نيويورك تايمز: هكذا انهارت في مالي صورة فاغنر القوية
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
يقول تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن صورة مرتزقة فاغنر الروسية، التي طالما عُرفت بسمعتها القوية، تداعت في أفريقيا بعد أن تعرضت لهزيمة كبيرة في مالي يوليو/تموز الماضي على يد المسلحين هناك.
وأوضحت الصحيفة في التقرير، الذي كتبه 4 من مراسليها، أن تلك الهزيمة التي تعرضت لها فاغنر لم تكن متوقعة وتكبّدت خلالها خسائر جسيمة في شمالي البلاد خلال معركة شرسة ضد جماعات أزوادية.
وأشار التقرير إلى سقوط 46 مقاتلا، على الأقل، من مرتزقة فاغنر، إضافة إلى مقتل 24 جنديا من الجيش المالي المتحالف مع فاغنر، وهو ما يُعد أحد أكبر الإخفاقات التي تعرضت لها المجموعة في أفريقيا.
إحدى أهم المحطاتوأضاف التقرير أن هذه المعركة، تُعد إحدى أهم المحطات التي كشفت عن التحديات التي تواجهها فاغنر في التعامل مع التضاريس الوعرة لمالي، حيث أظهرت قدرتها المحدودة في مواجهة المسلحين المحليين الذين يقاتلون بأساليب حرب العصابات.
وبيّن التقرير أن مسلحي الأزواد كانوا على معرفة جيدة بطبيعة المنطقة واستخدموا هذا التفوق لصالحهم، مما جعلهم قادرين على إلحاق خسائر جسيمة بمرتزقة فاغنر والجيش المالي المتحالف معهم.
وحسب نيويورك تايمز، فإن فاغنر، التي تعتبر ذراعا عسكريا لروسيا في أفريقيا، كانت تسعى لبسط نفوذها في مالي وملء الفراغ الأمني الذي خلفه انسحاب القوات الفرنسية. ومع ذلك، فإن هذه الانتكاسات بدأت تطرح أسئلة حول مدى قدرة فاغنر على تحقيق الاستقرار في المناطق المضطربة.
ليست حادثة معزولة
ولم تكن معركة يوليو/تموز مجرد حادثة معزولة، بل هي جزء من سلسلة معارك طاحنة بين فاغنر والمسلحين المعارضين لوجود فاغنر بشمال مالي. وتشكل هذه الاشتباكات العنيفة بين الطرفين تهديدا لوجود فاغنر، التي لم تتمكن بعد من فرض سيطرتها المطلقة على المنطقة.
وأفاد المراسلون بأن هذه المعركة أسفرت عن نشر مقاطع فيديو صادمة عبر الإنترنت تُظهر جثث مقاتلي فاغنر بعد تعرضهم لهزيمة كبيرة، وقد انتشرت هذه المشاهد بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما تسبب في زعزعة صورة فاغنر القوية وأثارت تساؤلات حول كفاءتها القتالية في مالي.
وصورت هذه الفيديوهات -التي تداولها المسلحون- جثث مرتزقة فاغنر على الأرض، وعرّضت -بشكل غير مباشر- الصورة التي حاولت المجموعة أن تروّج لها باعتبارها قوة لا تُهزم، لهزة قوية، إذ تجد فاغنر صعوبة في مواجهة هذه الحملات الإعلامية، خاصة أن خسائرها الموثقة بالصوت والصورة جعلت من الصعب عليها إنكار حجم الهزيمة التي تعرضت لها.
إضعاف عملية التجنيدوأفاد التقرير بأن هذه الخسائر لم تؤثر فقط على صورة فاغنر العسكرية، بل تجاوزت ذلك لتؤثر على جهودها في تجنيد العناصر الجدد، إذ كانت تعتمد سابقا على سمعتها بأنها قوة عسكرية لتحقيق الأمان النسبي لمجنديها، ولكن عديدا من المرشحين المحتملين للانضمام إليها بدؤوا يترددون بعد مشاهدتهم مقاطع الفيديو التي تكشف عن ظروف القتال القاسية والخسائر الفادحة.
وبدأت فاغنر تواجه تحديات كبيرة في الاحتفاظ بقوتها البشرية، خصوصا بعد مقتل شخصيات بارزة كان لها دور كبير في استقطاب المجندين، وقد تؤدي هذه الخسائر إلى تقليص عدد المجندين الجدد وتعرقل قدرتها على العمل بكفاءة في مالي وبقية المناطق.
قد يُعاد النظر في دعمهاوأشارت نيويورك تايمز إلى أن القيادة الروسية، التي دعمت فاغنر بشكل كبير في أفريقيا، بدأت تعيد النظر في دعمها المستمر بعد أن أظهرت المجموعة عجزا عن بسط سيطرتها التامة في مالي، وقد تدفع هذه الخسائر روسيا إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها العسكرية في القارة، خاصة إذا ما استمرت فاغنر في تكبّد مثل هذه الخسائر المتلاحقة.
وكانت فاغنر تُعد إحدى الأدوات المهمة لتعزيز نفوذ روسيا في أفريقيا، إلا أن هذه الانتكاسات أثّرت بشكل واضح على هذا التوجه، وقد تدفع بموسكو إلى اتخاذ إجراءات تصحيحية لتجنب مزيد من الأزمات.
وقد اعتمدت فاغنر سابقا على إستراتيجيات متعددة في أفريقيا لتعزيز وجودها، بما في ذلك تقديم دعم عسكري للقوات المحلية مقابل استخراج الموارد. ومع ذلك، فإن تراجع قوة هذه المجموعة قد يضعف من قدرتها على استخدام هذه الإستراتيجيات بشكل فعّال؛ إذ إن المجندين الجدد لم يعودوا يرون في فاغنر فرصة آمنة، مما أدى إلى تراجع الطلب على خدماتها العسكرية في المناطق المضطربة.
"ربما يستبدلونها"وذكر كتّاب التقرير بالصحيفة الأميركية أن تزايد الضغوطات على فاغنر نتيجة لهذه الخسائر قد يؤدي إلى توترات جديدة بين روسيا والدول الأفريقية التي تعتمد على الدعم العسكري الروسي، فعديد من الحكومات في المنطقة قد تبدأ في البحث عن شركاء بديلين لتأمين مصالحها، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على إستراتيجية موسكو في القارة الأفريقية.
ولفتوا إلى أن مصير فاغنر في مالي ومناطق أخرى من أفريقيا ما زال غير مؤكد، خاصة في ظل الاستياء المتزايد من فشل المجموعة في تحقيق الأهداف المعلنة، وهو ما يعني أنه على فاغنر اتخاذ خطوات جادة لإعادة بناء سمعتها بوصفها قوة عسكرية فعالة، بما في ذلك تحسين كفاءتها في المعارك والتكيف مع الأساليب القتالية الجديدة للمسلحين.
وختم الكتاب التقرير بالقول إن ردود الفعل الدولية على فشل فاغنر في مالي كانت متباينة، إذ استغل بعض المراقبين هذه الفرصة لتسليط الضوء على المخاطر المرتبطة بالتدخل العسكري الروسي في أفريقيا، كما أن ازدياد الانتقادات قد يؤدي إلى ضغوط على الحكومات التي تواصل التعامل مع المجموعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات نیویورک تایمز هذه الخسائر فی أفریقیا فاغنر فی فی مالی أن هذه
إقرأ أيضاً:
جاسوس لروسيا خطط للتحكم بممرات التهريب في ليبيا عبر جيش من المرتزقة
كشفت صحيفة التلغراف، أن المدير الهارب لشركة التكنولوجيا الألمانية "وايركارد"، يان مارسيليك، خطط لإنشاء قوة من 15 ألف مرتزق للسيطرة على حدود في طريق الهجرة الرئيسي عبر ليبيا.
