ما الذي سبب كارثة هائلة للأرض قبل 252 مليون سنة؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
اكتشف فريق دولي من علماء الجيولوجيا أنه على عكس الفهم العلمي الحالي، استمرت البراكين القديمة في إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من أعماق الأرض لفترة طويلة بعد فترة ثورانها.
بهذه النتيجة التي نشرت يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مجلة "نيتشر جيوساينس" حل فريق البحث لغزا طويل الأمد حول ما تسبب في فترات مطولة من الاحترار خلال نقاط التحول في تاريخ مناخ الأرض.
يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة "بنجامين بلاك" – الأستاذ المشارك في قسم علوم الأرض والكواكب بجامعة "روتجرز-نيو برونزويك" الكندية، أنه على مدى عقود من الزمان، لم يتمكن العلماء من فهم سبب فشل الغلاف الجوي للأرض في التعافي بالسرعة المتوقعة بعد الانقراض الجماعي في نهاية العصر البرمي قبل 252 مليون سنة، وهو أشد انخفاض في التنوع البيولوجي معروف حدوثه على الأرض.
وربط الفريق البحثي الانقراض الجماعي بالثورات البركانية الشديدة، ولكن حتى بعد توقفها، استغرق مناخ الأرض ما يقرب من 5 ملايين سنة للاستقرار.
ويقول "بلاك" في تصريح لـ"الجزيرة نت": "تتمتع الأرض بأنظمة طبيعية للتحكم في المناخ، لذلك تساءلنا عن سبب استغراق المناخ وقتا طويلا للتعافي. نعتقد أننا توصلنا إلى جزء مهم من اللغز حول كيفية اضطراب مناخ الأرض، وربما بنفس القدر من الأهمية، كيف تعافى".
قارن فريق البحث الحمم البركانية بالصخور المحفوظة ما قبل التاريخ، ووجد أدلة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البراكين التي يمكن أن تستمر لملايين السنين بعد انتهاء ثورانها. استخدم الفريق البحثي نموذج الكربون والمناخ العالمي للتكامل المكاني (سايون) لاختبار حسابات إطلاق ثاني أكسيد الكربون الجديدة.
يطلق البشر ثاني أكسيد الكربون أكثر بكثير من جميع البراكين النشطة مجتمعة (غيتي) الكربون الخفيأضاف الباحثون هذه الحسابات إلى النموذج الحاسوبي، ووجدوا أن تقديرات إطلاق ثاني أكسيد الكربون الجديدة كانت متوافقة بشكل أفضل مع السجلات الجيولوجية. إذ يظهر التحليل أن الفوهات البركانية القديمة أغلقت ببطء، وعلى الرغم من توقف الانفجارات، فإن الصهارة كانت لا تزال تطلق ثاني أكسيد الكربون في أعماق القشرة والوشاح. يعرف هذا باسم "الكربون الخفي".
ويقول بلاك "لقد كنا نكافح لفهم المدة الطويلة لارتفاع درجة حرارة المناخ التي شوهدت في العديد من أحداث ارتفاع درجة حرارة الأرض السابقة، ولم تتمكن نماذج المناخ ودورة الكربون لدينا من إعادة إنتاجها. مع هذه التقديرات الجديدة لإطلاق ثاني أكسيد الكربون في الماضي، تتوافق النماذج الآن مع السجل. يمكننا أن نستنتج أن ارتفاع ثاني أكسيد الكربون ربما كان مسؤولا عن هذه المناخات الدافئة".
في سياق البحث، زار الفريق شمال شرق ولاية أوريغون الأميركية، حيث ارتبط النشاط البركاني بالاحترار المناخي قبل 16 مليون عام. قام أعضاء الفريق بأخذ عينات من الصخور الشبيهة بالزجاج في الجبال، بحثا عن دليل على الانبعاثات القديمة لثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع جامعة "كاليفورنيا – ديفز" المشاركة في الدراسة.
في الوقت الحاضر، يطلق البشر ثاني أكسيد الكربون أكثر بكثير من جميع البراكين النشطة مجتمعة، وهو ما يعتبره المؤلفون خبرا سارا، إذ يعني إمكانية تعافي الأرض إذا توقفنا عن رفع درجة الحرارة بسبب أنشطتنا البشرية الملوثة للبيئة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ثانی أکسید الکربون فی
إقرأ أيضاً:
«العلامات الحيوية» للأرض مقلقة وتدق ناقوس الخطر
أفاد تقرير علمي صادم أن عددا متزايدا من «العلامات الحيوية» للكوكب التي تعكس حالة المناخ والبيئة أصبحت سيئة بشكل مثير للقلق.
كتب ويليام ريبل من جامعة ولاية أوريجون وزملاؤه: « إننا نقف على حافة كارثة مناخية لا رجعة فيها. ولا شك أن هذه حالة طوارئ عالمية، حيث أصبح الكثير من عناصر الحياة الأساسية على الأرض معرضًا للخطر».
