العلاقة الزوجية مبدؤها الرحمة
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتتعقد فيه العلاقات الإنسانية، تبقى العلاقة الزوجية هي الملاذ الآمن والسكن الروحي الذي يأوي إليه الإنسان. ولكن ما السر في نجاح هذه العلاقة المقدسة؟ وكيف يمكن للزوجين أن يبنيا حياةً مستقرة في ظل تحديات العصر؟
إن الأصل في الخليقة التزاوج؛ فالبشر يتزاوجون، والحيوانات تتزاوج، والله عز وجل خلق من كل شيء زوجين اثنين، لا تبديل لخلق الله.
الله عز وجل من سننه الزواج؛ لعلمه سبحانه أن الحياة لن تستقيم إلا بزواج. فآدم عندما خلق الله له حواء أنس بها وكانت سكناً. الإنسان في الحياة ينتقل بين الأطوار، وفي كل طور له خصائصه وواجباته. فعندما يخرج من بطن أمه يبدأ يفكر كيف يتغذى ويستكشف، ثم ينتقل لطور التعليم والانخراط في الدراسة بجميع مراحلها، ثم يتشوف للوظيفة التي تحقق له مستقبله، ثم تكتمل بالزواج الذي يكمل به نصف دينه وتحدث له الاستقرار.
المرحلة التي كانت قبل الزواج كانت الاتكالية عالية؛ فوجود الأبوين وكذلك الإخوة مما يقلل من الاعتمادية. فالرجل يكون حراً طليقاً في قراراته، والمرأة كذلك، فهي مخدومة في بيت أهلها ويأتيها رزقها من كل مكان. عندما ينتقلون إلى طور الزواج والاعتمادية، هنا يبدأ الاصطدام في الحياة الجديدة: كيف يتم التناغم بين الطرفين؟ فالرجل كان حراً طليقاً من قبل، وقليل ما يجلس في بيت أهله؛ فهو مع رفقائه وسفرياته. والمرأة ستواجه تحدياً في خدمة زوجها، وكيف ستوائم بين الخدمة والوظيفة وأهلها.
وهذا هو مفترق الطريق: إذا أصر الطرفان – كل يريد بقاء حياته على ما كان عليها من قبل – تعسرت الحياة وكثر اللغط. وإن عرف كل دوره، ورسم خريطة حياته مع شريكه، ووازن بين الأمور كلها، فقد أفلح.
ومع مرور الزمن سوف يأتي الأبناء، وهذا طور جديد، وتزداد المسؤوليات يوماً بعد يوم. كيف سيكون هؤلاء الأولاد في المستقبل؟ هل هم نافعون لوالديهم ووطنهم أم عالة على المجتمع لسوء التربية؟ هؤلاء الأولاد هم أمانة في أعناق الوالدين، والإنسان يبذل ما بوسعه ليجعل منهم صالحين ويغرس فيهم القيم الحميدة والأخلاق السامية والابتسامة الجميلة.
إن مبدأ الزواج وأساسه القيام على الرحمة والعاطفة ولين الجانب والتغافل وغض الطرف. ولا يوجد إنسان على الكرة الأرضية قد كمل في أخلاقه وصفاته، فنحن بشر نخطئ ونصيب، ولذلك حثت الشريعة على الأخلاق الحسنة بين الزوجين.
وأختم ببعض الأحاديث النبوية:
– عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يَفْرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كَرِه منها خُلُقاً رَضِيَ منها آخر” (رواه مسلم).
– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء خيراً” (متفق عليه).
– عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” (رواه الترمذي).
– قال صلى الله عليه وسلم: “المؤمنون أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم” (رواه الترمذي).
– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيراً” (متفق عليه).
فهذه الأحاديث تؤكد على:
– أهمية حسن المعاملة بين الزوجين.
– ضرورة الصبر والتحمل.
– النظر إلى الإيجابيات وليس السلبيات فقط.
– الوصية بالنساء خيراً.
– أن حسن معاملة الزوجة علامة على كمال الإيمان.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
ما حكم عمارة وتزيين المساجد؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم تزيين المساجد؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إنه يجوز زخرفة المساجد ونقشها؛ فهو من تعظيمها وإعلاء شأنها؛ امتثالًا للأمر الشرعي برفعها وعمارتها وتشييدها.
واستشهدت بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾[التوبة: 18].
واوضحت ان تزيين المساجد أمرٌ جرى عليه عمل المسلمين منذ القرون الأولى، وتفننوا فيه، وذلك يتأكد في العصر الحاضر الذي صار النقش والتزيين فيه رمزًا للتقديس والتعظيم، وشيد الناس فيه بيوتهم ومنتدياتهم بكل غالٍ ونفيس، وإنما نُهي عن تزيين المساجد إذا كان بقصد الرياء والسمعة.
حقيقة النهي عن زخرفة المساجد
وكشفت عن ما تفيده الأحاديث التي جاء فيها النهي عن زخرفة المساجد، حيث قال النبي عليه السلام: «إِنَّ مِنْ أَعْلَامِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا أَنْ تُزَخْرَفَ الْمَحَارِيبُ»
وقالت ان الأحاديث النبوية التي أخبر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ زخرفةَ المساجد وتزيينها من أشراط الساعة لا تدل على كراهية الزخرفة أو تحريمها، وإنما هي محمولة على الاهتمام بالشكل على حساب المضمون، وتعمير الظاهر مع تدمير الباطن؛ كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ بِالْمَسَاجِدِ وَلاَ يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا» رواه أبويعلى.
صدقة جارية
وروى البزار في مسنده من حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلًا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ».
نظافة المساجد
ويجب أن تنظف المساجد، وتطيب، وتجنب الأقذار، والروائح الكريهة،روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ»وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ امرَأَةً سَودَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسجِدَ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلـم، فَسَأَلَ عَنهَا؟ فَقَالُوا: مَاتَتْ، فَقَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟» قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا»، فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ»[4]. وفي رواية: «كَانَتْ تَلْتَقِطُ الْخِرَقَ، وَالْعِيدَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ».