محافظة بني سويف تدشن وحدة قياس رضا المواطنين عن مستوى الخدمات
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف، عن إطلاق وحدة قياس رضا المواطنين عن مستوى تقديم الخدمات الحكومية، خاصة الخدمات الإليكترونية، وذلك لإتاحة الفرصة لمتلقى الخدمة بأن يشارك في تقييم مستواها أثناء التنفيذ، أو بعد الانتهاء من تقديم الخدمة.
وتهدف هذه الوحدة إلى تحسين مستوى وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، من خلال تفعيل دور المواطنين بجانب تعظيم دور الرقابة الميدانية من الأجهزة والإدارات المعنية في هذا الشأن، وذلك في إطار تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بالتلاحم مع المواطنين والعمل المتواصل لتحسين مستوى معيشتهم وتخفيف العبء عن كاهلهم في مختلف النواحي الحياتية.
وتعتمد الوحدة في تنفيذ مهامها على آلية غير تقليدية من خلال العمل الميداني عن طريق المرور على كافة الوحدات والمنشآت الخدمية على مستوى المحافظة ( قرى ومدن)، ويكون قياس مدى رضا المواطن "متلقى الخدمة " من خلال استبيان يتم توزيعه على المواطنين أثناء تلقيهم أو حصولهم على الخدمة لقياس تجربة متلقى الخدمة في الحصول على الخدمة المطلوبة بالوحدات والمصالح الحكومية بدائرة المحافظة.
ولضمان الدقة في قياس مدى رضا المواطنين عن مستوى الخدمة، سيقوم أحد أعضاء الوحدة " بشكل سري" بطلب الحصول على الخدمة الحكومية مباشرة على أنه مواطن، وذلك لرصد الايجابيات والسلبيات في كافة مراحل تقديم الخدمة عن طريق رصد تفعيل التيسيرات المتاحة ومدة جودة معاملة الموظف " مقدم الخدمة" للمواطنين " متلقين الخدمة".
كما وجه المحافظ خلال لقائه اليوم، بأعضاء وحدة رضاء المواطنين، بإعطاء الأولوية لقياس بعض الجونب المتعلقة بمنظومة تقديم الخدمات الحكومية، من بينها :مستوى الشفافية والنزاهة والمعاملة الحسنة للمواطنين وتفعيل التيسيرات التكنولوجية التي أتاحتها الدولة للتيسيرعلى المواطنين، وكذلك قياس مدة إنهاء الخدمة أو المعاملة الحكومية المطلوبة، بجانب أهمية أن تحتوى الاستبانة المقدمة للمواطن على خانة لإبداء مقترحه في تحسين مستوى الخدمة وتلافي أية سلبيات يراها من وجهة نظره .
وتجدر الإشارة إلى أن وحدة رضاء المواطنين تضم في عضويتها المختصين من: إدارات التفتيش والمتابعة بديوان عام المحافظة مع الاستعانة بالمختصين من الإدارات الأخرى في جوانب المتابعة الفنية لبعض الخدمات
وفي نفس السياق كرم محافظ بني سويف كلًا من :على يوسف رئيس مركز ومدينة بني سويف، وشيماء سعيد مساعد رئيس الوحدة المحلية_المشرف على المركز التكنولوجي بالوحدة المحلية، وذلك لقيامهما بتنفيذ أولى تجربة الوحدة في قياس رضا المواطنين عن تقديم الخدمة بالمركز التكنولوجي، وضبط مستوى الخدمة أثناء حصول المواطنين عليها .
ومن جانبهما، أعرب المكرمان عن تقديرهما للمحافظ الدكتور محمد هاني غنيم ، على هذه اللفتة الطيبة، وحرصه على لقائهما بمكتبه ،مؤكدين أن تكريمهما يمثل لهم الكثير على المستوى التنفيذي والإنساني ، وبمثابة رسالة تقدير لكل من يخلص في عمله ويسعى بقدر استطاعته في أداء واجياته ومهام عمله لخدمة أبناء المحافظة .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف الخدمات المقدمة للمواطنين العمـل الميدانـي المصالح الحكومية تقديم الخدمات الحكومية مستوى الخدمات حصول المواطن تقديم الخدمات رضا المواطنین عن بنی سویف
إقرأ أيضاً:
مأساة الكلمات الكبيرة: وحدة، حرية، اشتراكية!
