البترون عنقود عنب شيده الفينيقيون في لبنان
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
البترون إحدى أقدم المدن اللبنانية، تقع على الساحل في محافظة الشمال، اشتهرت بمواقعها الأثرية، تأسست على أيدي الفينيقيين، ومرت عليها عدد من الحضارات اللاحقة، كانت إحدى المدن الفينيقية المشهورة، وذُكرت بأسماء متعددة مثل "بترونا" و"بيترونيون" في عدد من الرسائل التاريخية.
موقع مدينة البترونتقع شمال لبنان على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتبعد حوالي 50 كيلومترا عن العاصمة بيروت، ونحو 30 كيلومترا عن غرب مدينة طرابلس.
تبلغ مساحة البترون حوالي 278 كيلومترا مربعا، وتعتبر إحدى أقدم المدن اللبنانية.
تسمية مدينة البترونتتنوع الروايات بشأن تسمية المدينة، فقد عُرفت قديما باسم "بوتريس"، وهو اسم يوناني يعني "عنقود العنب"، في إشارة إلى اشتهارها وغناها بكروم العنب.
ويعتقد البعض أن الاسم أصله سرياني "بت طرونا"، ويعني "بيت الرئيس" أو "محلة المقدم"، نسبة إلى معلم بحري محلي يُعرف بـ"مقعد المير".
وتورد روايات أخرى أن الاسم مشتق من جذور فينيقية، إذ يشير المقطع "بتر" إلى الشق أو القطع.
كانت المدينة إحدى المدن الفينيقية المشهورة، وذُكرت بأسماء متعددة مثل "بترونا" و"بيترونيون" في عدد من الرسائل التاريخية التي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
تاريخ مدينة البترونتأسست المدينة على يد الفينيقيين بقيادة الملك "إيطوبعل الأول" حاكم مدينة صور، على الجهة الجنوبية للشاطئ الصخري الذي عُرف قديما باسم "رأس ليثوبروسوبون".
خضعت المدينة لاحقا للحكم الروماني وأدرجت ضمن مقاطعة "فينيسيا بريما" عام 64 قبل الميلاد، وامتلكت حق صكّ العملة بين عامي 2 ق.م و235 م، ومُنحت حق المواطنة الرومانية على يد يوليوس قيصر.
ضرب المدينة زلزال عام 551م، أدى إلى انزلاق التربة وتصدع الشاطئ الصخري، وتشكل ميناء المدينة الذي يعد أحد أكبر الموانئ الطبيعية.
لاحقا فتح المسلمون المدينة وأعادوا تسميتها من بترونيون إلى "البترون"، ثم سقطت في أيدي الصليبيين عام 1104 وأصبحت تابعة لكونتية طرابلس وحكمتها عائلة داغو الفرنسية، وشهدت هذه الحقبة ازدهار المطاحن المائية على ضفاف نهر الجوز.
ازدهرت البترون وميناؤها في القرن التاسع عشر، خاصة في الفترة بين عامي (1861-1914)، وأصبحت مركزا إداريا مستقلا، واشتهرت بأسواقها الأثرية وخاناتها الكثيرة، التي وصل عددها إلى 25 خانا، لكنها تراجعت في سنوات الحرب العالمية الأولى (1914ــ 1918) إذ خضع لبنان للانتداب الفرنسي.
عام 1943 تأسست الجمهورية اللبنانية بعد سنوات من الانتداب الفرنسي، وأصبحت مدينة البترون جزءا منها.
ميناء مدينة البترون نشأ نتيجة زلزال ضرب المدينة وأدى لانزلاق التربة وتصدع الشاطئ الصخري (شترستوك) أبرز معالم مدينة البترون القلعة البحريةبناها الحاكم الفينيقي "إيطوبعل الأول" على ساحل مدينة البترون في القرن التاسع قبل الميلاد بهدف حماية مملكته من الغزو الآشوري، واستخدمت على مر العصور والحضارات اللاحقة بعد ترميمها.
تبعد القلعة عن مدينة بترون نحو 205 كيلومترات، وتتميز بجدرانها المتينة التي يتراوح سمكها بين 1.5 مترا إلى 3 أمتار.
أطلق عليها اسم قلعة "المسيلحة" وهي عبارة تعني الحصن.
السور الفينيقيتتميز البترون بسور فينيقي طبيعي، وهو كتلة صخرية رملية يبلغ ارتفاعه حوالي 5 أمتار وعرضه يتجاوز مترا، أما قاعدته فتتكون من كثبان رملية تحجرت بفعل الطبيعة.
عززه الفينيقيون بالصخور لحماية المدينة من الأمواج، ولصد أي تهديد من البحر.
المدرج الرومانييقع وسط مدينة البترون، استخدم لأغراض متعددة، منها العروض المسرحية والمنافسات الرياضية والفعاليات العامة.
نُحت المدرج -الذي يتسع لمئات المشاهدين- في الصخر بشكل نصف دائري، وتظهر منه 9 درجات والباقي على امتداد المنازل، مما يدل على أهمية المدينة على الصعيد الثقافي في الفترة التي شيد فيها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
هذا ما كشفه الانزال الإسرائيلي البحري في البترون
العملية التي أقدمت عليها مجموعة الكوموندس الإسرائيلية قبل أيام على أحد شواطئ بحر البترون وخطف الكابتن البحري عماد أمهز من غرفة "الشاليه" التي يقيم فيها في شكل مؤقت، كشفت بما لا يقبل الشك بأن إسرائيل ماضية في تحدّي الإرادة الدولية من خلال خرق السيادة اللبنانية جوًّا وبرًّا وبحرًا. وكشفت هذه العملية – الاعتداء مدى قوة تل أبيب الاستخباراتية المدعومة بتكنولوجيا مسخّرة لأهداف عسكرية أثبتت الوقائع الميدانية ومن خلال عمليات الاغتيال التي نفذها جيش العدو، المدى المتقدم الذي وصلت إليه تكنولوجيًا واستخباراتيًا.
