في تقرير صادم، كشف مكتب اليونيسف تداعيات الحرب على الأطفال في لبنان منذ الرابع من أكتوبر، مسجلا مقتل طفل على الأقل يوميًا، إلى جانب إصابة عشرة آخرين في المواجهات العسكرية. 

وتُعد هذه الأرقام، الصادرة الخميس، مؤشرًا على المعاناة التي يعيشها الأطفال، في ظل تساؤلات حول دور السلطات المحلية والمسؤولية الدولية في حماية هؤلاء من دوامة العنف.

ندوب وصدمات

أحمد، طفل من بعلبك يبلغ عشر سنوات، مثال على المعاناة التي يعيشها الأطفال يوميًا. يحكي كيف فقد شقيقته في قصف منزلهما، لموقع "الحرة"، ويقول بصوت متحسر: "كنا نلعب معًا كل مساء، والآن ألعب وحدي".

قصة أحمد ليست سوى واحدة من قصص كثيرة لأطفال يعانون من تداعيات الوضع في لبنان. وينقل تقرير اليونيسف عن وزارة الصحة اللبنانية أنّ عدد الأطفال الذين قُتلوا منذ أكتوبر 2023 بلغ 16، بينما أُصيب ما لا يقلّ عن 1168طفلًا آخرين. 

وتشير تقارير اليونيسف إلى أن آلاف الأطفال الناجين من القصف يعانون من ضغوط نفسيّة شديدة جراء تصاعد العنف والفوضى.

وفي تقريرها الأخيرة، شدّدت اليونيسف على أنّ "التعافي الحقيقي" للأطفال في لبنان مرهون بوقف العنف، مؤكّدة على أهمية "تحقيق هدنة فورية تتيح لهم الوصول الآمن إلى الخدمات الأساسية والبدء في التئام جراحهم النفسية والجسدية".

ويؤكد خبراء في علم النفس أنّ هذه الصدمات يمكن أن تترك آثارًا نفسية دائمة على الأطفال، مثل اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق المزمن. 

وفي حديث لموقع "الحرة"، تشرح اختصاصية الطب النفسي، ريما بجاني، أنّ الأطفال الذين يتعرضون للعنف قد يواجهون مشاكل في العلاقات الاجتماعية مستقبلًا، ويعانون من فقدان الإحساس بالأمان، مما قد يؤدّي إلى تعطل نموّهم العاطفي والاجتماعي. 

تسعى منظمات لتنظيم برامج تخفف عن الأطفال في لبنان وطأة الحرب

وتضيف بجاني أن ما يضاعف من حدة الأزمة هو أن الأطفال "فقدوا الثقة في الأمان من حولهم"، إذ لا يقتصر العنف على مناطق النزاع، بل يمتدّ إلى المنازل والأحياء السكنيّة، مما يجعل الأطفال يشعرون أنهم ليسوا آمنين في أي مكان. ومع تكرار حالات استهداف المنازل، تصبح حياة الأطفال معرضة للخطر بشكل مباشر، وهو ما يتطلب من المجتمع اتخاذ إجراءات فورية لحمايتهم، وفق المختصة في الطب النفسي.

من المسؤول؟

مع تفاقم الوضع، تبرز مساع لتتبع الأطفال المتضررين من الحرب. وفي هذا السياق، تسعى وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضرّرين عبر برامج متخصّصة، إذ صرّحت منسّقة قطاع الحماية في خليّة الأزمة المركزيّة بالوزارة، سناء عواضة، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ الوزارة تقدّم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء من خلال فرق متنقّلة ومراكز الخدمات الإنمائيّة، خصوصًا في مناطق الجنوب مثل قضاء جزين وصيدا.

وتعمل الفرق التي تتألف من عاملات اجتماعيات واختصاصيّين نفسيّين على تنظيم أنشطة وألعاب تتيح للأطفال التعبير عن مشاعرهم والتنفيس عن صدماتهم. كما تتعاون الوزارة مع منظمات دوليّة، مثل اليونيسف و"Save the Children" لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، وتحرص على متابعة حالات الأطفال الذين يعانون من ظروف اجتماعية صعبة، سواء ضمن أسرهم أو عبر إحالتهم إلى مؤسسات رعاية خاصة إذا دعت الحاجة.

