العلاقات اللبنانية -الإيرانية بعد الحرب رهن وضعية حزب الله وسلوكياته
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
كتب معروف الداعوق في" اللواء":شهدت العلاقات اللبنانية الايرانية هزّة قوية في خضم الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل، بعد اكثر من واقعة، كانت بداياتها بالزياره التي قام بها وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي بداية الشهر الماضي إلى لبنان،فور صدور البيان الثلاثي الصادر عن لقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووليد جنبلاط، والذي تضمن التشديد على وقف اطلاق النار فورا، وتأييد تنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١ ونشر الجيش اللبناني في الجنوب، وانتخاب رئيس وفاقي للجمهورية بأسرع مايمكن، بهدف الالتفاف على البيان المذكور، ومنع تنفيذه، لانه يتعارض مع موقف طهران بفصل وقف الحرب على لبنان، بمعزل عن انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، وهو ما ظهر جلياُ في اللقاء المتوتر بين عراقجي وميقاتي الذي رفض الموقف الايراني هذا، مشددا على استقلالية الموقف اللبناني الذي يتماشى مع مصلحة لبنان العليا.
بعد أيام معدودة على زيارة عراقجي، وصل رئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف إلى بيروت، تحت عنوان دعم الشعب اللبناني والمقاومة في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان، مالبث ان تسبب اعلان قاليباف عن استعداد ايران للتفاوض مع فرنسا، للمساعدة في تنفيذ القرار الدولي رقم ١٧٠١، بردة فعل قوية من ميقاتي، الذي ابدى استيائه من كلام رئيس مجلس النواب الايراني، واعتبره بمثابة تدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ودعا في موقف آخر المسؤولين الإيرانيين الى تخفيف الحديث عن لبنان وشؤونه في مواقفهم.
لا يخفى ان قرار ايران الواضح في دفع حزب الله لوضع لبنان بمفرده بالمواجهة العسكرية مع إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى، بمعزل عن موافقة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني باكثريته، والتدخل الايراني المفضوح من وزير الخارجية الايراني السابق عبد اللهيان، الذي زار لبنان أكثر من مرة، لهذه الغاية العام الماضي، وماتسبب به هذا التدخل الفاضح من حرب إسرائيلية واسعة النطاق ومدمرة ضد لبنان وشعبه، كان السبب الرئيسي وراء تردي العلاقات بين البلدين، وإصرار النظام الإيراني ربط مصير الحرب على لبنان، بمصير حرب غزّة، متجاوزا الدولة اللبنانية، وضاربا عرض الحائط بموقف لبنان، وسيادته واستقلاله، وكأنه موكل بأمره ومصيره، بلا حسيب اورقيب، خدمة لمصالحه وصفقاته مع الولايات المتحدةالأميركية والغرب عموما.
وهذا التصعيد الكلامي بين لبنان وايران على هذا النحو، والتصدي اللبناني للمواقف الايرانية لاول مرة، لاقى تاييداً سياسياُ من اطراف المعارضة والوسط السياسي عموما، في حين لم يلاقِ اعتراضاً ظاهراً من الصامتين وحتى بعض المؤيدين لايران، والسبب في ذلك يعود إلى الاستياء من سياسة الصمت الايرانية، إزاء توسع الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله واغتيال مجموعة من قادته البارزين وفي مقدمتهم الامين العام للحزب حسن نصرالله، وارتكاب إسرائيل لمجزرة «البيجرز»، وغيرها، وعدم قيام ايران بمايلزم لمنع مالحق بالحزب من ضربات موجعة.
وتداعيات الحرب الدائرة بين حزب الله وإسرائيل، وامعان ايران في استباحة حدود لبنان، وتجاوز السيادة اللبنانية، بدخول وخروج ضباط الحرس الثوري الايراني، خارج المعابر الشرعية والقانونية، وبينهم ضباط كبار قتلوا بالغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وارسال الاسلحة للحزب عبرها،تركت ندوباً واضحة في العلاقات اللبنانية الايرانية، تزيدها التصريحات والمواقف التي لم ينفك عن اطلاقها المسؤولون الإيرانيون، واخرها ماصدر عن قائد الحرس الثوري الايراني حسين سلامي، عن جنوب لبنان والمقاومة، مايزيد في التباعد الرسمي اللبناني الايراني، والذي يؤشر بوضوح إلى منحى تصعيدي لهذه العلاقات مستقبلا، إذا لم يتم وضع حدٍ لاستباحة سيادة لبنان، واحترام سيادته، ووقف كل ممارسات تجاوز القوانين اللبنانية، واخيراُ الامتناع عن استعمال لبنان ساحة لايران لتحقيق مصالحها الاقليمية والدولية على حساب لبنان . وهذا بالطبع يتوقف في جانب اساسي منه على وضعية حزب الله وسلوكياته بعد انتهاء الحرب بينه وبين إسرائيل.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
تقرير: الجيش اللبناني ركيزة الهدنة بين إسرائيل وحزب الله
السلام الهش بين إسرائيل وحزب الله، الذي دخل حيز التنفيذ، يوم الأربعاء، معلق إلى حد كبير على 10 آلاف جندي في الجيش اللبناني.
يدعو وقف إطلاق النار الحالي، إلى هدنة لمدة 60 يوماً بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية، حيث تنسحب القوات الإسرائيلية تدريجياً من لبنان، ويبتعد حزب الله عن حدود لبنان مع إسرائيل.ولضمان انسحاب حزب الله، يعتمد الاتفاق بشكل كبير على الجيش اللبناني، وهو جيش وطني متوتر في ظل أولويات متنافسة وتعقيدات طائفية أثبتت منذ فترة طويلة أنها غير قادرة أو غير راغبة في كبح جماح حزب الله.
نهج ضعيف في منطقة عازلة جديدة على طول الحدود (شريط من الأرض يتراوح عرضه بين بضعة أميال و 18 ميلاً) يكون الجيش اللبناني مسؤولاً عن تدمير جميع البنية التحتية العسكرية لحزب الله، ومصادرة أي أسلحة غير مصرح بها ومنع نقل أو إنتاج الأسلحة. وتقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أحياناً بمرافقة الجنود اللبنانيين في دور داعم. وبدأ الجيش الأربعاء بنشر المزيد من الجنود في المنطقة.
لكن صحيفة "نيويورك تايمز" ترى أن هذا النهج تمت تجربته من قبل، ولم ينجح.
إذ كان قد دعا وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الذي أنهى حرب لبنان عام 2006، والمعروف باسم القرار 1701، الجيش اللبناني إلى إبقاء حزب الله بعيداً عن الحدود، مع مساعدة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وبعد سنوات، ظهر حزب الله أقوى من ذي قبل، مع أسلحة واسعة وبنية تحتية وأنفاق عبر المنطقة الحدودية.
ولكن، تقول الصحيفة، إنه على الرغم من تلك الإخفاقات الماضية، فإن المجتمع الدولي يعتمد مرة أخرى على الجيش اللبناني. ففي الأشهر الأخيرة، أعادت الولايات المتحدة ودول أخرى إحياء الجهود لتدريب القوات اللبنانية وتجهيزها وتمويلها. إلا أن محللين يرون أن ذلك رهاناً محفوفاً بالمخاطر.
Israel reached a deal for a cease-fire with the Lebanese militant group Hezbollah after weeks of talks mediated by the US
Lebanon's Economy Minister Amin Salam tells @joumannatv it is an "opportunity to save the country from further devastation" https://t.co/qjvP3Uuw6t pic.twitter.com/O4Ru7Zy9U9
وكانت إحدى النقاط الشائكة الأخيرة في وقف إطلاق النار هي مطالبة إسرائيل باتفاق جانبي، إذا فشل الجيش اللبناني في ضمان نزع سلاح حزب الله، فستحصل إسرائيل على موافقة الولايات المتحدة على الرد بالقوة.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي للصحفيين يوم الأربعاء إن إسرائيل تخطط لمراقبة امتثال حزب الله من خلال عمليات المراقبة الجوية والاستخباراتية خلال مكالمة طلب فيها المتحدثون باسم الحكومة عدم الكشف عن اسمه.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في خطاب متلفز: "إذا خالف حزب الله الاتفاق وسعى إلى تسليح نفسه، فسوف نهاجم". وكرر الرئيس الأمريكي جو بايدن هذه النقطة في خطابه الخاص بشأن وقف إطلاق النار.
باشر الجيش تعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني وبسط سلطة الدولة بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل، وذلك استنادًا إلى "التزام الحكومة اللبنانية تنفيذ القرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة، ولا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار… pic.twitter.com/TlvuQWe20a
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) November 27, 2024 الاستراتيجية الدولية للسلام لطالما كان الجيش اللبناني محورياً في الاستراتيجية الدولية للسلام في المنطقة. حيث منحت الولايات المتحدة القوة العسكرية أكثر من 3 مليارات دولار منذ عام 2006. وتعهدت المملكة العربية السعودية بتقديم 3 مليارات دولار أخرى في عام 2013، على الرغم من أنها أوقفت المدفوعات بعد ثلاث سنوات. وفي الشهر الماضي، ساعدت فرنسا في جمع 200 مليون دولار.ومع ذلك، فقد تجاوز حزب الله منذ فترة طويلة قوة الجيش اللبناني، بأسلحة أكبر ومقاتلين أكثر خبرة.
وقالت غدار إن الحكومة اللبنانية تستحق بعض اللوم، مشيرة إلى أنها لم تكن مستعدة لمنح الجيش اللبناني تفويضاً واضحاً لقمع الجناح العسكري لحزب الله، وهو أيضاً حزب سياسي مؤثر، لأن بعض الفصائل الحاكمة متعاطفة أو متحالفة مع التنظيم.
وقالت غدار عن الجيش اللبناني: "إنهم قادرون على القتال والانتصار.. المشكلة هي أننا بحاجة إلى قرار سياسي".
ونادراً ما يعمل الجيش اللبناني كجيش تقليدي، ويتنازل إلى حد كبير عن مسؤولية تأمين الحدود ونادراً ما يتورط في النزاع بين إسرائيل وحزب الله.
قال ضباط الجيش إن القوة المتنوعة، المكونة من طوائف مختلفة، ستقوض الاستقرار الوطني إذا ما اعتبرت أنها تستهدف مجموعة طائفية واحدة. لذلك نادراً ما قام الجنود اللبنانيون بتفتيش المنازل الخاصة وإيقاف السيارات للبحث عن أعضاء حزب الله والأسلحة في جنوب لبنان. سلطة الجيش ومع ذلك، فإن وقف إطلاق النار الجديد يضاعف مهام وقوة الجيش اللبناني، بحسب الصحيفة.
يمنح الاتفاق الجنود اللبنانيين سلطة واسعة لتدمير منشآت صنع الأسلحة ومنع أي دخول لأسلحة غير مصرح بها إلى لبنان. ويدعوهم إلى الانتشار على طول جميع حدود لبنان وإقامة حواجز على الطرق ونقاط تفتيش في المنطقة العازلة بين إسرائيل وحزب الله.
France announces it will provide additional financial assistance to the Lebanese army. pic.twitter.com/QMlxXKq1Pe
— Globe Eye News (@GlobeEyeNews) November 27, 2024 الولايات المتحدة وفرنسا تقومان بمساعدة الجيش اللبناني على نشر 10,000 جندي في تلك المنطقة العازلة.اليوم، هناك ما لا يقل عن 4000 جندي لبناني في المنطقة، وفقاً لاثنين من كبار مسؤولي الأمن اللبنانيين، الذين طلبا عدم الكشف عن هويتهما بسبب المسائل العسكرية الحساسة.
في حديقة الورود بالبيت الأبيض يوم الثلاثاء، أوضح بايدن أن الولايات المتحدة تعتقد أن الجيش اللبناني على مستوى المهمة.
وفي إفادة صحفية، شدد مسؤولو البيت الأبيض على أن وقف إطلاق النار الجديد لديه فرصة أفضل لتحقيق سلام دائم من اتفاق عام 2006 لأن الولايات المتحدة ستقود عملية لمراجعة الانتهاكات المبلغ عنها للهدنة مثل مخزون الأسلحة في المنطقة العازلة، والتأكد من استجابة القوات اللبنانية.
كما ستساعد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل"، في مراقبة أي انتهاكات والإبلاغ عنها، كما فعلت منذ عام 1978.
تأتي قوات الأمم المتحدة البالغ عددها 10000 جندي من 48 دولة، بما في ذلك الهند وإندونيسيا وإيطاليا، وكانت أيضاً جزءاً رئيسياً من اتفاق عام 2006، وغالباً ما كانت ترافق الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية. وسوف تلعب دوراً مماثلاً هذه المرة.
وقال أندريا تينينتي المتحدث باسم اليونيفيل: "نحن ندعم الجيش اللبناني، لأن الجيش اللبناني سيكون في نهاية المطاف مسؤولاً بالكامل عن الوضع". قوات الأمم المتحدة مسلحة، لكنها مخولة فقط باستخدام القوة للدفاع عن النفس".
وقال مهند حاج علي، الباحث الذي يدرس الصراع في مركز مالكولم هـ. كير كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، إن قوات الأمم المتحدة ساعدت، لكن الجيش اللبناني يجب أن يقود لأنهم يعرفون المنطقة ويحظون بثقة أكبر من قبل السكان المحليين. وقال: "في نهاية اليوم، هذه وظيفة حكومية".
وأضاف أن الجيش اللبناني لديه القدرة على النجاح على المدى القصير، "لكن السؤال هو استقرار هذه العمليات على المدى الطويل".