مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

أيامٌ قليلة تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وسط حالة من الترقب والقلق غير المبرر من احتمالات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والذي يُعد بكل المقاييس حالة استثنائية غير مألوفة وطارئة على المشهد السياسي الأمريكي.

وبعيدًا عن الهلع الذي ينتاب البعض وأية اعتبارات ومآخذ أخرى مُحِقَّة، ربما يكون الخيار الأنسب القادر على دفع تناقضاتها الداخلية إلى مستويات مُتقدِّمة، وبطبيعة الحال فإن ترامب يُشبه أمريكا ووجهها الذي تحاول إخفاءه.

وكثيرة هي التساؤلات التي تُثار حول مستقبلها حال فوزه، بيد أن مجرد طرح مثل هذا التساؤل ينُم عن جهل عميق بتركيبة خارطتها السياسية؛ حيث إن الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين يتبادلان السلطة هما وجهان لعملة واحدة ولا يختلفان عن بعضهما، سوى في بعض البرنامج الإصلاحية الداخلية. أما فيما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية فلا يوجد بينهما خلاف، وإن كانت طرق مقارباتهما للأحداث والوقائع اليومية تُوحي أحيانًا بعكس الحقيقة.

الولايات المتحدة الأمريكية هي بالفعل نموذج الدولة الرأسمالية الديمقراطية التي استكملت كافة مؤسساتها التمثيلية شكلًا ومضمونًا، بحيث تصب كل ما تُفرزه فعاليتها الداخلية في بوتقة مصالح طبقاتها الرأسمالية الاحتكارية. وبهذا المعنى فإن من يقف على رأس السلطة التنفيذية مجرد مُمثِّل قانوني لإرادة اللوبيات الإمبريالية ومراكز الثقل المالي والاقتصادي والصناعي، التي تُدير ما يقارب 80 في المئة من الاقتصاد الأمريكي، وتتحكم بالمفاصل الرئيسية للنظام الرأسمال العالمي. وفي هذا الإطار، فإنَّ وصول دونالد ترامب أو كامالا هاريس الى البيت الابيض لا يستحق كل هذا الاهتمام؛ كونهما في نهاية المطاف سيخضعان لسطوة رأس المال وتطلعاته نحو إحكام السيطرة على الأسواق والمواد الخام والمواقع الاستراتيجية؛ الأمر الذي يعني المزيد من الحروب الاقتصادية والعسكرية، بكل ما يستتبعها من مآسٍ وكوارث إنسانية، وستظل الديمقراطية الأمريكية بكل عيوبها من أهم الأسلحة التي تُمكِّنُها من استعادة أنفاسها وترتيب أولوياتها بعد كل 4 سنوات عجاف من مواجهة الشعوب وأحلامها، في عالم تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية.

غير أن الديمقراطية وإن كانت طبقية إلّا أنها لا تخلو من المزايا؛ حيث إن فكرة التبادل السلمي للسلطة تُشكِّل بحد ذاتها حاجة موضوعية. وفي واقع الأنظمة الرأسمالية، هي عملية تجديد وضخ دماء جديدة في شرايين المؤسسات القائمة على الاستغلال وفرض السيطرة الطبقية. ومن الناحية النظرية، فإنها تُساير منطق التطور البشري وما راكمه من تراث معرفي يعلي من قيم العدل والمساواة، وتعد بمظاهرها الليبرالية المختلفة أقصى ما أنتجه الفكر السياسي البرجوازي الغربي، بحيث تُعطي للنظم الرأسمالية إمكانية إعادة تكريس بُناها الاقتصادية والاجتماعية والآيديولوجية القائمة على الاستغلال والاضطهاد والعمل المأجور.

