هجّر العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة بعلبك، بخاصة منذ الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول الماضي، أكثر من 70 % من أبنائها، بعد سلسلة غارات شنها الطيران المعادي على المدينة ومحيطها، وارتكابه المجازر بحق المدنيين الآمنين، وإطلاقه التهديدات باستهداف أبنية وأحياء سكنية في كل أنحاء المدينة، دون أي رادع أو أفق، وحتى الآثار التاريخية، والقلعة التي صنفتها منظمة "اليونسكو" ضمن لائحة التراث العالمي لم تسلم جنباتها ومحيطها من الاستهداف، وبالتالي لا حماية ولا ضمانة للآثار وعظمتها لدى عدو لا يأبه بكل المواثيق والعهود الدولية، وهو الذي كان قد استهدف محيط القلعة والمواقع الأثرية الأخرى أكثر من مرة، سواء بتدميره لقسم من السور الروماني عند أطراف ثكنة "غورو" التاريخية المحاذية للقلعة ولقبة "السعيدين"، أو بقصفه للوسط التجاري على بُعد أقل من 300 متر من المعابد الرومانية، وتدميره جزءا كبيرا من ذاكرة البعلبكيين المبنية، بحسب ما أفادت "الوكالة الوطنية للاعلام".

كما نفذ أكثر من غارة على مَقرُبة من قبة دورس، لجهة مدخل المدينة الجنوبي، وحول معلم حجر "الحبلى" في حي الواد، الذي يضم أكبر صخرة منحوتة في العالم أجمع، والذي كان أحد  مصادر حجارة قلعة بعلبك التي لم يُسمح لها حتى باحتضان أبنائها، أحفاد بُناتها، هرباً من آلة الحرب والإجرام الإسرائيلية.

وكذلك لم تسلم مستشفيات المدينة من التهديد والتعرض لأضرار كبيرة، بل إن بعضها خرج من الخدمة لمرات عدة، كما هو حال مستشفى المرتضى الذي دمرت بعض منشآته ومعداته بسبب عصف الغارات المجاورة له، ناهيك عن الأضرار المادية التي أصابت كلًّا من مستشفى دار الأمل الجامعي ومستشفى بعلبك الحكومي، والمستشفيات لجهة المدخل الشمالي، نتيجة الغارات المجاورة لها.

وكان للمدارس الأكاديمية والمعاهد الفنية والمهنية والفروع الجامعية، نصيبها من الأضرار المادية، وبعض تلك المؤسسات التربوية لم تبدأ بأعمال الصيانة بعد، لوقوعها ضمن أحياء تتعرض للغارات العدوانية شبه اليومية.

وكذلك المؤسسات والمنشآت السياحية كان لها نصيبها من الأضرار، سواء بالاستهداف المباشر كما هو حال مقهى ومطعم مشاوي الرضا، أو بشكل غير مباشر في بعض المؤسسات السياحية بسبب تداعيات وعصف الغارات العدوانية المجاورة لها، وهذا ما أصاب مطعم العجمي جار القلعة، ومقصد الكثير من الفنانين الكبار اللبنانيين والعرب والعالميين الذين شاركوا في مهرجانات بعلبك الدولية، أو مطعم ليالينا، ومطاعم محلة رأس العين، ومنها مطعم قصر بعلبك، ومقهى صيدح، والنهر الخالد وديوان الحلاني وسما بعلبك، وكازينو رأس العين، وصولا إلى أوتيل كنعان ومحيطه.

وكل المجازر والدمار والتهديد والوعيد، والخطر المحدق بالبشر والحجر، لم يفتّ من العزيمة وإرادة التحدي لدى البعلبكيين الذين يصرون على التنزه في مرجة رأس العين، وعلى ضفاف بركة البياضة، وإطعام طيور البط والإوز والحمام الملازمة لمياهها وجنباتها، وحول البحيرة وعلى محاذاة النهر، والتمتع بمشهدية آثار قلعة بعلبك عن قرب أو على مسافة منها لجهة أوتيل "بلميرا" الذي يختزن حكايا لم تبدأ بالإمبراطور غليوم الثاني ولم تنته مع كبار الفنانين والنجوم. 

وعلى مرمى خطوات يتبارك البعلبكيون بمقام السيدة خولة طفلة ووديعة الإمام الحسين، وبشفيعة المدينة القديسة بربارة. فهنا في مدينة الشمس نجد الترجمة العملية لمقولة العيش المشترك، بل الواحد، في لبنان الرسالة، حيث يعانق أذان المساجد أصداء أجراس الكنائس، مع إصرار على الحياة وإعادة بناء ما هدمته يد الغدر والعدوان. 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

قتيل في نهاريا والجيش الإسرائيلي يطلب إخلاء بعلبك

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأحد، بوفاة شخص متأثرا بجروح أصيب بها جراء إصابة سابقة بشظايا صاروخ أطلق من لبنان وسقط في نهاريا، في حين أصدر جيش الاحتلال اليوم تعليمات إخلاء جديدة لسكان محافظة بعلبك اللبنانية.

وأوضحت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المتوفى أصيب قبل أسبوع جراء شظايا صاروخية سقطت في مدينة نهاريا، في حين أوضحت هيئة البث الإسرائيلية أنه يبلغ من العمر 57 عاما، وأصيب يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي ذلك اليوم كان حزب الله اللبناني أعلن -في بيان عبر منصة تلغرام- قصف مقاتليه مدينة نهاريا في منطقة الجليل الغربي بصلية صاروخية ‏كبيرة، وفق ما أوردته وكالة الأناضول.

إخلاء بعلبك

وقد أصدر الجيش الإسرائيلي -اليوم الأحد- تعليمات إخلاء جديدة لسكان محافظة بعلبك اللبنانية، محذرا من ضربها تحت مزاعم وجود مصالح تابعة لحزب الله فيها.

وتزامنت أوامر الإخلاء مع تفعيل قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي صفارات الإنذار بشكل منتظم على طول الحدود بعد رصد عشرات المقذوفات التي عبرت من لبنان نحو شمال إسرائيل صباح اليوم.

وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي -على منصة إكس- سكان محافظة بعلبك وقرية دورس (جنوب غرب) من البقاء "بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله"، حيث سيعمل ضدها جيشه، وفق زعمه.

وأرفق المتحدث منشوراته بخرائط تتضمن مباني وطالب بإخلائها "والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر وذلك خلال الساعات الأربع المقبلة".

وكان الجيش الإسرائيلي قال -في بيان- إن سلاحه الجوي اعترض عدة قذائف أطلقت من لبنان نحو إسرائيل، وسقط بعضها في مناطق مفتوحة.

غارات ورشقات صاروخية

من جهتها، أكدت مراسلة الجزيرة إطلاق دفعة صاروخية من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية في الجليل، في حين قال مراسل الجزيرة إن غارة إسرائيلية استهدفت منطقة برغز، وغارتين استهدفتا بلدتي الغندورية وتبنين في جنوب لبنان.

بدورها، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن مركبة أصيبت بشظايا صاروخ عند مفترق جولاني غربي طبريا، في حين قالت الجبهة الداخلية الإسرائيلية إن صفارات الإنذار تدوي في غونين بالجليل الأعلى ومواقع في مدينة عكا بالجليل الغربي.

وقد أعلن الجيش الإسرائيلي رصد 10 صواريخ أطلقت من لبنان باتجاه خليج حيفا، و10 أخرى أطلقت باتجاه الجليل الغربي، حيث "تم اعتراض بعضها، بينما سقط بعضها الآخر في مناطق مفتوحة".

كما أعلن جيش الاحتلال اعتراض مسيرة في سماء لبنان قبل تجاوزها المجال الجوي إلى الجانب الإسرائيلي، بعد أن أفادت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بتفعيل صفارات الإنذار في منطقة الكْـرَيوت بخليج حيفا والمنطقة الصناعية في عكا وبلدات عدة في الجليل.

وقد أعلن حزب الله اليوم -من جهته- استهدافه مواقع ومستوطنات وتجمعات لجنود للاحتلال، من بينها تدميره دبابة ميركافا عند بوابة المطلة بصاروخ موجّه، "مما أدى إلى احتراقها ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح".

والخميس الماضي، أسفر سقوط صواريخ أطلقت من لبنان عن مقتل 7 أشخاص في بلدة المطلة شمال إسرائيل، في أعقاب تأكيد الجيش الإسرائيلي أن 38 عسكريا قتلوا في لبنان منذ بدء العمليات البرية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.

كما أسفرت الغارات الإسرائيلية على لبنان، منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، عن مقتل أكثر من 1900 شخص، وفقا لتعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى بيانات وزارة الصحة اللبنانية.

ويأتي ذلك في ظل الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مناطق وبلدات لبنانية عدة، في حين يرد حزب الله بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 3 آلاف شهيد جراء العدوان الإسرائيلي المستمر ضد لبنان
  • جهود مصرية كبيرة لدعم غزة منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الإسرائيلي| تفاصيل
  • قتيل في نهاريا والجيش الإسرائيلي يطلب إخلاء بعلبك
  • العدوان في الشمال يكلف اقتصاد الاحتلال مبالغ هائلة.. أضرار هائلة بالشركات
  • للمرة الثانية في أسبوع..الجيش الإسرائيلي يطالب سكان بعلبك بالإخلاء
  • الجيش الإسرائيلي مجددًا لسكان بعلبك: غادروا فورًا
  • أكثر من 1000 مؤلف وكاتب يتعهدون بمقاطعة إسرائيل ثقافيا
  • حزب الله يصعد عملياته ضد الاحتلال.. ونحو 60 شهيدا جراء القصف الإسرائيلي على بعلبك
  • حزب الله يصعد عملياته ضد الاحتلال.. ونحو 60 شهيد جراء القصف الإسرائيلي على بعلبك