عربي21:
2025-04-07@08:44:12 GMT

المقاطعة من أهم أساليب مقاومة الاحتلال

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

من بين الأساليب والوسائل التي استخدمت لمعارضة الأنظمة السياسية، بالإضافة للتظاهرات والاعتصامات والبيانات استخدمت المقاطعة كوسيلة للضغط، وكان لها أثر كبير في بعض الحالات.
وفي التاريخ المعاصر استخدمت كافة وسائل الضغط لمواجهة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. فكانت هناك مقاطعة سياسية واقتصادية ورياضية وثقافية.

يومها كان عدد كبير من دول العالم يتصدى للاستعمار، وكانت هناك حالة ثورية ضد ما يرتبط بالاستعمار الذي اعتبر نظام جنوب إفريقيا العنصري مرتبطا به ومجسّدًا لأبشع أشكاله.

وتمت ممارسة أشكال من مقاطعة ذلك النظام. واستخدمت المقاطعة الثقافية على نطاق واسع منذ الخمسينيات بهدف إنشاء نظام ديمقراطي بديل عن النظام العنصري. كما كان هناك دعم واسع لحركة النضال التي مارستها الأغلبية السوداء ضد النظام الخاضع لهيمنة الأقلية البيضاء.

ففي العام 1963 وقّع 48 من المسرحيين البريطانيين والأمريكيين إعلانا بعدم القيام بأي عمل فنّي في ذلك البلد لكي لا يوفر ذلك شرعية له. وفي العام 1965 قرّر أكثر من 500 من أساتذة الجامعات مقاطعة جنوب أفريقيا أكاديميا. وفي ذلك العام نفسه أصدرت منظمة “إيكويتي” قرارا بمنع أي تبادل ثقافي مع جنوب أفريقيا، وبلغت حركة المقاطعة ذروتها في العام 1980 عندما أصدرت الأمم المتحدة قرارا تحث فيه الدول على وقف التبادل الثقافي والأكاديمي والرياضي مع جنوب أفريقيا.

كما استُخدمت المقاطعة الرياضية كأداة للضغط على النظام العنصري. وفي العام 1985 انسحب المشاركون في سباق السيارات والدراجات من  دورة أقيمت هناك.

وثمة إجماع على أن هذه المقاطعة ساهمت بشكل كبير في بلورة موقف دولي شامل ضد نظام الفصل العنصري وأرغمت الأقلية البيضاء على الانصياع للإرادة الدولية. ومع نهاية الثمانينيات انتهت تلك الحقبة السوداء من التاريخ البشري المعاصر. وبرغم الدعم الأنكلو-الأمريكي للأقلّيّة البيضاء التي تمثل ذلك النظام البغيض، لم تستطع واشنطن ولندن الوقوف في وجه العالم لمنح المقاطعة، الأمر الذي ساهم في التعجيل بسقوط ذلك النظام.

وفي أجواء الحرب الباردة كان النظام العنصري يمثل عنوانا محوريّا لحركات التحرر التي وقفت ضد الإمبريالية الغربية الداعمة للاستعمار وكذلك أنظمة الاستبداد في العالم. وما كان ذلك النظام ليستمر طويلا لولا الدعم الغربي الواسع الذي لم يتراجع إلا بعد أن أصبح واضحا استحالة بقائه طويلا في ضوء الصحوة العالمية ضده.

قبل عشرين عاما بدأت دعوات عديدة لفرض عقوبات ثقافية على الكيان الإسرائيلي، بدأت في الأراضي المحتلة. انطلقت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)  في أبريل  2004م من قبل مجموعة من الأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين في رام الله بالضفة الغربية، كجزء من حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات  (BDS)
ودعت تلك الحملة لدعم أنشطة الحركة المذكورة  لممارسة ضغوط دولية على “إسرائيل”  في الجوانب الأكاديمية والثقافية، ومن ذلك مقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، التي يعتقد الكثيرون أنها متورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي وإطالة أمده. 

وكان الهدف من المقاطعة الأكاديمية المقترحة عزل “إسرائيل” لإجبارها على تغيير سياساتها تجاه الفلسطينيين التي تعتبر تمييزية وقمعية، بما في ذلك قمع الحرية الأكاديمية للفلسطينيين. وكان هناك تجاوب مع تلك الدعوة التي سرعان ما انتشرت في بلدان أخرى.

فقد وقّع آلاف الفنانين والعاملين (رجالا ونساء) في الحقل الثقافي على بيانات عامة دعماً للمقاطعة الثقافية. ووقّع حوالي ألف شخصية ثقافية في المملكة المتحدة سنة 2015 على تعهد بالمقاطعة الثقافية. كما أطلقت مبادرات متعلقة بحركة المقاطعة في مونتريال (كندا) وإيرلندا وجنوب أفريقيا وسويسرا ولبنان والولايات المتحدة وغيرها من الدول.

وهناك دعوات متصاعدة في الوقت الحاضر في الأوساط البريطانية لتوسيع دائرة المقاطعة الثقافية للكيان الإسرائيلي. وجرت في السنوات الأخيرة حوارات في الأوساط الجامعية حول ذلك، خصوصا في ما يسمى “مجموعة راسل” التي تضم أقوى الجامعات البريطانية ومنها كامبريدج وأكسفورد. وفي مقابل ذلك تنشط مجموعات الضغط الإسرائيلية لمواجهة هذه الدعوات، ضمن سياسة “استعادة  المبادرة” المدعومة من الحكومتين الأمريكية والبريطانية. وليس سرّا القول بوجود ما يمكن اعتباره “تراجعا” نفسيا وسياسيا لدى بعض القطاعات  المتصدّية للاحتلال الإسرائيلي.

ولا شك أن الوضع الحالي مهيّأ لحملات من هذا النوع بعد أن  اتضح أن “إسرائيل” ستبقى مصدرا للقلاقل في المنطقة وأن الفلسطينيين يواجهون حربا وجودية واسعة يتطلب وقفها جهودا دولية واسعة.
لماذا تعترض أمريكا وبريطانيا على المقاطعة الثقافية للكيان الإسرائيلي؟
والسؤال هنا: لماذا تعترض أمريكا وبريطانيا على المقاطعة الثقافية للكيان الإسرائيلي؟ لماذا هذا الصمت المطبق إزاء ما تمارسه قوات الاحتلال من مجازر مستمرة تزهق أرواح العشرات يوميا؟ بالإضافة لذلك هناك ما يشبه التجريم لمن يتعاطف مع أهل فلسطين ويطالب بوقف العدوان.

بل أن هناك حربا على استخدام المصطلحات لتوصيف الجرائم، كما هي الحرب على كل ما يرمز لفلسطين كالكوفية واللثام والعلم بالإضافة للمصطلحات التي تستخدم لتوصيف الأوضاع المرتبطة بفلسطين ونضال شعبها. فمثلا برغم وجود ما يشبه الاتفاق على أن قتل الفلسطينيين بهذه الكثافة يمكن وصفه بـ “الإبادة” ولكن التحالف الأنكلو – أمريكي والإعلام الغربي بشكل عام يرفض ذلك المصطلح نظرا لما يرتبط به من تبعات مزعجة لداعمي الاحتلال. لقد تراجعت المشاعر الإنسانية لدى المسؤولين الغربيين حتى تكلّست.

فلم تعد مشاهد جمع أشلاء الأطفال مقززة. ووفقا للإحصاءات المتوفرة فقد قتل أكثر من 14 ألفا من الأطفال خلال العام الأخير من بين أكثر من 42 ألفا قتلوا بالقصف الإسرائيلي المتكرر للمناطق الفلسطينية ومنها الأبراج السكنية. وتحاول قوات الاحتلال وداعموها الغربيون منع نشاط منظمة يونيسيف المعنية بالأطفال في الأراضي المحتلة كما فعلوا مع منظمة أونروا، وذلك سعيا لإحكام الستار الحديدي المفروض على غزة.

يضاف إلى ذلك أن مقولات مكافحة الإرهاب تم توسيعها لتشمل من يقدم الدعم الإنساني لضحايا العدوان الإسرائيلي. فقد أدخل الرعب في قلوب الكثيرين لردعهم عن أعمال الخير والإغاثة والدعم المالي للأنشطة الإنسانية والثقافية. وأصبحت سياسة “تجفيف المنابع” من أهم وسائل محاصرة الثقافات التحررية في العالم. ولإنجاح تلك الأساليب تستمر سياسات شيطنة الإسلام والناشطين في مجالاته المتعددة خصوصا الإنسانية منها.

في هذه الاجواء بدأ الغربيون سياسة معاكسة، وذلك بحماية كيان الاحتلال من الحصار الناجم عن المقاطعة بشتى أشكالها. وسعت الدول الغربية لإلغاء كافة أشكالها بعد أن أثبتت فاعليتها.

وبمقارنة الوضع اليوم بما كان عليه قبل نصف قرن يتضح أن سياسة حماية الاحتلال استطاعت إضعاف تهميش “إسرائيل” في العالم. ففي 10 نوفمبر 1975 أقرت الامم المتحدة القرار (رقم 3379) الذي ينص على أن “الصهيونية أحد أشكال العنصرية والتمييز العنصري” هذا القرار ألغي في 16 ديسمبر 1991 بقرار آخر رقمه 46/86.

ومنذ ذلك الوقت بدأت عودة “إسرائيل” إلى الساحة الدولية بشكل مؤثر. فلم يتم التطبيع معها فحسب، بل استغلت ذلك لتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في المنطقة وفي القارّة الأفريقية. وتم التركيز على إفشال مشروع المقاطعة العربية الذي كان أحد معوّقات مشروع التطبيع، حتى تلاشى أثره تدريجيا. فقبل نصف قرن مثلا كان أي تطبيع يؤدي لتبادل تجاري او ثقافي مع كيان الاحتلال يبدو مستحيلا.

بينما أصبح ذلك سائدا في الوقت الحاضر، خصوصا مع تصدّي بعض الحكومات العربية لترويج ذلك التطبيع من خلال ما يسمى “التبادل الثقافي”. وفيما بقيت في نفوس الرياضيين العرب نزعة لرفض التنافس مع الرياضيين الإسرائيليين، تستمر الجهود الغربية لفرض تطبيع كامل على كافة  الصعدان. هذا برغم استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد الانتقادات ضد التدمير الشامل المادي والبشري في غزة.

الدعوة لمقاطعة ثقافية للاحتلال تجددت في الأيام الأخيرة في رسالة وقّعها أكثر من 400 من الكتّاب والمؤلّفين والمفكّرين العالميين. الرسالة تدعو لمقاطعة المؤسسات الثقافية الإسرائيلية المشاركة في مشروع الإبادة. ومن بين الموقّعين الكاتبة الأيرلندية، سالي روني والمفكرة الهندية أرونداتي روي والبروفيسور الأمريكي بيرسيفال أيفريت، أستاذ الأدب الإنكليزي بجامعة جنوب كاليفورنيا. وقد أحدثت الرسالة أصداء واسعة لأنها سلّطت الأضواء على معاناة الشعب الفلسطيني.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاطعة الاحتلال غزة غزة الاحتلال المقاطعة الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنوب أفریقیا ذلک النظام فی العام أکثر من

إقرأ أيضاً:

ما هي مؤسسة كناري ميشن التي تقمع مناهضي الاحتلال ومن يمولها؟

عندما وجّهت منظمة "كناري ميشن"، وهي مجموعة مؤيدة للاحتلال تعمل على إنشاء "قائمة سوداء" لمن تصفهم بأنهم معادون لـ"إسرائيل"، أنظارها نحو جامعة بنسلفانيا الأمريكية، لم تكتفِ بعملها المعتاد في جمع ملفات عن الطلاب والأساتذة والمنظمات الجامعية.

