أعلنت مصر عن بدء خبراء صندوق النقد الدولي الثلاثاء المقبل، إجراءات المراجعة الرابعة لاقتصاد أكبر بلد عربي سكانا في إطار قرض المليارات الثمانية الذي أقره الصندوق في آذار/ مارس الماضي، وذلك بعد هجوم خبراء اقتصاد وإعلاميون مقربون من النظام المصري، الشهر الماضي، على الصندوق.

ذلك الإعلان الذي جاء على لسان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الأحد، يأتي منهيا حالة جمود بين الصندوق والقاهرة، إثر تأجيل موعد المراجعة الرابعة مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي بموجبها تنال القاهرة 1.

3 مليار دولار، كما تجيء عقب مطالبات مصرية بتغيير بعض بنود الاتفاق مع الصندوق بحجة التخفيف على المصريين.

وهو ما أعلنه رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مؤكدا أن برنامج صندوق النقد الدولي، أدى إلى ضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس، محذرا من أن حكومته قد تضطر لمراجعة اتفاقها مع الصندوق إذا لم تأخذ المؤسسة الدولية في الاعتبار التحديات الإقليمية غير العادية التي تواجهها مصر.

وهو الأمر الذي أعاد تكراراه، الأحد، خلال لقائه رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي وعدت خلالها المسؤولة عن أكبر مؤسسة دولية مقرضة، بمواصلة دعم مصر، كما قدمت وعودها للمصريين بالرخاء.

"توافق وإشادة ودعم"
السيسي، ووفق ما نقل عنه المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، قال إن "تخفيف الضغوط والأعباء" عن المواطنين أولوية حكومته، لا سيما من خلال "مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار".

ولفت إلى ضرورة "مراعاة المتغيرات وحجم التحديات التي تعرضت لها مصر بسبب الأزمات الإقليمية والدولية، التي كان لها بالغ الأثر على الموارد الدولارية وإيرادات الموازنة".


من جانبها قالت المسؤولة الدولية: "هناك توجه لدعم القاهرة بكل خططها ونتوقع المزيد من الشراكة الناجحة"، معربة عن "تفهمها الكامل لحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية".

ولفتت إلى اتفاق الصندوق التام مع "أهمية المزيد من التركيز على مكافحة التضخم واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد منه"، في حين سبقت زيارة القاهرة بقولها الخميس الماضي، إن الصندوق "منفتح على تعديل أي برنامج بما يخدم الظروف على أفضل وجه"، في إشارة إلى الاتفاق مع مصر.

لكن جورجييفا، وجهت عبر المؤتمر الصحفي بالعاصمة الإدارية الجديدة، رسالة قد تكون غير مسبوقة للشعب المصري، قائلة إن "المصريين سيرون فوائد برنامج الإصلاح في صورة اقتصاد أكثر ديناميكية ورخاء"، ما يدعو للتساؤل حول حقيقة وعودها تلك.


"أجواء ما قبل الزيارة"
ويوافق اليوم الأحد، ذكرى مرور 8 سنوات على قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف العملة المحلية، لأول مرة في عهد السيسي، 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وذلك إثر حصول القاهرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار، ما قاد قيمة الجنيه المصري حينها لانخفاض تاريخي بنسبة 57 بالمئة.
وسبقت زيارة جورجييفا، والإعلان عن بدء المراجعة الرابعة عدة أمور بدت أنها تمهيد للقرار وتشير لحجم التوافق بين القاهرة والصندوق، وفق مراقبين.

والسبت، وقبل يوم من الزيارة، رفعت وكالة فيتش ريتنجز"، تصنيف مصر الائتماني إلى "B" من "B-"، بنظرة مستقبلية مستقرة، ما يعد أول رفع لتصنيف مصر الائتماني من قبل المؤسسة منذ آذار/ مارس 2019، ما دفع الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار، للقول إنه "تصنيف تفصيل على مقاس مخصوص".

والخميس الماضي، سمح البنك المركزي المصري لأول مرة منذ شهرين للبنوك العاملة في مصر بتدبير الدولار للاعتمادات المستندية لاستيراد سلع غير أساسية، مخالفا بذلك توجيهه السابق في 6 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بمنع تدبير العملة الأجنبية لاستيراد 13 سلعة ترفيهية.