وأشارت في تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن تسليح ممرات المهاجرين، كان هدفا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأن قضية الهجرة باتت عاملا رئيسيا مؤثرا في الانتخابات بأوروبا.
وقالت الصحيفة إن مارسيليك مطلوب منذ عام 2020، عندما انهارت "واير كارد"بفضيحة مالية بلغ حجمها 1.9 مليار يورو، وتمكن من الفرار بطائرة خاصة من النمسا وهو مدرج منذ ذلك الحين على قائمة الإنتربول للمطلوبين.
ولفتت إلى أنه اشترى شركة عسكرية خاصة ونجح في نشر أول قوات روسية على الأرض في ليبيا.
واعتبرت الصحيفة أنه يمكن الآن تأكيد أن مارسيليك، كان جاسوسا يعمل لصالح الكرملين، وخطط للسيطرة على ممرات الهجرة، بمساعدة دولة حليفة لبريطانيا.
وقدم مسؤولون حكوميون نمساويون في عام 2017 تعهدا باستثمار أكثر من 120 ألف يورو لدعم خطة مارسيليك، التي ادعى أنها ستحل أزمة الهجرة في الاتحاد الأوروبي. لكن في الواقع، كان الأمن الخاص بالمشروع تحت إشراف عقيد مشتبه به في الاستخبارات العسكرية الروسية .
وبالتزامن مع محاولاته لإنشاء مليشيات للتأثير على الهجرة، اشترى مارسيليك شركة عسكرية خاصة روسية تدعى "آر أس بي جروب" والتي قدمت دعما للجنرال الليبي خليفة حفتر.
وقالت إن المجموعة انخرطت في اتفاقيات أمنية في السودان، إلى جانب مجموعة فاغنر، التي لعبت دورا كبيرا في تأجيج عدم الاستقرار في إفريقيا.
وأكدت مصادر أمنية أن المرتزقة الروس، بما في ذلك مجموعة فاغنر، يساهمون في زيادة الهجرة من خلال تصعيد عدم الاستقرار والعنف في المناطق التي يسيطرون عليها، فضلا عن دفع المهاجرين إلى الحدود ودعم المهربين.
وبعد مقتل يفغيني بريغوجين، زعيم فاغنر، في 2023، شارك مارسيليك في إعادة تنظيم مصالح المجموعة في إفريقيا.
وخلال فترة عمله في واير كارد، عقد مارسيليك اجتماعات مع كيليان كلاينشميدت، وهو خبير إنساني سابق في الأمم المتحدة، لمناقشة مشروع في ليبيا. كما حضر الاجتماعات غوستاف غوستيناو، الذي كان حينها عميدا في وزارة الدفاع النمساوية.
وبحسب وثائق وقع العميد إعلان نوايا بتقديم 20,000 يورو لدعم المشروع، فيما تم الوعد بـ 100,000 يورو أخرى من قبل وزارة النقل والابتكار والتكنولوجيا النمساوية. ومع ذلك، لم يتم دفع هذه الأموال.
كلاينشميدت قال إن فريقه كان يهدف إلى تقديم المساعدات وإعادة إعمار ليبيا، لكنه بدأ يشك في نوايا مارسيليك الحقيقية.
في اجتماع عام 2018 في فيلا مارسيليك في ميونيخ، أوضح الأخير أن هدفه الأساسي هو إغلاق الحدود من خلال قوة شرطة حدودية قوامها 15,000 جندي، مكونة من مليشيات سابقة.
وفشل المشروع في عام 2018 بسبب مخاوف فريق كلاينشميدت بشأن الأهداف الحقيقية وعدم قدرة مارسيليك على تقديم التمويل.
وفي ذلك الوقت، كان مارسيليك قد استحوذ بالفعل على المجموعة الروسية، مما سمح للمرتزقة الروس بدخول ليبيا تحت ستار "إزالة الألغام". لاحقا، فتحت هذه الخطوة الباب لدخول فاغنر إلى المنطقة.