وجاء في تقرير لموقع "ذا إنترسيبت" أن جامعة بنسلفانيا استحقت اهتمامًا أكبر، أصدرت "كناري ميشن" تقريرًا ذا إنتاج واسع النطاق، وهو واحد من عشرات "الحملات" التي أعدتها المجموعة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وكتبت "كناري ميشن"، التي تزعم فضح التحيز المعادي لأمريكا و"إسرائيل" والسامية، على صفحتها عن جامعة بنسلفانيا: "اكتسبت مشكلة جامعة بنسلفانيا مع معاداة السامية في الحرم الجامعي اهتمامًا دوليًا في أعقاب مذبحة حماس الوحشية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولقد كانت جامعة بنسلفانيا، إلى جانب عدد من جامعات رابطة اللبلاب البارزة الأخرى، معقلًا لدعم حماس".

وتحث منظمة "كناري ميشن"، التي يُقال إن سلطات الهجرة الأمريكية تستخدم ملفاتها الشخصية لاستهداف الناشطين المؤيدين لفلسطين، قراءها على اتخاذ إجراء ضد جامعة بنسلفانيا من خلال إدراج البريد الإلكتروني ورقم هاتف الرئيس المؤقت للجامعة، ج. لاري جيمسون، بينما تستمر في ترويج فكرة مؤامرة واسعة النطاق ضد "إسرائيل".


ووفقًا لوثيقة ضريبية، تلقت منظمة "كناري ميشن" التي تتخذ من "إسرائيل" مقرًا لها 100 ألف دولار أمريكي في عام 2023 من مؤسسة عائلة ناتان وليديا بيساش، التي يرأس صندوقها خايمي بيساش، زوج شيريل بيساش، عضوة مجلس أمناء جامعة بنسلفانيا. 

بالنسبة لبعض أعضاء مجتمع جامعة بنسلفانيا، فإن دعم عائلة بيساش لبعثة كناري - التي اتُهمت ملفاتها الإلكترونية بمعاداة السامية، والتي غالبًا ما جُمعت بأدلة واهية، وُصفت بالتنمر الإلكتروني - يثير تساؤلات حول التزامهم برفاهية الجامعة وحريتها الأكاديمية.

قالت آن نورتون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا: "من غير اللائق تمامًا أن ينخرط زوج/زوجة أحد الأمناء في هذا النوع من الأنشطة".

وأضافت نورتون: "أود أن أسأل إن كان أحدهم يُلحق الضرر بجمع التبرعات للجامعة، أو بعمل أعضاء هيئة التدريس، أو بالطلاب - فإن قيام مثل هذا الشخص بذلك أمرٌ مُستهجن".

عائلة بيساش، التي جنى ربها ناتان ثروة طائلة من شركات النسيج والزهور المقطوفة، هي من ممولي مجموعة من القضايا اليمينية المؤيدة لـ"إسرائيل"، وقد تبرعت بسخاء لجامعة بنسلفانيا. ووفقًا للإقرارات الضريبية، تبرعت مؤسسة العائلة بأكثر من مليون دولار للجامعة في السنوات الخمس الماضية.

وذكر الموقع في تقريره أن العمل الرئيسي لموقع "كاناري ميشن" يتمثل في قائمة تضم آلاف الملفات عمّن يعتبرهم ناشطين معادين للسامية و"إسرائيل"، سواء في الأوساط الأكاديمية أو الترفيهية أو أي مجال آخر. 

وينشر الموقع صور وأسماء وانتماءات الأشخاص المستهدفين، إلى جانب ما يزعم أنه تصريحاتهم المعادية للسامية.

