البوابة نيوز:
2025-04-18@22:07:48 GMT

أبو حامد الغزالي في حنطور!

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كان عمرى أربعة عشر عامًا عندما دخلت مكتبة مجلس المدينة التى تبعد عن منزلنا بضع خطوات لأشترك فى عضويتها وأستطيع أن أستعير كتابا لأقرأه بمنزلى.

  عند أول محاولة لى فى الاستعارة مددت يدى لأختار رواية فكانت رواية "الخيط الرفيع" للأستاذ إحسان عبد القدوس.. وفوجئت بالسيدة أمينة المكتبة ترفض اعارتها لى.

. وعندما سألتها عن سبب رفضها فاذا بها تسألنى كم تبلغ من العمر؟.. سألتها لماذا؟ قالت لأنك ما زلت صغيرًا ويجب أَلَّا تقرأ مثل هذه الروايات..وبرجولة مبكرة جدًا رددت: أنا لست صغيرًا..  وفى هذه الأثناء، طلبها رئيسها فأنهت الحديث معي بسرعة ونسيت رفضها، وعلى عجل سلمتنى الرواية.

وفى منزلى جذبتنى الرواية  من أول صفحة الى عالم آخر ودنيا غير التى أعرفها..  كم مرة قرأتها من شدة جمالها؟ لا أتذكر ولا أعرف كم قضيت من الوقت معها.

بعد قراءة هذه الرواية ذهبت الي المكتبة مهرولا لأبحث عن  كل روايات المبدع إحسان عبد القدوس التى علمتنى أن أعيش مع رغبات ونزوات ومشاعر بشر فى كل الأزمنة وفى أماكن قريبة وبعيدة.

لكن كان هناك كاتب عملاق تعرفت عليه من خلال كتابه المقرر علينا فى الدراسة الثانوية وهو "عبقرية عمر" ولم تكن قراءته لمجرد المتعة فقط ولكن من أجل أن  أفهمه وأحلل مواقفه وأحداثه لأحصل على أعلى درجة فى الإمتحان، ومنه تعرفت على المفكر عباس محمود العقاد الشاعر، والفيلسوف،، والذى مثَّلَ حَالةً متميزة في الأدَبِ العربيِّ الحَدِيث، ووصل إِلى مرْتبة عالية فيه.

بعدها بحثت عن كتبه ووجدت إنتاجا غزيرا لكنى توقفت عند محاضرة له طبعت فى كتاب بعنوان "فلسفة الغزالى" وقرأته أكثر من مرة فهو كتاب من أشهر كتبه، وقد حقق  مبيعات ضخمة، حيث تصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في مصر وفي العالم العربي منذ وقت صدوره وحتى وقتنا هذا.

 هذا الكتاب كان - كما قيل - أحد أكبر أسباب شهرة المفكر عباس محمود العقاد. حيث لاقى هذا الكتاب شهرةً كبيرة. فقد اشتهر في الأوساط الثقافية فأغلب أعمال العقاد تتميز بجودتها بالنسبة للمثقف المطلع وببساطتها للرجل العامي.

حاول المفكر الكبير العقاد أن يدرس شخصية واحد من أشهر علماء المسلمين وواحد من أهم مفكريهم وهو الإمام أبو حامد الغزالى.. وقد كان أبو حامد الغزالي من أكثر الناس مواجهةً لأفكار فلاسفة عصره وأفكارهم الضالة والمنحرفة.

ولا أنسى حديث المفكر الكبير العقاد عن الإمام الغزالي بقوله: والواقع أن حجة الإسلام رضي الله عنه لم تكمل له أداة قط كما كملت له أداة الفلسفة، فهو عالمٌ، وهو فقيهٌ، وهو متكلمٌ، وهو صوفيٌّ ولا مراء، ولكن هذه المطالب لا تستغرق كل ملكاته ووسائله إلى المعرفة، وقد يبلغ فيها غايتها ببعض تلك الملكات والوسائل، وتبقى له بعدها ملكة لا ضرورة لها في غير الفلسفة وحدها، وأوجز ما يقال عنها بكلمة واحدة: أنها هي ملكة التجريد.

 هذه القدرة على تجريد الذهن من قيود المألوف قد بلغت أتمها وأقواها في الإمام الغزالي رضوان الله عليه، ولا يُعرف من مفكري المشرق ولا المغرب من هو أتم منه أداة ولا من هو أقدر منه على محو مألوفاته في هذا الضرب من التفكير.

من هذه المحاضرة للمفكر الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد عرفت الإمام الغزالي وسمعت من يقول فى حديث إذاعى من لم يقرأ كتاب الإحياء  للإمام الغزالي فهو ليس من الأحياء!... إلى هذه الدرجة؟.. نعم !

الأغرب أن سيدة فاضلة جارة لنا جاءت لزيارتنا، وقد دار الحديث معها حول جهدها فى تربية بناتها الثلاثة بعد رحيل زوجها وكان معروفا بخلقه الحسن وفكره الثاقب، إذ إنه كان من رجال التربية والتعليم ومحبا للقراءة والإطلاع، وما أن عدت من عملى إلى منزلنا حتى فوجئت بأخى الأصغر يضحك من منظر الكتب التى أحملها وهو يعلق ضاحكا: ما زلت تنفق راتبك على الكتب!.

رحبت بالجارة التى لفت انتباهها كلام أخى والكتب التى أحملها وسألتني هل تعرف أحدا يشترى مكتبة بها مجلدات قيمة؟

كأنها عرفت حبى للكتب، وأنها يمكن أن تبيع مكتبة زوجها التى تشغل حيزا كبيرا فى  شقتها لمعرفتى بأصحاب المكتبات وباعة الكتب.. وسألتها كم تريدين فيها؟ فأجابت: خمسون جنيها (كان جرام الذهب  عيار ٢٤ آنذاك لا يتعدى أربعة جنيهات الآن اقترب من الأربعة آلاف جنيه).

قلت لها هل يمكن أن أشاهد هذه المكتبة 

قالت: تفضل

وبالفعل ذهبت ناحية مكتبة زوجها الراحل فوجدت مجموعة هائلة من الكتب والمطبوعات التى كانت تصدر من مكتبة دار الشعب بشارع قصر العينى،‏ وهى متنوعة من الكتب المتميزة، في مختلف المجالات الأدبية والثقافية، وأمهات الكتب التراثية فى التاريخ والفكر العربي.

عشرون جنيها قدمتها لها كعربون، فقد قررت أن اشتريها لنفسى، وقلت لها أيام قليلة وسوف أحضر الثلاثين جنيها لكننى استأذنت فى إن أعود إلى منزلى ومعى مؤلفات الإمام الغزالي كلها فوافقت، وعلى الفور، وكانت كل مؤلفاته فى حنطور عائدا بها إلى منزلى 

الأسبوع القادم بإذن الله أكمل تفاصيل ما حدث 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أبو حامد الغزالي عباس محمود العقاد إحسان عبد القدوس الإمام الغزالی

إقرأ أيضاً:

