المقاعدون تحت المجهر
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
بدر البلوشي
تعتبر الخدمة المدنية من الأسس الراسخة التي تبني المجتمعات وتدعم اقتصاداتها، ولقد كان لسلطنة عمان دورٌ مميز في تعزيز هذه الخدمة من خلال توفير فرص عمل عادلة ومستدامة. ومع ذلك، فإنَّ هناك فئة من الموظفين الذين خدموا الوطن بجد واجتهاد، ولكنهم وجدوا أنفسهم في موقع يتطلب منهم التقاعد المبكر بموجب الأوامر السامية.
الموظفون الذين تم إحالتهم للتقاعد المبكر يواجهون تحديات عديدة، أولها حرمانهم من الفترات المتبقية من سنوات خدمتهم. فالتقاعد المبكر لا يعني فقط انتهاء الخدمة، بل يعني أيضًا فقدان الفرص التي كان من الممكن أن تعزز من رواتبهم، مثل الترقيات والعلاوات السنوية. إن استحقاقهم للزيادة السنوية في رواتبهم التقاعدية يعد أمرًا في غاية الأهمية، إذ يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار ما قدموه من جهود في خدمة الوطن، حيث إن حرمانهم من الزيادات المقررة يعتبر انتهاكًا للعدالة الاجتماعية.
حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية في عمان، فإن عدد الموظفين الذين تقاعدوا مبكرًا بلغ حوالي 5000 موظف تقريبا في السنوات الخمس الماضية، ومع ارتفاع تكلفة المعيشة، فإن رواتب هؤلاء المتقاعدين لا تغطي احتياجاتهم الأساسية، مما يضعهم في موقف اقتصادي صعب. إذ تُظهر التقارير أن نسبة الزيادة السنوية التي كانت تُمنح للموظفين قبل التقاعد كانت تتراوح بين 3% إلى 5%، وهو ما يبرز الفارق الكبير بين الرواتب التي يحصل عليها الموظفون في الخدمة والرواتب التقاعدية.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فإنَّ تحديات الحياة اليومية تضاعفت. فالمتقاعدون بالتقاعد المبكر يتوجب عليهم التعامل مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما يزيد من الضغوط المالية عليهم. ومن هنا، تأتي أهمية تعزيز حقوقهم ورفع رواتبهم التقاعدية بما يتناسب مع متطلبات الحياة.
والأعباء المعيشية لا تفرق بين من أكملوا سنوات خدمتهم ومن تقاعدوا مُبكرًا، ولهذا ينبغي أن تُدرج الزيادة السنوية ضمن حقوق هؤلاء المتقاعدين.
وتنبع أهمية الاهتمام بالمتقاعد من ضرورة توفير الاستقرار النفسي والاجتماعي لهم. ففترة التقاعد هي مرحلة حساسة في حياة الفرد، حيث يحتاج المتقاعدون إلى دعم مالي يعزز من نوعية حياتهم. إن الرعاية التامة للمتقاعدين تعكس القيم الإنسانية والتضامن الاجتماعي، مما يُساهم في خلق مجتمع متماسك. لذا، فإنَّ تحسين مستوى الرواتب التقاعدية هو تجسيد للوفاء لتضحياتهم وخدمتهم الطويلة.
كذلك، فإن تقديم الدعم المالي للمتقاعدين يعزز من شعورهم بالانتماء إلى المجتمع. فالمتقاعدون الذين يشعرون بالتقدير والاحترام يكونون أكثر اندماجًا في الأنشطة الاجتماعية والثقافية، مما يساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية. إن الاعتناء بهم يعكس صورة إيجابية عن المجتمع ويعزز من الروح الجماعية في خدمة الأهداف المشتركة.
إضافة إلى ذلك، فإن تحسين رواتب المتقاعدين قد يسهم في تحفيز الموظفين الحاليين؛ إذ يشعرون أن حقوقهم محفوظة، مما يدفعهم لتقديم الأفضل خلال فترة خدمتهم. إن الدعم المقدم للمتقاعدين يشكل دافعًا قويًا للأجيال الجديدة للعمل بجد وإخلاص، ليكونوا جزءًا من هذا التوجه العادل في المجتمع.
ولا شك أن تعزيز حقوق المتقاعدين يعد مؤشرًا على تقدم المجتمع ورقيه، فالمجتمعات التي تضع رفاهية مواطنيها في مقدمة أولوياتها تكون أكثر ازدهارًا ونجاحًا. إن الاستثمار في تحسين أوضاع المتقاعدين يعد استثمارًا في مستقبل المجتمع بأسره، مما يجعل من الضروري أن يتم التعامل مع قضاياهم بجدية واهتمام. إن العدالة في منح الزيادة السنوية للرواتب التقاعدية للمقاعدون بالأوامر السامية للتقاعد المبكر ليست مجرد مطلب إنساني، بل هي واجب وطني.
يجب أن تُستحضر في سياسات الحكومة رؤية شاملة تضمن حقوق هؤلاء الذين خدموا الوطن بكل إخلاص. إن تعزيز حقوقهم المالية سيساهم في تحسين مستوى حياتهم ويؤكد على القيم العليا التي تسعى السلطنة لتحقيقها.
لذا.. يجب أن تُتاح لهم الفرصة للاستفادة من كل ما هو مُستحق، حتى لا يُحرموا من ما قدموه من عطاء، وبالتالي يتأتى التوازن والعدالة في مجتمعنا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الولايات المتأرجحة تحت المجهر.. كيف ستحدد مصير الانتخابات الرئاسية 2024؟
في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، تلعب الولايات المتأرجحة دورًا حاسمًا في تحديد الفائز، نظرًا لتقارب نسب التأييد فيها بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري. تُعرف هذه الولايات أيضًا بولايات "ساحة المعركة" نظرًا لأهميتها الاستراتيجية.
