المقاومة الفلسطينية وغزة في الأدب والثقافة الإيرانيين
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
مع حلول الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، تتجدد النقاشات حول دور المقاومة الفلسطينية وتأثيرها العميق على المستويين السياسي والثقافي.
وفي هذا السياق، يُلاحظ تفاعل الأدب والثقافة الإيرانيين بشكل خاص مع قضية المقاومة في غزة، حيث لعبت القضية الفلسطينية، وخاصة أحداث غزة، دورا بارزا في تشكيل الخطاب الثقافي الإيراني على مر العقود الماضية.
منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979، أصبحت القضية الفلسطينية، وخاصة دعم المقاومة الفلسطينية، جزءا لا يتجزأ من الهوية السياسية والدينية لإيران، وقد انعكست هذه الرؤية في الأدب الإيراني الذي شهد تطورا كبيرا في تناوله لقضايا المقاومة والصمود الفلسطيني.
الشعر والمقاومة الفلسطينية: يحظى الشعر في إيران بمكانة عالية، وقد خصص العديد من الشعراء الإيرانيين قصائد تتغنّى بالمقاومة الفلسطينية وتندد بالاحتلال الإسرائيلي. وتمتزج في هذه القصائد مشاعر التضامن مع الفلسطينيين ودعمهم، وتُعبّر عن المقاومة كجزء من النضال العالمي في وجه الظلم. يُعدّ الشاعر الإيراني علي موسوي كرمارودي أحد أبرز الشعراء الذين خصصوا مساحة واسعة من أعمالهم لقضية فلسطين، فقد كتب قصائد تحمل رمزية قوية عن غزة وصمود أهلها.الرواية والسرد الفلسطيني في الأدب الإيراني: تأثرت الرواية الإيرانية، خاصة في العقود الأخيرة، بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ أصبحت المقاومة الفلسطينية جزءا من السرديات الروائية التي تتناول قضايا العدالة والنضال ضد الاحتلال. وتظهر غزة في هذه الروايات رمزا للصمود والتحدي، مستعارةً كخلفية لأحداث تتناول الأبعاد الإنسانية للصراع.
الترجمة الأدبية للأعمال الفلسطينية: لم يقتصر الأمر على الإنتاج الأدبي الإيراني فقط، بل أسهمت دور النشر الإيرانية في ترجمة العديد من الأعمال الأدبية الفلسطينية، خاصة تلك التي توثق أحداث الحروب في غزة. ومن خلال هذه الترجمات، يسعى المثقفون الإيرانيون إلى تعزيز الروابط الثقافية مع الشعب الفلسطيني وإيصال صوتهم إلى القراء الإيرانيين.
إلى جانب الأدب، تلعب الثقافة الإيرانية دورا كبيرا في الاحتفاء بالمقاومة الفلسطينية، حيث تعد المقاومة جزءا من "الهوية الثورية" التي تتبنّاها الدولة وفئة من المجتمع.
السينما والتلفزيون: أنتجت السينما الإيرانية، المعروفة بدقتها الفنية ورسائلها العميقة، عددا من الأفلام الوثائقية والدرامية التي تتناول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، مع التركيز على غزة كمحور لهذه الأفلام. وأحد أبرز هذه الأعمال هو فيلم "33 يوما" الذي يتناول العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/تموز 2006 ولكن مع إسقاط رمزية المقاومة فيه على الوضع في غزة. كذلك تركز الأفلام الوثائقية على قصص الأفراد والعائلات التي تعيش تحت الحصار والقصف، لتقدم صورة إنسانية لحياة الفلسطينيين اليومية. الفنون التشكيلية: الفنانون التشكيليون الإيرانيون أسهموا أيضا في تصوير المقاومة الفلسطينية في أعمالهم، حيث يبرز استخدام رموز مثل الأقصى ومدينة غزة في اللوحات الجدارية والمعارض الفنية. وغالبا ما تُعرض هذه الأعمال في المناسبات الوطنية والثقافية التي تحتفي بالقضية الفلسطينية، مثل "يوم القدس العالمي"، وهو فعالية سنوية تُنظم في آخر جمعة من رمضان تعبيرا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.المهرجانات الثقافية: تنظم إيران مهرجانات ثقافية تتناول القضية الفلسطينية، حيث تُعرض أفلام وكتب وقطع فنية تتناول موضوع غزة والمقاومة. وتعد هذه المهرجانات جزءا من إستراتيجية "القوة الناعمة" الإيرانية التي تهدف إلى إبراز دعمها السياسي والثقافي لفلسطين أمام المجتمع الدولي.
