موقع 24:
2025-02-23@06:49:52 GMT

الخيط الأمريكي

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

الخيط الأمريكي

هذه «أم المعارك». أكثرُ أهمية من نهائي مونديال كرة القدم، ومِن التَّربُّعِ على عرش الملاكمة، ومن جولاتِ تايلور سويفت. بضعُ ولايات متأرجحة ستمسُّ مصيرَ هذا العالم المتأرجح في السنوات الأربع المقبلة. تمسُّ الأمنَ والاقتصاد ومصيرَ الخرائط المرتبكة وملايين النازحين والمهاجرين. ستقول صناديقُ الاقتراعِ كلمتَها وتحدّد هُويةَ الممسكِ بهذا الخيط الأمريكي العابرِ للخرائط والقارات.

ولا حاجةَ للتذكير. سيّد البيتِ الأبيض هو سيد الاقتصادِ الأول في العالم. والآلة العسكرية الأكثر تطوراً في التاريخ. سيّد الأساطيلِ التي تتحرَّك في البحارِ والمحيطات كدولٍ صارمة مسلحةٍ حتى الأسنان. تُطمئنُ، وتردعُ. تلوّحُ، وتهاجمُ. تدافعُ عن المصالح والصورةِ وتحبط مغامرات وتدعم مغامرات.
الانتخابات الأمريكية ليست مجردَ شأنٍ أمريكي. نتائجها تعني الحلفاءَ والأعداءَ معاً وسائرَ الموزعين في أحياء القرية الكونية. لا يستطيع أحدٌ تجاهلها أو التظاهرَ باللامبالاة. إنَّها صحنٌ إلزامي على مائدة العالم.
أقوياءُ العالم ينتظرون كضعفائِه. النتائجُ تعني مصائرَهم ومشاريعَهم وهالاتهم. سيّد الكرملين رجلٌ قوي. يعرف نتائجَ الانتخابات قبل خوضِها. يتسلَّى بإخافة الأوروبيين والعالم من الوليمةِ النووية المحتملة إذا فكَّروا في هزيمةِ روسيا أو محاصرتها وإذلالِها. لكن فلاديمير بوتين يعرف أنَّ نهايةَ الحرب في أوكرانيا تحتاج إلى «توقيع» الرئيسِ الأمريكي لا فولوديمير زيلينسكي. يعرف بوتين وطأةَ الخيط الأمريكي. لولا هذا الخيطُ لأطلقَ قواتِه لاستعادة كلّ الأملاك السليبةِ التي استولى عليها الغربُ غداةَ انتحار الاتحادِ السوفياتي.
لا يشعر بوتين بالقلق من المقيم في الإليزيه أو شاغلِ «10 دوانينغ ستريت» أو المستشارِ الألماني. يقلقُه الخيطُ الأمريكي إذا قرَّر الالتفافَ على بلادِه بالعقوبات الاقتصاديةِ، وضخَّ الأسلحةَ والمساعدات في العروق الأوكرانية. تقلقُه حقيقةٌ موجعة. لولا التلويحُ بالوجبةِ النووية لتقدَّمت قوات «الناتو» وهزمتِ «الجيشَ الأحمرَ» الذي أنفق ثروةً كبرى في إعادة تأهيله.
رجلٌ آخر سيسهر منتظراً النتائج، اسمُه شي جينبينغ، الرجلُ الجالسُ على عرش ماو تسي تونغ والاقتصاد الثاني في العالم، يعرف أنَّه يصطدم في أسواقِ العالم كما في تايوان بخيطِ الرَّدع الأمريكي. يدرك أنَّه لولا هذا الخيط لتمكَّنَ من تحقيقِ ما عجز عنه أسلافُه، وهو إعادةُ الفرعِ إلى الأصل؛ إعادةُ تايوانَ إلى بيتِ الطاعة الصيني. ويعرف أنَّه إذا فازَ دونالد ترمب وقرَّر معاقبةَ السلع الصينيةِ بصرامة فإنَّ الانعكاسات ستطول الأسواقَ والعملاتِ والاقتصادَ العالمي برمَّته.
وبينَ السَّاهرين المنتظرين سيكون لاي تشينغ دي. وظيفتُه متعبةٌ بل مؤلمة. إنَّه رئيس تايوان. يراقبُ كلَّ يومٍ سفنَ الأخِ الأكبرِ وطائراتِه وهي تذكّرُه بقدرتها على خنقِ الجزيرة المتمردة لولا الخيطُ الأمريكي. مصير زيلينسكي لا يساعدُه على التفاؤل.
أهلُ الشرقِ الأوسط الرهيبِ سيسهرون بدورهم. الخيطُ الأمريكي لا يزال حاسماً في كبحِ حروبِهم أو تنظيمها. سينتظر المرشدُ الإيرانيُّ وجنرالاتُ «الحرس الثوري» نتائجَ الانتخابات. بالغت إسرائيلُ في استهدافِ «الأذرع» و«المستشارين» فاستدرجت إيرانَ إلى الحلبةِ التي حاولت تفاديَها.
الأقمارُ الاصطناعيةُ جاسوسٌ لا ينام. كشفت أنَّ الضربةَ الإسرائيلية كانت موجعةً، فضلاً عن أنَّها محرجة. أطلقَ المرشدُ إشارةَ الرَّد. هل ينتظر الرَّدُّ الإيراني نتائجَ الانتخاباتِ أم يسبقها أم يواكبها؟ وماذا لو عادَ الرَّجلُ الذي أمرَ بقتل الجنرال قاسم سليماني؟ وهل زيارةُ قاذفة «بي 52» الأمريكية للمنطقة مجرد رسالةِ ردع أم أكثر؟
في مثل هذا اليوم من عام 1979 اقتحمَ طلابٌ ثوريون موالون للإمام الخميني سفارةَ أمريكا في طهران وحوَّلوا العاملين فيها رهائنَ. أحرقت كرةُ النار يدي الرئيسِ جيمي كارتر، ولم يُفرَج عن الرهائن إلا بعدما أدَّى رونالد ريغان اليمينَ الدستورية. كانَ غرضُ اقتحام السفارة قطع الخيط الأمريكي مع الداخل الإيراني. ومنذ البداية اعتبرت إيران الثورة أنَّ الخيط الأمريكي هو الجدار الذي يمنع تحوّلها إلى الدولة الكبرى في المنطقة، خصوصاً بعدما تولت أمريكا نفسها إسقاطَ الجدار العراقي الذي كان يمنع تدفق جمر الثورة في عروق الإقليم. على مدى عقود حاولت إيران قطع الخيط الأمريكي أو إضعافه، وها هي تعود إلى الاصطدام به في جولات الثأر الحالية مع إسرائيل.
سينتظر بنيامين نتانياهو نتائج الانتخابات. الخيط الذي يربط أمريكا بإسرائيل ليس مهدداً. الوسادةُ الأمريكية لإسرائيلَ راسخةٌ، لكن لكامالا هاريس أسلوبها وحساباتها، ولدونالد ترمب انعطافاتُه ومفاجآتُه. ويحتاج نتانياهو إلى كثيرٍ من المليارات والذخائرِ إذا قرَّر السيرَ أبعدَ في انقلابِه على معادلاتِ ما قبل «الطوفان».
واضح أنَّ زعماءَ الشرق الأوسط سينتظرون نتائجَ السباق الأمريكي. يريدون استجلاءَ حدودِ المبارزة الإسرائيلية - الإيرانية، وحدود الأدوار في الإقليم، وحدود الحرب الإسرائيلية في غزةَ ولبنان. وإمكان الرهان على الخيطِ الأمريكي لدفع حلمِ الدولةِ الفلسطينية المستقلة نحو التَّحققِ كخيار لا بدَّ منه لمنعِ تكرار الطوفاناتِ والحروب.
وسينتظر لبنانُ النتائج. تقولُ التجاربُ الماضية إنَّ المبعوثَ الأمريكي وحدَه قادرٌ على وقفِ عاصفة النار الإسرائيلية. قرارُ آموس هوكستين عدمَ التوقف في لبنانَ بعد زيارته الأخيرة إلى إسرائيل كانَ باهظَ التكاليف. اغتالت إسرائيلُ مزيداً من القرى، وضاعفتِ المشاهدَ الغزاوية على أرضِ لبنان.
هجاءُ أمريكا لا يلغِي أنَّها أمريكا. الاقتصادُ الأولُ وسيدةُ الأساطيل. ليس مهماً أن تحبَّها أو تكرهَها. إنَّها موزعةُ المظلاتِ والضمانات والضمادات. روسيا مشغولةٌ بالمائدة الأوكرانية. والصينُ بعيدة. وغوتيريش شبهُ متقاعدٍ. ولا خيار غير تحسينِ شروط التَّعلقِ بالخيطِ الأمريكي لوقفِ بحرِ الرُّكامِ وأمواجِ الجنائز والنازحين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية

إقرأ أيضاً:

لماذا يعرف مسرح الجريمة بـ«الشاهد الصامت»؟.. خبير يوضح في بودكاست «أول الخيط»

مسرح الجريمة هو المكان الذي وقعت فيه جريمة ما، وهو نقطة البداية لأي تحقيق جنائي، ويتميز مسرح الجريمة بأهمية بالغة في عملية التحقيق، خاصة وأنّه يحتوي على أدلة مادية يمكن أن تساعد في تحديد هوية الجاني وكشف ملابسات الجريمة، لكن لماذا يعرف مسرح الجريمة بالشاهد الصامت؟

ما هو الشاهد الصامت؟

الإعلامي سامح سند في إحدى حلقات بودكاست الشركة المتحدة «أول الخيط» برعاية البنك الأهلي، استضاف رضا أحمد، كبير خبراء الأسلحة بالمعمل الجنائي سابقًا، الذي أوضح أنّ مسرح الجريمة هو المكان الذي تنبثق منه الأدلة والقرائن، التي تشير بأصابع الاتهام على الجاني، لذا يُطلق على مسرح الجريمة اسم «الشاهد الصامت».

وأوضح كبير خبراء الأسلحة بالمعمل الجنائي سابقًا عن سبب إطلاق مصطلح «الشاهد الصامت» على مسرح الجريمة قائلًا: «هو شاف كل حاجة، يعني حادثة في غرفة زي دي فهو شاف كل حاجة، لكن مبيتكلمش، وفي الحالة دي على خبير المعمل الجنائي أن يستنطقه، يعني يخليه ينطق، هيحاكيه ويكلمه، هيدخل يقوله الراجل ده دخل ع الخزنة في المكان يعني ساب بصماته فيه، هيقوله الراجل ده مضروب في المكان والظرف هنا والمقذوف هنا يبقى الجاني كان واقف فين، هو ده استنطاق المعمل الجنائي، والخبير الجنائي هو الوحيد اللي بيقدر يكلمه وبيفهم لغته من خلال الآثار الموجودة في مكان الحادث».

كيف تتعامل مع الحوادث على الطرق؟

وينصح كبير خبراء الأسلحة بالمعمل الجنائي سابقًا بضرورة الحظر عند التعامل مع مسرح الجريمة، فمثلًا كثرة تواجد المواطنين والتفافهم حول مسرح الجريمة يفقد الخبير الجنائي الكثير من الأدلة مثل سرعة السيارة والفرملة على الأرض واحتكاك كاوتش السيارة بالأرض، يقول رضا أحمد: «لما نلاقي حادثة أو جريمة مينفعش نقرّب من مسرح الجريمة وتحاول تسيطر على نفسك ومتحاول تدخل وتساعد بإيدك، لأنك لو تدخلت هتضيع حق المجني عليه، والمساعدة اللي تعملها أنك تتحفظ على مسرح الجريمة وتبلغ الشرطة».

مقالات مشابهة

  • مراسل سانا: وصول فريق طبي قطري إلى مطار دمشق الدولي مكون من اختصاصيين بجراحة القلب من مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ضمن “مشروع القوافل الطبية” الذي ينفذه الهلال الأحمر القطري في عدة دول حول العالم
  • بودكاست «أول الخيط» يستعرض 5 أسباب بسيطة تسبب حرائق ضخمة.. كيف تتجنبها؟
  • أخبار العالم | أمريكا توقع صفقة المعادن النادرة اليوم .. لقاء الرياض التشاوري يبحث تطورات غزة وترحيب عربي بقمة القاهرة
  • تقرير: الأوروبيون يترقبون بقلق نتائج الانتخابات في ألمانيا
  • لماذا يعرف مسرح الجريمة بـ«الشاهد الصامت»؟.. خبير يوضح في بودكاست «أول الخيط»
  • من بودكاست «أول الخيط».. خطوات لمنع نشوب الحرائق في المنزل والعمل
  • تعرف على أعلى 7 رياضيين من أمريكا اللاتينية دخلاً في العالم
  • المبعوث الأمريكي: حثثنا اللافي على مضاعفة الجهود للتوصل لتسوية تؤدي إلى الانتخابات
  • ريال بات رمزا لعملة السعودية.. ما الذي نعرفه عن رموز عملات العالم؟
  • إيلون ماسك: غرق أمريكا يعني غرق العالم