أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن القرآن الكريم يمثل أعلى درجات الإعجاز والتحدي، حيث يُعتبر متحدىً بأقصر سورة منه. وبيّن أن هذا التحدي لا ينطبق على كلام النبي صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن الإعجاز كان في القرآن الكريم، بينما لم يقع التحدي في كلام النبي، مما يوضح الفرق الجوهري بين النصين.


وأوضح رئيس جامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، أن الإعجاز والتحدي كانا بالقرآن الكريم، بينما كلام النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع فيه التحدي، ولذلك، قيل إن القرآن معجز، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم غير معجز، لأن التحدي كان أن يأتوا بمثل القرآن الكريم.

 

وتابع: "في الحقيقة، الجاحظ، الأديب العربي الكبير، قال إن كتبه تعلّم العقل، وكان الصاحب ابن عباد دائمًا يحب الجاحظ ويحرص على أن ينتصر له إذا عابه أحد، ففي يوم من الأيام، في أحد المجالس، عاب الجاحظ شيخ من الشيوخ، ولم يرد عليه الصاحب ابن عباد، فقالوا له: لماذا خالفت عادتك؟ فقال: (لو علمته وأوقفته على كتب الجاحظ لقرأها، وكان من الناس، فقلت: دع الشيخ على جهله)، سبحان الله! فكتبه تعلم العقل، وهي مهمة جدًا لمن أراد أن يعرف شيئًا من تراث هذه الأمة".

 

وأضاف: "الجاحظ يقول عن النبي عليه الصلاة والسلام: (لم ينطق إلا عن ميراث حكمة)،  لاحظ، ربما أقضي عمري ولا أستطيع أن أقول هذه الكلمة، لم ينطق إلا عن ميراث حكمة، ولم يتكلم إلا بكلام محفوظ بعصمة الله، وشيد بالتأييد، وهذا هو كلام سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وأديبنا الكبير أحمد حسن الزيات كان دائمًا يحب أن يمشي وفي جيبه نوتة صغيرة، يقيد فيها رفيع الكلام الذي يسمعه والذي يقرأه، ولذلك، كان هذا سبيلًا جعله يتميز عن كثير من أقرانه المعاصرين، وهذه طريقة معروفة قديمًا، حتى قالوا لابن المقفع، صاحب "الأدب الكبير" و"الأدب الصغير": "أدبك الجميل من أين أتيت به؟" فقال: "حفظت الخطب، ففاضت"، فالله يعني أن كثرة قراءتك للكلام العالي، كثرة قراءتك في كلام الله وفي كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الشعر العالي والأدب الرفيع، تثقل الملكة البيانية وتساعد على تجويد البيان والفكر، يرفع المستوى الثقافي للقارئ، ويرفع المستوى الثقافي للأمة، للأسف، نحن نشكو في زماننا هذا من ضعف المستوى الثقافي وتردي اللغة حتى على ألسنة بعض المتخصصين.. لماذا؟ لأنه اكتفى باللقب العلمي ولم يغمس يده في تراث العربية ولم يغمس يده في بحار القرآن الكريم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، والشعر العالي والنثر الرفيع، ولذلك، هذا هو السبيل، أسمع، الكلام من الكلام، إذاً، الكلام على قدر ما تقرأ وعلى قدر ما تستفيد، أحمد حسن الزيات يقول إن بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم من صنع الله، وما كان من صنع الله تقصر مقاييس البشر عن قياسه، يا سلام، شفت العبارة؟".
 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رئيس جامعة الازهر اللغة النبی صلى الله علیه وسلم المستوى الثقافی القرآن الکریم کلام النبی

إقرأ أيضاً:

"التوسط وعدم الإسراف".. رسائل من الأزهر لكيفية الحفاظ على موارد الحياة

في تقريرٍ يحمل عنوان "التوسط وعدم الإسراف"، أصدر المركز العالمي للفتوى الإلكترونية التابع للأزهر الشريف دعوةً قوية للتفكير في أهمية الاعتدال في حياتنا اليومية وتجنب مظاهر التبذير. التقرير يتناول مفهوم الإسراف من منظورٍ واسع، حيث يبين كيف يمكن أن تتسع دائرة الإسراف لتشمل موارد الحياة المختلفة من ماء وطعام ومال، محذرًا من عواقب الاستهلاك المفرط وتأثيره السلبي على الأفراد والمجتمع.

البداية من الوضوء كمثال على الاعتدال

أوضح التقرير أن هناك أفعالًا قد نمارسها ظانين أنها لا تتعارض مع الشرع، ولكنها قد تتجاوز حدود الاعتدال الذي حث عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ضرب المركز مثالًا في الوضوء، حيث جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أظهر لأحد الأعراب كيفية الوضوء بالاقتصار على ثلاث مرات فقط، وقال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم". فالتقرير يذكّرنا بأن الإسراف قد يتسلل إلى حياتنا اليومية دون أن نشعر.

هل تعلم كمية الماء الكافية للوضوء؟

في جانبٍ آخر من التقرير، يسأل المركز: "هل تعلم أن كمية الماء الكافية للوضوء لا تتعدى ثلث لتر، وللغسل لترين ونصف فقط؟" ويوضح أن أي زيادة على هذه الكميات تعد إهدارًا غير مبرر. يستشهد التقرير بحديث نبوي شريف، حينما قال صلى الله عليه وسلم: "الوضوء مد، والغسل صاع". فقد أظهر النبي الكريم ضرورة التوازن وعدم الإسراف حتى في الطهارة والعبادة.

ما وراء استخدام الماء لغسل السيارات

التقرير يشير إلى أن كمية الماء المستخدمة في غسل سيارة واحدة قد تروي عطش مئة شخص، مسلطًا الضوء على نعمة الماء وضرورة المحافظة عليها، خاصة في ظل التحديات المناخية وزيادة الطلب على الموارد. 

ويذكّر بقول الله تعالى: "ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"، محذرًا من عواقب الإسراف في استخدام الموارد المائية.

الطعام ليس للمباهاة

وفيما يخص الطعام، يركز التقرير على مفهوم الاقتصاد في الأكل وتجنب التبذير، موضحًا أن شراء كميات كبيرة من الطعام، أو عرضه على الموائد بشكل مبالغ فيه، ليس إلا هدرًا للموارد. 

ويؤكد التقرير أن الطعام لم يُخلق ليُلتقط بجواره الصور التذكارية ثم يُهمل، بل يجب علينا أن نضع على الموائد ما يكفينا دون أن نرمي الطعام في القمامة.

الإسراف في اقتناء أدوات الترف وتبعاته

كما يناقش التقرير مفهوم الإسراف في اقتناء الأشياء الفاخرة كأواني الذهب والفضة، ويعتبرها من الإسراف المحرم شرعًا لما في ذلك من مظاهر التباهي.

 يُروى في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذي يشرب في إناء الفضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم"، ليؤكد أن استخدام مثل هذه الأدوات له عواقب دينية ودنيوية.

الأكل والشرب بحدود وأهمية الاعتدال

التقرير يوضح أيضًا أن الإسراف في الأكل قد يؤدي إلى أضرار صحية جسيمة، حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه"، مشيرًا إلى أن الاكتفاء بالقليل يكفي الإنسان ويمنع الضرر الناجم عن الإفراط.

التبذير في الحفلات وأهمية إطعام الجائعين

يناقش التقرير عادة الموائد المفتوحة في الحفلات والمناسبات، معتبرًا أنها أصبحت وسيلة للمباهاة الاجتماعية لا أكثر. ويشدد المركز على أن إطعام المحتاجين أولى بكثير من هذا التبذير الذي لا طائل من ورائه، مستشهدًا بقصة الخليفة عمر بن عبد العزيز عندما فضّل صرف الأموال على إطعام الفقراء بدلًا من استخدامها في تجميل بيت الله الحرام.

التوسط في الزواج مفتاح السعادة

التقرير يتناول أيضًا قضية الإسراف في مصاريف الزفاف، مشيرًا إلى أن مثل هذه المصاريف لا تمنح الزوجين السعادة المنشودة. السعادة الزوجية تنبني على التوافق والاحترام المتبادل، وليس على حجم الإنفاق على الأفراح.

الإسراف وعواقبه في نصوص الشريعة

التقرير يستعرض نصوصًا شرعية متعددة تؤكد على قيمة الاعتدال وتشجع على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن الله وعد أهل الاعتدال بأن يكون حسابهم يسيرًا يوم القيامة، بينما يواجه المسرفون مشقةً في حسابهم. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا".

التحذير من الإسراف في الوقت

يلفت التقرير الانتباه أيضًا إلى أهمية الوقت وعدم إهداره في أمور غير مفيدة، حيث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، ويذكر بأن الإنسان سيحاسب على وقته يوم القيامة.

نحو حياة بلا إسراف

وفي الختام، يؤكد التقرير أن الاعتدال في استخدام النعم هو السبيل الأمثل للحفاظ عليها. يوضح أن التعامل مع الموارد بحذر يمكن أن يضمن استفادة الجميع منها، معطيًا أمثلة عن الإسراف مثل ترك صنبور المياه مفتوحًا، أو الإفراط في غسل الأشياء، واستخدام الكهرباء بلا داعٍ.

أقوال السلف عن الإسراف

ويختتم التقرير بأقوال مأثورة من السلف عن أهمية الاقتصاد، مثل قول عمر بن الخطاب: "كفى بالمرء كل ما اشتهى"، مشيرًا إلى أن الاقتصاد في الأمور كافة يُعتبر من القيم الرفيعة التي يجب التحلي بها.

بهذا يكون التقرير قد رسم صورة شاملة حول خطورة الإسراف وأهمية التوسط، مشجعًا على اتباع نهج الاعتدال في جميع مناحي الحياة.

مقالات مشابهة

  • أوقاف الفيوم تنظم فعاليات اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي
  • في عيد الحب.. النبي والسيدة خديجة وقصة حب عبرت الحياة والممات
  • حفظ النسل.. الجامع الأزهر يعقد الملتقى الفقهي الطبي الأول
  • حكم وضع اليد على الآية عند قراءة القرآن من المصحف
  • رئيس جامعة الأزهر: إعجاز القرآن يتمثل في البلاغة وسلاسة الأسلوب
  • بأقصر سورة منه.. رئيس جامعة الأزهر: القرآن يمثل أعلى درجات الإعجاز والتحدي
  • نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي بأسيوط يكرم الفائزين فى مسابقة القرآن الكريم   
  • "التوسط وعدم الإسراف".. رسائل من الأزهر لكيفية الحفاظ على موارد الحياة
  • كشف سر العادة النبوية: لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح بجسده بالمعوذتين قبل النوم؟ وما هي فوائد هذه العادة؟