د. عبدالناصر علي الفكي*

اللغط والفوضى العارمة التي تزامنت مع المحاضرة التي نظمتها تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) في ٣١ أكتوبر ٢٠٢٤ في العاصمة البريطانية لندن في المعهد الملكي للشؤون الدولية بعنوان (أولويات المدنيين من أجل وقف الحرب في السودان) أثارت لدي تساؤلات عن كيف وصل هؤلاء الغوغاء إلى هناك، وإن حق اللجوء أصبح يمنح لمن لا يستحق؟.

من المعلوم أن الطلب الخاص بحق اللجوء في بريطانيا وأروبا وأمريكا وغيره من العالم يتمرحل من النظر والفحص إلى الموافقة، وبالتالي يعطي المنح للضحية بناء تعرضها لانتهاك واضح وعنيف في مجال الحقوق العامة والخاصة. ومنع التعبير الرأي والتنظيم والحركة. وتهديد حق الحياة.

بكتابة تفاصيل الانتهاكات والاستهداف في الزمان والمكان وبالشواهد والأدلة بغرض التمتع بالحماية والحياة الآمنة اقتصاديا واجتماعيا في الدول المستضيفة في أروبا وأمريكا..الخ يصاحب ذلك ببرامج ودورات متنوعة في اختصاص التكييف الاجتماعي والثقافي والنفسي والمساعدة الآمنة لتتوازن كإنسان سوي وتحقق التعايش والسلام الاجتماعي.

إذا هو حق إنساني لمستحق كفل بالقوانين الدولية والإقليمية والوطنية، وفي هذا مرونة في اللوائح والقواعد، ولكن الأصل في حق اللجوء تهديد وانعدام أمن إنساني للضحية.

ولكن المفارقة المذهلة هنا، أن من كان يمارس عمليات الانتهاك والهتك هو “نفس الزول” صار ضحية!.

كيف يامن انتهكت حقوق وخصوصيات أبناء وبنات الشعب السوداني طوال حكم الإنقاذ المخلوع من ١٩٨٩ / ٢٠١٩، تعد وتحسب بأنك ضحية، وتنال حق لاجئاً ليس لك، ولا يتطابق عليك، وبل تزيد في أن تستنفر ويثير فوضى وهياج تدربت عليها سابقا طوال سنوات في مليشيات الدفاع والأمن الشعبي التابع لتنظيم الإخوان المسلمين.

والآن في لندن  تمارس ذات الأدوات النتنة ضد المدنيين السلميين، وهم أساسا ضحايا تسلط وقهر وتهديد دائم وتضييق مستحكم إبان نظام الإنقاذ المخلوع، حيث ظل علي الدوام أهدف تستوجب القتل والتصفية والجهاد باسم الدين المستلب، لأنهم حينها كانوا مناضلين عمل علي استرداد السلطة المدنية الديمقراطية من الشمولية والعسكرية الملتحية. لذلك لم أستغرب عودة المعتاد.

وهل حق التظاهر السلمي كان ليتم في بلد تجثم علي صدره حكومة الكيزان الثيوقراطية المستبدة؟ فالشواهد كانت ماثلة من قتل للمتظاهرين العزل إلا من هتافهم وسلميتهم طيلة فترة حكم الكيزان ولولا أجواء الحكومة المدنية الديمقراطية في بريطانيا لما أتيحت للكيزان، وجوقتهم من هذا العبث؛ لأن هنالك حق التظاهر مكفول  وفقاً للمدنية التي يحلم بها الشعب السوداني، ويناصبها العداء الكيزان.

سلوك الأمنية عند فعالية ندوة لرأي يقابل بالرأي، ولكن كما يقول المثل السوداني “من نسي قديمو تاه”.

الاستنفار والحشد حدث باستثارة سلوك التعصب البربري المستبطن المليشي وهو الذي يتقن أساليب التعذيب والإرهاب تجاه ذات المدنيين الديمقراطيين الذي يعتدي عليهم في عاصمة الضباب بالعنف اللفظي والمادي، ويسبهم بألفاظ سوقية تشبه تنظيم الكراهية والتقتيل؛ مكررا نفس الفعل الذي كان يمارسه في معاقل بيوت الأشباح والسجون. ولكن هذه المرة للأسف في بلاد كنا نتصور أنها عريقة في الحرية والحريات. حيث وجد وأقام بها الإسلاموي أي مفارقة هذه لا يقبل عقلاً ولا منطق.

الفعل يفضح الفاعل وهو دلالة بينة لا تقبل الشك علي الكذب والنفاق، ولا تنتمي إلى كتلة ومحركات الديمقراطيين ومكان والموقف الحقيقي هو ضد الثورة والتغيير والحقوق، وأنك منتهك وقاتل ومغتصب، وجودك في عاصمة الضباب ببريطانيا تم عبر تزييف وتزوير وقائع وأكاذيب والاستعانة بمحام مفسد يعدل المقلوب والمختل مقابل حفنة دولارات واسترليني.