(حوارات الديوان الثقافي من البيت العربي في برلين) تستضيف الدكتور حامد فضل الله

كنت اعتقد أنني فريد عصره في داخل أسرة آل قرشي الذي يعرف علي بصيرة موسوعية وطموح ونباهة د. حامد فضل الله إلي أن رأيت بأم عيني وسمعت بأذني ذاك الفديو الذي بعث به الينا ابننا يسن كاسرة قرشية ونجدية ( من آل قرشي وآل نجدي ) هنا أدركت بعد تسمري لأكثر من ساعة أمام الموبايل والمذيع السوري ابراهيم الجويني يقدم السهل الممتنع في حواره مع ضيفه د. حامد فضل الله بأسئلة خفيفة الظل رشيقة سريعة محكمة والضيف يتجاوب مع الاسئلة الحصيفة بذهن صاف وحضور واعي وتجاوب يثير الدهشة والإعجاب ... نعم حتي شهودي هذه الوجبة الدسمة من العلم والثقافة والآداب والسياسة والفكر كنت اعتقد أنني أكثر فرد في الأسرة قد سبر أغوار د. حامد وغاص في أعماقه وفهم وهضم كل مساهماته في دنيا القلم وعالم الكتب وفي الترجمة والحوارات والمقابلات مع مختلف أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ولكن وجدت أن د. حامد له من الأنشطة والدراسات والتسفار والجري وراء المعلومات والجديد من التراث الإنساني وكم هو عضو في كثير من المنظمات التي تعني بحقوق الإنسان واهتمامه بالنشر وتعريفه وتقديمه للعالم أدباء السودان وقد افرد لهم أحدي مجلداته ... نعم اكتشفت انني اجهل الكثير عن طموح د. حامد وعشقه الاداب رغم أن ميدانه وتخصصه علمي بحت إذ أنه طبيب اخصائي ومحاضر في جامعة برلين الحرة بكلية الطب وله عيادة خاصة به ويقرا كثيرا كثيرا وذكرني اطلاعه هذا الثر رغم أن طبيعة عمله في عيادته وفي التدريس الجامعي تأخذ من وقته الكثير ذكرني بحوار جري بين العلامة الدكتور التيجاني الماحي واحد أصدقائه من الخواجات الذي سأله كم كتاب قرأ حتي الآن ... فعدد له د. التيجاني ما قرا من كافة الأسفار والتي تصل إلي الآلاف وفيها مختلف العلوم والمعارف واللغات ويقال إن د. التيجاني يجيد اللغة الهيروغليفية تحدثا وكتابة وانه يملك كثير من الوثائق النادرة ... قال له الخواجة معلقا بعد أن عرف كمية الكتب التي قرأها د. التيجاني وفيها المجلدات علي اختلاف تخصصاتها واشكالها وانواعها ... قال له الخواجة ( Do you want to convince me that you have read all these books in one life ) ؟!
تحدث د. حامد عن شغفه وافتنانه بالادب منذ المرحلة الثانوية يوم كان الاديب الكبير احسان عباس يحاضر بجامعة الخرطوم وقد استفاد منه أدباء سودانيون كبار منهم الشاعر المرهف صلاح أحمد إبراهيم وغيره ... وعندما وصل د. حامد الي القاهرة للالتحاق بكلية الطب هنالك وجد أن فرصة القبول قد فلتت من بين يديه لانه وصل متأخرا ولكنه استثمر مدة عام كامل كان يذهب فيه لكلية الآداب ويستمتع بحديث الاربعاء لعميد الادب العربي طه حسين ... ورجع لبلاده الحبيبة ووجد بعثة لدراسة الطب في المانيا التي سافر إليها وهو اليوم سعيد بهذه البعثة التي صيرته نصف الماني وقد اندمج تماما مع هذا المجتمع الغربي وأجاد لغتهم وترجم كثير من كتاباتهم عن بلده السودان وكانت هذه لفتة بارعة خدم بها بلده العزيز وقام مؤخراً بتأسيس مركزا للتدريب المهني أهداه لبني شعبه وقد تم تأسيس هذا المركز علي احدث طراز وأطلق عليه اسم ( مركز القرشي المهني ) وللأسف وبعد أيام قليلة من افتتاحه اندلعت الحرب اللعينة العبثية المنسية التي أكلت الاخضر واليابس وتأسف د. حامد علي هذا الوضع وقال بكل اسي وحزن أن مجرد الذهاب لموقع المركز فيه خطورة بالغة للذي يريد أن يتفقد أحواله ويري ماحدث فيه من دمار لأن الدانات العمياء تنهال علي الرؤوس في ما غير شفقة أو رحمة وانما في جنون وسبق إصرار وترصد .
قال له المذيع انك اقرب الشبه بالمفكر الفلسطيني ادوارد سعيد كيف ذلك ... فهمت من إجابة د. حامد أن د. ادوارد سعيد عنيد ولايتنازل عن هدفه ويحاول أن يصل إليه مهما كلف الأمر وكذلك د. حامد الذي واجه كثيرا من المصاعب مع التاقلم مع المجتمع الغربي الذي يتوجس من المهاجرين ولا يقبل بهم خاصة اليمينيون المتطرفون الذي بدأ نجمهم يستطع في الغرب ... وقد تخطي د. حامد كل هذه الصعاب بجده ومثابرته واندماجه الإيجابي في المجتمع البرليني علي وجه الخصوص وقد حمل لقب عمدة السودانيين ببرلين عن جدارة واستحقاق..
ولم تكن خدمته مقصورة علي أبناء وطنه بل كان عبر المنظمات التي أنشأها يساعد أبناء الجاليات العربية علي كيفية معرفة حقوقهم كمهاجرين ويبصرهم بقوانين المانيا وضرورة التقيد بها حتي لا يكونوا عرضة للسجن ومن ثم الابعاد عن البلاد .
شكرا ابننا يسن عثمان فضل المولي وقد اتحت لنا الفديو الذي تضمن هذه المقابلة الاستثنائية مع د. حامد فضل الله الذي تعتبره عنوانا لنا ووجها مشرقا نطل به علي الغرب وقد استطاع من خلال مؤلفاته المشهود لها بالجودة وحسن السبك والمهنية في أعلي مراتبها أن يقرب الشقة بين الغرب وبلداننا في العالم الثالث وخاصة بلدنا الحبيب السودان نسأل الله عز وجل أن نري رايات السلام تخفق فيه من جديد بعد أن جف الزرع والضرع .
امد الله سبحانه وتعالى في ايامك أخانا د. حامد ونفعنا بعلمك الغزير وجزاكم الله خيرا واحسانا وصلي الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
وناسف أن قصرنا في حقك وانت تبذل كل هذا الجهد في صمت العلماء وكل هذا الحب الذي تكنه لوطنك وللانسانية جمعاء وكان ينبغي أن نكون في الصورة ونلتقط أولا بأول أياديك البيضاء في الفكر والآداب والثقافة والسياسة وانت تخدم المجتمعات علي اختلافها من غير من أو اذي بل هي رسالة آمنت بها وقدمتها بكل صدق واخلاص .
ودمتم في رعاية الله وحفظه .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • محمود حامد يكتب: هكذا تحدث الإمام الأكبر أمام ممثلى الغرب
  • بمشاركة طارق حامد.. ضمك ينتصر على الخلود في الدوري السعودي
  • الذكاء الاصطناعي يهدد مستقبل قارئي الكتب الصوتية
  • مستقبل مجهول للقارئين البشريين في قطاع الكتب الصوتية
  • (حوارات الديوان الثقافي من البيت العربي في برلين) تستضيف الدكتور حامد فضل الله
  • عمداء جدد بجامعة الأزهر.. العقاد للإعلام والرفاعي للزراعة ونصار للهندسة
  • تكليف ولاء العقاد عميدة لإعلام بنات الأزهر ونصار للهندسة
  • تفاصيل احتفالات دار الكتب بـ"أديب نوبل" نجيب محفوظ.. صور
  • محمد حامد جمعة يكتب: المضاغطات
  • أمير هشام: الزمالك يجس نبض طارق حامد