يقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن صورة مرتزقة فاغنر الروسية، التي طالما عُرفت بسمعتها القوية، تداعت في أفريقيا بعد أن تعرضت لهزيمة كبيرة في مالي يوليو/تموز الماضي على يد المسلحين هناك.

وأوضحت الصحيفة في التقرير، الذي كتبه 4 من مراسليها، أن تلك الهزيمة التي تعرضت لها فاغنر لم تكن متوقعة وتكبّدت خلالها خسائر جسيمة في شمالي البلاد خلال معركة شرسة ضد جماعات أزوادية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أويل برايس: بغداد تسعى لإنهاء شبه استقلال إقليم كردستانlist 2 of 2جندي بريطاني بالجيش الإسرائيلي: مقاتلو حزب الله هم الأفضلend of list

وأشار التقرير إلى سقوط 46 مقاتلا، على الأقل، من مرتزقة فاغنر، إضافة إلى مقتل 24 جنديا من الجيش المالي المتحالف مع فاغنر، وهو ما يُعد أحد أكبر الإخفاقات التي تعرضت لها المجموعة في أفريقيا.

إحدى أهم المحطات

وأضاف التقرير أن هذه المعركة، تُعد إحدى أهم المحطات التي كشفت عن التحديات التي تواجهها فاغنر في التعامل مع التضاريس الوعرة لمالي، حيث أظهرت قدرتها المحدودة في مواجهة المسلحين المحليين الذين يقاتلون بأساليب حرب العصابات.

وبيّن التقرير أن مسلحي الأزواد كانوا على معرفة جيدة بطبيعة المنطقة واستخدموا هذا التفوق لصالحهم، مما جعلهم قادرين على إلحاق خسائر جسيمة بمرتزقة فاغنر والجيش المالي المتحالف معهم.

وحسب نيويورك تايمز، فإن فاغنر، التي تعتبر ذراعا عسكريا لروسيا في أفريقيا، كانت تسعى لبسط نفوذها في مالي وملء الفراغ الأمني الذي خلفه انسحاب القوات الفرنسية. ومع ذلك، فإن هذه الانتكاسات بدأت تطرح أسئلة حول مدى قدرة فاغنر على تحقيق الاستقرار في المناطق المضطربة.

ليست حادثة معزولة

ولم تكن معركة يوليو/تموز مجرد حادثة معزولة، بل هي جزء من سلسلة معارك طاحنة بين فاغنر والمسلحين المعارضين لوجود فاغنر بشمال مالي. وتشكل هذه الاشتباكات العنيفة بين الطرفين تهديدا لوجود فاغنر، التي لم تتمكن بعد من فرض سيطرتها المطلقة على المنطقة.

وأفاد المراسلون بأن هذه المعركة أسفرت عن نشر مقاطع فيديو صادمة عبر الإنترنت تُظهر جثث مقاتلي فاغنر بعد تعرضهم لهزيمة كبيرة، وقد انتشرت هذه المشاهد بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما تسبب في زعزعة صورة فاغنر القوية وأثارت تساؤلات حول كفاءتها القتالية في مالي.

وصورت هذه الفيديوهات -التي تداولها المسلحون- جثث مرتزقة فاغنر على الأرض، وعرّضت -بشكل غير مباشر- الصورة التي حاولت المجموعة أن تروّج لها باعتبارها قوة لا تُهزم، لهزة قوية، إذ تجد فاغنر صعوبة في مواجهة هذه الحملات الإعلامية، خاصة أن خسائرها الموثقة بالصوت والصورة جعلت من الصعب عليها إنكار حجم الهزيمة التي تعرضت لها.

إضعاف عملية التجنيد

وأفاد التقرير بأن هذه الخسائر لم تؤثر فقط على صورة فاغنر العسكرية، بل تجاوزت ذلك لتؤثر على جهودها في تجنيد العناصر الجدد، إذ كانت تعتمد سابقا على سمعتها بأنها قوة عسكرية لتحقيق الأمان النسبي لمجنديها، ولكن عديدا من المرشحين المحتملين للانضمام إليها بدؤوا يترددون بعد مشاهدتهم مقاطع الفيديو التي تكشف عن ظروف القتال القاسية والخسائر الفادحة.

وبدأت فاغنر تواجه تحديات كبيرة في الاحتفاظ بقوتها البشرية، خصوصا بعد مقتل شخصيات بارزة كان لها دور كبير في استقطاب المجندين، وقد تؤدي هذه الخسائر إلى تقليص عدد المجندين الجدد وتعرقل قدرتها على العمل بكفاءة في مالي وبقية المناطق.

قد يُعاد النظر في دعمها

وأشارت نيويورك تايمز إلى أن القيادة الروسية، التي دعمت فاغنر بشكل كبير في أفريقيا، بدأت تعيد النظر في دعمها المستمر بعد أن أظهرت المجموعة عجزا عن بسط سيطرتها التامة في مالي، وقد تدفع هذه الخسائر روسيا إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها العسكرية في القارة، خاصة إذا ما استمرت فاغنر في تكبّد مثل هذه الخسائر المتلاحقة.

