عربي21:
2025-04-26@23:44:11 GMT

هل غيّر العدو عقيدته‎؟

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

في بداية معركة طوفان الأقصى كان كل الخبراء يتوقعون أن تستمر المعركة عدة أسابيع، يخرب فيها العدو جزءا من البنى التحتية في غزة ويغتال بعض القيادات ويحقق بعض الإنجازات العسكرية التي يحتاجها في مرحلة التفاوض، كما هو الحال في كل الجولات السابقة مع فصائل المقاومة، وكان متوقعا أن تستمر الجولة ربما أطول من الجولات السابقة، حيث بدأت بنصر استخباراتي وأمني وعسكري فلسطيني فاقتحمت الكتائب معسكرات الغلاف وسيطرت عليها وأخرجت فرقة غزة عن الخدمة وعادت بأكثر من 200 من الأسرى إلى داخل أنفاق غزة، وأطلقت عدة آلاف من الصواريخ على مدن الكيان في اليوم الأول من المعركة.



عبّر نتنياهو عما حدث عندما فقال قبل أيام: في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تلقينا ضربة هائلة".

ما حدث جعل استمرار الجولة أكثر من السابق أمرا مؤكدا، ولكن الذي لم يتوقعه أغلب المحللين والمراقبين أن تستمر الحرب عاما كاملا وأن تدخل عامها الثاني ثم تتوسع رغم أن الاحتلال لم يحقق شيئا مما أعلنه من أهداف، فما زالت المقاومة في الميدان وكأنها تقاتل في الأيام الأولى رغم الدمار ورغم اغتيال القادة، وما زال أسرى العدو في يد المقاومة، وما زال القتال يدور في المناطق الحدودية لغزة حيث بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا.

العقيدة العسكرية والأمنية لا يمكن أن تتغير هكذا بين عشية وضحاها، ولهذا فإن استمرار الحرب ربما يكون ناتجا عن عوامل خارجة عن إرادته ولا يدرك كيف يتعامل معها
كل هذا جعل البعض يقول: إن العدو غيّر عقيدته القتالية، وأنه مستعد للحرب لسنوات وأن جبهته الداخلية باتت مؤمنة بهذا، وربما كانت المقاومة على خطأ وربما كنا جميعا لا نعرف العدو عندما اعتقدنا أنه لا يتحمل تكاليف الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية لمدة طويلة. فهل غيّر العدو عقيدته؟

وللجواب على هذا السؤال نقول: إن العقيدة العسكرية والأمنية لا يمكن أن تتغير هكذا بين عشية وضحاها، ولهذا فإن استمرار الحرب ربما يكون ناتجا عن عوامل خارجة عن إرادته ولا يدرك كيف يتعامل معها.

أولها: أن العدو أعلن اهدافا للحرب عالية في سقفها وللآن لم يستطع أن يحقق شيئا منها، ومعنى قبوله بوقف الحرب إقرار بالفشل والهزيمة وخضوعه لشروط المقاومة.

وثانيا: ظن العدو في البداية أنها ربما تكون فرصة لإبادة شعب غزة ودفعه إلى الرحيل مثلما حدث في النكبة الأولى، ولهذا ولغ في دماء النساء والأطفال وهاجم المستشفيات والمدارس ودمر البنى التحتية. ولكن هذه المحاولات جميعا تنكسر أمام ثبات الجميع في غزة، وكان خير تعبير عن هذا الصمود ما قالته المرأة الغزية: نحن لدينا أقمشة بيضاء نصنع منها أكفان شهدائنا ولكن ليس عندنا أقمشة نصنع منها رايات استسلام.

هناك المصلحة الشخصية لنتنياهو والعصابة المحيطة به، حيث إن نهايتهم ستكون بنهاية الحرب، ولهذا يحاول إفشال كل الصفقات ولا يأبه لمصير الأسرى، بل كان حريصا على قتلهم فهو يقود معركته الشخصية ومعركة شركائه من أقصى اليمين
وثالثا: الحرب لها تداعيات هائلة على العدو، حيث لا يلبث المستوطنون أن يخرجوا من الملاجئ حتى يعودوا إليها، وأصبحت طائرة مسيرة صغيرة واحدة أو صاروخ باليستي واحد يطلق من اليمن سببا لهروب الملايين إلى الملاجئ، وحيث تعطلت العملية التعليمية وانتهى النشاط السياحي وتوقفت المصانع وفر مئات الآلاف إلى الخارج. ولكن ما هو متوقع في اليوم الأول بعد الحرب يفوق كل هذا من حيث مستقبل الكيان وبقائه ومن حيث أمنه الداخلي وسلامه المجتمعي، وهو الذي كان على حافة الحرب الأهلية قبل الطوفان في معركة الإصلاحات القضائية.

ورابعا: هناك المصلحة الشخصية لنتنياهو والعصابة المحيطة به، حيث إن نهايتهم ستكون بنهاية الحرب، ولهذا يحاول إفشال كل الصفقات ولا يأبه لمصير الأسرى، بل كان حريصا على قتلهم فهو يقود معركته الشخصية ومعركة شركائه من أقصى اليمين.

وخامسا: هناك العامل الأمريكي والصدمة التي أحدثها الطوفان لخططها في المنطقة، مما جعلها تقف أمام معظم دول العالم في مجلس الأمن والأمم المتحدة وتحمي نتنياهو حتى الآن من المساءلة الجنائية.

لهذه العوامل ولغيرها تستمر الحرب، وهي في كل الأحوال ليست في مصلحة العدو، وإن أخّرت تفكك الكيان فإنها لن تمنع ذلك، وهو يستمر فيها ويستنزف يوميا لا طمعا في النصر وإنما خوفا من سوء المصير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة نتنياهو غزة نتنياهو المقاومة طوفان الاقصي مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة مقالات رياضة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

محمود عباس.. أي سقوط؟!

لم تكن زلة لسان، بل سقطة وطنية وأخلاقية أثارها محمود عباس (أبو مازن) بتصريحاته الأخيرة. فقد شن هجوما حادا على المقاومة الفلسطينية في غزة، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما أثار موجة غضب وجدل واسع في الأوساط الشعبية وبين رواد منصات التواصل الاجتماعي.

جاء ذلك خلال افتتاحه لأعمال الدورة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني، حيث طالب بتسليم الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة بألفاظ وُصفت بالنابية وغير اللائقة، بدلا من توجيه الاتهامات إلى الكيان الصهيوني ومطالبته بوقف المجازر والاعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني.

في بيان أثار جدلا واسعا، دعت اللجنة المركزية لحركة فتح، حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى "التوقف عن المضي بمصير الشعب الفلسطيني وفق أجندات خارجية"، وحمّلت اللجنة المركزية حركة (حماس) مسؤولية تعطيل المسار الوطني الفلسطيني، مطالبة إياها بالانصياع لما وصفته بجهود محمود عباس، والالتزام بالسياسات التي تنتهجها منظمة التحرير الفلسطينية.

تعكس هذه التصريحات، التي تتزامن مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وتفاقم الأزمة الوطنية، بحسب مراقبين ومحللين، تحولا في الأولويات السياسية للسلطة الفلسطينية، وتنم عن محاولة خطيرة لإلقاء مسؤولية الأزمة على المقاومة بدلا من مواجهة الاحتلال
تعكس هذه التصريحات، التي تتزامن مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وتفاقم الأزمة الوطنية، بحسب مراقبين ومحللين، تحولا في الأولويات السياسية للسلطة الفلسطينية، وتنم عن محاولة خطيرة لإلقاء مسؤولية الأزمة على المقاومة بدلا من مواجهة الاحتلال.

لا يمكن فصل تصريحات اللجنة المركزية لحركة فتح عن المسار الذي تسلكه السلطة الفلسطينية منذ سنوات، والذي يتجسد في التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وملاحقة المقاومين في الضفة الغربية، وتشويه صورة المقاومة المسلحة بكافة أشكالها، تحت حجج "المصلحة الوطنية" و"الشرعية الدولية". وفي الوقت الذي يُقتل فيه الفلسطينيون يوميا في قطاع غزة وتُهدم منازلهم في الضفة الغربية، تفضل السلطة الفلسطينية توجيه انتقاداتها لحركة (حماس)، بدلا من تحميل الاحتلال مسؤولية الأحداث الجارية.

في خضم غياب محمود عباس عن المشهدين الميداني والسياسي في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية منذ نكبة 1948، يخرج محمود عباس بعد أكثر من 18 شهرا من الصمت والتواطؤ ليشتم شعبه، ويبرر جرائم الاحتلال، ويدافع عن نتنياهو في وجه ضحاياه من الأطفال والنساء. ويصر عباس حتى في اللحظات الأخيرة من عمره السياسي، على أن يكون خصما للشهداء وعائلاتهم، حيث أوقف رواتب عائلات الشهداء والجرحى والأسرى، وعزز التنسيق الأمني مع الاحتلال رغم المجازر، ورفض الانضمام إلى أي موقف وطني موحد، وعطّل كل مسارات المقاومة. ويواصل فريقه السياسي توجيه خطاب يحمّل المقاومة مسؤولية التدهور الراهن، ويرى مراقبون في ذلك محاولة لتبرير العجز والشلل التام الذي تعاني منه السلطة، وتخوفها من فقدان نفوذها المتبقي في ظل تنامي دور فصائل المقاومة في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وبينما تتصدى كتائب المقاومة في غزة لآلة القتل الإسرائيلية، تستمر أجهزة أمن السلطة في ملاحقة النشطاء في جنين ونابلس وطولكرم، وتعتقل كل من يرفع صوته دعما للمقاومة أو ينتقد أداء السلطة. وقد كشفت تقارير عديدة عن تواطؤ أجهزة السلطة في تسليم معلومات حول نشطاء مطلوبين لقوات الاحتلال، وعرقلة عمليات لفصائل المقاومة قبل وقوعها، في تنسيق وصفه بعض المحللين بأنه أقرب إلى "الخيانة الوظيفية"، باعتبار أن السلطة باتت تؤدي دورا أمنيا لصالح الاحتلال مقابل الحفاظ على وجودها ومصالح نخبها الحاكمة.

حديث اللجنة المركزية لحركة فتح عن أجندات خارجية وشرعية فلسطينية لم يعد مقنعا لشعب يشاهد بأم عينه من يقاتل ومن يصمت ويتآمر من يُستشهد ومن يوقع على التنسيق الأمني
في ظل هذه الممارسات، تبدو تصريحات اللجنة المركزية لحركة فتح غطاء سياسيا لهذه الوظيفة الأمنية، وتكريسا لمعادلة خطيرة مفادها أن الأولوية ليست لمواجهة الاحتلال، بل لضبط الشارع الفلسطيني وتفكيك جبهته الداخلية، حتى وإن كان ذلك على حساب الدم الفلسطيني النازف.

وفي حين تطرح المقاومة في غزة مشروعا للتحرير ومواجهة الاحتلال في ظل ظروف إنسانية وسياسية شديدة التعقيد، تصر السلطة الفلسطينية على التمسك بمشروع الدولة تحت الاحتلال، وهو مشروع أثبت فشله على مدار أكثر من عقدين. فعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على تأسيس السلطة، لم تُفضِ مفاوضات أوسلو إلى دولة فلسطينية، بل أدت إلى المزيد من الاستيطان والتهجير والانقسام وتكريس الاحتلال. وتتضح المفارقة جلية: فبينما يُراق الدم الفلسطيني في غزة بشكل يومي، وتُجرف الأراضي في الضفة، وتُدنس المقدسات، تصر السلطة الفلسطينية على مواقفها المتصلبة تجاه المقاومة، متهمة إياها بتنفيذ أجندات خارجية، في حين أنها تنفذ أجندة التنسيق الأمني والشرعية الزائفة، التي باتت تخدم مصالح الاحتلال أكثر من تطلعات الشعب الفلسطيني.

في خضم التحديات الجسام التي تواجه الشعب الفلسطيني، من حرب إبادة وتهجير قسري في غزة إلى قمع في الضفة الغربية، فإن حديث اللجنة المركزية لحركة فتح عن أجندات خارجية وشرعية فلسطينية لم يعد مقنعا لشعب يشاهد بأم عينه من يقاتل ومن يصمت ويتآمر من يُستشهد ومن يوقع على التنسيق الأمني. وفي هذا السياق، تبرز حقيقة مهمة، وهي أن المقاومة، بكل فصائلها، أصبحت تمثل صوت الشارع الفلسطيني، بينما تواصل السلطة الفلسطينية مسيرتها نحو التهميش والانحسار والسقوط، حتى يطويها التاريخ كغيرها من التجارب الفاشلة.

مقالات مشابهة

  • جولة مفاوضات جديدة في القاهرة وحماس تؤكد استعدادها لإبرام صفقة شاملة لإنهاء الحرب
  • الاستسلام للمهزوم
  • معلمات في الدورات الصيفية لـ”الأسرة” :السلاح أمام حرب العدو الناعمة هو التربية الإيمانية والرجوع إلى الثقافة القرآنية
  • كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟
  • “حماس”: تصريحات نتنياهو تكريس لنهج “الإبادة الجماعية”
  • سلاح حزب الله: الحاجة والضرورة لردع العدو الصهيوني
  • السيد القائد يشيد بعمليات وكمائن المقاومة ضد العدو الصهيوني في قطاع غزة
  • 16 عملاً للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية خلال 48 ساعة الماضية
  • حزب الله في لبنان.. من حرب العصابات إلى احتكار العمل المقاوم
  • محمود عباس.. أي سقوط؟!