بينما يشدّد المحامي رالف أبي عساف، في حديث لموقع "الحرة"، على ضرورة أن "تتحمّل الحكومة اللبنانيّة، وخصوصًا وزارة الشؤون الاجتماعيّة، مسؤوليّاتها تجاه الأطفال المتضرّرين من النزاعات". 

لبنان.. أمومة غير مكتملة وأطفال يولدون "نازحين" رضيع قضى في غارة إسرائيلية على بلدة أيطو في زغرتا شمال لبنان ليل الاثنين الماضي وآخر انتشل حيا من بين الركام في البقاع الثلاثاء، حادثان يعيدان إلى الواجهة معاناة الأمومة والطفولة في زمن الحرب.

ويضيف  المتحدث "قانونيًا، يمكن تحميل الجهات المسؤولة المسؤوليّة في حال تخلّفها عن تقديم الدعم اللازم للأطفال المعرّضين للعنف أو تقصيرها في حماية حقوقهم، ويؤكّد أبي عساف أن على الدولة اتخاذ خطوات جدية لإنشاء مراكز إيواء وحماية للأطفال، خاصة في ظل الظروف الراهنة.

وإلى جانب الدولة، وفي هذا الصدد، تلعب المنظّمات الدولية والمنظمات غير الحكومية "دورا هاما" في ما يعتبره المحامي أبي عساف "توثيق الانتهاكات وتقديم الدعم للأطفال المتضررين من النزاعات"، داعيا هذه المنظمات إلى "الضغط على الحكومات لضمان حيادية الأطفال عن مناطق النزاع وتوفير بيئة آمنة لهم".

من جهتها، تؤكد سناء عواضة أن وزارة الشؤون الاجتماعية "تتعاون مع هذه المنظمات لتقديم الدعم المناسب، وتتابع الحالات وتنسق الجهود لتقديم الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال المتضررين". 

وتشير إلى أن "التعاون مع المنظمات الدولية يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة وتوسيع نطاقها لتشمل جميع المناطق المتضرّرة"، مؤكدة أن الوزارة "ملتزمة بتوفير كل ما يلزم لحماية الأطفال وضمان سلامتهم." 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة أسيوط يشيد بورشة عمل الصلب المشقوق والمثانة العصبية في الأطفال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أشاد الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط، بورشة العمل المتميزة التي نظمها مستشفى جراحة المسالك البولية والتناسلية بالجامعة، والتي شهدت حضور نخبة من الخبراء الدوليين في مجال جراحة المسالك البولية للأطفال، تحت إشراف الدكتور علاء عطية، عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية.

 وشارك في الورشة كل من البروفيسور راين نايمن، أستاذ جراحة المسالك البولية للأطفال بهولندا، والسيدة كارولا ماكدونالد، مدير برنامج الصلب المشقوق بمستشفى أمستردام للأطفال، بالإضافة إلى الدكتور خالد فودة، أستاذ جراحة المسالك البولية للأطفال وعميد كلية الطب بجامعة الملك سعود بالسعودية (أونلاين).

  وأكد الدكتور المنشاوي على أهمية هذه الفعالية العلمية التي تضمنت جلسات متخصصة تناولت سبل تحسين الرعاية الصحية لمرضى الصلب المشقوق والمثانة العصبية، مؤكدًا على ضرورة التعاون بين مختلف التخصصات الطبية لضمان تقديم رعاية متكاملة وشاملة للأطفال المصابين.

  كما أشار إلى أهمية التوعية بأسباب التشوهات الخلقية، وضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من انتشارها، مؤكدًا على ضرورة إنشاء عيادة متعددة التخصصات لتقديم الدعم الطبي المناسب لهؤلاء المرضى، ومشيدًا بالجهود المبذولة في تنظيم هذه الورشة، التي مثلت خطوة هامة في تطوير الخدمات الطبية المقدمة لمرضى الصلب المشقوق.