المظاهرة غير سلمية، وليست سلوكاً مدنياً، وكانت استفراغ فضح الدواخل المستترة والتربية الإسلاموية غير سوية المتغذية علي شمولية المنطلق واستبداد الأهداف وممارسة الانتهاك. وهذا التعصب الأعمى لا يؤهلهم بأن يكون جزءاً من مستقبل السودان.

رسالة إلى الحكومة البريطانية أن تعمل بشكل أكثر جدية في تحري منح طلبات اللجوء والحماية والإجراءات المتبعة. فالبعض مكانه ساحات المحاكم وفضيلة العدالة وأسوار السجون وعيادة المستشفيات العقلية والنفسية وبرنامج التأهيل المكلفة والمرهقة.

إذ ليس من الإنصاف والعدالة منح مكافأة إنسانية بمال وحماية للمنتهك الغاصب علي حساب الضحايا والشهداء والمظلومين. وهذه معايير مزدوجة تستحق المراجعة أيضا.

تفعيل أجهزة العدالة والجزاء والملاحقة والتصنيف مقبل حق اللجوء الإنساني والحماية. علي أروبا وأمريكا وأستراليا أن تراجع إجراءات منح حق اللجوء لمن هو أحق، وليس للمجرم والمنتهك والمغتصب الظالم. وإلا ستدور حلقة الإرهاب مرة أخرى من ذات ساحة التظاهر الهمجي.

أستاذ جامعي ومدير مركز تنمية التعايش السلمي الاجتماعي*

الوسومد. عبدالناصر علي الفكي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: حق اللجوء

إقرأ أيضاً:

دولة الاحتلال وأمريكا تدرسان الانسحاب من الجنائية الدولية

كشف موقع "i24" الإسرائيلي أن حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب تدرسان الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.

وقال الموقع، إن رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو يقوم حاليا بتنسيق التحركات لهذه الخطوة، بالتعاون مع كبار مسؤولي إدارة ترامب، مشيرا إلى أن "الروح الداعمة من إدارة ترامب والعقوبات التي بدأت بفرضها على المحكمة الجنائية، دفعت نتنياهو وديرمر إلى التجرؤ واتخاذ الخطوة". 



وتزعم حكومة نتنياهو أن المؤسسات الأممية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية تمارس "نفاقا وظلما ضد إسرائيل".

يُذكر أن المحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت مذكرة توقيف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت.

وقالت المحكمة إن لديها "أسباباً معقولة" للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان "مسؤولية جنائية" عن جريمة الحرب المتمثلة في تجويع أهالي غزة، فضلاً عن الجرائم ضد الإنسانية مثل القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.

ورفض نتنياهو هذه الاتهامات ووصفها بأنها "معادية للسامية".

والشهر الماضي، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية رداً على إصدارها أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.


وشملت العقوبات الأمريكية إجراءات اقتصادية وحظراً على السفر تستهدف الأفراد الذين يشاركون في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية مع مواطنين أمريكيين أو حلفاء للولايات المتحدة، مثل الاحتلال الإسرائيلي.

وأثارت هذه العقوبات رفضاً دولياً واسعاً، حيث أدانتها دول مثل الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى تنديد المحكمة الجنائية الدولية بها.

وأعربت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، عن دعمها للمحكمة، قائلة في منشور على منصة إكس: "تكفل المحكمة الجنائية الدولية المحاسبة عن الجرائم الدولية وتمنح الضحايا صوتاً في شتى أنحاء العالم. يجب أن تكون قادرة على مواصلة مكافحة الإفلات من العقاب عالمياً بحرية. ستدافع أوروبا دائماً عن العدالة واحترام القانون الدولي".

من جهة أخرى، تسببت قرارات المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو في إرباك تحركاته الخارجية، وقد  بدأ يتجنب المرور ببعض الدول تجنباً لاحتمالات اعتقاله تنفيذاً لمذكرات التوقيف الصادرة بحقه.

مقالات مشابهة

  • هالة صدقي: أتعرض عليا دور إنتصار في "إش إش" ولكن رفضته
  • عن جشع واستغلال التجار في رمضان!
  • عمان وأمريكا تعززان التعاون وتبحثان القضايا المشتركة
  • انخفاض طلبات اللجوء إلى أوروبا بنسبة 11% في 2024 لكن العدد تجاوز المليون
  • بهاء عبد الحسين عبد الهادي: مشاهير العرب قوة مؤثرة.. ولكن المسؤولية الاجتماعية أولًا
  • دولة الاحتلال وأمريكا تدرسان الانسحاب من الجنائية الدولية
  • الناتو: مزيد من الدول الأوروبية ستعزز إنفاقها الدفاعي وأمريكا ملتزمة بالحلف
  • استحقاق مرحلي.. غاية أم وسيلة؟
  • تعرف على مدة الفصل في طلب اللجوء وفقًا للقانون
  • القسام تبث مقطعا لمحتجز إسرائيلي يطالب بمواصلة التظاهر حتى يوقع نتنياهو المرحلة الثانية من الاتفاق- (فيديو)