استضاف كل من نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترامب، تجمعين على بعد 7 أميال من بعضهما بعضا في منطقة ميلووكي، ليل الجمعة، في إطار حملة أخيرة محمومة لكسب الأصوات في أكبر مقاطعة في ولاية ويسكونسن المتأرجحة.
وتعد ميلووكي موطنا لأغلبية أصوات الديمقراطيين في ولاية ويسكونسن، لكن ضواحيها المحافظة يعيش فيها معظم الجمهوريين، وهي منطقة حاسمة بالنسبة لترامب الذي يحاول استعادة الولاية التي فاز بها بفارق ضئيل في عام 2016 وخسرها في عام 2020. وكان أحد أسباب هزيمته هو انخفاض الدعم في ضواحي ميلووكي، وزيادة أصوات الديمقراطيين في المدينة.
أبرز الولايات المتأرجحة في انتخابات 2024: بنسلفانيا: تتمتع بـ19 صوتًا في المجمع الانتخابي، وتُعتبر من أكثر الولايات تأثيرًا. جورجيا: تمتلك 16 صوتًا انتخابيًا، وشهدت تقلبات في الولاء الحزبي خلال الانتخابات السابقة. كارولينا الشمالية: تضم 16 صوتًا انتخابيًا، وتُعد ساحة معركة رئيسية للمرشحين.أريزونا: تحتوي على 11 صوتًا انتخابيًا، وأصبحت مؤخرًا من الولايات المتأرجحة بعد تاريخ طويل من التصويت للجمهوريين. ميشيغان: تمتلك 16 صوتًا انتخابيًا، وتُعتبر من الولايات التي يمكن أن تميل لأي من الحزبين. نيفادا: تضم 6 أصوات انتخابية، وتتميز بتنوعها الديموغرافي الذي يجعل نتائجها غير متوقعة.ويسكونسن: تحتوي على 10 أصوات انتخابية، وشهدت تقلبات في نتائج الانتخابات السابقة.تُركز الحملات الانتخابية للمرشحين، كامالا هاريس ودونالد ترامب، بشكل كبير على هذه الولايات، حيث يمكن أن تحدد نتائجها مصير الانتخابات. على سبيل المثال، تُعتبر بنسلفانيا وجورجيا من أكثر الولايات التي يركز عليها المرشحون، نظرًا لعدد أصواتها الكبير في المجمع الانتخابي.
تُظهر استطلاعات الرأي تقاربًا شديدًا بين المرشحين في هذه الولايات، مما يزيد من أهمية كل صوت ويجعل الحملات الانتخابية تكثف جهودها لاستمالة الناخبين فيها. تُشير التقارير إلى أن هاريس تتمتع بتقدم طفيف في بعض هذه الولايات، بينما يحافظ ترامب على تقدم في ولايات أخرى، مما يجعل السباق الانتخابي محتدمًا وغير محسوم.
بالتالي، ستظل الولايات المتأرجحة محور التركيز حتى يوم الانتخابات، حيث يمكن أن تؤدي أي تغييرات طفيفة في توجهات الناخبين إلى تغيير مسار الانتخابات بالكامل.
احتدام المنافسة بين ترامب وهاريسودعت المرشحة الديمقراطية هاريس أنصارها في ويسكونسن إلى التصويت لها بالسباق الانتخابي. وقالت إن الأمريكيين أمامهم فرصة كبيرة في هذه الانتخابات لطي صفحة دونالد ترمب الذي يسعى إلى تقسيم الشعب الأميركي وإثارة الخوف. وأضافت هاريس أن الوقت قد حان ليتولى جيل جديد قيادة أميركا.
في المقابل، أكد المرشح الجمهوري ترامب لأنصاره في ولاية ويسكونسن أنه سينتصر على منافسته الديمقراطية. ومع بدء العد التنازلي للاستحقاق الرئاسي الأميركي، قال ترامب إنه وأنصاره على بعد أيام من تحقيق الانتصار، داعيا مؤيديه من الناخبين للتصويت له بالقول إن مصير أميركا بأيديهم.
وضع الأساس للطعن في نتائج الانتخابات
هذا وبحسب ما أوردته "أسوشييتد برس"، فقد قضى المرشح الجمهوري ترامب شهورا في وضع الأساس للطعن في نتائج انتخابات عام 2024 إذا خسر، تماما كما فعل قبل أربعة أعوام.
وفي كل تجمع انتخابي، كان ترامب يحث أنصاره على منحه نصرا "أكبر من أن يتم التلاعب به"، ويقول لهم إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يخسر بها هي إذا قام الديمقراطيون بتزوير الانتخابات. وقد رفض أن يقول ما إذا كان سيقبل النتائج بغض النظر عن النتيجة. وقال إن عملية التزوير تجري بالفعل، مشيرا إلى ادعاءات مكشوفة.
وقال ترامب في فعالية انتخابية في ولاية أريزونا في وقت متأخر من ليل الخميس: "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقفنا هو الغش.. إنه الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقفنا".
وفي عام 2020، أعلن ترامب فوزه من البيت الأبيض بشكل مبكر. وبدأ محاولات قانونية وسياسية لعكس خسارته أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن والتي بلغت ذروتها باقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.