مقاطعة كولومبيا.. الاستثناء الفيدرالي للعاصمة
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
أكرم ألفي (القاهرة)
أخبار ذات صلة«هنا مقاطعة كولومبيا، هنا العاصمة واشنطن، هنا الاستثناء الأميركي»، سكان العاصمة يذهبون للتصويت في الانتخابات الرئاسية ليعلنوا وجودهم ووحدة البلاد، فأصواتهم الـ3 في المجمع الانتخابي هي التعبير الوحيد عن سيادة الحكومة الفيدرالية سياسياً، حيث إن المقاطعة هي المنطقة الفيدرالية الوحيدة في الولايات المتحدة.
إن سكان العاصمة وعددهم 690 ألف نسمة يتمتعون بامتياز خاص في الانتخابات الرئاسية منذ 1964 بحصولهم على تمثيل في المجمع الانتخابي، فمقاطعة كولمبيا قديماً كانت جزءاً من ولاية ميريلاند حتى 1791، حيث تنازلت الولاية عن المقاطعة للحكومة الفيدرالية لتصبح عاصمة البلاد، ووفقاً لتعديل الدستور الأميركي أصبحت المقاطعة التي تضم العاصمة تابعة مباشرة للحكومة الفيدرالية ويحكمها الكونجرس.
أصوات العاصمة الـ3 ستذهب لا محالة للمرشحة الديمقراطية، حيث إن نحو 92% من الناخبين في واشنطن يعتزمون التصويت لكامالا هاريس، فالعاصمة منذ أن أصبح لها حق التصويت في الانتخابات الرئاسية، وهي تؤيد المرشح الديمقراطي بنسبة تتجاوز 75% من الأصوات، فالبيروقراطية تحب الديمقراطيين الذين يستهدفون زيادة الإنفاق الحكومي على المؤسسات الفيدرالية وفي قلبها مؤسسات المقاطعة الفيدرالية الوحيدة في البلاد.
إن سكان العاصمة أكثريتهم من أصحاب الأصول الأفريقية بنسبة 41%، فيما لا تزيد نسبة البيض عن 39%%، ويأتي اللاتينيون «الهسبانيك» في المرتبة الثالثة بنسبة 11% وهناك 5% من الآسيويين، وهذه الكتلة السكانية «البيروقراطية» تفتقر إلى التمثيل في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، ويقتصر تمثيلهم على مندوب ليس له حق التصويت في مجلس النواب وعضو مجلس الشيوخ في الظل.
هكذا فإن سكان الـ10 أميال المربعة - بحسب الدستور الأميركي- هم سكان الدولة الأميركية الفيدرالية وليس سكان ولاية، هذا الوضع الخاص كان تعبيراً عن رغبة المؤسسين الأوائل للولايات المتحدة في الحفاظ على الدولة الفيدرالية، فبعد أن كانت العاصمة في نيويورك أو فيلادلفيا، بحثوا عن منطقة محايدة، فكان اختيار مقاطعة كولومبيا التي تقع بين فيرجينيا وميريلاند لتصبح مقر البيت الأبيض والكونجرس، فهنا في واشنطن يلتقي الشمال بالجنوب «ميريلاند شمال- وفيرجينيا جنوب».
هذا البحث عن الاستثناء حرم سكان واشنطن من الكثير من الحقوق السياسية، فهذه المدينة التي تضم أكبر كفاءات البيروقراطية في العالم ليس لهم صوت انتخابي في الكونجرس وليس لهم الحق في إدارة مدينتهم، فالمدينة تحت حكم الكونجرس مباشرة.
في النهاية هنا واشنطن، هنا الاستثناء، هنا البيروقراطية التي تؤيد الحزب الديمقراطي وتمنح لمرشحه 3 أصوات في مشهد انتخابي وحيد لا يعرفه سكان العاصمة إلا كل 4 سنوات.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كولومبيا جي دي فانس تيم والز سباق الرئاسة الأميركية سباق البيت الأبيض الانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن أميركا كامالا هاريس دونالد ترامب البيت الأبيض انتخابات الرئاسة الأميركية السباق الرئاسي الأميركي الانتخابات الأميركية سکان العاصمة
إقرأ أيضاً:
المقاطعة الاقتصادية.. سلاح الشعوب في وجه الطغيان
ماجد حميد الكحلاني
من اليمن إلى غزة… موقف الكرامة لا يُساوَم عليه ففي زمن تتكالب فيه قوى الاستكبار على الشعوب الحرة، لا يمكننا أن نقف صامتين أمام مشهد العدوان المتكرر على اليمن، الذي لم يرتكب ذنباً سوى أنه أعلن وقوفه مع غزة ومع قضايا أمته بوضوح لا لبس فيه. لقد واجهت بلادنا، في الأيام القليلة الماضية، عدواناً أمريكياً غادراً، راح ضحيته أبرياء من الأطفال والنساء، والسبب أن اليمن لم يخضع، ولم يسكت، بل صرخ في وجه الظلم: “أنا مع فلسطين”.
لكن الموقف الرسمي هذه المرة لم يكن صمتاً ولا إدانةً عابرة، بل كان قراراً جريئاً وموقفاً عملياً. ففي زيارة استثنائية لوزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار، أعلن فخامة المشير الركن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى-يحفظه الله- عن منع دخول المنتجات الأمريكية والإسرائيلية إلى اليمن، ومنح مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لتطبيق القرار بشكل كامل.. مؤكداً أن المقاطعة ليست خياراً عاطفياً، بل واجب شرعي، يستند إلى نصوص صريحة من القرآن الكريم.
لقد استشهد فخامة الرئيس بالآية الكريمة: “لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا”، وهي دعوة قرآنية لمقاطعة كلمة واحدة كان يستخدمها اليهود لما تحمله من نية سخرية وخبث. فإن كان الإسلام قد أمر بمقاطعة كلمة لما فيها من إهانة، فكيف لا يُلزمنا بمقاطعة منتجات تُستخدم في تمويل الحروب، وشراء الصواريخ، وصناعة الأسلحة التي تزهق أرواح المسلمين في اليمن وفلسطين على حدّ سواء؟
المعركة اليوم لم تعد محصورة في ميادين القتال، بل امتدت إلى ساحة الاقتصاد. ففي كل مرة نشتري فيها منتجاً أمريكياً أو صهيونياً، فإننا نساهم دون أن نشعر في تقوية آلة القتل التي تستهدف شعوبنا. في المقابل، فإن قرار المقاطعة ليس فقط امتناعاً عن الشراء، بل هو موقف أخلاقي، وثورة هادئة، وسلاح بأيدي الشعوب حين تُمنع عنها البنادق.
إن ما يميز هذا القرار اليمني أنه لم يصدر استجابة للغضب الشعبي فقط، بل جاء منسجماً مع هوية الشعب ومبادئه الدينية والإنسانية. هو تأكيد أن الكرامة الوطنية لا يمكن أن تباع أو تُساوَم مقابل رفاهية مزيفة توفرها بضائع العدو. وهو أيضاً تذكير لكل من يتهاون في أمر المقاطعة أن الموقف لم يعد يحتمل التردد، وأن القادم سيكون أشد على من لا يلتزم بهذا الواجب.
إن منح مهلة لثلاثة أشهر هو اختبار للوعي العام، ولضمير كل تاجر ومواطن. فمن يصرّ على الاستيراد أو البيع أو الشراء بعد ذلك، فإنه يصطف بشكل واضح في الصف المقابل للأمة، صف المجرمين والغزاة. وهذا ما أشار إليه فخامة الرئيس بوضوح حين قال: “من لا يقاطع، فليقاطَع من الناس، وقد تُتخذ بحقه إجراءات صارمة.”
اليوم، تُكتب صفحة جديدة من صفحات العزة في تاريخ اليمن. هذه المقاطعة ليست مجرد رد فعل عاطفي، بل معركة وعي وشرف، وأداة مقاومة حضارية. إنها الرسالة التي تقول للعدو: لسنا بحاجة إلى منتجاتكم… كرامتنا أغلى.
ليعلم الجميع ان المقاطعة ليست شعاراً، ولا صيحة لحظية. إنها اختبار حقيقي للإيمان والولاء، امتحانٌ لمدى ارتباطنا بديننا، بقرآننا، بقضايانا. فإما أن نقف في صف الشهداء، أو نكون ممن يموّل قتلتهم.
“إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم” [الممتحنة: 9]
وها هم قد قاتلونا، وأخرجوا أهلنا من فلسطين، وتآمروا على اليمن.
فهل نبقى متفرجين؟ أم نردّ بالوعي… وبالمقاطعة؟