ويأتي تقييمهم في التقرير السنوي الخامس لحالة المناخ الذي تقوده شركة ريبل، في محاولة لتقديم تحذير واضح لما يقول الباحثون إنه أزمة، بالنظر إلى التطرف الذي قـِيسَ عبر مؤشرات رئيسية، من مستويات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، إلى فقدان غطاء الأشجار.
إننا أمام حالة طوارئ عالمية لا يمكن إنكارها، حيث أصبح جزء كبير من نسيج الحياة على الأرض تحت التهديد.
ويقول (مايكل مان) من جامعة بنسلفانيا، وهو أحد المؤلفين المشاركين في التقرير، الذي يضم أيضًا المؤرخة (نعومي أوريسكيس)، وعالم الأرض (تيم لينتون)، وعالم المحيطات (ستيفان رامستورف): «أزمة المناخ ليست تهديدًا بعيدًا، بل هي أزمة تأثيرها هنا والآن».
قام الباحثون بتقييم 35 «علامة حيوية»، بما في ذلك كمية الحرارة في المحيطات وسُمْكُ الأنهار الجليدية. تشمل العلامات الحيوية أيضًا مقاييس للعوامل البشرية التي تحرك العديد من هذه التغييرات، مثل إنتاج اللحوم للفرد الواحد ودعم الوقود الأحفوري.
ومن بين هذه المقاييس الـ35، وجد التقرير أن 25 منها وصلت إلى مستويات قياسية هذا العام، حطّم معظمها الأرقام القياسية المسجلة في عام 2023. ارتفع عدد السكان إلى 8.12 مليار شخص في وقت سابق من هذا العام، بينما وصل عدد الماشية المجترة، المصدر الرئيسي للميثان، إلى 4.22 مليار حيوان. وتجاوزت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي هذا العام ما يعادل 40.4 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، مما دفع المستويات الجوية لثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، وهو من الغازات الدفيئة القوية التي تنبعث من التربة، إلى مستويات مرتفعة جديدة.
كما وصلت تأثيرات تغير المناخ إلى مستويات قياسية. فهناك المزيد من الحرارة في المحيطات، ومياه البحر أصبحت أكثر حمضية، في حين يستمر مستوى سطح البحر في الارتفاع، كما أن كميات قياسية فقدت من الكتلة الجليدية في جرينلاند. كما ارتفع معدل الوفيات المرتبطة بالحرارة في الولايات المتحدة، إذ يبلغ الآن 0.62 لكل 100 ألف شخص سنويا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة تزيد عن 30 في المائة عن عام 2023.
«لقد قمنا الآن بإدخال الكوكب إلى ظروف مناخية لم نشهدها نحن أو أقاربنا ما قبل التاريخ من جنسنا بني الإنسان،» كما كتب الباحثون في هذا البحث.
خمسة مؤشرات لم تسجل أرقاما قياسية العام الماضي، لكنها سجلت أرقاما قياسية في عام 2024. ويشمل ذلك الاستهلاك القياسي للفحم والنفط. وفقدت الطبقة الجليدية في القارة القطبية الجنوبية كتلة أكبر من أي وقت مضى خلال السنوات الـ22 الماضية. وبلغت مساحة الغابات المحترقة 11.9 مليون هكتار، وهو رقم قياسي. وارتفعت درجات الحرارة العالمية المتوسطة إلى ما يزيد عن المتوسط أكثر من أي وقت مضى في السنوات الـ145 الماضية على الأقل.
يقول توماس كروثر، عالم البيئة في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ، المشارك في تأليف التقرير: «من المذهل أنه في عالم يعاني فيه مليارات البشر بالفعل من آثار تغير المناخ، فإن معدلات انبعاثات الوقود الأحفوري وإزالة الغابات لا تتباطأ، بل إنها في الواقع تتزايد».
ولقد سجلت بعض المؤشرات أرقاما قياسية في الاتجاه الصحيح فيما يتصل بتخفيف آثار تغير المناخ. على سبيل المثال، بلغ استهلاك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مستويات قياسية مرتفعة، وفي عالم التمويل كان هناك مستوى قياسي من سحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري.
وارتفعت أيضا نسبة الانبعاثات التي تغطيها تسعير الكربون إلى مستويات قياسية هذا العام، وشهد معدل إزالة الغابات في البرازيل انخفاضا.
ولكن الباحثين يزعمون أن هذا ليس كافيا على الإطلاق. ويقولون: «من المؤسف أننا فشلنا في تجنب التأثيرات الخطيرة، ولا نستطيع الآن إلا أن نأمل في الحد من مدى الضرر».
إن مثل هذه اللغة المباشرة غير معتادة في تقرير علمي. لكن المؤلفين يزعمون أن هذا مبرر، وهو شعور يتماشى مع بيان نشره ريبل وزملاؤه في عام 2020 وقّعَ عليه الآن أكثر من 15000 باحث، الذي قال: إن العلماء لديهم التزام أخلاقي بتحذير الناس من مخاطر تغير المناخ.
وبحسب التقرير الجديد، «فإنه في ظل التأثيرات المتزايدة التي لا يمكن إنكارها لتغير المناخ، فإن التقييم لا يوصف بالمتشائم بل يوصف بالصادق».