النظام السعودي يواصل التنكيل بالعُمال “الأجانب”
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
هيومن رايتس ووتش تكشف عن انتهاكات جسيمة تعذيب ومحاكمات جائرة واحتجاز قسري للعمال الأجانب بشكل ملحوظ شعار “الإصلاحات” في رؤية محمد بن سلمان 2030 مجرد وعود فارغة
الثورة / أحمد السعيدي
يعاني العمال “الأجانب” في السعودية من الظلم، ما يجعل نظام محمد بن سلمان نظاماً مجرماً بشهادة المنظمات الدولية، فالبعض هُضمت حقوقهم وفصلوا من أعمالهم حتى وصل بهم الحال إلى التسول لأجل الأكل والشرب والإيجار وعجزوا عن العودة إلى بلادهم، ناهيكم عن الإهانات التي يلاقيها العمال بالمملكة السعودية من الأجانب .
ولكل عامل قصة وأزمة، يعاني فيها الأمرين حتى يغادر البلاد كارهاً اليوم الذي جاء فيه إلى المملكة، حكايات كثيرة تؤكد أن الإنسان هو آخر ما يفكر فيه نظام بن سلمان الذي قتل وقطّع جثة خاشقجي، والذي تكدست سجونه بعلماء ودعاة ونشطاء ورموزاً مجتمعية وشباباً وبنات لمجرد أن لهم رأي لا يوافق هوى ولي العهد السعودي، فهل ينتظر الناس من وراء رؤية الشاب المتهور الفاشل نفعاً ومستقبلا!
نظام الكفالة
يُعتبر نظام الكفالة في السعودية شكلاً من أشكال العبودية الحديثة، حيث يمنح هذا النظام المسيء للعمال الأجانب في السعودية أرباب العمل سلطة شبه مطلقة على وضع العمال القانوني في البلاد، بما في ذلك قدرتهم على ترك الوظيفة، ينطبق نظام الكفالة على ملايين العمال المهاجرين في المملكة الذين يمثلون أكثر من 80 في المئة من القوى العاملة في القطاع الخاص، ما يجعلهم أساس العمل في الاقتصاد السعودي، وزعمت الحكومة السعودية أنها ستُدخل إصلاحات عمالية في عام 2021 من شأنها أن تحد من نظام الكفالة. لكن تلك “الإصلاحات” أثبتت أنها مجرد وعود فارغة، كما أظهرت إساءة معاملة بشكل مؤلم.
العبودية القسرية
آلاف العمال في المملكة الذين ترغبون في بناء مستقبل مبهر يتحدثون عن أنفسهم بأنهم منذ أن دخلوا المملكة تحولوا إلى العبودية القسرية، فمن أول يوم يقوم الكفيل السعودي بأخذ جواز العامل قسراً ولا يعطيه حق التصرف في أي شأن من شؤون حياته، حتى باتت الكفالة في السعودية نوعاً من أنواع الاتجار بالبشر، رؤية محمد بن سلمان في مشروعات الصحراء قائمة بالأساس على نظام العمل القمعي وتعتبره ركيزة أساسية لجميع الخطط الاقتصادية الكبرى في المملكة، وحال العمال الآسيويين بالأخص أكبر دليل على فساد نظام الكفالة في المملكة وتدمير حياة العمال وعزلهم عن البشرية التي يعلمون ويعيشون بينها، فبعضهم يعيشون عشرات السنين يعمل في شركة أو مؤسسة واحدة برواتب زهيدة مجبرا على العمل قسرا وقهرا إذ لا يستطيع أن يعود إلى بلده أو أن يرفض أوامر كفيله الذي قد يقوم بعمل محضر هروب له وهو يعيش في بيت كفيله لإجباره على حياة العبودية.
انتهاكات حقوقية
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن العمال الأجانب، الذين يشكلون ثلث تعداد سكان المملكة العربية السعودية، يواجهون صنوف التعذيب وأساليب انتزاع الاعترافات منهم قسراً والمحاكمات الجائرة، عندما يتهمون بارتكاب الجرائم؛ جاء هذا في تقرير جديد أصدرته المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان مؤخرا، يقدم لمحة نادرة عن نظام القضاء السعودي، ويلقي التقرير الجديد الذي يقع في 135 صفحة، والصادر تحت عنوان: “أحلام مزعجة: استغلال العمال المهاجرين وانتهاك حقوقهم في السعودية”، أول نظرة شاملة على الانتهاكات المتفشية على نطاق واسع التي يكابدها العمال الأجانب في السعودية؛ كما يسلط الضوء على الأوضاع المزرية والاستغلالية التي يقاسيها الكثير من العاملين الأجانب، والفشل الذريع لنظام القضاء في تحقيق العدل والإنصاف للضحايا.
اعتقالات وإعدامات
ووثقت هيومن رايتس ووتش حرمان الأجانب المعتقلين في السعودية من زيارات ممثلي قنصلياتهم، وإرغامهم على توقيع اعترافات لا يستطيعون قراءتها. ويتضمن التقرير حالات أعدم فيها المدانون بقطع رؤوسهم، ولم تبلغ السلطات السعودية سفارات بلدانهم ولا عائلاتهم إلا بعد إعدامهم، وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش:”إن مشكلات السعودية أعمق بكثير من الهجمات الإرهابية التي تودي بحياة المدنيين الأبرياء؛ وما اكتشفناه من انتهاكات لحقوق العاملين الأجانب يظهر المثالب المروعة التي تشوب نظام القضاء الجنائي في مجمله؛ وإذا كانت السعودية جادة بشأن الإصلاح، فما أحراها أن تبدأ بهذا المجال”.
تقاعس الحكومة
ويوثق تقرير المنظمة تقاعس الحكومة السعودية عن إعمال قوانينها العمالية تصدياً للانتهاكات الخطيرة التي يقاسيها العمال الأجانب على أيدي أصحاب عملهم فلقد وجدت المنظمة رجالاً ونساءً يرزحون تحت وطأة ظروف أشبه بحياة الرقيق؛ وتظهر الحالة تلو الأخرى أن السعوديين يغضون الطرف عن الانتهاكات المنهجية المرتكبة ضد العمال الأجانب، كما فحصت هيومن رايتس ووتش قضية التمييز بين الجنسين على ضوء معلومات مستقاة مباشرة من نساء آسيويات عملن مؤخراً في السعودية؛ ويسلط التقرير الضوء على أسلوب إرغام النساء على البقاء حبيسات وراء أبواب مغلقة طوال اليوم في ظروف غير مأمونة، وهو أسلوب يُمارس على نطاق واسع في السعودية، ففي إحدى الحالات، كانت نحو 300 امرأة من الهند وسريلانكا والفلبين يعملن في نوبات طول كل منها 12 ساعة، لمدة ستة أيام كل أسبوع، حيث يقمن بتنظيف المستشفيات في جدة. وفي نهاية كل يوم عمل، تُعاد هؤلاء النسوة إلى مساكن مكتظة شبيهة بالمهاجع أو عنابر النوم، حيث تحشر 14 امرأة في غرفة صغيرة تحتوي على أسرَّة كالأرفف متراصة بعضها فوق بعض؛ وتوصد أبواب هذه الغرف من الخارج، مما يحرم النسوة من أي حرية للحركة طيلة مدة تعاقدهن التي تبلغ سنتين أو ثلاث سنوات. وقالت هيومن رايتس ووتش إن مثل هذا الاحتجاز القسري للعاملين، ولا سيما العاملات، يجب اعتباره جريمة جنائية بموجب القانون السعودي.
احتجاز للنساء
ويشمل التقرير أربع حالات لنساء وقعن ضحايا للاحتجاز القسري والإيذاء الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب؛ وفي هذه الحالات الأربع جميعاً، لم يواجه الجناة أي تحقيقات أو دعاوى جنائية، ومن بينهم ثلاثة زُعم أنهم اقترفوا جريمة الاغتصاب. كما يتضمن التقرير معلومات عن نساء وجدتهن منظمة هيومن رايتس ووتش في أحد سجون الرياض، حيث يقضين عقوبة السجن بتهمة “الحمل غير الشرعي”، وذكر التقرير إن التمييز يبن الجنسين المتفشي في النظام القانوني السعودي – مصحوباً بتجاهل الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون لشكاوى المرأة – يجعلها نهباً لمخاطر جسيمة؛ وإذا ما أضيف لهذا المزيج ما تكابده العاملات من احتجاز قسري، فإن ذلك يزيد من خطر تعرضهن للعنف الجنسي.
نسبة الأجانب
وقد كشف وزير العمل السعودي أن هناك 8.8 مليون أجنبي في السعودية، وهو رقم أعلى بكثير من الأرقام التي ذكرتها الحكومة من قبل؛ ونظراً لأن عدد السكان الأصليين يبلغ نحو 17 مليوناً، فإن معنى ذلك هو أن نسبة الأجانب إلى المواطنين السعوديين تناهز واحداً إلى اثنين، وتشمل أكبر جاليات المغتربين في السعودية ما يتراوح بين مليون ومليون ونصف مليون نسمة من كل من بنغلاديش والهند وباكستان، فضلاً عن 900 ألف آخرين من كل من مصر والسودان والفلبين. وهناك أيضاً 500 ألف عامل من إندونيسيا، و350 ألفاً آخرين من سريلانكا، معظمهم من النساء.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: هیومن رایتس ووتش العمال الأجانب نظام الکفالة فی السعودیة فی المملکة بن سلمان
إقرأ أيضاً:
“تقدم” – العمياء التي لا ترى ما حولها.!!
الحراك المدني والسياسي في بلادنا لم يتعافى من أمراض الماضي، ظل يكرر التجارب السابقة بكل عيوبها، هذا إذا لم يزد في وتيرة العيب التراكمي، فحين انقلب الاخوان على الحكومة الشرعية برئاسة الصادق المهدي، لم ينتفض رئيس الوزراء الشرعي (الصادق)، الانتفاضة التي تليق به كصاحب حق أصيل منحه الشعب عبر صناديق الاقتراع، فخان الأمانة التي تستوجب مواصلة المشوار النضالي المعارض )بصدق(، فهادن النظام الذي سيطر على مقاليد أموره صهره زعيم الاخوان، وعمل على تهدئة الأنصار الغاضبين، باستحداث تنظير جديد أفرز نوع غريب من المعارضة أسماه (الجهاد المدني)، الذي كان بمثابة تعطيل لصمود بعض الشرائح الحزبية الساعية لمواجهة الانقلابيين عسكرياً، ومن غرائب ومدهشات هذا (الصادق المهدي)، أنه لم يكتف بإقناع اتباعه بضرورة سلوك الجهاد المدني (النضال الاستسلامي)، بل عمل سرّاً مع الانقلابيين لتعضيد بقائهم في السلطة، التي نزعوها منه نزعاً، وذلك باختراقه للتجمع الوطني – التحالف السياسي والعسكري العريض، الذي تأسس من أجل إزالة الحكومة الاخوانية المنقلبة على شرعية (رئيس الوزراء الصادق المهدي)، الذي خرج من الخرطوم على مرأى ومسمع أجهزة الحكومة الاخوانية، في رحلة سفر بريّة عبر الحدود السودانية الارترية، والتحق بالتجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا، ثم عاد بعد مضي أشهر قليلة، أعقبها تفكك التحالف الهادف لاستعادة الشرعية، وحصل من النظام على المكافأة، هذا الحدث التاريخي المهم يجب على السياسيين (الشرفاء)، أن يلقنونه للأجيال الحاضرة، وأن لا يخدعوهم بتسويق الرجال الديمقراطيين المزيفين الرافضين لحكم العسكر نفاقاً، فمثل هذا التآمر المدني مع الانقلابيين العسكريين الاخوانيين، هو واحد من أسباب معاناة شعبنا من بطش العصابة الاخوانية، لذلك يجب الربط بين الخذلان الذي مارسه زعيم حزب الأمة، والأسباب الجوهرية التي مهدت لوصول الاخوان (الجبهة الإسلامية) للسلطة عبر الانقلاب.