وهي التعليمات التي قرأها مصرفيون بأنها "قد تكون انحناءة مؤقتة لضغوط صندوق النقد الدولي، في شأن توفير قدر أكبر من المرونة في سعر الصرف".

ومنذ الخميس الماضي، يواصل سعر الدولار الارتفاع أمام الجنيه/ مسجلا لأول مرة منذ آب/ أغسطس الماضي، بالبنك المركزي نحو 48.95 جنيها للشراء، و49.99 جنيها للبيع، وسط توقعات خبراء أن يبدأ الدولار رحلة ارتفاع وصعود جديدة مقابل العملة المحلية.

كما أن الإعلان عن بدء المراجعة الرابعة لاتفاق صندوق النقد، دون خلاف طاف على السطح مع مصر، يأتي في ظل استمرار حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، والتوترات بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وفقدان 6 إلى 7 مليارات دولار من دخل قناة السويس، والجلبة التي أحدثها رسو سفينة شحن محملة بالسلاح لإسرائيل في ميناء الإسكندرية، الاثنين الماضي.

خبراء اقتصاد مصريون، قدموا قراءة لـ"عربي21"، حول دلالات إعلان مصر وصندوق النقد بدء المراجعة الرابعة رغم تأخيرها لتحقيق شروط فرضها الصندوق سابقا، ثم قبول الصندوق بدء المراجعة وتلبية رغبة السيسي في مراجعة بنود التمويل.

ولفتوا إلى النتائج التي قد تترتب على تمرير المراجعة الرابعة في ظل أجواء ودية بين القاهرة والصندوق، متوقعين أن تخلو المراجعة من قرارات جديدة برفع الدعم عن الوقود والكهرباء، أو تعويم جديد للجنيه، لمرحلة أو لفترة يتم بعدها اتخاذ مثل تلك القرارات، مؤكدين أن السيسي، لا يهمه مصلحة الشعب حتى ولو أعلن ذلك مرارا.

"وضع لا يسمح بالرفض"
وفي رؤيته الاقتصادية وتعليقه، أوضح الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى شاهين، أن اللغط الجاري منذ الشهر الماضي ومطالبة مصر بتغيير الاتفاق مع الصندوق وتوجيه الاتهامات له، ثم زيارة رئيسة الصندوق، وقبلها رفع تصنيف مصر، وارتفاع سعر الدولار، وإعلان بدء المراجعة الرابعة، الثلاثاء، يكشف "لماذا اختلفنا؟، ثم توافقنا".

أستاذ الاقتصاد بكلية "أوكلاند" الأمريكية، في حديثه لـ"عربي21"، قال إن "معنى ذلك أن مصر وافقت على شروط الصندوق، وأنها وعدت بتنفيذ ما قاله؛ وبناء على ذلك جاءت زيارة رئيسة الصندوق لمصر".

ويرى، أننا "لسنا في وضع اقتصادي يمكننا فيه قول لا لاشتراطات الصندوق"، مبينا أن "كل ما يطلبه حاليا هو تعويم جديد للعملة المحلية"، مستدركا: "ولكن هذا الشيء أبدا لا يُعقل، ولو هناك أحد منصف أو محاور ومفاوض مصري جيد فلن يقبل بمثل هذا الشرط".

وبين أن "القيام بعمل تعويم جديد للجنيه، مخاطرة كبيرة ويمثل ضغط كبير جديد على فقراء مصر بجانب ما يعانوه، بل ومن الممكن جدا أن تشتعل الأمور على إثر مثل ذلك قرار".


وحول إمكانية قراءة تحديد الصندوق مراجعة مصر الثلاثاء، بعدم وجود خلاف وأنه لا توجد شروط ترفضها مصر، مثل تحرير سعر الصرف أو فرض تخفيض جديد على دعم السلع والوقود والكهرباء، قال شاهين: ""النقاط الأساسية مع الصندوق لا خلاف عليها سواء لمصر أو للمؤسسة الدولية المقرضة".
ويعتقد أن "الفكرة كلها هنا أنه تم التوافق على أنه ليس هناك إلغاء تمام لتلك القرارات بل تأجيل لها فقط، تأجيل وقتي فقط، لكن كتنفيذ للسياسات فإن مصر ستنفذ".

ومضى يقول: "لا يوجد للأسف لدى السيسي ولا من معه حرص على قضية عدم الإضرار بالمواطن؛ بل لدي يقين لا يساوره شك بأن السيسي، بكل ما يفعل هو أمر مرتب، وإضعاف وإفقار المصريين مرتب".

وتوقع أنه "لن يتوانى عن رفع الأسعار وتقليل الدعم إلا لمدة شهر واحد، وقد يفاجئ المصريين أن كل شهر يحدث شيء جديد من هذا"، مؤكدا أن "تلك رؤيتي بحكم خبرة قراءة 10 سنوات حكمها السيسي، وسياسته المبنية على إذلال المصريين ليس من باب الإذلال لكن من باب ألا يخرج أحد عليه".

وأشار إلى أنه رغم أنه "دائم الحديث مؤخرا عن المصريين، إلا أنها من باب الدعاية، وهو قال منتصف 2023، لو يكلفنا أننا لا نبقى في مكاننا لن نقوم بتعويم الجنيه مرة أخرى، ثم جرى التعويم بعدها، لذا هو لا يؤتمن، ولابد من إدراك هذا".

وكان رئيس لجنة الخطة والموازنة فخري الفقي، قد توقع أن تتضمن مراجعة برنامج الصندوق تأجيل الخطط الزمنية لرفع الدعم عن الوقود والكهرباء، مشيرا لموقع "الفجر" المحلي، إلى أنه لا حديث عن تغيير في سعر الصرف، ملمحا إلى أن من حق مصر التفاوض على قرض جديد بقيمة 1.3 مليار دولار إثر تمرير المراجعة الحالية.

"كلمة السر"
ولفت شاهين، إلى جانب آخر، من علاقة مصر مع صندوق النقد الدولي ومع المؤسسات الدولية ودول الغرب، قائلا: "ولتعرف أن مفتاح الأمر في غزة".

وأعرب عن قبوله لربط البعض "بين رسو السفينة الألمانية المحملة بشحنة عسكرية إسرائيلية بميناء الإسكندرية الاثنين الماضي، ثم مرور سفينة إسرائيلية عسكرية من قناة السويس بذات الشحنة، وحديث رئيسة الصندوق الداعم بشدة لمصر اليوم ووعودها للمصريين بالرخاء".

وأضاف: "لنعرف أن خشية الغرب من أي هبة أو انتفاضة مصرية كبيرة بسبب ما يحدث في غزة أو بسبب غلاء الأسعار على الناس مجددا، والأمر قد يصل إلى وضع قد تعجز الحكومة والجيش والشرطة عن مواجهته، ولنعرف أن وراء أي موقف دولي في مصر ما يحدث في غزة".

"أبعاد سياسية وليست اقتصادية"
وفي رؤيته، أشار عضو حزب "تكنوقراط مصر" تحت التأسيس، الدكتور سعيد عفيفي، في حديثه لـ"عربي21"، إلى وجود عوامل خارجية تدفع لدعم نظام السيسي، في هذا الملف لتأجيل سقوطه، وضغوط داخلية، تزيد من مخاوفه من تفجر الغضب الشعبي.

وقال: "اليوم كنا نتحدث مع الخبير الاقتصادي الدكتور محمود وهبه، في مجموعة تكنوقراط مصر، وكان هناك توافق بين المتحدثين وإجماع على أن هناك ضغوط من إسرائيل على الإدارة الأمريكية لمحاولة انقاذ اقتصاد مصر حتى تنتهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".

ويرى، عفيفي، أن "الأمر في مجمله له أبعاد سياسية وليست اقتصادية"، موضحا أن "اشتراطات التقويم للاقتصاد المصري، هو طلب متكرر من الصندوق، وكان يريده تدريجيا، ولكن بسبب التقارير الأمنية التي يتلقاها السيسي، عن حالة الغضب الشعبي، لم يوافق على المطلب، وانتظر حتى تفاقمت المسألة".

وأكد أن "السيسي في وضع صعب ويغرق في كيفية إعادة جدولة الديون، ولا حلول لديه".

وبشأن وعود جوجييفا، للمصريين بنتائج جيدة للإصلاح الاقتصادي وبالرخاء لهم، أكد السياسي المصري، أن "كلام رئيسة الصندوق كلام إعلامي وليس اقتصادي".

وختم قائلا: "لا الصندوق سيحل المشكلة، ولا السيسي، قادر على الوفاء بمتطلبات الناس، وتسديد فوائد وأقساط الدين"، معتقدا أن "الحل في التوقف عن دفع خدمة الدين، وإعلان إفلاس مصر".
"اشتراطات قاسية وأزمات ومعاناة"

ويرى خبراء أن اعتماد مصر على الاقتراض وتنفيذ برامج صندوق النقد الدولي يعمق من أزمة اقتصادها الهيكلية والبنيوية.

وبينما بلغ حجم الدين الخارجي رسميا خلال النصف الأول من العام الحالي 152.9 مليار دولار، فإن البنك الدولي كشف في 24 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري عن جدول سداد الديون الخارجية لمصر بالعام المالي الجاري، يستوجب سداد 60.8 مليار دولار من تموز/ يوليو الماضي حتى حزيران/ يونيو 2025.

كما يجب على البنك المركزي، سداد 20.8 مليار دولار من الودائع خلال العام المالي الجاري، وسداد سندات بقيمة 3.3 مليار دولار، في حين يتضمن جدول السداد، قروضًا بقيمة 31.04 مليار دولار من جهات مختلفة، بجانب سداد 21.7 مليار دولار بالعام المالي المقبل (2025-2026)، وفقا لجدول البنك الدولي.


وفي مقابل عبء الدين وخدمته المثقل لكاهل المواطن المصري وموازنة سابقة تعاني من عجز مالي بنحو 505 مليارات جنيه، تواصل الحكومة المصرية تنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي بتقليص حجم دعم المواد الغذائية وبينها الخبز المدعم، والمواد البترولية وسط حديث عن إلغاء الدعم العيني كلية والتحول إلى الدعم النقدي، في توجه يضر بملايين الفقراء من شعب يبلغ عدد سكانه 107 ملايين نسمة ثلثيهم إما فقراء أو تحت خط الفقر.

وفي إطار قرض المليارات الثمانية اتخذت مصر قرارات تقشف وتقليص للدعم ورفع للأسعار، سبقها في آذار/ مارس الماضي، تحرير سعر صرف الجنيه، ليتراجع أمام الدولار من 31 إلى نحو 49 جنيه رسميا.
ورفعت القاهرة سعر الوقود 3 مرات، في آذار/ مارس، ثم في تموز/ يوليو، ثم في تشرين الأول/ أكتوبر، بنسب بين 10 بالمئة، و17.4 بالمئة للقرار الأخير.

وفي الأثناء، جرى رفع سعر الخبز المدعم 300 بالمئة من 5 قروش إلى 20 قرشا للرغيف، مع رفع أسعار المواصلات وتذاكر المترو، والعديد من خدمات الإنترنت والاتصالات، في يوليو/ تموز الماضي، فيما صعد التضخم السنوي في أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى 26 بالمئة، للشهر الثاني على التوالي.

وبينما يتبقى 4 مراجعات مقررة في ربيع وخريف 2025 و2026، يتبع اكتمال المراجعة الرابعة حصول القاهرة على 1.3 مليار دولار، وتسليم الشريحة الجديدة ما تسعى إليه الحكومة التي تعاني من عجز شديد في التمويل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مصر صندوق النقد اقتصاد السيسي مصر اقتصاد السيسي صندوق النقد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی البنک المرکزی تشرین الأول ملیار دولار مع الصندوق دولار من

إقرأ أيضاً:

وزيرة البيئة: التمويل وتقليل مخاطر الاستثمار كلمة السر للتوسع في الطاقة المتجددة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استعرضت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة تحديات التوسع في الطاقة المتجددة في ظل التزامات المناخي، وذلك خلال كلمتها في جلسة "مؤامة مشكلة الطاقة بين الأستدامة والأمن وإتاحة التمويل"، بحضور المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، فيليب وايتيكر نائب المدير التنفيذى لشركة هاربور إنرجى ضمن فعاليات مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة إيجبس 2025 المقام خلال الفترة من 17 - 19  فبراير بحضور موسع من وزراء وورؤساء الشركات العالمية للطاقة وامناء المنظمات الدولية والاقليمية المعنية وعدد من وزراء  الحكومة المصرية.

وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، في بيان لها مساء اليوم،  ان العالم مع الخطوة التاريخية لتبني اتفاق باريس للمناخ واهداف التنمية المستدامة العالمية في ٢٠١٥، بدأ  العمل على الوصول لانبعاثات اقل للكربون في إطار من المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء وتحقيق اهداف التنمية المستدامة بحلول عام ٢٠٣٠، وذلك في الوقت الذي كان التوسع في الطاقة المتجددة يمثل تحديا للدول النامية في ظل عدم توفر التكنولوجيا المطلوبة وضرورة الوصول لها والعمل على توطينها وضمان تكرارها والبناء عليها للتمكن من التوسع في الطاقة المتجددة.

واوضحت وزيرة البيئة ان دخول فكر الاستثمار والتمويل وتولي البنوك التنموية العالمية مهمة تقليل مخاطر الاستثمار في الطاقة المتجددة للقطاع الخاص ، ساعد على تقليل تكلفة الطاقة المتجددة، ولكن مع زيادة الأنشطة التنموية حول العالم زادت الانبعاثات وايضاً زاد الطلب على الطاقة والتنمية، مما ادى لزيادة الانبعاثات فقامت الطبيعة بالرد على هذا بطريقتها التي ظهرت في توالي حالات الطقس الجامحة غير المسبوقة وموجات الحر المتكررة والأمطار في غير أوقاتها المعهودة والفياضانات التي ضربت العديد من المناطق، مما خلق طلب اكبر على الطاقة المتجددة

وتحدثت وزيرة البيئة عن تحدي تقليل تكلفة الطاقة المتجددة للدول النامية بما لا يسبب مزيد من الأعباء والديون عليها، في ظل سعيها لتحقيق التزاماتها في اتفاق المناخ رغم أننا الأقل تسببا في غازات الاحتباس الحراري لكن تدفع الثمن يوميا لتحقيق التكيف مع آثار تغير المناخ، في الوقت الذي يفتقر التكيف لتوفر التمويل الكافي ومشاركة القطاع الخاص والقطاع البنكى، وعدم قيام المؤسسات التنموية بمهمة تقليل المخاطر للقطاع الخاص خاصة في مجالى الزراعة والمياه.

واضافت د. ياسمين فؤاد ان الدول النامية أصبحت تعاقب لتحقيق التزاماتها المناخية باضطرارها لتحمل أعباء الديون لتحقيق هدف التنمية المستدامة الخاص بالوصول للطاقة والطاقة المتجددة بكل أنواعها ولتحقيق التوازن بين الاستدامة والتكلفة والتحقق.

وقدمت عدد من النصائح لرفع العبء عن الدول النامية في تحقيق هدف الطاقة المتجددة، وأولها ضرورة إصلاح نظام تمويل المناخ من أجل مصلحة الشعوب وخاصة الدول النامية للتوسع في تكرار وتطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة، وتوطين هذه التكنولوجيات في الدول النامية لتكرارها وتسريع جهودها في هذا المجال ودعم المجتمعات المحلية بمختلف المستويات، وايضاً تطوير السياسات الوطنية بما يساعد صانع القرار على اتخاذ الإجراءات المناسبة ويضع القطاع الخاص في الاعتبار .

واستعرضت وزيرة البيئة تجربة مصر في تحويل تحدي التوسع في الطاقة المتجددة إلى فرصة حقيقية، والتي تعكس رؤية الدولة في تحقيق التزاماتها المناخية مع تحقيق التنمية في وقت واحد، سواء بتحديث خطة مساهماتها الوطنية في ٢٠٢٢ وايضاً في ٢٠٢٣ بهدف الوصول لنسبة ٤٢٪؜ طاقة متجددة من خليط الطاقة المستخدمة بحلول ٢٠٣٠، ووضع الإجراءات المنظمة لتحقيق هذا الهدف ومنها تنويع مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، فلم تكتفي بإصدار التعريفة المغذية للطاقة المتحدة وتحديثها مرتين لجذب القطاع الخاص والتي أدت لتنفيذ اكبر محطة للطاقة الشمسية "بنبان"، وايضاً تعريفة تحويل المخلفات لطاقة كأحد أنواع الطاقة الجديدة والتي تتيح فرصة كبيرة لدخول القطاع الخاص، إلى جانب وضع حوافز في قانون الاستثمار الجديد للمشروعات العاملة في مجالات الطاقة المتجددة وإدارة المخلفات والهيدروجين الأخضر لتسريع العمل فيها.

واشارت وزيرة البيئة ايضا لدور التنسيق الداخلي بين جهات الدولة من خلال هيكل مؤسسي تنسيقي داخلي يضمن تطوير السياسات بما يتناسب مع المتغيرات العالمية،  فتم وضع المجلس الوطني للتغيرات المناخية تحت رئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء وعضوية مختلف الوزارات المعنية، ويتم العمل على فرص إشراك القطاع الخاص وتهيئة المناخ الداعم، وإطلاق عدد من المبادرات في مجال تحقيق كفاءة استخدام الطاقة، ومشروعات الطاقة المتجددة المتوسطة والكبيرة من مصادر مختلفة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، والحمأة الناتجة عن الصرف، وغاز الميثان الناتج عن مدافن المخلفات، وتوليد الطاقة من المخلفات نفسها.

كما اشارت وزيرة البيئة إلى تقديم مصر اول تقرير للشفافية  لسكرتارية اتفاقية تغير المناخ في نهاية ٢٠٢٤، أظهرت تحقيق خفض بنسبة ٣٤٪؜ نتيجة تحديث هدف الطاقة المتجددة، وفي قطاع البترول حققنا ٥٧٪؜ خفض بزيادة الاعتماد على تكنولوجيات تقليل الانبعاثات، وقطاع النقل حقق اعلى من الهدف الموضوع له في خفض الانبعاثات بسبب مشروعات النقل الجماعي الكهربية الجديدة.

وناشدت الدكتورة ياسمين فؤاد العمل متعدد الأطراف على ضرورة تطوير نفسه بتبني مباديء الملوث يدفع والحوافز الخضراء وتنويع مصادر الطاقة المتجددة، وإعادة هيكلة نظام تمويل المناخ عالميا، لتحقيق الأهداف والوعود التي قطعناها للأجيال القادمة بحماية الكوكب وتحقيق الاستدامة.

مقالات مشابهة

  • مفوضة الاتحاد الأوروبي لمنطقة المتوسط: شروط لتخصيص نصف مليار يورو للبنان
  • البنك الدولي : خسائر لبنان من الحرب الإسرائيلية 26 مليار دولار
  • احتياطي النقد الأجنبي في تركيا يتجاوز 100 مليار دولار لأول مرة منذ سنوات
  • صدور بيان مشترك عن وزير المالية ومدير صندوق النقد الدولي في ختام مؤتمر العُلا الاقتصادي
  • عصام سالم: صفقات الزمالك الجديدة ستكون كلمة السر أمام الأهلي
  • محفظة ودائع البنك التجاري الدولي تنمو لـ 967.89 مليار جنيه العام الماضي
  • صندوق النقد الدولي عن أوضاع لبنان المالية: مستعدون للتفاوض على برنامج دعم جديد
  • صندوق النقد الدولي مستعد للتفاوض مع لبنان
  • وزيرة البيئة: التمويل وتقليل مخاطر الاستثمار كلمة السر للتوسع في الطاقة المتجددة
  • وزير المالية اللبناني يكشف عن موعد زيارة بعثة من صندوق النقد الدولي لبيروت