معضلة التسرُّب الدراسي.. هل من حل؟ (1- 2)
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
سعيدة بنت أحمد البرعمية
التقيت العام الدراسي المنصرم إحدى الإخصائيات النفسية في إحدى مدارس المحافظة ضمن البحث عن مشكلة تسرّب الطلبة من الحصص الدراسية، حيث كان عليّ أن أبحث في مشكلة ميدانية وفق فروض دراستي، وجهتُ لها عددا من الاستفهامات، التي تدور جميعها حول أسباب المشكلة ودور كلّ من التكنولوجيا والمعلم والأقران والمنهاج وولي الأمر والعوامل النفسية للطالب في وجود مشكلة التسرّب، وقد أوضحت الإخصائية النفسية أن هذه العوامل بالفعل جميعها لها علاقة مباشرة وغير مباشرة في تسرّب الطلبة من الحصص الدراسية وتولّد الضجر من الحصص لدى الطلبة.
وعن الإجراءات المتبعة للحدّ منها، أجابت: "أنه في حال وقوع الطالبة في هذه المشكلة للمرة الأولى يتم عمل ملف كاستمارة خاصة بالطالبة يدون فيه اسمها ووقت التسرب مع توجيه نصيحة لها بعدم تكرار الحدث، وفي حال تكرر الحدث يتم إخطار ولي الأمر واستدعائه للمدرسة".
وحول إمكانية تكرار الحدث بعد إخطار وليّ الأمر أجابت: "أن الحدث يقل تكراره أو يتلاشى بعد إخطار وليّ الأمر"، وأردفتْ: "إنّ نشر الوعي بين الطالبات من أهم الإجراءات المتبعة للحدّ من هذه المشكلة".
ومن خلال قراءتي واطلاعي على بعض الدراسات التي تناولت المشكلة، وجدت أن المشكلة متفشية في الكثير من الدول، وتؤثر بدورها على عمليتي التعلم والتعليم، ويمكن أن يكون هذا التسرب نتيجة لعدة عوامل مثل قلة التركيز، وعدم فهم المواد الدراسية وثقل المنهاج وعدم ملامسته روح الطالب.
أحاول في هذا المقال التطرق إلى أهم النقاط التي تناولها بحثي واطلاعي عن المشكلة والوقوف عليها وعرض أسبابها والآثار المحتملة، ثم توضيح دور كل من المنهاج والتكنلوجيا والأقران والمعلم وولي الأمر والمرشد الأكاديمي؛ للوصول إلى الاقتراحات والتوصيات التي يمكن أن تحدّ منها؛ فقد تطورت المشكلة من كونها ظاهرة إلى أن وصلت حدّ المعضلة، فهى إلى الآن لم تجد الحل الشافي ولا تخلو مدرسة منها على مدارالأسبوع الدراسي؛ بالرغم من كافة ما يبذله المعلمون والمعلمات والأطقم الإدارية من إجراءات لتفاديها، وقد أرهقتهم وأخذت من جهدهم ونفسياتهم وأهدرت الكثير من وقتهم ووقت حصصهم دون حل!
اطلعتُ على ورقة عمل أعدها د. محمد عيسى إبراهيم قنديل، تناول فيها وجود ظاهرة تسرّب الطلبة في مجموعة من الدول العربية كالأردن وسوريا وفلسطين ومصر واليمن والسعودية وأرتيريا والإمارات، معرفاً التسرّب على أنه "إهدار تربوي هائل وضياع لثروات المجتمع المادية والمعنوية، وتخلّف ثقافي عند شريحة من المجتمع قد تقل وقد تتسع وفقاً لطبيعة ومكونات المجتمع الثقافية".
وكان أهم هدف للدراسة التي أعدها الدكتور هو تسليط الضوء على هذه الظاهرة؛ كونها ظاهرة سلبية في الميدان التربوي، وقد أوضح الدكتور أن التسرّب له عدة أشكال منها: التسرّب الفكري وهو الشرود الذهني من جو الحصة، التأخر الصباحي عن الحضور للمدرسة، الغياب الكلّي أو الجزئي عن المدرسة، الانقطاع الكلّي عن المدرسة.
وقد أوضح الدكتور من خلال دراسته أنّ هذه المشكلة لها أسباب رئيسية تؤثر تأثيرا قويا ومباشرا، وأخرى ثانوية تأثيرها غير مباشر، كما أوضح أنه لا يخلو أيّ نظام تربوي من ظاهرة التسرّب مهما كانت فاعليته، ولكن يمكن أن تتضافرالجهود للحدّ منها كقلة التفاعل والإشراف، أيّ عدم وجود تفاعل كافٍ بين المعلمين أو المرشدين التعليمين وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان الاهتمام لدى الطالب ويفضّل الانشغال بأمور أخرى، كذلك صعوبة المواد الدراسية، أيّ أنّ عدم فهم الطلبة للمقررات الدراسية تجعلهم يشعرون بالإحباط ويفضّلون نبذ الحصص، والحياة الشخصية للطالب، بمعنى أن الطالب قد يعاني من بعض المشاكل العائلية التي تؤثر سلبا على تحصيله وتجعله ينشغل بها ويفقد التركيز ويفضل الإنزواء، ولقلة التحفيز والتفاعل دور في ذلك؛ فعدم وجود الدافعية يُقلل من اهتمام الطلبة ويدفعهم للتخلي عن الحصص الدراسية والهروب منها، إضافة إلى التكنلوجيا أيّ أنّ بعض الطلبة يصطبون هواتفهم النقالة للمدرسة ويتسربون من الحصص لاستخدامها والتواصل من خلالها مع منصات التواصل الاجتماعي.
ولتأثير الأقران دور في المشكلة مثلما لهم دور مهم في توفير الدعم والتعلّم المتبادل وخلق التحفيز والمنافسة الإيجابية وتحسين الأداء الأكاديمي؛ فالمتسرّبون يؤثرون على بعضهم البعض سلبا بهذا السلوك.
وإذا نظرنا للمنهاج نجد أيضا أنّ له يدّ في ذلك؛ فكلما كان المنهاج الدراسي يلبي احتياجات الطالب ويعمل على تزويده بما يرغب من المعارف ويلامس شعوره وقريب من بيئته وثقافته، كلما استطاع المنهج جذب الطالب إليه وتقديم الدعم الفردي له، فيفهم المنهاج من جهة ويواجه تحدياته الشخصية من جهة أخرى؛ وذلك بتنظيم الأنشطة التفاعلية والإثرائية لضمان بقاء شغف الطالب بالمادة العلمية.
وللمعلم دور بالغ الأهمية في جذب الطلبة للحصص الدراسية أو نفورهم منها، فعندما يحضّر المعلّم للدرس بشكل مبسط واستخدم وسائل واستراتيجيات تجعل من الطالب شريك له في إنجاز الدرس، كلما زاد اهتمام الطالب بالحصة والعكس تماما حين يكون أسلوب المعلم تقليديا ومكررا؛ لذلك على المعلم أنّ يجيد دوره في التوجيه والإرشاد وخلق الدافعية، ومراقبة تقدّم الطلبة وتحديد الأسباب المحتملة لمشكلة التسرب واتخاذ الإجراء اللازم للعلاج.
كما إن لوليّ الأمر دوره المُهم؛ حيث يتوجب على وليّ الأمر الحرص على متابعة تقدّم الطالب والتحدّث مع ابنه عن القضايا التي يمكن أنّ تؤثر في السلوك وتأخر التحصيل المعرفي وتوفير الدعم العائلي من خلال اشعار الطالب بالمتابعة والاهتمام وتقديم المساعدة وتنظيم الوقت وخلق التحفيز لضمان استمرار التفوق الدراسي وتحسين السلوك.
وللحديث بقية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جامعة البترا تستحدث بكالوريوس “تكنولوجيا صناعة الأسنان” بدءًا من الفصل الدراسي الأول 2025/2026
جامعة البترا تستحدث بكالوريوس “تكنولوجيا صناعة الأسنان” بدءًا من الفصل الدراسي الأول 2025/2026
أعلنت جامعة البترا عن موافقة مجلس التعليم العالي على استحداث برنامج البكالوريوس في “تكنولوجيا صناعة الأسنان” بكلية طب الأسنان، على أن تبدأ الجامعة باستقبال الطلبة في البرنامج اعتبارًا من الفصل الدراسي الأول للعام الجامعي 2025/2026.
وقال عميد كلية طب الأسنان في جامعة البترا، الأستاذ الدكتور فراس السليحات، إن هذا البرنامج التقني المتقدم يأتي استجابة لحاجة فعلية ومتزايدة في سوق العمل المحلي والإقليمي لكوادر مؤهلة في هذا المجال.
وأضاف السليحات أن التخصص النوعي يعكس التزام الكلية بتقديم تعليم تقني متطور يواكب التقدم العلمي العالمي، موضحًا: “نحن فخورون بأن نكون من بين عدد قليل من الكليات في الأردن التي تقدم هذا التخصص ضمن بيئة تعليمية متقدمة، تدمج بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي، وتؤهل الطلبة للنجاح والتميّز”.
ويُعدّ تخصص “تكنولوجيا صناعة الأسنان” أحد برامج البكالوريوس التقنية، ويمتد لأربع سنوات يحصل الخريج بعدها على شهادة معتمدة تؤهله للتقدّم لامتحان مزاولة المهنة من وزارة الصحة، ومن ثم العمل مباشرة في قطاع تكنولوجيا صناعة الأسنان والتعويضات السنية.
وتسعى جامعة البترا من خلال هذا البرنامج إلى إعداد كوادر تقنية مدرّبة وفق أحدث المعايير، وباستخدام تقنيات متقدمة مثل التصميم والتصنيع بمساعدة الحاسوب (CAD/CAM) والطباعة ثلاثية الأبعاد، ضمن بيئة أكاديمية مزودة بمختبرات وعيادات تدريبية متخصصة.
ويوفر البرنامج آفاقًا وظيفية واسعة لخريجيه في مجالات متعددة، تشمل العمل في مختبرات صناعة الأسنان الخاصة والعامة، والمؤسسات الصحية الحكومية، والعمل كمندوبي مبيعات لأجهزة ومواد مختبرات الأسنان، بالإضافة إلى التخصص في صناعة التعويضات الوجهية، والانضمام إلى شركات زراعة الأسنان.