وكانت فاغنر تُعد إحدى الأدوات المهمة لتعزيز نفوذ روسيا في أفريقيا، إلا أن هذه الانتكاسات أثّرت بشكل واضح على هذا التوجه، وقد تدفع بموسكو إلى اتخاذ إجراءات تصحيحية لتجنب مزيد من الأزمات.

وقد اعتمدت فاغنر سابقا على إستراتيجيات متعددة في أفريقيا لتعزيز وجودها، بما في ذلك تقديم دعم عسكري للقوات المحلية مقابل استخراج الموارد. ومع ذلك، فإن تراجع قوة هذه المجموعة قد يضعف من قدرتها على استخدام هذه الإستراتيجيات بشكل فعّال؛ إذ إن المجندين الجدد لم يعودوا يرون في فاغنر فرصة آمنة، مما أدى إلى تراجع الطلب على خدماتها العسكرية في المناطق المضطربة.

"ربما يستبدلونها"

وذكر كتّاب التقرير بالصحيفة الأميركية أن تزايد الضغوطات على فاغنر نتيجة لهذه الخسائر قد يؤدي إلى توترات جديدة بين روسيا والدول الأفريقية التي تعتمد على الدعم العسكري الروسي، فعديد من الحكومات في المنطقة قد تبدأ في البحث عن شركاء بديلين لتأمين مصالحها، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على إستراتيجية موسكو في القارة الأفريقية.

ولفتوا إلى أن مصير فاغنر في مالي ومناطق أخرى من أفريقيا ما زال غير مؤكد، خاصة في ظل الاستياء المتزايد من فشل المجموعة في تحقيق الأهداف المعلنة، وهو ما يعني أنه على فاغنر اتخاذ خطوات جادة لإعادة بناء سمعتها بوصفها قوة عسكرية فعالة، بما في ذلك تحسين كفاءتها في المعارك والتكيف مع الأساليب القتالية الجديدة للمسلحين.

وختم الكتاب التقرير بالقول إن ردود الفعل الدولية على فشل فاغنر في مالي كانت متباينة، إذ استغل بعض المراقبين هذه الفرصة لتسليط الضوء على المخاطر المرتبطة بالتدخل العسكري الروسي في أفريقيا، كما أن ازدياد الانتقادات قد يؤدي إلى ضغوط على الحكومات التي تواصل التعامل مع المجموعة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات نیویورک تایمز هذه الخسائر فی أفریقیا فاغنر فی فی مالی أن هذه

إقرأ أيضاً:

صدمة في لندن.. هروب الذهب من قلب المدينة إلى بورصة نيويورك

نشر موقع " إنسايد أوفر" تقريرا سلّط فيه الضوء على تحول لافت في سوق الذهب العالمي، مشيراً إلى أن لندن تشهد هجرة غير مسبوقة للذهب نحو نيويورك، مع نقل ما قيمته 82 مليار دولار من المعدن الثمين، رابطاً هذا النزوح بعوامل سياسية واقتصادية، مثل فوز ترامب وتأثيراته المحتملة على التجارة.

وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن جرس الإنذار قد دق في بنك إنجلترا: الذهب في حالة فرار، فقد لاحظ بنك إنجلترا المركزي وحي المال في لندن (السيتي) منذ أسابيع ارتفاعًا كبيرًا في عمليات سحب سبائك الذهب وأشكال أخرى من الذهب المادي، التي يتم إرسالها بعد ذلك إلى نيويورك. ووفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز، فقد تم سحب ما يعادل 82 مليار دولار من الذهب من خزائن لندن منذ نوفمبر/تشرين الثاني وحتى اليوم، لينطلق عبر المسارات الأطلسية نحو نيويورك.

أوضح الموقع أن هذا الأمر يرتبط بلا شك بالانتخابات الأمريكية وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وما يرافقه من تهديدات بفرض رسوم جمركية وإجراءات انتقامية في التجارة الدولية. لكن العامل الأهم هو الإحساس المتزايد بأن بريطانيا العظمى تفقد تدريجيًا مكانتها في هرم القوى العالمية، حيث إن تراجع دور لندن على الساحة الدولية ينعكس أيضًا في تراجع نفوذ "السيتي"، القلب المالي للعالم البريطاني.

فشل البريكست
وذكر ااموقع أنه بعد مرور خمس سنوات، يمكننا القول دون خوف من التناقض أن الرهان الكبير الذي راهن عليه مؤيدو البريكست قد فشل بشكل واضح، فقد كان الهدف هو فصل مصير المملكة المتحدة عن المصير المتراجع للاتحاد الأوروبي، وإطلاق العنان لقوى الاقتصاد والمال البريطانية، وجعل "السيتي" مركزًا ماليًا عالميًا مستقلًا على غرار "سنغافورة على نهر التايمز"، بعيدًا عن القيود الأوروبية وقادرًا على لعب دور رئيسي على الساحة الدولية.

