الموروث العربي والإسلامي كما هو مليء بالإنجازات والانتصارات مليء في الوقت نفسه بالخيبات والانتكاسات والهزائم التي لحقت بالأمتين العربية والإسلامية، والأسباب لذلك عديدة، ولعل أهمها الفرقة بين المسلمين التي استغلها المستعمرون أسوأ استغلال، حيث راح المستعمرون يبعثون من قبور التاريخ الأسباب المفضية للعداوة والبغضاء بين المسلمين، وينفخون في نار قد أخمدت وانطفأ لهيبها منذ قرون خلت، والشرع الحنيف قد نهانا وحذرنا من الخوض في أحداث الأمم السابقة لأنها باتت غير ذات موضوع، ولا تخدم باستحضارها غير المستعمرين وأعداء الإسلام، وغاية المستعمرين في العرب والمسلمين أن تبقى لهم الكلمة النافذة على بلاد العرب التي حباها الله بخيرات كثيرة لا تكاد توجد في غيرها من البلدان الأخرى، والإسلام قد وضع للمسلمين منظومة قوانين إلهية تنظم لهم شؤون حياتهم في مختلف المجالات، ومتى تمسك المسلمون بالشرع الحنيف قادوا العالم، ومتى تخلوا عن تعاليم دينهم انقادوا للعالم، فربنا يقول وقوله الحق “تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” [سورة البقرة:141].
والغريب أن المسلمين رغم التضعضع بين الأمم الأخرى، لم يدركوا أن قوتهم مرهونة باتباع أوامر ونواهي الخالق، وباتحاد كلمتهم، فالحرب الدائرة اليوم منذ عام مضى وولوج العام الثاني بين الحق والباطل، بين مستعمر صهيوني مارق، وبين مقاومة إسلامية باسلة في غزة ولبنان، ومساندة للمقاومة من اليمن والعراق، لا زال المسلمون بعيدين عن التطبيق الحرفي والفعلي للقرآن كما أنزل، يقول تعالى: “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين”، ومعنى ذلك حسب تأويل المفسرين أن الذي يعتدي على ما حَرَّم الله من المكان والزمان والإنسان، يعاقب بمثل فعله، ومن جنس عمله، فمن اعتدى عليكم بالقتال أو غيره فأنزلوا به عقوبة مماثلة لجنايته، ولا حرج عليكم في ذلك، لأنهم هم البادئون بالعدوان، وخافوا الله فلا تتجاوزوا المماثلة في العقوبة، والعدو الصهيوني الملعون يستخدم في عدوانه على بلاد المسلمين حرب الإبادة الجماعية والأرض المحروقة، فلم يسلم من إجرامه وقتله لا الشجر، ولا الحجر، ناهيكم عن الإنسان، فليس عنده محرمات، ولا استثناءات، لأنه بلا دين، ولا يملك ذرة من الإنسانية، ففي الوقت الذي يرتكب فيه العدو الصهيوني المجازر الوحشية والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين واللبنانيين عن عمد، ويمعن في تدمير المنشآت السكنية، والمشافي، والمدارس والطرقات، تقابل المقاومة تلك الوحشية المفرطة بضرب الأهداف العسكرية فقط، وهذه المعادلة في الحرب غير متكافئة كما أن المقاومة لن تؤتي ثمار مقاومتها ولن ترد العدو الصهيوني عن غيه وإجرامه، فالأصل أن يقابل العدو الصهيوني وأفعاله بالمثل وتستهدف بنيته التحتية من مشاف وطرقات ومدارس ومنازل، ومصانع، ومزارع، ويستهدف الكل في الداخل الصهيوني دون استثناءات كما أمر الله، وكما يفعل العدو الصهيوني نفسه، سيما وأن المقاومة تمتلك القدرة على فعل ذلك وإيلام العدو، حينها سيرتدع العدو، ويهاجر المستوطنون من أرض فلسطين، وليس العكس ويهاجر أصحاب الأرض من أرضهم سواء من فلسطين أو لبنان، والأكيد أن دول التماس المتاخمة للكيان الصهيوني كالأردن والعراق ومصر والسعودية ستلاقي نفس مصير غزة ولبنان طالما ابتلع قادتها ومسؤولوها ألسنتهم وكفوا أيديهم عن مساعدة إخوانهم، وهادنوا العدو، فسوف يؤكلون كما أكل الثور الأبيض . فموالاة اليهود والنصارى لن تنجي المطبعين المتوهمين في الصهاينة والغرب السياسي خيراً، ولا يظنون أنهم محصنون من الغدر الصهيوأمريكي، لأن الصهاينة وباء يطال الجميع فلم يدخلوا مجتمعاً إلا فرقوه، ولا صالح إلا أفسدوه، ولا في كثير إلا قللوه، ولا في قوي إلا أضعفوه، هم منبوذون من كل الدول والمجتمعات التي عاشوا فيها، فهم شر مستطير، وعلى رجال المقاومة ضرب الصهاينة بكل قوة وحزم لكي تنتصر، فليست دماء المستوطنين أغلى من دماء الفلسطينيين واللبنانيين.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العدو الصهیونی
إقرأ أيضاً:
ساعات تفاوضية حاسمة...لبنان صاغ وهوكشتاين التعديلات وقلق من التسويف الاسرائيلي
على وقع المواقف الإسرائيلية التصعيدية والتي تنذر بأن تل ابيب لا تريد وقف اطلاق النار، يتوجه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى تل أبيب اليوم للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمتابعة الجهود الدبلوماسية الأميركية، بعدما كان هوكشتاين زار أمس بيروت والتقى رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون وبحث معهم في مسودة الاقتراح الأميركي والملاحظات التي وضعها الجانب اللبناني، حيث استمرت لقاءات هوكشتاين مع شخصيات سياسية حتى منتصف الليل بعدما عمل لساعات مساء على تنقيح بعض الملاحظات لا سيما في ما يتعلق بلجنة المراقبة على تطبيق الاتفاق وكيفية إشراك الجانبين الأميركي والفرنسي في اللجنة.
وبحسب المعلومات تم التوصل إلى اعادة صياغة بعض البنود، فبالنسبة الى البند المتعلق بلجنة المراقبة، فقد أدخلت بريطانيا إلى اللجنة في سياق خلق توازن بين لندن وباريس، لكن الولايات المتحدة تبقى الحكم في النهاية، لا سيما أيضاً في ما خص منع إسرائيل من القيام بأي عمليات استباقية، ربطا بأن لكلا الطرفين اللبناني والاسرائيلي حق الدفاع عن النفس. أما في ما خص ترسيم الحدود البرية، فالصياغة الجديدة المنقحة أعادت التأكيد على الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً، كما تم العمل على استبدال بعض المصطلاحات الواردة في البند المتعلق بدور الجيش ، حيث شدد لبنان الرسمي على ضرورة العودة الى ما ورد في القرار 1701 لجهة حصر السلاح بيد الدولة وتطبيق القرار 1559.
والأكيد، بحسب الجنرال شربل أبو زيد، أن هناك نية إيجابية من الجانب اللبناني من أجل الوصول إلى وقف إطلاق النار، لكن المشكلة تكمن في نيات العدو المضي قدماً في التسويف على شاكلة ما حصل في مفاوضات غزة علّه يستطيع بذلك تحقيق أهدافه التي وضعها، خاصة لناحية تدمير قدرات المقاومة العسكرية وإجبارها على الإنسحاب بالقوة شمال الليطاني وعلى القبول بشروط التسوية على مبدأ غالب ومغلوب وهذا ما لا يمكن أن يحصل مهما طالت حرب الاستنزاف ومدتها.
لكن الأكيد أيضاً، بحسب أبو زيد، أن لبنان لن يكون كسوريا من حيث حرية العمل للعدو جواً، لسببين: أولاً إن طبيعة الحرب وأهدافها في لبنان تختلف عنها في سوريا، ثانياً إن لم تصل المقاومة إلى حل أو تسوية للحرب الدائرة بشكل عادل وبضمانات دولية مؤكدة، فهي ستستمر في حرب استنزاف العدو الذي سيتعرض أكثر إلى ضغوطات على المستويات العسكرية والاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية وسواها، وسوف تجبره على القبول بالتسوية.
وبالتزامن مع الحراك الدبلوماسي لإيجاد تسوية تنهي الحرب، فإن التفاوض بالنار سيد الموقف، وقد أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى ذلك بقوله إن "المفاوضات تتم تحت النيران والقصف"، فاستهدف العدو الإسرائيلي بيروت دون سابق إنذار واغتال مسؤول الإعلام في حزب الله الحاج محمد عفيف، ومن ثم استهدف منطقتي مار الياس وزقاق للبلاط، في المقابل رد حزب الله على هذه الاستهدافات بصواريخ نوعية ومسيرات انقضاضية طاولت تل أبيب ومحيطها تل حاييم موقعاً الخسائر في الأرواح والممتلكات، ما يؤكد بداية مرحلة جديدة ومعادلة جديدة ألا وهي "تل أبيب مقابل بيروت".
ويقرأ الجنرال شربل أبو زيد لـ"لبنان 24" في ضربات حزب الله التي تستهدف عمق الكيان الاسرائيلي ويقول:
1- على المستوى العسكري يؤكد حزب الله اولاً امتلاكه للصواريخ الدقيقة بعيدة المدى من فاتح 110 إلى قادر وغيرها من الصواريخ البالستية التي تطال عمق الكيان الإسرائيلي وحتى عاصمته ومركز القرار السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني على ابعاد تفوق 125 كلمترا.
2- ان استهداف الكرياه بالصواريخ والمسيرات، وهي مقر وزارة الحرب وقيادة الأركان والسيطرة الجوية للعمليات الجوية الإسرائيلية تشكل رسالة واضحة لما لدى حزب الله من بنك معلومات دقيق للمواقع العسكرية والأمنية بدقة كما لديه وسائط التأثير المناسبة التي يستطيع بواسطتها الوصول إلى هذه الأهداف العالية القيمة والتأثير عليها، وهي رسالة أيضاً للمسؤولين السياسيين وعلى رأسهم نتنياهو إن يد المقاومة تصل إلى حيث تريد وتتخطى كل الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك السابقة.
3- تأكيد أن اي تصعيد سيقابله تصعيد بالمقابل يمنع العدو من تحقيق أي من أهدافه أو اختلال ميزان القوى لصالحه.
وتوازيا مع التصعيد الاسرائيلي الجوي، يحاول جيش العدو التقدم في أكثر من محور على حدود لبنان الجنوبية، بعد إعلانه إطلاق "أوسع عملية توغل بري" في قرى الخط الثاني من الحدود، لكن المؤكد، بحسب، الجنرال أبو زيد، أن كل محاولات الاسرائيلي على خط طير حرفا – شمع - البياضة ستبوء بالفشل، بعدما فشل لمرات متكررة التوغل والسيطرة على شمع ما يؤكد استعداد الحزب وجاهزيته القتالية واحترافه في القتال المتقارب على مسافة صفر كما وجهوزية الأسلحة المضادة للدبابات والآليات التي صدت الدبابات المتقدمة واجبرت العدو على التراجع والانكفاء. هذه الصورة نفسها تنعكس على بنت جبيل التي يطوقها جيش العدو من الجنوب والشرق والشمال ولم يستطع احتلالها بسبب المقاومة الشرسة لغاية الآن. إن بنت جبيل تشكل، وفق الجنرال بو زيد، نقطة استراتيجية مهمة في مخطط عمليات العدو لذلك يكرر عملياته للإستيلاء عليها دون جدوى لأنها تربط محاور رئيسية يمكنه من خلالها التوجه شمالاً نحو مجرى نهر الليطاني كما يمكنه تفعيل وتعزيز عملياته شرقاً أو غرباً ما يسهل ويسرع خططه الهجومية، وهذا ما تدركه المقاومة وتعمل على إحباطه. المصدر: خاص "لبنان 24"