تُعدّ ملفات "كاناري ميشن" بمثابة "قائمة سوداء" لناشطي التضامن مع فلسطين، ويُقال إنها تُستخدم الآن لاستهداف المهاجرين والمسافرين إلى الولايات المتحدة المتورطين في حملة الرئيس دونالد ترامب على الهجرة.

في حين صرّحت جماعة "بيتار" اليمينية المتطرفة المؤيدة لـ"إسرائيل" بأنها سلّمت أسماء ناشطين غير أمريكيين مؤيدين لفلسطين إلى إدارة ترامب، اكتفت "كاناري ميشن" بالقول إنها تنشر ملفاتها على الإنترنت.

ولطالما اتُهم الموقع بالتنمر الإلكتروني، مُمهّدًا الطريق للعصابات المؤيدة لـ"إسرائيل" على الإنترنت لملاحقة ومضايقة مؤيدي الحقوق الفلسطينية. في العام الماضي، أفادت رويترز أن طلابًا وباحثًا استهدفتهم منظمة "كناري ميشن" تلقوا لاحقًا رسائل إلكترونية تدعو إلى طردهم وترحيلهم واغتصابهم وقتلهم.

حتى قبل أن تدفع هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر عملية التشهير المؤيدة لـ"إسرائيل" إلى مستويات جديدة، كانت المنظمة تتعرض لانتقادات لاذعة من الأوساط الأكاديمية.

كتب إروين تشيميرينسكي، عميد كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا "بيركلي"، في رسالة مفتوحة في حزيران/ يونيو 2023: "منظمة كناري ميشن موقع إلكتروني متطرف يُعلن أن هدفه هو توثيق "الأشخاص والجماعات التي تُروج لكراهية الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل واليهود". 

وأضاف: "أُدين هذا الاستهداف لطلاب مُحددين بسبب خطابهم بهدف الإضرار بفرص عملهم".

تغطي ملفات منظمة "كناري ميشن" في كثير من الأحيان نشطاء من المستوى المنخفض بناءً على مواد واهية - يزعم النقاد أن الكثير منها يخلط بين انتقادات "إسرائيل" ومعاداة السامية. 

ولم يفعل العديد من النشطاء الذين ذكرتهم بعثة الكناري أكثر من نشر منشورات بريئة مؤيدة للفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي أو المشاركة في احتجاجات، ليُهاجموا بتهمة معاقبة السامية في منشورات المؤسسة التي سرعان ما أصبحت أبرز نتائج بحث غوغل عن أسمائهم.

لا يملك أولئك الذين استهدفتهم بعثة الكناري سوى وسائل محدودة للانتصاف، ووفقًا لرويترز، أخبر محامون أحد الطلاب الذين استهدفتهم البعثة أنه نظرًا لعدم تسجيل بعثة الكناري في الولايات المتحدة، فلا أمل يُذكر في رفع دعوى قضائية ضدها. 


وتحتفظ بعثة الكناري نفسها بصفحة "منتسبو الكناري السابقين" للأشخاص المسجلين سابقًا الذين تقول إنهم نبذوا معاداة السامية، على الرغم من أن الموقع لا يوفر أي شفافية حول كيفية شطب أسمائهم من القائمة.

تقول الصفحة: "خوفًا من المضايقات، قد تُحذف هويات منتسبو الكناري السابقين". "للاستفسار عن الانضمام إلى الكناري السابقين، يُرجى زيارة صفحة اتصل بنا".

ويذكر أن صفحة الاتصال مكتوب عليها فقط "معطل للصيانة".

ولا يُعرف الكثير عن كيفية عمل "كناري ميشن"، ولا يذكر موقعها الإلكتروني مكان مقرها - وفقًا لإقرارات ضريبية من منظمات غير ربحية أمريكية تبرعت لكناري، فهي في "إسرائيل" - ولا يُدرج أي مسؤولين أو موظفين فيها.

لأنها ليست منظمة غير ربحية مسجلة في الولايات المتحدة، لا تكشف "كناري ميشن" عن أي معلومات عن أعضاء مجلس إدارتها أو موظفيها.

وفي عام 2018، واستنادًا إلى مصدرين مجهولين، أفادت صحيفة "ذا فوروارد" أن جوناثان باش، وهو بريطاني المولد ومقيم في القدس، ادعى في محادثات خاصة أنه يدير "كناري ميشن". (كما ربطه تقرير لاحق بمجموعة إسرائيلية أخرى مرتبطة بكناري). 

وعمل باش أيضًا مع مجموعة أخرى ذات صلات واضحة بكناري، لكنه نفى في عام 2015 وجود أي صلة بين المجموعتين.

لا يُعرف سوى عدد قليل من متبرعي المجموعة.

وفي حين أن بعض الجهات المانحة المعروفة هي مؤسسات يهودية في الولايات المتحدة - تعهدت واحدة على الأقل بالتوقف عن التبرع بعد الإعلان عن تبرعها - فقد تم تحديد هوية العديد من الأشخاص والمؤسسات العائلية. في عام 2021، أفادت منظمة "تيارات يهودية" أن مايكل ليفين، وهو مسؤول كبير سابق في كازينو "لاس فيغاس ساندز"، المملوك للراحل اليميني المتطرف المؤيد لـ"إسرائيل" والمتبرع الكبير لحملة ترامب، شيلدون أديلسون، قد تبرع بمبلغ 50 ألف دولار لمنظمة "كناري ميشن".

في عام 2016، ونتيجة لتحقيق، وُجهت أصابع الاتهام إلى آدم ميلستين، المتبرع المؤيد لـ"إسرائيل"، كممول رئيسي لمنظمة "كناري ميشن". في ذلك الوقت، أنكر ميلستين تمويل المجموعة.

من داخل مجتمع بنسلفانيا
ومن الواضح أن عائلة بيساش ملتزمة بدعم جامعة بنسلفانيا، وبحسب التق فإن شيريل بيساش هي واحدة من 44 عضوًا في مجلس أمناء الجامعة المرموق. كما أن أحد أفراد العائلة عضو في مجلس مستشاري مركز الجامعة للأعمال الخيرية عالية التأثير.

 وفي عام 2022، تبرع أحد أفراد العائلة، ومعظمهم يقيمون في فلوريدا، بمليون دولار أمريكي لإنشاء مركز لربط الطلاب الرياديين بالخريجين الناجحين.

وخيمي وشيريل بيساش من خريجي جامعة بنسلفانيا، ووفقًا لملف شيريل الدراسي، تخرج أحد أبنائها من الجامعة، ويدرس آخر فيها حاليًا.

ويقول الملف الدراسي الإلكتروني: "شيريل ناشطة في جامعة بنسلفانيا، وهي الرئيسة المشاركة لدفعة 1987، وعضوة في المجلس التنفيذي لطلاب البكالوريوس في كلية وارتون". "وهي حاليًا الرئيسة المشاركة للجنة البرمجة في مجلس أمناء جمعية نساء بنسلفانيا، حيث تعمل منذ 8 سنوات".

مع تمويل مؤسسة "كناري ميشن"، موّلت عائلة بيساش سرًا مشروعًا آخر يؤثر على الجامعة.
وقبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كانت "كناري ميشن" تستهدف جامعة بنسلفانيا بالفعل، وعندما نظّم باحثو جامعة بنسلفانيا والمجموعات الجامعية مهرجان "فلسطين تكتب الأدب"، كانت المجموعة المُدرجة على القائمة السوداء قد نشرت صفحة إلكترونية مستقلة بعنوان "بن ترعى مهرجان كراهية إسرائيل" زاعمةً أن الحدث يستضيف أشخاصًا يُزعم أنهم معادون للسامية.

ووقّع العديد من أفراد عائلة بيساش رسالة مفتوحة موجهة إلى رئيسة جامعة بنسلفانيا آنذاك، ليز ماجيل، من "خريجين ومؤيدين" ينتقدون فيها قرارها بالمضي قدمًا في تنظيم الحدث.

وجاء في الرسالة، التي وقع عليها ناتان بيساش، وخايمي بيساش، وسبعة أفراد آخرين على الأقل من العائلة: "إن مشاركة الأقسام الأكاديمية في جامعة بنسلفانيا في رعاية المهرجان، وترويجه لمعاداة السامية الصريحة دون إدانة من الجامعة، أمر غير مقبول".

وقاومت ماجيل حملة ضغط من جماعات ناشطة مثل "كناري ميشن" وكبار المانحين لإلغاء المهرجان، وفي نهاية المطاف، استقالت من منصبها كرئيسة للجامعة في أعقاب أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وتهديد أحد المانحين بإلغاء هبة بقيمة 100 مليون دولار لكلية وارتون لإدارة الأعمال المرموقة في جامعة بنسلفانيا، إذا استمرت في منصبها.


وبرز حرم جامعة بنسلفانيا كحاضنة للنشاط الداعم لحقوق الإنسان الفلسطيني والمنتقد لحرب إسرائيل على غزة، إلا أن الجامعة ردّت بقسوة على احتجاجات الحرم الجامعي.

في العام الماضي، داهم اثنا عشر ضابط شرطة من جامعة بنسلفانيا، يرتدون معدات تكتيكية ويحملون بنادق هجومية، منازل عدد من طلاب الجامعة خارج الحرم الجامعي. وصادرت الشرطة جهازًا إلكترونيًا شخصيًا واقتادت طالبًا للاستجواب، وكشفت لاحقًا أنها كانت تحقق في تخريب تمثال بنجامين فرانكلين على يد نشطاء مؤيدين للفلسطينيين.

وشيريل ليست الوحيدة من عائلة بيساش المرتبطة بالجامعة ومؤسسة العائلة. فمونيكا بيساش ساسون، عضوة في مجلس مستشاري مركز بنسلفانيا للأعمال الخيرية عالية التأثير، تشغل أيضًا منصب نائب رئيس مؤسسة عائلة ناتان وليديا بيساش. كما وقّعت ساسون على رسالة الخريجين حول مهرجان فلسطين للكتاب الأدبي. (لم تستجب ساسون لطلب التعليق).

وساسون أيضًا عضو مجلس إدارة في جمعية أصدقاء جيش الدفاع الإسرائيلي، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، تُعنى بدعم الجنود والمحاربين القدامى الإسرائيليين. في العام نفسه، قدمت مؤسسة عائلة بيساش 100 ألف دولار إلى منظمة كناري ميشن، وأرسلت المجموعة 180 ألف دولار إلى أصدقاء جيش الدفاع الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • الشرطة فى مواجهة الذكاء الإجرامى.. تطور أساليب المجرمين وكيفية مواجهتها
  • واشنطن تسلم “جيش الاحتلال” الدفعة الثانية من صواريخ “نظام ثاد” الاعتراضية
  • ما هي خطة “الأصابع الخمسة” التي تسعى دولة الاحتلال لتطبيقها في غزة؟
  • فضيحة “الدرونز” التي كشفت مشاركة فرنسا في إبادة غزة
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • فضيحة الدرونز التي كشفت مشاركة فرنسا في إبادة غزة
  • وقفة شعبية في خان شيخون بريف إدلب حداداً على ضحايا مجزرة الكيماوي التي ارتكبها النظام البائد قبل ثمانية أعوام وارتقى فيها عشرات الشهداء
  • استمرار توافد الأهالي في درعا لتقديم واجب العزاء بشهداء قصف الاحتلال الإسرائيلي
  • عاجل | السيد القائد: العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا
  • ما هي مؤسسة كناري ميشن التي تقمع مناهضي الاحتلال ومن يمولها؟