لكن الواقع مختلف تمامًا؛ لندن لا تزال ضمن نفس الدائرة التي تقف فيها بروكسل، تراقب بقلق صعود عالم جديد لم يعد فيه لأوروبا المركزية ذلك النفوذ القديم، كما أشار إلى ذلك عالم السياسة الأمريكي والتر راسل ميد في مقال على وول ستريت جورنال، حيث تحدث عن التحولات العالمية المتسارعة بعد فوز ترامب وتأثيراتها على القارة العجوز، وهذا يعني أن الرمز العالمي للقوة البريطانية، وهو القطاع المالي في لندن، يمرّ بمرحلة من التراجع.

وإذا كنا قبل بضعة أسابيع قد تمت الاشارة إلى الهجرة الجماعية للشركات المدرجة في البورصة من "السيتي" إلى وول ستريت، فإننا، في الذكرى الخامسة للبريكست، نشهد الآن هجرة مستمرة لسبائك الذهب من لندن إلى نيويورك، مما أصبح رمزًا لانحدار لم تستطع لندن تجنبه.

غير أن هذا ليس بسبب نجاح الاتحاد الأوروبي، بل نتيجة قصور ذاتي داخل بريطانيا نفسها، حيث لم تتمكن المملكة المتحدة، عبر البريكست، من الابتعاد عن المصير المشترك للقارة العجوز، بل وجدت نفسها عالقة في دوامة التراجع الاقتصادي والسياسي التي كانت تأمل في الإفلات منها.

وأفاد الموقع أنه وفقًا لما ذكرته فاينانشال تايمز، فإنه منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني، قام تجار الذهب والمؤسسات المالية بنقل 393 طنًا إلى خزائن بورصة السلع "كوميكس" في نيويورك، مما أدى إلى زيادة مستويات المخزون بنحو 75 بالمئة، ليصل إلى 926 طنًا، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس/آب 2022.

وفي غضون شهرين، قد تكون التدفقات الإجمالية للذهب إلى الولايات المتحدة أعلى بكثير مما تعكسه أرقام "كوميكس"، وفقًا للمشاركين في السوق، حيث يُرجح أن تكون هناك شحنات إضافية إلى خزائن خاصة في نيويورك مملوكة لبنك "إتش إس بي سي" و"جي بي مورجان تشيس" وقد رفض المصرفان التعليق على الأمر.

تراجع المملكة المتحدة
وبحسب الموقع فإن المملكة المتحدة، تحت قيادة كير ستارمر، الذي أعاد الحزب العمالي إلى السلطة في يوليو/تموز بعد أربعة عشر عامًا من حكم المحافظين، تتعرض لتصويت رمزي بحجب الثقة، تجسده هجرة الذهب من لندن. وحتى يومنا هذا، لم يعد المعدن الثمين يضمن استقرار العملات والمراكز المالية للدول، لكنه لا يزال يمثل مقياسًا جوهريًا لمستوى الثقة في أي نظام اقتصادي.

ويختتم الموقع التقرير بالإشارة إلى أن امتلاك احتياطات ضخمة من الذهب المتراكم كان يجعل من "السيتي" لاعبًا رئيسيًا قادرًا على تأمين نفسه في أوقات الأزمات، وفقًا لآلية مشابهة لتلك التي تعتمدها دول مجموعة "بريكس"، التي تقوم بتخزين كميات كبيرة من هذا المعدن النفيس، لكن قرار نقل الذهب عبر المحيط الأطلسي يمثل رسالة عدم ثقة قوية، تضاف إلى الانهيار في قيمة الشركات المدرجة في "السيتي"، مما يؤكد أن الفجوة في القوة الاقتصادية، المالية، والجيوسياسية بين لندن ونيويورك، وكذلك بين أوروبا والولايات المتحدة، أصبحت تتسع شهرًا بعد شهر، حتى بات من المستحيل تقريبًا ردمها.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)


مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: الحياة في غوما لا ماء ولا غذاء وكثير من عدم اليقين
  • صدمة في لندن.. هروب الذهب من قلب المدينة إلى بورصة نيويورك
  • نيويورك تايمز: 5 أسئلة تشرح رسوم ترامب على كندا والمكسيك والصين
  • أحمد موسى: مكالمة ترامب للرئيس السيسي تعكس حجم العلاقة القوية بينهما
  • جدول مباريات كأس أمم أفريقيا المغرب 2025
  • من المجموعات إلى النهائي.. مشوار منتخب مصر في أمم أفريقيا 2025
  • عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء في إف بي آي تمهيدا لفصلهم
  • نيويورك تايمز: إدارة ترامب تبحث إرسال 24 ألف بندقية هجومية لإسرائيل
  • جنوب أفريقيا وماليزيا تشكّلان “مجموعة لاهاي” لدعم محكمتي العدل والجنائية الدولية 
  • جعجع: تكتل الجمهورية القوية يرغب بالمشاركة في الحكومة