من وحي الكلمات الثلاث (وحدة، حرية، اشتراكية) ومقولة «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة» صعد الخطاب البعثي تدريجيًا أواخر أربعينيات القرن الماضي، بعد عام تقريبًا من الاستقلال الرسمي لسوريا عن الانتداب الفرنسي عام 1946. كانت النواة الفكرية الأولى لحزب البعث قد بدأت مع طالبين سوريين التقيا في جامعة السوربون الفرنسية، وهما ميشيل عفلق، المسيحي الأرثوذكسي، ورفيقه صلاح الدين البيطار، المسلم السني، قبل أن ينضم لهما شاب آخر من أصول علوية هو زكي الأرسوزي، العائد هو الآخر من دراسة الفلسفة في الجامعة الفرنسية نفسها. وبعد فترة قصيرة، عام 1954، سيندمج حزب البعث العربي مع الحزب العربي الاشتراكي بزعامة أكرم الحوراني، الاندماج الذي أفضى إلى الصيغة اللغوية النهائية التي سيواصل بها البعث تبشيره الأيديولوجي باسم «حزب البعث العربي الاشتراكي».
بلوّر منظرو الحزب لغةً جديدةً كانت مزيجًا من القومية والاشتراكية والوحدة العربية ومعاداة الاستعمار، رغم أن الكثير من ذلك «التنظير» سيبدو بعد الفحص المتأني أقرب إلى لغة الأدب والشعارات التعبوية من الكلام في الفلسفة والسياسة والتاريخ. تلفتني مثلًا سطور بعينها من كتابه «في سبيل البعث» والذي عبَّر فيه ميشيل عفلق عن خلاصة أفكاره على مدى أربعة عقود حول ماهية القومية والاشتراكية العربية المنشودة إلى جانب آرائه في قضايا أخرى كالموقف من التراث والدين ومعنى الأمة. وضع عفلق أول نصوص مؤلَّفه خلال سنوات الغليان الحزبي منتصف الثلاثينيات واستمر بتأليف فصوله إلى نهاية حياته، حتى طُبع الكتاب في خمسة أجزاء بعد وفاته عام 1989، ليكون أهم وثيقة مرجعية لتتبع أصول حزب البعث وأدبياته. هذه السطور التي أتناولها -على سبيل المثال لا أكثر- تمهد للتصور البعثي عن مفهوم القومية، وفيها يحاول الأستاذ الإجابة عن تساؤل طلابه المستمر حول تعريف القومية التي ينادي بها، فيقول: «هي حب قبل كل شيء. هي العاطفة نفسها التي تربط الفرد بأهل بيته، لأن الوطن بيت كبير والأمة أسرة واسعة. والقومية ككل حب، تُفعم القلب فرحًا وتشيع الأمل في جوانب النفس، ويود من يشعر بها لو أن الناس يشاركونه في الغبطة التي تسمو فوق أنانيته الضيقة وتقربه من أفق الخير والكمال، وهي لذلك غريبة عن إرادة الشر وأبعد ما تكون عن البغضاء. إذ أن الذي يشعر بقدسيتها ينقاد في الوقت نفسه إلى تقديسها عند سائر الشعوب فتكون هكذا خير طريق إلى الإنسانية الصحيحة». (الجزء الخامس، ص 133: القومية حب قبل كل شيء).
الإنشائية الفاقعة في هذا النموذج، والرومانسية المفرطة في وصف القومية بأنها «حب قبل كل شيء»، كلها قرائن لا تفتأ تذكرنا بأن «فيلسوف» البعث كان قد بدأ علاقته مع الكتابة بمحاولات شعرية متعثرة تتوسل كتابة قصائد رومنطيقية، كما يشير إلى ذلك حازم صاغية في كتابه «البعث السوري.. تاريخ موجز» مستشهدًا بمقولة تنسب لزكي الأرسوزي عن رفيقه، عفلق، الذي لم تكن العلاقة معه وديةً في معظم الأحيان: «خسره الأدب فيما ابتُليت به السياسة».
كلمة «البعث» نفسها تنم عن فكر مسكون بالنظريات القيامية الحالمة، ولكن في سياق تبشيري على منوال كلمات مثل «الإحياء» و«النهضة» التي استنفدت معانيها النخب السياسية في مرحلة ما قبل الاستقلال خلال القرن التاسع عشر. ثمة هوس واضح بالكلمات الكبيرة عند البعثيين عمومًا، وتعميم هذه الملاحظة على سائر البعثيين لا يشوبه ظلم في نظري، بل يبدو منصفًا إلى حد بعيد. غير أن الممارسة السياسية، عبر السلطة ومن أجلها وخلالها، سرعان ما حولت هذه اللغة الجديدة إلى ألفاظ جوفاء. الكلمات الكبيرة تفسّخت على ألسنة خطباء البعث حتى صارت شعارات للتعبئة ومطايا للضبّاط الواثبين إلى السلطة في بغداد والشام.
في فبراير من عام 1958 نجح بعض الضباط البعثيين المتحمسين في الدفع بمشروع الوحدة مع مصر الناصرية. وكانت «الوحدة» هي الكلمة السحرية التي اعتبرها البعثيون مقدمةً لتوابعها: الحرية ثم الاشتراكية وصولًا إلى الحُلم .. وهو «البعث» وفقًا لعفلق ورفاقه. لكن الخلاف كان حول صيغة الوحدة مع مصر؛ أرادها بعض العقلانيين أو المترددين اتحادًا، بينما أصر الآخرون على وحدة فورية اندماجية رغم اقتراح المصريين تأجيلها لخمس سنوات. يُذكر أن المقدم البعثي أمين الحافظ وقف يومها أمام جمال عبدالناصر وخاطبه قائلًا: «بيننا وبينكم حائط يجب أن نهدمه الساعة. لماذا الاتحاد؟! لتكن وحدة». وكما هو معلوم، لم يدم حلم الوحدة البعثي الناصري طويلًا، إذ سرعان ما أطيح به في دمشق بانقلاب عسكري في 28 سبتمبر 1961. ولم يبق للمصريين منه سوى اسم «الجمهورية العربية المتحدة» الذي نُعي به جمال عبدالناصر يوم رحيله، قبل أن يعلن السادات لاحقًا عن تغيير الاسم عام 1971.
مأساة الكلمات الكبيرة، وربما نفاقها، تتجلى أكثر في العلاقة التي توترت حد العداء بين نسختي البعث، العراقية والسورية. نفس الأيديولوجيا، والمعجم اللغوي نفسه تقريبًا، والشعارات والأناشيد الحزبية هي ذاتها التي هتف بها التلاميذ الصغار في المدارس السورية والعراقية على مدى عقود، لكن الصراع بين النظام الأسدي في سوريا والنظام الصدَّامي في العراق بدد أي معنى لكلمة الوحدة، وكانت الفضيحة الكبرى في سجل هذه الأيديولوجيا؛ فقد بلغ الصراع أوجه مع اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية، حينما حالف حافظ الأسد الخميني، عدو صدَّام اللدود، وانقشع الضباب عن زيف الكلام.
للشعارات التي تُقال على المنابر استحقاقاتها الصارمة التي لا بدَّ أن تحين يومًا ما، وللقول كلفته على القائل، والتاريخ هو المختبر الحقيقي لجدارة النظريات والنصوص المزخرفة. عبرتنا من الأنظمة العربية الشمولية التي شهدنا انهيارها المتتابع في تاريخنا السياسي المعاصر، والتي تكشَّفت عن نماذج ممسوخة للفاشيات الأوروبية في القرن العشرين، شكلًا ومضمونًا، أنها اتسمت كلها، دون استثناء، بالمبالغة في الخطاب والفوقية والتشدق بأعدل القضايا، دون أن تتعلم من مصائر بعضها البعض؛ فلم تتورع عن إغواء المبالغات اللغوية ومغبتها، ولم تتقن التواضع في التعامل مع اللغة. فأولئك الرجال الطامحون الذين خرجوا من ثكنات الضباط إلى منابر السياسة، والذين ظلوا يتعثرون في النحو والصرف على الملأ من غير أن يجرؤ أحد على تصحيح لغتهم، لم يتقنوا إلا النفخ في تلك الكلمات الكبيرة حتى استنزفوا معانيها.. ننسى أحيانًا أن «فلسطين» كانت من بين تلك الكلمات التي استهلكوها! لقد قتلهم فقرهم للبلاغة التي تنتج عن مقاربة «معقولة» بين الواقع والخيال، فاستعاضوا عن البلاغة بالمبالغة.
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني