الأكارم والكريمات في الحزب الشيوعي في المملكة المتحدة وآيرلندا، ما دهاكم؟

إن الحزب الشيوعي ما زال حزباً كبيراً!

صديق عبد الهادي

إطلعنا جميعنا على المكتوب الصادر من الحزب الشيوعي السوداني في المملكة المتحدة وآيرلندا، الذي عدد فيه أسباب امتناعه عن الاجتماع بقيادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، وهي أسباب لها من الوجاهة و”النصاعة” مما يحد من إمكانية رفضها أو عدم الاتفاق معها.

ولكن وبرغم وجاهتها ونصوعها هل كانت كافية لتكون مصوغاً لتبرير ذلك الموقف؟

في البداية اود أن أبدي إتفاقي الصميم مع مضمون تلك الأسباب، والتي في إعتقادي أنها جاءت أقل قليلاً مما يجب أن توصف به مواقف قوى الحرية والتغيير من لؤمٍ ومراوغةٍ ومخاتلة، بل وكذبٍ، أزعم بأنني شاهدٌ علي بعضٍ منها لأنني كنت شريكاً في المرحلة الإنتقالية، وبحكم منصبي.

إن الحزب الشيوعي، وكأي حزب مطلقاً، هو مؤسسة بكل ما تحمل مفردة مؤسسة من معنى. هو مؤسسة سياسية راسخة وليس فرداً أحداً أو شخصاً قائماً لوحده، وتلك هي القاعدة التي تحكم ممارسته السياسية والاجتماعية والثقافية. فالحزب الشيوعي السوداني وبرغم حجمه لا ينكر أحد ٌحقيقة أن له وزنه وتقديره بين صفوف شعب السودان، وذلك بالقطع لا لسحر يكتنفه، وإنما ذلك وفي مرده، لرجاحة تقديراته السياسية ولرصانة مواقفه النضالية ولصدقه في التعاطي مع قضايا شعبه.

للحزب الشيوعي السوداني فضائل جمة رفد بها إرث الوعي وتجربة الحياة عموماً، ومن أميزها معرفته البينة لتناقضات الصراع الاجتماعي والصراع السياسي وطرق فرزها، وتدقيق كيفية اعتمادها لأجل الأخذ بها، ومن ثم اتخاذ المواقف على ضوئها. ففي خضم ذلك، وليس للعارفين وحدهم، فإن معرفة وتعريف الحزب الشيوعي للتناقض الثانوي والتناقض الأساس، التي دبج بها أدبياته ومنذ ظهوره الأول، لم تكن استهلاكاً سياسياً وإنما كانت هي الأساس الفكري والفلسفي الذي ظل يقوم عليه كامل بناء الحزب في حال حركته وفي حال سكونه. وقد ظل الحزب في كل منعرجات الصراع، وبأشكاله المختلفة، ملتزماً وفي تمسكٍ صارم بمبدأ “تغليب الصراع الأساس على الصراع الثانوي”. وذلك هو المبدأ الذي أنتج، ومن خلال تطبيقه الخلاق، مفاهيماً ومقولاتٍ كان لها الأثر الكبير في إنارة الطريق للحزب ليخطو وبمعرفة في شائك قضايا الوطن. ومن أبرز تلك المفاهيم وأميزها مفهوم “الحد الأدنى” الذي إنبنت عليه كل تحالفات الحزب السياسية والنضالية طيلة حقب الحكم المتصرمة، وفي ظل كل العهود التي مرت على السودان ومنذما قبل الاستقلال. لقد نجح الحزب الشيوعي في مسيرته في إحراز نجاحات باهرة إنعكست في مساهماته مع القوى الوطنية والسياسية الأخرى في إنجازات التغيير الكبرى التي حدثت في تاريخ السودان المعاصر.

الآن يواجه السودان وضعاً دموياً غير مسبوق أتحدت فيها قوى الظلام والإرهاب وبكل مكوناتها، وضعٌ جعلت فيه تلك القوى الغشيمة من الجيش الوطني يتيماً مُقاداً من أذنيه في حربٍ للمصالح لا تخف أجندتها على أحد. إن القوى التي تدير هذه الحرب الآن هي “العدو الأساس”، هي القوى التي يقوم بيننا وبينها “التناقض الأساس”، وما دون ذلك لا يعدو ان يكون “ثانويا”. وبالتالي فإن أي قوى أو أي جهة تنادي الآن بوقف هذا الجنون وهذا الدم هي بالنسبة للحزب يجب الا يكون مكانها في التناقض غير ما هو “ثانوي”!

إن تنسيقية القوى المدنية كقوى سياسية، ولنقل أن بينها وبين الحزب الشيوعي ما صنع الحداد، تقف ضد الحرب وتنادي بوقف الحرب، ألا يكفي ذلك ليكون سبباً للجلوس معها؟!

لا أحد، وأيٍ كان ذلك الأحد، دعك من أن يكون سياسياً، يمكنه أن يذهب للقول بأن الجلوس أي مجرد الجلوس يعني وبالضرورة الاتفاق. كان من الممكن للأكارم والكريمات في المملكة المتحدة وآيرلندا الجلوس مع قيادة “تقدم” وليقولوا في الاجتماع معهم نفس الذي ذكروا وسردوا في ردهم الكتابي، وليستمعوا إليهم، إن لم يكن ذلك من أجل حزبهم، فليكن في المقام الأول من أجل هذا الشعب المكلوم الذي كاد أن يفقد الثقة في أحزابه. هذا الشعب من حقه أن يعشم و”يتعشم” في أن تكون لأحزابه “نفوسٌ كبار”!

إن نوافير الدم التي تتفجر الآن، فعلاً وليس قولاً، تستدعي الجلوس مع الشيطان نفسه ولو علي مشارف الجحيم، لأن لا جحيم أكبر مما يجري الآن في هذا الوطن، السودان. لقد رأينا بعيوننا المجردة كيف النساء يقدنا أطفالهن ويضربن في الوهاد والفلوات الجُرد وعلى غير هدى. إذا لم يكفكم ذلك كحزب وطني للجلوس، وليس الاتفاق، مع الآخرين المنادين بوقف الحرب، فما الذي سيكفيكم لتجلسوا أيها الأكارم والكريمات؟!

بعد يوليو 1971 خرج الحزب مثخن بالجراح وظهره مثقل بحمولة كل الإتهامات الجزافية عن المجازر التي حدثت في العامين الأولين من إنقلاب مايو 1969، أحداث ود نوباوي، الجزيرة أبا وبيت الضيافة، ولكن وبرغمه وفي اقل من ست سنوات خرج الحزب الشيوعي على الناس بندائه وبرنامجه الشهير “جبهة واسعة للديمقراطية وأنقاذ الوطن”، فجلس مع كل الأحزاب السياسية وبما فيها تلك التي كانت تتهمه وبغلظة بإدارته القتل وسفك الدماء. وأخذت علاقته التحالفية معها في المد والجزر، وفوق كل صعاب العمل العام، إلى ان تم إنجاز ثورة الشعب في إنتفاضة مارس/ابريل 1985. لم يعادِ الحزب الشيوعي الأحزاب السياسية الأخرى ولما بينه وبينها من خلاف وصل حد الإتهام بالدم، لم يفعل ذلك لأنه كان يعرف من هو العدو الأساس! فهذا إرث ثر وواعي يجب أن يُستَصحب في كل فعل سياسي.

إن الحزب الشيوعي السوداني، وعبر كل تاريخه السياسي والنضالي، كان يتعامل معاملة الكبار، وسمة الكبار تلك هي التي جعلت له مكاناً وسط الناس وحتى بين من يناصبونه الإختلاف.

ان الشعب السوداني وفي ظروفه التي يمر بها الآن يستحق أن يستجاب لمطالبه بما هو أحسن من “مقاطعة” القوى الوطنية لبعضها البعض. والحزب الشيوعي، وكما نعرفه، خليقٌ بان يعامل الشعب ليس بأقل من ذلك.

إن الحزب الشيوعي أرفع مما يُنتصر له من فوق المآسي والدماء! فالحزب لا يقاطع وإنما من يقاطع هم الأفراد،  لأن الحزب مؤسسة، وللشعب سهمٌ كبير فيها.

نتمنى أن يعدل الأكارم والكريمات من موقفهم على الأقل بان يجلسوا وبأن يسمعوا لكل منْ أراد وقف الحرب وللآخرين وليس بالضرورة ان يتفقوا مع ما يقال. فذلك اقل ما يمكن عمله في حق حزب له قدره ومكانته وسط شعبه.

 

الوسومالحزب الشيوعي السوداني تقدم حرب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحزب الشيوعي السوداني تقدم حرب السودان

إقرأ أيضاً:

FA: هل تقسيم السودان سيوقف الحرب أو يوقف تدخل القوى الخارجية؟

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، مقالا، للأستاذة المشاركة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا أو أم أي تي، مي حسن، مع خبير في السياسات والعمليات الإنسانية،  ومختص في الصراع والتنمية في الدول الهشة، أحمد كودودا، قالا فيه إنّ: "النزاع الحالي الدائر من المحتمل أن ينتهي بتفكك البلاد بدون أن يوقف الحرب".

وبحسب المقال الذي ترجمته "عربي21" فإنه: "بعد عامين من القتال المدمر، وصلت الحرب الأهلية في السودان لطريق مسدود غير مستقر. ومنذ بداية عام 2025، حقّقت القوات المسلحة السودانية والمجموعات المتحالفة معها، مكاسب كبيرة ضد قوات الدعم السريع، المتهمة بالإبادة الجماعية، إذ يتنافس الفصيلان للسيطرة على البلاد".

وأبرز: "بحلول أواخر شهر آذار/ مارس، استعادت القوات المسلحة السودانية، العاصمة الخرطوم، وسيطرت على القصر الجمهوري وطهرت معظم العاصمة من مقاتلي الدعم السريع".

"مع ذلك، فمن غير المرجح أن تتمكن القوات المسلحة السودانية من هزيمة قوات الدعم السريع بشكل كامل: إذ لا تزال المجموعة تحتفظ بسيطرة قوية على ما يقرب من ربع أراضي البلاد، وخاصة في الغرب" وفقا للمقال نفسه.

وأردف: "من غير المرجح أيضا أن تتمكن قوات الدعم السريع، بدورها، من استعادة الأراضي التي فقدتها في الأجزاء الشرقية والشمالية والوسطى من البلاد، وهي الآن تركز جهودها على تعزيز قبضتها على منطقة دارفور الشاسعة".

وتابع: "على مدى الأسابيع القليلة الماضية، بدأت حدة القتال في التراجع، ولكنها تشتد مرة أخرى في عاصمة ولاية شمال دارفور، الفاشر، المعقل الأخير المتبقي للقوات المسلحة السودانية في غرب السودان. وبما أن خطوط المواجهة في الحرب باتت واضحة لحد كبير، فالسوابق التاريخية تشير لأنه الآن قد يكون الوقت الأفضل لوقف إطلاق النار أو حتى إجراء مفاوضات السلام".


ومضى المقال بالقول: "في العديد من الصراعات الأفريقية السابقة، شجّع الجمود في ساحة المعركة الجهات الفاعلة الدولية للضغط من أجل إجراء مفاوضات، كما حدث في عام 2005، عندما أنهت المحادثات التي تدعمها الولايات المتحدة الحرب الأهلية السودانية الثانية بعد أكثر من عقدين من القتال بين المتمردين الجنوبيين والخرطوم".

"في الواقع، قد يبدو أن التقسيم القانوني، على غرار انفصال جنوب السودان في عام 2011، الخيار الأقل سوءا. وبخاصة أن الشعب السوداني يحتاج لفترة راحة: أدّى الصراع الأخير لتدمير البلاد وأسفر عن مقتل ما يصل لـ150,000 سودانيا ونزوح ما يقرب من 13 مليون شخصا، وما يصل إلى 25 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد أو المجاعة" استرسل المقال نفسه.

وأضاف: "مع ذلك يرى الكاتبان أن أي أمل في أن تنتهي الحرب الأهلية الحالية بالسودان بمفاوضات، هذا إن بدأت، بسلام دائم هو: مجرد وهم". مبرزا: "أدى النزاع الذي دخل عامه الثالث إلى تعميق خطوط الصدع العرقية والإقليمية القائمة".

وأكد: "المذابح التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، جعلت المفاوضات غير مستساغة بالنسبة للعديد من داعمي القوات المسلحة السودانية. وفي الوقت نفسه، هناك مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، بما فيها الدول الأجنبية القوية، لديها مصلحة في رؤية الفصائل التي دعمتها تظل قوية قدر الإمكان، بشكل يجعل من التوصل إلى تسوية سلمية تقود إلى تشكيل حكومة واحدة أمرا صعبا".

وبالمقابل، أشار المقال إلى أنّ: "التاريخ يشير بقوة إلى أن أي نوع من أنواع التفتت المناطقي أو الجهوي سوف يفشل أيضا في تحقيق الاستقرار"، مضيفا: "فلم يخفف انفصال جنوب السودان من حدة الصراع الذي يلتهم المنطقة. وكل ما فعله هو حرف القتال إلى مكان آخر، حيث تفككت المجموعة المتمردة التي حاربت الخرطوم، وبدأت فصائلها في قتال بعضها البعض".

وأبرز: "لا يستبعد الكاتبان من ظهور سيناريو مشابه لليبيا واليمن، حالة استمرت الأطراف المتحاربة في رفض وقف إطلاق النار أو محادثات السلام. وهو ما يصفه الكاتبان بأنه انقسام بحكم الأمر الواقع إذ يظل السودان قائما بالاسم فقط".


"ستسيطر مراكز القوى المتنافسة على أجزاء مختلفة من البلاد فيما تستمر الحرب بين العديد من الجماعات التي تقاتل اليوم، إلى جانب الجماعات الجديدة التي من المرجح أن تظهر في المستقبل" تابع المقال نفسه الذي ترجمته "عربي21".

 وأضاف: "بشكل مشابه، لا يمكن وصف الحرب الحالية في السودان على أنها نزاعا واضحا بين طرفين. صحيح أنها بدأت بمشاجرة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وزعيم قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، أو حميدتي. وكان البرهان وحميدتي قد تحالفا للإطاحة بالحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون والتي نشأت بعد الإطاحة بعمر البشير في عام 2019".

وتابع: "لكنهما انقلبا على بعضهما في 15 نيسان/ أبريل 2023. وعلى مدى العامين الماضيين، اتسع مجال النزاع لحرب أكبر من مجرد صراع بين طرفين، وباتت تضم اليوم العديد من المجموعات السودانية والرعاة الأجانب ذوي القدرات مثل مصر وإيران وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة".

وأشار: "كما نشأت مجموعات جديدة لتتحالف مع كل فصيل، وانضمت جماعات مسلحة أقدم إلى القوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع. وتشمل المجموعات الأقدم: جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، وكلاهما متمركز في منطقة دارفور ومتحالفان مع القوات المسلحة السودانية، فضلا عن الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال، وهي قوة متمردة قديمة تحالفت مع قوات الدعم السريع".

إلى ذلك، ينوّه الكاتبان أنه لا القوات سلحة السودانية ولا قوات الدعم السريع تدعيان أنهما تخوضان الحرب لأسباب أيديولوجية. وعلى الرغم من أن قيادة القوات المسلحة السودانية وصفت معركتها بأنها معركة غير طائفية من أجل بقاء الدولة السودانية، فقد هيمن الإسلاميون على صفوف كبار ضباطها لمدة تقرب من أربعة عقود. 

ووفق المقال فإنه: "بعد أن سلّحت مجموعة الجنجويد لمواجهة التمرد الذي كانت تقوده مجموعات غير عربية في دارفور، قام في عام 2013 بتنظيم هذه المجموعات، رسميا، ضمن قوات الدعم السريع".

ويرى الكاتبان أنّ: "أهم دافع للحرب الحالية، هو محاولة السيطرة على المعادن الثمينة للبلاد ومقدراتها الزراعية. وتتمتع البلاد باحتياطيات ضخمة من الذهب ولديها ثاني أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا، وهو ما جعل القوى المحلية والأجنبية تتنافس للسيطرة على هذه الموارد". 

"أكثر من هذا، فقد دعمت فصائل أصغر حجما أحد الجانبين في صراعات  محلية على السلطة أو لتأمين الثروة الشخصية" تابع المقال، فيما يرى الكاتبان أنّ: "غياب البعد الأيديولوجي من النزاع الحالي في السودان يجعل، وإن نظريا من إمكانية التفاوض على توزيع الثروة والمناصب بين الطرفين أو الأطراف المتحاربة أمرا سهلا".


وتابع: "لكن واقع الحرب غير ذلك، فرغم قدرات الجيش السوداني العددية وسيطرته على المجال الجوي، إلا أن مقاتلين الدعم السريع لديهم خبرة في حرب المدن، وهذا سبب سيطرتهم على الخرطوم ومدن أخرى لمدة عامين. ولم تنجح عدة جولات من المفاوضات في السعودية لجمع المتحاربين ودفعهم لتسوية".

وأكد: "لعل المانع للحل هي أن كل الجهود لحل النزاع السوداني أساءت فهم ديناميته، فلا الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع قادر على هزيمة الآخر. وقد استطاع كلاهما الحفاظ على مكاسبه أو توسيعها بطريقة أقنعت الداعمين المحليين لهم والإقليميين بإمكانية تحقيق مكاسب".

وأضاف: "حاول كل طرف في النزاع البحث عن دعم خارجي. وقامت الإمارات العربية المتحدة بالحفاظ على علاقتها مع الدعم السريع التي بدأتها ما بين 2015- 2019 عندما استعانت بمقاتلي حميدتي في حربها باليمن. ومن أجل تأمين ممر للحصول على الذهب، أرسلت طائرات محملة بالأسلحة عبر تشاد".

وأردف: "أما مصر التي تريد الحصول على حليف داعم لها في الخرطوم، وهي تحاول تأمين تأثيرها على مياه النيل وفي حربها مع إثيوبيا، فقد أرسلت السلاح للجيش السوداني، ويقال إنها شنت غارات جوية ضد قوات الدعم السريع. وتعتمد مصر على الموارد السودانية التي يتم تهريبها لدعم اقتصادها". 

وتابع: "دعمت دول أخرى جانبا في الحرب، فالسعودية التي لعبت دور وسيط السلام علنا، انحازت إلى جانب القوات المسلحة السودانية خلال الجولات الماضية من المفاوضات، ويرجع ذلك جزئيا لمنافستها الإقليمية مع الإمارات". 

"كما وسعت القوات المسلحة السودانية لفتح قنوات مع روسيا، التي تريد إنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وحصلت مؤخرا على طائرات بدون طيار من إيران وتركيا، وهما دولتان تريدان أيضا نفوذا أكبر على ممرات الشحن القريبة" استرسل المصدر ذاته.

وأورد: "بالنسبة لهؤلاء الشركاء الدوليين والإقليميين، فالجمود غير الرسمي لا يختلف كثيرا عن السلام المتفاوض عليه. فما دامت منطقة سيطرة كل تحالف محددة إلى حد كبير، فستظل الأنشطة الاقتصادية المهمة لهؤلاء الرعاة قائمة بدون الحاجة لحل سياسي".

وأفاد: "بإمكانهم الحفاظ على وصول الإمدادات من وكلائهم دون حاجة إلى اتفاقيات التعامل التجاري مع دولة شرعية، مثل اللوائح والتعريفات الجمركية، ولن يحتاجوا لمواجهة الاحتجاجات الشعبية ضد استخراج الموارد الطبيعية التي لا تتحكم بها إلا  مجموعة صغيرة".

ويعتقد الكاتبان أنّ: "أهم معوق للتوصل إلى حل سياسي دائم في السودان، كامن في الطرفين المتصارعين، فرغم غياب الهوية الإثنية الواضحة أو الأيديولوجية إلا أن كلا الطرفين يعاني من هشاشة وقابلية للإنقسام والإنشقاقات".

وأوضحا: "كما حدث مع قائد قوات درع السودان الذي انشق على القوات السودانية وساهم في مكاسب الدعم السريع بمنطقة الجزيرة، ثم انشق مرة أخرى وساعد الجيش للسيطرة على المنطقة مرة أخرى". 

ويبرز الكاتبان أنّ: "السودان اليوم منقسما بشكل فعلي، حيث يقع الغرب إلى حد كبير، باستثناء الفاشر، عاصمة شمال دارفور تحت سيطرة قوات الدعم السريع، بينما تقع المناطق الشرقية والشمالية ووسط البلاد تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية. وفي شباط/ فبراير وقعت قوات الدعم السريع وشركاؤها في نيروبي على اتفاق يمهد الطريق لإعلان حكومة موازية على مساحات شاسعة من الأراضي التي تسيطر عليها".


وتابعا: "ربما بدا تقسيم السودان، في الظاهر نتيجة جذابة إلا أنه لن ينهي النزاع، والسبب كامن في بنية التحالفات الهشة والقابلة في أي وقت للكسر والانشقاق والإنقسام. علاوة على ذلك، فالتقسيم غير المتجانس عرقيا من الصعب الحفاظ عليه، نظرا لضعف مؤسسات الدولة السودانية أو غيابها".

 "خاصة في المناطق المهمشة تاريخيا والتي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. وإذا انقسمت البلاد أكثر، فإن كيانيها السياسيين الناشئين ــأحدهما غير ساحليــ سوف يكونان أقل قدرة على البقاء اقتصاديا بكثير مما لو بقيا متحدين" أبرز المصدر ذاته.

وختم بالقول: "لأن الحرب في السودان نابعة من محاولات السيطرة على المناطق والمصادر بدلا من الإختلاف على رؤية سياسية، فمن المرجح أن تستمر التحالفات في التغير وأن تستمر المجموعات في الانشقاق، وأن تستمر الجماعات المنشقة في التشكل".

مقالات مشابهة

  • ندوة الشيوعي
  • ألمانيا تصنّف حزب «البديل» كتنظيم يميني متطرف مثبت رسميًا
  • FA: هل تقسيم السودان سيوقف الحرب أو يوقف تدخل القوى الخارجية؟
  • المملكة تدين الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت محيط القصر الرئاسي بدمشق
  • مفوض حقوق الإنسان: الرعب الذي يتكشف في السودان لا حدود له
  • السلطات الأمنية تقتحم مقر الحزب الشيوعي وتمنع قيام ندوة وتأمر بإغلاق الدار
  • الدُّب … الذي بكته السماء !
  • تركيا تعلن أسماء الشركات التي ستقدّم خصومات للشباب المقبلين على الزواج! القائمة تضم 20 علامة تجارية
  • الوسائل الدعائية للحزب الشيوعي في الخمسينات والستينات
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله