سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (1)
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
من يقرأ عن الحرب العالمية الأولى والثانية أو يشاهد الأفلام التى تناولت مثل هذه الحروب سيدرك جيداً أن الغرب لن يقبل بتكرار التجربة على أرضه، وإن كان لا بد من الحرب ستكون إذاً حروباً من نوع مختلف!
أفلام المخرج ستيفن سبيلبرج، «قائمة شندلر» و«إنقاذ الجندى ريان»، وقد حصل بهما على جائزة أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج.
«نولان» نفسه حصلت أفلامه على 48 ترشيحاً للأوسكار وللصدفة لم يحصل على جائزة أفضل مخرج إلا فى دورة عام 2023 عن فيلم «أوبنهايمر»، الذى يحكى قصة صناعة القنبلة النووية.
قدم أيضاً المخرج كوينتن تارانتينو فيلم «أوغاد مجهولون»، «تارانتينو» يتميز فى أفلامه بتجسيد مفرط للعنف، وبالطبع لن يجد أفضل من قصة تدور خلال الحرب العالمية الثانية عن محاولة لاغتيال القائد الألمانى النازى.
من أبرز تلك المحاولات أيضاً فيلم «1917» للمخرج السينمائى والمسرحى الإنجليزى سام ميندز، والحاصل على جائزة أوسكار عن أولى تجاربه فى السينما عام 1999 عن فيلم «الجمال الأمريكى».
وقدم فيلمه عن قصة حقيقية سمعها من جده، صدرت لاحقاً فى عمل روائى عام 2019، تحكى القصة رحلة جنديين إنجليزيين يحاولان الوصول إلى مقر وحدة من القوات لتحذيرها من كمين دبره الألمان للقوات الإنجليزية!
اجتمعت تلك الأفلام على تصوير الجانب الإنسانى المفتقد فى الحرب، وكيف قُتل الملايين من الشباب دون أن يدركوا فى بعض الأحيان لماذا جاءوا إلى هنا من الأساس، وحشية برع السينمائى الأوروبى فى تصويرها زرعت الرعب فى قلوب المشاهدين فى الغرب، انتقلت لاحقاً لمجموعة من الأفلام الدعائية التى وظفها الأمريكان فى حربهم مع الروس داخل الأراضى الأفغانية، من خلال ثلاثية فيلم «رامبو» للممثل سيلفستر ستالون، الجندى الذى عاد من الحرب فى فيتنام ومن ثم وجد صعوبة فى التكيف مع المجتمع، فقد تدرب على القتل، بل والقتل بوحشية شديدة، وعندما فشل فى التكيف مع المجتمع المدنى، قرر قادته توظيف تلك الآلة التى تدربت على القتل فى إسقاط الاتحاد السوفيتى؛ فأرسلته إلى أفغانستان لتدريب المقاتلين هناك.
استطاعت هوليوود أن تضرب حجرين بعصفور واحد؛ الأول هو التكريس لفكرة خطورة الحرب التى دمرت الغرب وحولت شعبه إلى قتلة، الثانى هو الترويج للحرب الأفغانية التى أسقطت الروس، لكن أجزاء «رامبو» توقفت ولم تحكِ كيف خرجت تنظيمات «القاعدة» و«داعش» من رحم الحرب الأفغانية، بعد أن درب الأمريكان المقاتلين على أن يصبحوا آلة للقتل، فلم يجد هؤلاء القتلة إلا دولهم العربية والإسلامية ليمارسوا هوايتهم فى القتل!
لن تتوقف السينما عن تناول الحرب، ولن تتوقف هوليوود عن توظيفها أحياناً أو توجيهها أحياناً أخرى، ولن يقف أى صانع ثقافى غربى مكتوف اليد أمام أى محاولة لاستعادة شبح الحرب العالمية الثانية مرة أخرى، هنا لن تجد الدول الغربية، وأجهزة مخابراتها، سوى الحروب الثقافية الباردة، تلك التى نفذتها للمرة الأولى ضد الاتحاد السوفيتى، وصدر عنها كتاب مترجم فى المركز القومى للترجمة بعنوان «الحرب الثقافية الباردة»، يحكى كيف تصبح الثقافة والفكر ومؤسسات المجتمع المدنى حليفاً مهماً للدولة المعادية فى إسقاط الدول التى تعاديها.
تلك الحرب يمارسها الجميع، سواء الغرب الأوروبى أو الأمريكان أو حتى التنظيمات الدينية المتطرفة وفى المقدمة منها تنظيم الإخوان، الذى يملك أذرعاً إعلامية بملايين الدولارات لا تفعل شيئاً سوى الهجوم على مصر بشكل يومى!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحرب الثقافية الحرب العالمية الأولى الحرب العالمية الثانية
إقرأ أيضاً:
شيخة الجابري تكتب: الأيام الثقافية المنتظرة
تقترب الأيام من أجملها، حيث يعود كعادته كل عام معرض الشارقة الدولي للكتاب وهذه المرة في دورته الـ 43 حيث يستضيف أكثر من 2520 ناشراً وعارضاً من 112 دولة عربية وأجنبية، في مشهد ثقافي سنوي يحمل العديد من الأنشطة في تمازج ثقافي وعالمي يحفل بالتنوع في الفعاليات والمشاركات التي تجمع 400 مؤلف يوقعون كتبهم الجديدة، بينهم نخبة من كبار الأدباء والفنانين العرب والأجانب، بالإضافة إلى أن المعرض سيشهد تنظيم 500 فعالية ثقافية، تتميز بالتجديد والتنوع الجميل الذي يتطلع له عشاق الكتاب الذين سيلتقون في مركز إكسبو الشارقة بنجومهم من الكتاب والمؤلفين.
ولأن القراء التقليديين دوماً في حالة انتظار لمعارض الكتب وبعضهم يتبعها من مكان إلى آخر، فإن الأنظار تتجه نحو معرض الشارقة لما يكتسبه من أهمية ومكانة منذ بداياته الأولى، وفي كل دورة يشهد المعرض فعاليات جديدة ومبتكرة تنال استحسان وإعجاب جمهور الكتاب، كما أن باستضافته عدداً غير قليل من المؤلفين من دول عدّة يحقق أمنيات وتطلعات الكثيرين ممن يترقبون لقاء كتّابهم المفضّلين.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الكتاب الورقي تراجعاً في حضوره ومكانته لدى شباب اليوم إلا أن السطوة تظل للكتاب الورقي المطبوع، ذاك الذي يحمل طابعاً خاصاً، وذكريات جميلة ارتبطت بأجيال من القراء كان الكتاب الورقي أنيسهم ورفيقهم وخير الأصحاب الذي يأتمنونه على أوقاتهم، وعقولهم، وذاكرتهم التي تختزل مع الأيام ما يعبر إليها من معرفة وعلوم وثقافات متعددة، من هنا فإن القيمة العالية لمعارض الكتب تثبت مع الأيام حضورها وسخاءها، وتأثيرها المباشر بدليل ما نراه من حشود بشرية تحرص على زيارة المعارض واقتناء الكتب الورقية بمحبة وألفة ووفاء جميل لمصدر المعرفة الأول.
ومن جميل الأيام المقبلة أنها تحمل الكثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تُحرّك الساكن، ومع أحوال الطقس التي بدأت في التحسن فإن الأنشطة الثقافية في إمارات الدولة تستعد للانطلاق، فبعد معرض الشارقة للكتاب يبدأ معرض العين للكتاب الذي يكتسب أهميته من أنه يُقام في مدينة العين الجميلة التي ستشهد أيضاً فعاليات «الزين»، و«ليالي العين» المصاحبة للمعرض. وتحتفي هذه الأيام في سوق القطارة بمهرجان الحرف والصناعات التقليدية، الذي يسعى إلى استقطاب ممارسي هذه المهن والحرف من أنحاء الدولة للتعريف بهذا الإرث العريق، والمحافظة عليه والترويج له، وتوظيف الحرف والصناعات التقليدية كمصدر من مصادر الدخل الوطني.
إنها الأيام الحلوة التي ننتظرها كل عام لما تحمله من خير ثقافي ومعرفي كثير، تحتاجه العقول، والمدن، والناس.