 وحضر افتتاح الورشة الدكتور محمود عبد العليم، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور جمال بدر، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتورة سماح عبد الله، عميد كلية التمريض، والدكتور محمد شلبي، والدكتور رشدي الخياط، رئيسا الشرف، ووكلاء ورؤساء أقسام كلية الطب وأطباء من مختلف التخصصات الطبية ذات الصلة بالصلب المشقوق والمثانة العصبية.

 وتولى تنظيم الورشة كل من الدكتور ضياء عبد الحميد، مدير مستشفى المسالك،  والدكتور ياسر عبد السلام، رئيس قسم المسالك البولية، والدكتور أحمد عبد العزيز الدروي، أستاذ جراحة مسالك الأطفال ورئيس ورشة العمل.

 وأعرب الدكتور محمود عبد العليم عن أمله في أن تسهم الورشة في تبادل الخبرات والرؤى العلمية بين أساتذة المسالك البولية بالجامعة وأطباء وزارة الصحة والتأمين الصحي، للارتقاء بمهاراتهم الطبية في تشخيص وعلاج الأمراض المختلفة. كما أكد على أهمية تناول الأم الحامل لحمض الفوليك، والحرص الشديد عند تناول أي أدوية، للحد من ارتفاع نسبة الإصابة بالصلب المشقوق، مشيرًا إلى دور السونار في اكتشاف وتشخيص تشوهات الأجنة، وحاجة الأبحاث المستمرة للوقاية من هذا المرض وعلاجه.

  وأوضح الدكتور ضياء عبد الحميد أن الورشة شهدت مشاركة وفد من هولندا ضم البروفيسور راين نايمن، أستاذ جراحة المسالك البولية للأطفال، والسيدة كارولا ماكدونالد، مدير برنامج الصلب المشقوق بمستشفى أمستردام للأطفال، حيث تناولا أهمية إنشاء عيادات الصلب المشقوق في الدول النامية، وعلاج المسالك الاستباقي للأطفال المصابين، وطرق تفريغ القولون في أطفال الصلب المشقوق. كما شارك الدكتور خالد فودة، أستاذ جراحة المسالك البولية للأطفال وعميد كلية الطب بجامعة الملك سعود بالسعودية، بإلقاء محاضرة أون لاين بعنوان "النتائج البعيدة المدى للصلب المشقوق".

  وأشار الدكتور أحمد الدروي إلى أن ورشة العمل تضمنت جلسات علمية ونقاشية شارك فيها نخبة من أعضاء هيئة التدريس وممثلي مجلسي النواب والشيوخ عن محافظة أسيوط، إلى جانب ممثلي وزارة الصحة والتأمين الصحي، ومؤسسات المجتمع المدني، مثل مؤسسة "وعد" لعلاج ورعاية مرضى الصلب المشقوق. وتناولت الجلسات عدة محاور، منها ضرورة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، ومنحهم الامتيازات التي يستحقونها، ودور التكنولوجيا الحديثة في دمج المرضى بالتعليم حتى التخرج والحصول على وظائف، بالإضافة إلى جهود الدولة في هذا المجال، ودور التمريض في رعاية أطفال الصلب المشقوق، وأهمية التوعية المجتمعية لتجنب أسباب الإصابة بهذا المرض.
 

مقالات مشابهة

  • انتحار شاب شنقاً بسبب مشاكل نفسية في ديالى
  • رئيس جامعة أسيوط يشيد بورشة عمل الصلب المشقوق والمثانة العصبية في الأطفال
  • اليونيسف: أطفال رضع بين المتعرضين للاغتصاب في السودان
  • معلومات الوزراء يستعرض تقرير اليونيسف حول تعزيز النظم العالمية للاستثمارات الموجهة للأطفال
  • الأونروا: قدمنا الدعم النفسي لـ 15 ألف حالة في الوسطى وخانيونس
  • “اليونيسف”: منع دخول المساعدات لقطاع غزة سيؤدي إلى “عواقب وخيمة”
  • مصمم لحمايتهم من التهديدات الرقمية.. إطلاق «هاتف ذكي» آمن للأطفال
  • وأخيراً.. هاتف ذكي آمن للأطفال
  • اليونيسف: الدمار في غزة يفوق مستوى الكارثة
  • الخولي: الانتهاكات الجوية الإسرائيلية حرب نفسية على كرامة لبنان