في المقابل، لقد كشفت هذه العملية الخاطفة، التي وثقتها الكاميرات المثبتّة في المنطقة، مدى ضعف الخاصرة البحرية للبنان، التي يُفترض أن تكون محمّية ومحصّنة ضد أي اختراق كالذي شهدناه في عملية البترون من خلال مراقبة الحركة الملاحية على طول الشاطئ اللبناني من الناقورة حتى النهر الكبير من قِبل بحرية قوات "اليونيفيل".
فما تقوم به الطائرات الإسرائيلية من غارات همجية وتدميرية فظيع جدًّا. وكذلك هي اعتداءاتها البرّية، التي لا تزال تلقى مواجهة شرسة في القرى الحدودية الأمامية. وهذه الاعتداءات هي من ضمن "لعبة الحرب" حتى ولو أن إسرائيل تلجأ في كثير من هذه الاعتداءات إلى أساليب محرّمة دوليًا، ومن بينها استهداف المدنيين والمسعفين والمستشفيات والطواقم الطبية، فضلًا عن استخدامها لصواريخ محرّمة دوليًا كقنابل الفوسفور على سبيل المثال لا الحصر.
أمّا أن تلجأ إسرائيل إلى خرق السيادة اللبنانية البحرية بهذا الشكل الاستفزازي فهو أمر لا يمكن وصفه إلا بأنه خطير جدًّا. وهذا الانتهاك للسيادة اللبنانية البحرية يعني توصيفًا أن إسرائيل المارقة قادرة على أن تخطف أي شخص مقيم في أي منطقة لبنانية على طول الشاطئ الساحلي، وذلك بحجّة أو من دون حجّة.
هذه الحادثة الخطيرة، أسلوبًا وهدفًا، هزّت المسؤولين في الدولة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي طلب من وزارة الخارجية تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، وكذلك طلب من قيادتي الجيش و"اليونيفيل" إجراء تحقيق سريع لمعرفة ملابسات ما حصل، وذلك لتلافي تكرار حصوله في المستقبل.
وعملية الخرق هذه أسلوب اعتادت على القيام به إسرائيل حتى في عزّ قوة لبنان الظاهرية، وقبل اندلاع شرارة الحرب العبثية العام 1975، حين أقدمت فرقة كوموندس على اغتيال الفلسطينيين كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار في منطقة فردان في بيروت في 10 نيسان من العام 1973.
وفي العام 1989، اختطف "الموساد"، القيادي في «حزب الله» الشيخ عبد الكريم عبيد من منزله في بلدة جبشيت، عبر إنزال نفَّذته مروحيتان إسرائيليتان حطَّتا في البلدة، وأنزلتا مجموعة جنود من وحدة النخبة في لواء المظليين الإسرائيلي ولواء "غيفعاتي" لاعتقاله. واقتحم عناصر "الكوماندوس" الإسرائيلي منزله، واختُطف عبيد مع اثنين من مرافقيه المدنيين، وهما أحمد عبيد وهشام فحص.
ومن بين أبرز الإنزالات التي نُفِّذت في لبنان، هو الإنزال الجوي الذي نفَّذته مجموعة "كوماندوس" إسرائيلية في 21 أيار 1994 في بلدة قصرنبا في البقاع، وخطفت وحدة من جنود النخبة المسؤول في "حزب الله" مصطفى الديراني من بلدته، بهدف الحصول على معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد، الذي أُسقطت طائرته في لبنان في الثمانينيات.
وفي 5 أيلول 1997، نزلت قوة "كوماندوس" إسرائيلية على شاطئ بلدة أنصارية في منطقة الزهراني بجنوب لبنان، وتوجَّهت بعد منتصف الليل إلى الأحراش، قبل أن تحاصرها مجموعة من "حزب الله" وتفتح النار عليها وتفجِّر فيها عبوات ناسفة؛ ما أدى إلى سقوط 13 قتيلاً إسرائيلياً، وإصابة آخرين، قبل أن يتدخل سلاح الجو وينقل القتلى والجرحى.
وخلال حرب تموز 2006، نفَّذت وحدة إسرائيلية عملية إنزال في بعلبك في شرق لبنان، واستهدفت العملية "مستشفى دار الحكمة" جنوب شرقي بعلبك، حيث دارت المعركة بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلين من "حزب الله"، وترافقت العملية مع قصف جوي أدى إلى مقتل 11 مدنياً واختطاف 3 آخرين. وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى أن الإنزال في بعلبك استهدف خطف عضو "مجلس شورى حزب الله"، الشيخ محمد يزبك.
فإسرائيل المستمرّة في استباحة السيادة اللبنانية بهذا الشكل الاستفزازي ماضية في ما هي كانت عليه مصمّمة حين هدّد قادتها بإعادة لبنان إلى العصر الحجري. وهي بذلك تضرب بعرض الحائط كل المواثيق والاتفاقات الدولية، وتصمّ أذانها عن سماع النداءات الدولية التي تطالبها بإلحاح بوقف فوري للنار في لبنان وقطاع غزة، غير آبهة بما تلحقه من أذى، وقد يطالها أيضًا. المصدر: خاص "لبنان 24"