاستثمار
  • الوهم النفسي
  • من الثورة إلى الدولة.. سورية نموذجا
  • الاقتصاد السوداني بين دمار الحرب وخرافة الإنتاج
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • وزيرة الاستثمار ترأس اجتماع اللجنة العليا للملتقى السوداني المصري للاستثمار
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • بسمة جميل: تحرير سيناء سيظل نموذجا يرسخ في نفوس الأجيال الواجب المقدس
  • رئيس اتحاد الصناعات السوداني للجزيرة نت: القطاع الخاص يقود التعافي