علاوة على أن الهوامش النسبية من حرية الرأي والتعبير وغيرها التي تتمتع بها ما زالت لها بريقها، ومن الذي لا يستوقفه مشهد الملايين وهم مُتجهين نحو صناديق الاقتراع بلا عنف أو إراقة الدماء، بصرف النظر عن محتواها، مع الإقرار بأنَّ الديمقراطية الأمريكية هي نموذج مختلف؛ سواءً من حيث آليات اختيار مجلسي الشيوخ أو النواب، أو من حديث اختيار الرئيس، وضيق الخيارات أمام الناخبين، وحجم المقترعين التي لا تتعدى في السنوات الماضية حدود 30 في المئة من مجموع السكان، البالغ عددهم ما يقارب 400 مليون نسمة، وهي نسبة ضئيلة جدًا، ولا تُعبِّر عن إرادة الأغلبية الساحقة، إلّا أنها- بحسب نخبها وتكوينها السياسي- كافية لتبرير شرعيتها. وتتيح الانتخابات الأمريكية فرصة مناسبة لتقييم التجربة الاشتراكية النقيضة ونموذجها الأبرز الاتحاد السوفيتي السابق، الذي غابت الممارسة الديمقراطية عن نهجه؛ وهي حالة غريبة عن جوهر الاشتراكية نفسها. وقد حصدت بغيابها هزيمةً غير مُستحَقَّة؛ حيث تسلَّل ميخائيل جورباتشوف بمواصفاته الرديئة إلى رئاسة الحزب والدولة، واستطاع إخفاء جوهر برنامجه الحقيقي الذي ظل مخبوءًا في مُخيِّلته، حتى تمكن لاحقًا من نسف تجربة بشرية انتشلت ملايين البشر من براثن الجوع والعبودية، وحوَّلت بلدًا شبه مُتخلِّف نصفه إقطاعي ونصفه الآخر رأسمالي، إلى ثاني أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، وفتحت عصر الثورة الاشتراكية بكل آمالها في القضاء على القهر الطبقي واستغلال الإنسان للإنسان بكافة أشكاله وأنواعه.

وتبقى الديمقراطية وسيلةً لا غنى عنها في تصليب البنى الداخلية للشعوب وحماية منجزاتها، وأن كل محاولات احتكار السُلطة أو حصرها في فئات قليلة وعدم إشراك الجماهير وتعبيراتها السياسية في رسم مستقبلها، ستصل في النهاية إلى الطريق المسدود. وللأسف، فإن البلدان العربية تنحو يومًا بعد آخر نحو الديكتاتورية والأوتوقراطية، وتُجري محاولات مُتعددة لإقناع الجماهير بعدم جدوى المشاركة السياسية، وتقليص صلاحيات المجالس الشعبية المنتخبة، وإظهار عجزها في لجم النزعات الفردية والطبقية.

ومن نافلة القول إن الديمقراطية لا يمكن حصرها في جوانب تمثيلية شكلية فحسب؛ بل هي بالأساس مفهوم شمولي اقتصادي واجتماعي وسياسي، وممارسة عملية تقوم على ضمان حق الاختلاف وتجسيده في العمل المُنظَّم تحت مظلة دستورية وقانونية عصرية، تكفل حرية التنوع الفكري والسياسي بكل أبعادها وتجلياتها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صلاح الشرنوبي: كانت هناك رغبة في التعاون مع عمرو دياب ولكن لم تتم

قال الملحن صلاح الشرنوبي إنه قدم مع المطرب محمد فؤاد عدد من الأغاني الناجحة والبداية كانت أغنية "فاكرك يا ناسيني " ومحمد فؤاد كان بيفكر ومتميز، وقدم الأغنية بشكل جديد، وأخد اللحن وأضاف عليه وعمل لها شكل موسيقي جديد، كما قمت بتلحين أغنية "كداب ، وانا لو حبيبك".

وأضاف خلال حلوله ضيفا على الإعلامي د. عمرو الليثي ببرنامج واحد من الناس على شاشة الحياة، أنه كانت هناك رغبة في التعاون مع  المطرب عمرو دياب وكانت رغبة مشتركة وجلسنا أكثر من مرة ولكنها لم تتم.

وعن المقارنة بين فؤاد وعمرو دياب ونجاحهما وأنهم جيل واحد، أشار بشكل عام “المسألة تتعلق باختيارات المطرب وعمرو دياب عندما يسمع أغنية ولا يشعر أنها لا تليق عليه فلا يقدمها وهذا جانب جيد في عمرو  واستمراراه في النجاح، وفؤاد أيضاً متميز وله نفس الصفة ولكن من الممكن أن يكون انشغل في أشياء أخرى”.

كما تحدث الشرنوبي خلال الحلقة عن تعاونه الناجح مع المطربة الكبيرة وردة وأيضا جورج وسوف والمطربة ذكري والمطربة الكبيرة ميادة الحناوي ولطيفة وسميرة سعيد وراغب علامة.

الملحن صلاح الشرنوبي يكشف سر نجاح تعاونه مع راغب علامة وميادة الحناوي وسميرة سعيدة

قال الملحن صلاح الشرنوبي عن تعاونه مع راغب علامة ان مع النجاح الكبير لأغاني مثل بتونس بيك وحرمت احبك ، كان التعاون مع عدد كبير من المطربين ومنهم راغب علامة وقدمنا معا " توأم روحي ، فرق كبير ، سيدتي الجميلة ، خدت بالي ، وحبيبي يا ناس.

واضاف ، ان التعاون مع راغب علامة كان وائل وكانت تجربة رائعة وناجحة جدا وحققت تلك الاغاني نجاح كبير في مصر والوطن العربي.

وايضاً تعاونه الرائع  مع ميادة الحناوي " كبريائي ومستغربين ومهما يحاولوا يطفوا الشمس ، أنا مخلصالك ، الفرق بينا ، يا شوق " اشار الي انها مرحلة مهمة في مسيرتي وهذا الصوت الرائع والذي يمتلك امكانات رائعة وحققنا نجاح كبير وصدي رائع بين الجماهير والنقاد.

وعن تعاونه مع سميرة سعيد اشار بان البداية سنة ٩٠ وقدمت معاها  اغنية "خايفة " ، وكانت وقتها متزوجة من الموسيقار هاني مهنا ، وكنا لسه في البدايات ، وكنت لسه جاي من الإسكندرية وكنت اعيش في شقة مفروشة ، وجاءت تلك الاغنية وكانت البداية وبعدها قدمنا عدد من الاغاني ومنها علي البال ، ما بحبش الخصام ، لا تلوم عليا

 

صلاح الشرنوبي :لطيفة مطربة رائعة وقدمنا أروع الاغاني وأنجحها

قال الملحن صلاح الشرنوبي ان المطربة لطيفة لها نصيب الأسد في التعاون معه ، وهي  ا مطربة رائعة وصوتها مميز وقدمنا معا عدد كبير من الاغاني والتجارب الفنية الرائعة ، وقدمت معاها اول اغنية ة " "بحب في غرامك "، وحققت نجاح كبير في مصر والوطن العربي وعلي المستوي الجماهيري وإشادات النقاد

واضاف الشرنوبي ، وبعد النجاح الكبير لأغنية " بحب في غرامك " توالت الاغاني والتعاون بيننا وقدمنا عدد كبير من الاغاني الناجحة ومنها " يا غدار ، واضح ، كرهتك ، عشان بحبك ، تاني وثالث ورابع "

وعن المطربة نجاة اجاب كان حلم من احلام حياتي التعاون مع المطربة نجاة وجاءت الفرصة مع الشاعر محمد حمزة وسمعتها مذهب " اطمن " وكان مفروض محمد فؤاد يقدمها ولم تتم التجربة ، ولكن قدمتها السيدة نجاة وكانت في عام ٩٨ وكنت وقتها في إجازة وذهبت اليها فورا وتم تقديمها بشكل يليق بالمطربة نجاة

كما تحدث الشرنوبي خلال الحلقة عن تعاونه الناجع مع المطربة الكبيرة وردة وايضا جورج وسوف والمطربة ذكري والمطربة الكبيرة ميادة الحناوي. 

 

مقالات مشابهة

  • مشروع قانون الحوافز الانتخابية في العراق بين تعزيز المشاركة وتهديد الديمقراطية
  • 40 ألف ليرة لليلة واحدة، ولكن لا أمان: تفاصيل مرعبة حول الكارثة التي أودت بحياة 66 شخصًا في تركيا
  • سلام يعد حكومة نُخب واختصاصيين وتمثيل.. ميقاتي: استنساخ لحكومات سابقة ولكن لننتظر
  • صلاح الشرنوبي: كانت هناك رغبة في التعاون مع عمرو دياب ولكن لم تتم
  • إبراهيم عيسى: تنصيب ترامب يعكس قوة الديمقراطية الأمريكية
  • محلل سياسي: الديمقراطية الأمريكية تتفوق على أي انتصار فردي
  • بوستيكوجلو: اللاعبون يستحقون الثناء ولكن من الواضح أننا فشلنا
  • الخضيري: تسخين الطعام لا يسبب التسمم ولكن لا تغليه
  • عمرو أديب: الفلسطينيون فقدوا القدرة على البكاء ولكن على هذه الأرض ما يستحق الحياة
  • أيمن الشريعي: زياد كمال طلب مني العودة لإنبي ولكن الأزمة عند الزمالك