هذا ما كشفه الانزال الإسرائيلي البحري في البترون
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
العملية التي أقدمت عليها مجموعة الكوموندس الإسرائيلية قبل أيام على أحد شواطئ بحر البترون وخطف الكابتن البحري عماد أمهز من غرفة "الشاليه" التي يقيم فيها في شكل مؤقت، كشفت بما لا يقبل الشك بأن إسرائيل ماضية في تحدّي الإرادة الدولية من خلال خرق السيادة اللبنانية جوًّا وبرًّا وبحرًا. وكشفت هذه العملية – الاعتداء مدى قوة تل أبيب الاستخباراتية المدعومة بتكنولوجيا مسخّرة لأهداف عسكرية أثبتت الوقائع الميدانية ومن خلال عمليات الاغتيال التي نفذها جيش العدو، المدى المتقدم الذي وصلت إليه تكنولوجيًا واستخباراتيًا.
في المقابل، لقد كشفت هذه العملية الخاطفة، التي وثقتها الكاميرات المثبتّة في المنطقة، مدى ضعف الخاصرة البحرية للبنان، التي يُفترض أن تكون محمّية ومحصّنة ضد أي اختراق كالذي شهدناه في عملية البترون من خلال مراقبة الحركة الملاحية على طول الشاطئ اللبناني من الناقورة حتى النهر الكبير من قِبل بحرية قوات "اليونيفيل".
فما تقوم به الطائرات الإسرائيلية من غارات همجية وتدميرية فظيع جدًّا. وكذلك هي اعتداءاتها البرّية، التي لا تزال تلقى مواجهة شرسة في القرى الحدودية الأمامية. وهذه الاعتداءات هي من ضمن "لعبة الحرب" حتى ولو أن إسرائيل تلجأ في كثير من هذه الاعتداءات إلى أساليب محرّمة دوليًا، ومن بينها استهداف المدنيين والمسعفين والمستشفيات والطواقم الطبية، فضلًا عن استخدامها لصواريخ محرّمة دوليًا كقنابل الفوسفور على سبيل المثال لا الحصر.
أمّا أن تلجأ إسرائيل إلى خرق السيادة اللبنانية البحرية بهذا الشكل الاستفزازي فهو أمر لا يمكن وصفه إلا بأنه خطير جدًّا. وهذا الانتهاك للسيادة اللبنانية البحرية يعني توصيفًا أن إسرائيل المارقة قادرة على أن تخطف أي شخص مقيم في أي منطقة لبنانية على طول الشاطئ الساحلي، وذلك بحجّة أو من دون حجّة.
هذه الحادثة الخطيرة، أسلوبًا وهدفًا، هزّت المسؤولين في الدولة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي طلب من وزارة الخارجية تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، وكذلك طلب من قيادتي الجيش و"اليونيفيل" إجراء تحقيق سريع لمعرفة ملابسات ما حصل، وذلك لتلافي تكرار حصوله في المستقبل.
وعملية الخرق هذه أسلوب اعتادت على القيام به إسرائيل حتى في عزّ قوة لبنان الظاهرية، وقبل اندلاع شرارة الحرب العبثية العام 1975، حين أقدمت فرقة كوموندس على اغتيال الفلسطينيين كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار في منطقة فردان في بيروت في 10 نيسان من العام 1973.
وفي العام 1989، اختطف "الموساد"، القيادي في «حزب الله» الشيخ عبد الكريم عبيد من منزله في بلدة جبشيت، عبر إنزال نفَّذته مروحيتان إسرائيليتان حطَّتا في البلدة، وأنزلتا مجموعة جنود من وحدة النخبة في لواء المظليين الإسرائيلي ولواء "غيفعاتي" لاعتقاله. واقتحم عناصر "الكوماندوس" الإسرائيلي منزله، واختُطف عبيد مع اثنين من مرافقيه المدنيين، وهما أحمد عبيد وهشام فحص.
ومن بين أبرز الإنزالات التي نُفِّذت في لبنان، هو الإنزال الجوي الذي نفَّذته مجموعة "كوماندوس" إسرائيلية في 21 أيار 1994 في بلدة قصرنبا في البقاع، وخطفت وحدة من جنود النخبة المسؤول في "حزب الله" مصطفى الديراني من بلدته، بهدف الحصول على معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد، الذي أُسقطت طائرته في لبنان في الثمانينيات.
وفي 5 أيلول 1997، نزلت قوة "كوماندوس" إسرائيلية على شاطئ بلدة أنصارية في منطقة الزهراني بجنوب لبنان، وتوجَّهت بعد منتصف الليل إلى الأحراش، قبل أن تحاصرها مجموعة من "حزب الله" وتفتح النار عليها وتفجِّر فيها عبوات ناسفة؛ ما أدى إلى سقوط 13 قتيلاً إسرائيلياً، وإصابة آخرين، قبل أن يتدخل سلاح الجو وينقل القتلى والجرحى.
وخلال حرب تموز 2006، نفَّذت وحدة إسرائيلية عملية إنزال في بعلبك في شرق لبنان، واستهدفت العملية "مستشفى دار الحكمة" جنوب شرقي بعلبك، حيث دارت المعركة بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلين من "حزب الله"، وترافقت العملية مع قصف جوي أدى إلى مقتل 11 مدنياً واختطاف 3 آخرين. وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى أن الإنزال في بعلبك استهدف خطف عضو "مجلس شورى حزب الله"، الشيخ محمد يزبك.
فإسرائيل المستمرّة في استباحة السيادة اللبنانية بهذا الشكل الاستفزازي ماضية في ما هي كانت عليه مصمّمة حين هدّد قادتها بإعادة لبنان إلى العصر الحجري. وهي بذلك تضرب بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقات الدولية، وتصمّ أذانها عن سماع النداءات الدولية التي تطالبها بإلحاح بوقف فوري للنار في لبنان وقطاع غزة، غير آبهة بما تلحقه من أذى، وقد يطالها أيضًا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
لبنان يثير إنزال البترون مع الدول الخمس.. التحقيق مستمر لكشف ملابسات العملية
من المقرر ان يعقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اليوم سلسلة لقاءات مع سفراء الدول الدائمة العضوية لدى مجلس الأمن الدولي لبحث ملف العدوان الاسرائيلي على لبنان وموضوع الانزال الإسرائيلي في البترون والتعديات على المواقع التاريخية.
في المقابل تكثّف الأجهزة القضائية والأمنية تحقيقاتها لكشف ملابسات العملية التي نفّذتها فرقة من الكوماندوز الإسرائيلي، فجر يوم الجمعة، في مدينة البترون واختطفت أثناءها المواطن عماد أمهز من داخل شاليه كان يشغله في المنطقة.
وأفاد مصدر قضائي بأن «شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بدأت منذ صباح السبت تحقيقاتها في هذه العملية التي تعدّ جريمة مكتملة المواصفات». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيق الأولي «يحتاج 3 أيام بالحدّ الأدنى لكشف خيوط العملية والطريقة التي اعتمدها الإسرائيليون لتنفيذها بنجاح»، مشيراً إلى أن الأمر «يستدعي تعاوناً من قوات (اليونيفيل) المسؤولة عن أمن الشواطئ اللبنانية، ومراقبة حركة السفن والزوارق التي تدخل المياه الإقليمية والمرافئ البحرية اللبنانية، وتخرج منها على مدار الساعة، وهذا غير متوفر حتى الآن».
وتحدّث مصدر أمني لبناني عن أكثر من سيناريو مفترض لجأ إليه الإسرائيليون لتنفيذ الإنزال. وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التحقيق «لم يحسم ما إذا كانت القوة الإسرائيلية قد وصلت إلى شاطئ مدينة البترون عبر الزوارق الحربية أو طائرة هليكوبتر نفّذت إنزالاً جوياً»، مشيراً إلى أن «قوات (اليونيفيل) أبلغت الجانب اللبناني أنها بدأت أيضاً تحقيقاً لتحديد الوسيلة التي نجح عبرها الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية على هذا المستوى من الدقة والخطورة».
وقال المصدر الأمني: «ربما يمتلك الجيش الإسرائيلي أجهزة تشويش على الرادارات، قد تكون عطلت رادارات قوات (اليونيفيل) ما سهّل وصولها إلى شاطئ البترون من دون رصدها سواء من القوات الدولية أو الجيش اللبناني، لكن لا شيء ثابت حتى الآن ما دامت معطيات التحقيق لم تكتمل بعد».
ولفت إلى أن الأجهزة اللبنانية «لا يمكنها أن تحقق مع قوات (اليونيفيل)، أو تستجوب أياً من ضباطها أو عناصرها العسكريين ولا حتى المدنيين الذين يعملون لديها، لمعرفة كيفية تخطي إسرائيل الرقابة البحرية من قبل القوات البحرية الدولية؛ لأن هذه القوات تتمتّع بحصانة دولية، إلّا إذا أبدت الأخيرة تعاونها، وقدّمت المعلومات التي يطلبها لبنان»، مشيراً إلى أن القوات الدولية العاملة في لبنان «ليست ملزمة بأن تزوّد لبنان بنتائج التحقيق الخاص الذي تجريه، بل تقدّمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة دون سواه».
ونشرت إذاعة الجيش الإسرائيلي تفاصيل جديدة عن العملية، وأفادت أنه تم التخطيط للعملية منذ فترة طويلة، وتتبعت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية عماد أمهز لفترة "وانتظرت فرصة تتيح درجة عالية من اليقين لنجاح العملية". وبحسب الإذاعة، لم يكن الجيش الإسرائيلي يعتزم تحمل المسؤولية عن العملية، و"لو لم تُنشر في وسائل الإعلام اللبنانية، لكانت بقيت سرية ولكن بعد الكشف عن العملية في الإعلام اللبناني، ناقش الجيش الإسرائيلي الأمر وقرر تحمّل المسؤولية". وتزعم المصادر الأمنية الإسرائيلية أن "المعتقل هو عضو رئيسي في "حزب الله" وشخصية منخرطة بالكامل في نشاطات الحزب".