عاشت قيادات أحزاب الأمة والاتحادي والبعث والشيوعي وغيرها، في توائم وانسجام مع منظومة دولة الانقلاب، التي رأسها البشير لثلاثين سنة، فسجدوا جميعهم داخل قبة برلمان (التوالي السياسي)، الذي وضع لبنة تأسيسه حسن الترابي شيخ الجماعة الاخوانية، هذا التماهي مع الانقلاب خلق طبقة سياسية حزبية داجنة ومذعنة لما يقرره العسكر الانقلابيون، لذلك جاءت ردة فعل القوى السياسية المشاركة في حكومة حمدوك مهادنة بعد انقلاب العسكر عليها، ولم تساند رئيس وزراء الثورة المساندة القوية والمطلوبة، ليصمد أمام الأمواج العاتية القادمة من بحر الانقلابيين الهائج المائج، فقدم حمدوك استقالته وغادر البلاد، وفشل طاقم الحكومة الشرعية في اختيار رئيس وزراء جديد ولو من منازلهم، ليقود الحراك الثوري المشروع، وكذلك أخفق أعضاء المجلس السيادي الشرعيين، في اختيار رئيس لمجلسهم للاستمرار في تمثيل السيادة التي اختطفها الانقلابيون، فارتكبوا ذات خطأ رئيس الوزراء الأسبق الذي انقلب عليه الاخوانيون، فاستسلم وانهزم وقدم لهم خدماته الجليلة، الخطأ الثاني هو عودة حمدوك لقيادة طاقم حكومته الشرعية تحت مسمى تحالف سياسي جديد مناهض للحرب أسموه "تقدم"، في خلق ازدواج للجسم السياسي الحاضن للشرعية "قحت"، كان يجب أن تستمر "قحت" في لعب دورها الداعم لثورة الشباب وحكومة الانتقال الحقيقية، وأن تترك رئيس الوزراء المستقيل ليكوّن التحالف المدني (غير السياسي)، المنوط به إيقاف الحرب، فاستقالة حمدوك ابّان ذروة الصلف الانقلابي هزمت الثوار وطاقم حكومته، فما كان له أن يعود للتعاطي السياسي بعد أن غادر السلطة طواعيةً، ومن الأفضل أن يكون أيقونة مدنية ورمز وطني يسعى بين السودانيين بالحسنى بقيادة آلية مدنية توقف الحرب.
الضعف السياسي والمدني المتوارث عبر الأجيال، فتح الباب واسعاً أمام فلول النظام البائد، لأن يصولوا ويجولوا بين بورتسودان وعطبرة مختطفين سيادة البلاد وحكومتها، فالمؤتمر الذي أقيم في كينيا بغرض تشكيل حكومة يعتبر خطيئة كبرى من "قحت" المتحورة إلى "تقدم"، كان الأجدى أن يمارس وزراء حمدوك دورهم الشرعي الذي لا يجب أن يهدده الانقلاب غير الشرعي، وأن يختاروا من بينهم رئيساً للوزراء بديلاً للمستقيل، ليصدر قرارات بإعفاء جميع رموز الحكومة التنفيذية المنخرطين في الانقلاب من وزراء وولاة وحكام أقاليم، ويستعيض عنهم بكوادر دستورية بديلة ممن يذخر بهم السودان، وأن يقوم أعضاء مجلس السيادة أصحاب الشرعية الدستورية بالدور نفسه، وأن يستمر دولاب العمل في المناطق المحررة بوتيرة طبيعية، تهيء الأجواء لقيام الدستوريين بدورهم الوطني، إنّ ما فعلته القوى السياسية والمدنية من تخبط وخلط لأوراق اللعبة السياسية بالمدنية والعسكرية، هو ما قاد لهذا الوضع الضبابي الذي يشي بحدوث انشقاقات أميبية، سوف تعصف بوحدة تحالف "تقدم"، بحسب ما يرى المراقبون، بل وتفتح الباب لاتساع الفراغ السياسي المتسع يوماً بعد يوم منذ أن اندلاع الحرب، لقد لعبت "تقدم" دور الأعمى الذي لا يرى ما يعوزه من أشياء هي في الأساس موجودة حوله، وعلى مرمى حجر من عكازه الذي يتوكأ عليه، فتقدم في حقيقتها هي "قحت" الحاضن لأجهزة الانتقال – حكومة تنفيذية ومجلس سيادي وجهاز تشريعي لم يؤسس، فلماذا تبحث عن شرعية تمتلكها؟، وكيف سمحت لأن يقودها العميان لإضفاء شرعية على حكومة بورتسودان الانقلابية المشعلة للحرب؟.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com