المقاومة في الخطاب الديني والثوري
اضطلعت المقاومة الفلسطينية في غزة بدور محوري في تشكيل الخطاب الديني والثوري في إيران، حيث تقدّم كجزء من "الجهاد ضد الظلم"، وهو مفهوم أساسي في الفكر السياسي الإيراني منذ الثورة الإسلامية.
تُعدّ غزة رمزًا للمقاومة الإسلامية ضد الاستعمار والظلم، ويروّج لهذا الخطاب في المساجد، وفي خطب الجمعة، وفي وسائل الإعلام الإيرانية. ويُنظر إلى قادة المقاومة الفلسطينية على أنهم حلفاء وشركاء في النضال ضد "الاستكبار العالمي" الذي تقوده إسرائيل وحلفاؤها.
الثقافة والفن يساندان السياسة
يشكل الأدب والثقافة الإيرانيان ركيزة أساسية في التعبير عن التضامن مع غزة والمقاومة الفلسطينية. فمن خلال الشعر والروايات والأفلام والفنون التشكيلية، تسهم إيران في تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية وترويج خطاب المقاومة.
كذلك فإن تفاعل هذه الأعمال الثقافية مع الأحداث الجارية في غزة يعكس مدى الارتباط بين المشهد السياسي الإيراني والبعد الثقافي الذي يسعى إلى تقديم دعم معنوي وأيديولوجي للقضية الفلسطينية.
وفي الذكرى السنوية الأولى لحرب غزة، يستمر الأدب والثقافة الإيرانيان بأداء دور محوري في إبراز المقاومة الفلسطينية كقضية إنسانية وسياسية، وتعزيز مكانة إيران كداعم رئيسي لهذه القضية في المنطقة وعلى المستوى العالمي.
ومع مرور عام على حرب غزة، تظل القضية الفلسطينية جزءا حيويا من المشهد الثقافي والإعلامي في إيران. يتجدد هذا الاهتمام سنويا من خلال أعمال أدبية وثقافية تُخلّد صمود الشعب الفلسطيني وتُبرز الأبعاد الإنسانية والسياسية للصراع، لتعزز من الروابط الثقافية والدينية بين إيران وفلسطين، وتؤكد استمرار الدعم الإيراني للمقاومة باعتبارها جزءا من سردية النضال ضد الظلم في العالم الإسلامي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المقاومة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة الأدب والثقافة المقاومة فی فی إیران فی الأدب جزءا من فی غزة
إقرأ أيضاً:
احذروا من التهاون مع «قلة الأدب»
سواء من الصغار أو الكبار لابد أن تستوقفكم (قلة الأدب) لابد أن يكون للجميع موقفاً تربوياً حاسماً مع من يقللون الاحترام ويتجاوزون حدود الأدب. الله عزَّ وجلَّ، قال عن رسوله عليه الصلاة والسلام: (وإنك لعلى خلق عظيم) وقال عليه الصلاة والسلام عن رسالته العظيمة: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وقال عليه الصلاة والسلام: (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون) كما قال: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً وزعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً وزعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه). ولو بحثنا في آيات القرآن عن صفات المؤمنين لوجدناها كلها تنطوي على التمسك بالدين والأخلاق الكريمة في التعاملات: (الدين حسن الخلق.) وكم رددنا حتى حفظنا كل الحكم والأبيات الشعرية التي تنادي بالأخلاق الحسنة وها هي أبيات معروف الرصافي التي تقول :
هي الأخلاق تنبت كالنبات إذا سقيت بماء المكرمات
تقوم إذا تعهدها المربي على ساق الفضيلة مثمرات
ولم أر للخلائق من محل يهذبها كحضن الأمهات
فحضن الأم مدرسة تسامت بتربية البنين أو البنات
وقال أحمد شوقي رحمه الله : ( إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا )
يقول المتنبي : (من عاش صفراً من الأخلاق والأدب ، يحيا فقيراً ولو يمشي على الذهب، ما قيمة المرء إلا طيب جوهره ، لا ما حواه من الأموال والنسب ) فعلاً الأمة بأخلاقها تقاس والعائلات الكريمة بأخلاق أفرادها توزن لا قيمة للشخص إلا بأدبه ودون الأدب هو صفر لا يساوي شيئاً لذلك لا تتهاونوا إذا لاحظتم سوء أدب من الأبناء تجاهكم أو تجاه الكبار أياً كانوا أقارب أو بعيدين، جرأة الصغار على الكبار وسوء الأدب معهم، أمر غير مقبول شرعاً ولا عرفاً فاحذروا منه ونبهوا له ولا يمر معكم مروراً عابراً. فإساءة الأدب وسوء الخلق حين يتم تجاهلها، تستشري وتتفاقم حتى تصبح سلوكاً عادياً مستأصلاً فيهم. مهما كبر أبناؤكم وبناتكم، نبهوهم لأي تصرف فيه سوء خلق وإساءة أدب حتى يعرفوا أنه تصرف غير لائق وغير مقبول. ووضحوا لهم بالأدلة من القرآن والسنة واجتهادكم في الحياة. كلموهم عن خبراتكم وتجاربكم ومواقف صارت معكم تعلمتم منها. لا تسمحوا للأطفال أن يتطاولوا على الكبار لتضحكوا من كلامهم وتصرفاتهم فهذا أمر خطير جداً. دربوهم على الأدب واحترامكم واحترام الآخرين، عودوهم على التمسك بالقيم والعادات الكريمة والأخلاق الفاضلة حتى تصبح طبيعةً لهم ونبراس سلوكياتهم وبناء شخصياتهم على الفضائل. لا تتهاونوا في سخريتهم بالآخرين. لا تتهاونوا في احتقارهم وتطاولهم على الخدم والعاملين. لا تتهاونوا في ملبسهم غير المحتشم. لا تتهاونوا فيما يأتيكم عنهم من ملاحظات سلبية. لا تتهاونوا مع تجاوزاتهم مهما كانت في نظركم بسيطة. لا تفرطوا في التدليل والعطاء وتعاملوا بحزم تربوي يرتقي بكم وبهم فأبناؤكم هم صناع المستقبل وهم سندكم بعد الله فأحسنوا إليهم بعدم التهاون حيال تجاوزاتهم فلا تسمحوا لهم برفع أصواتهم عليكم أو مد أيديهم في وجوهكم بالإشارات والتلويح تعبيراً عن غضبهم. علموهم أن يتكلموا معكم باحترام ويجلسوا أمامكم باحترام ويتعاملوا في مجلسكم بكل أدب وأن يمثلوكم بأدب فهذا ضرب من ضروب البر بكم. علموهم أن يحرصوا على قيمة الوفاء والامتنان والتقدير لكل من قدم لهم معروفاً أو خدمة. علموهم أنه كلما كانوا مؤدبين، كلما ازدادوا رفعةً عند الله ورسوله والمؤمنين. وكلما كانوا ذوي خلق حسن، كلما قدموا لوالديهم خدمة جليلة بدعوة تأتيهم بظهر الغيب من حسن أدب وتربية أبنائهم (جزى الله خيراً
من أدبكم) وهكذا.لا يرفع الناس إلا أخلاقهم، ولا يضعهم إلا سوء أخلاقهم. وفقنا الله جميعاً لحسن الخلق ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً)