سواليف:
2024-11-26@01:04:46 GMT

أولي الألباب

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

#أولي_الألباب

د. #هاشم_غرايبه

كثيرون جدا وعبر العصور، قرأوا قوله تعالى: “وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ..” [النحل:68]، لكن ربما قلة منهم استوقفهم الأمر، وتساءلوا: لماذا اختار الله النحل ليوحي إليه، ولم يخبرنا تعالى بأنه اختار أي كائن آخر غيره على الأرض خلا البشر؟.
من بديع خلق الله، أنه أودع في كل مخلوق معلومات وتعليمات تسمى الفطرة، لترشده وتوجهه للمحافظة على بقائه، ولأداء مهامه التي أوجده الله لأجلها، فلا يحتاج زيادة على منحة الخالق تلك تعليما ولا تدريبا.


لكن الإنسان مخلوق بمواصفات خاصة لأن الله أراده لمهام أعظم، وأهم تلك المواصفات هي قدرته على اتباع الفطرة أو مخالفتها، ولأن سوء الاختيار مهلك له، فقد أنزل هديه كمرشد إضافي زيادة على المرشدين الذاتيين وهما الفطرة والعقل.
لقد جعل الله الوحي هو الوسيلة غير المباشرة للإتصال بمخلوقاته، لإيصال المعلومة لهم، ولعظمة الله عز وجل، فما كان لبشر أو غيره أن يكلمه الله مباشرة، إلا بإحدى وسائل ثلاث: “وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ” [الشورى:51].
وبهذا نفهم قوله تعالى لموسى عليه السلام: “قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا” [الأعراف:143].
والأمر لا يتوقف على الإتصال المباشر، بل حتى الإقتراب، فقد ورد في قصة المعراج أن جبريل المرافق للنبي عليهما الصلاة والسلام، توقف عند محطة معينة قائلا: إمض وحدك فلا أستطيع أن أقترب أكثر، وهذا يبين لنا التفاوت في المنزلة بين مخلوقات الله عنده.
الوسيلة الأولى: وحيا فيلقي المعلومة في روعه فتصبح فورا علما يعلمه، مثل وحيه الى أم موسى: “وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ” [القصص:7]، فكان ما أوحاه تعالى إليها ليس مجرد نصيحة لأم، أو مقترحا لحل مشكلة انقاذ وليدها من القتل، بل هو فكرة راسخة بناء على يقين ترسخ في ذهنها بأن ذلك سينقذه، وإلا فأيّة أم تلك التي تلقي بإبنها في البحر بإرادتها؟.
الوسيلة الثانية في الاتصال هي أن يكلم الله نبيه من وراء حجاب، فيسمع الصوت ولا يرى المتكلم: ” وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا” [النساء:164].
والثالثة: بواسطة الروح الأمين جبريل عليه السلام، عندما يكون الموحى به نصا مكتوبا أو تعليما أو تفسيرا.
هكذا نتوصل من خلال تدبرنا للآية الكريمة الى ما يلي:
1 – إن في كل ما يوحي به الله الى مخلوقاته خيرٌ أكيدٌ، ومصلحة خالصة لها ولغيرها، لذا فاختياره للنحل ليوحي إليه، كان بهدف أن يجعله نافعا للإنسان، ويؤدي مهمة جليلة لا يمكن للإنسان أن يؤديها مهما تقدم علما وفهما، وهي استخلاص المواد النافعة له غذاء واستشفاء، مما أودع الله موادها الأولية في الأزهار المختلفة، كما أنه بذلك الإستخلاص لا يضر بالنباتات ولا يتلفها، بل ينفعها لاتمام عملية التلقيح التي وجدت الأزهار من أجلها.
2 – النحل كان الحشرة الوحيدة التي أوحى الله إليها، لذلك كانت نظيفة مرتبة مسخرة لإطعام الإنسان بخلاف جميع الحشرات التي تستلب طعامه، وليس صحيحا أنها تنتج العسل لحاجتها، فكميته تزيد عما تحتاجه بعشرات الأضعاف.
3 – في الأمور الأساسية في حياة الكائنات، اودع الله فيها كل القدرات التي تحتاجها في حياتها وبقائها، لكن النحل فقط من بين الحشرات، زاد على ما أودعه فيها مما فطرت عليه الحشرات جميعا، بوحي من عنده بمعرفة إضافية، لتنفيذ مهمة جليلة لا يمكن أن تقوم بها حشرة أخرى.
لذا نستنتج كخلاصة، أن المهام الجليلة للبشر (الذي مهامه أعظم وأعقد وأنفع كثيرا من النحل)، لا يمكن أن يقوم بها بدوافعه الفطرية الأساسية فقط، بل لا بد من وحي إلهي، ولذا كان الوحي (وسيلة الإتصال)، والأنبياء (واسطة النقل)، والدين (المنهاج).
وبما أن زمن الرسل انتهى، والرسالات استكملت، فانقطع الوحي، لذا أراد الله تعالى حفظ القرآن الكريم وحده من بين كل كتبه، ليبقى المرجع الوحيد للبشر الباقي الى الأبد، مصدرا موثوقا، يأخذون منه العلم والدين، ولكل العصور القادمة.

مقالات ذات صلة تخريب الوطن من الداخل بنية حسنة . . ! 2024/11/02

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: أولي الألباب هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق

الاستغفار في الإسلام، الاستغفار هو عبادة عظيمة في الإسلام، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوبة والتقوى. 

هو وسيلة للتطهر من الذنوب والسيئات، ورجوع إلى الله سبحانه وتعالى بصدق.

 ورغم أن الإنسان قد يخطئ ويقصر في حق الله، فإن الاستغفار يفتح له باب التوبة ويمنحه فرصة جديدة لتصحيح مساره. 

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، مما يدل على أن الاستغفار هو الطريق إلى المغفرة والرحمة.

 فضل الاستغفار في الإسلام

1. غفران الذنوب:

الاستغفار هو من أعظم الأسباب التي تمنح الإنسان المغفرة من الله سبحانه وتعالى، وتُذهب عنه ذنوبه مهما كانت كثرتها.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من استغفر الله غفر له" (صحيح مسلم).

الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق

2. زيادة الرزق:

الاستغفار هو سبب لجلب الرزق وزيادة النعم، يقول الله تعالى في سورة نوح: "فَقُلتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" (نوح: 10-12).

 

3. رفع البلاء:

الاستغفار يُزيل البلاء ويُخفف المصائب، ويُعتبر من الوسائل التي ترفع غضب الله وتدفع الأذى عن العبد.

 

4. تنقية القلوب من السيئات:

الاستغفار هو وسيلة لتطهير القلب من الذنوب، وتحريره من الشوائب التي قد تؤثر في علاقة المسلم بربه.

كيفية الاستغفار الصحيحة

1. الإخلاص والصدق:

الاستغفار يجب أن يكون نابعًا من القلب، مع إقرار بالذنب والعزم على عدم العودة إليه.

 

2. الإكثار من الاستغفار:

الاستغفار ليس محددًا بوقت معين، بل ينبغي على المسلم أن يكثر من قول "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".

 

3. الاعتراف بالذنب:

الاعتراف بالخطأ والتوبة الصادقة هي الأساس في الاستغفار.

 

عاجل - دعاء المطر والبرد منافع الاستغفار

1. الطمأنينة النفسية:

الاستغفار يمنح العبد راحة نفسية، ويساهم في تهدئة قلبه.

 

2. تحقيق الراحة الروحية:

بإزالة المعاصي من القلب، يحقق الاستغفار الراحة الروحية، ويقوي العلاقة بالله.

 

3. دفع الفتن والشرور:

الاستغفار هو حماية للعبد من الوقوع في المعاصي، ويبعد عنه الشرور.

 

الاستغفار في أوقات مختلفة

1. عند القيام من النوم:

"اللهم اغفر لي ذنوبي كلها دقها وجلها، أولها وآخرها، علانيتها وسرها."

 

2. عند نزول المطر:

كما في الأحاديث النبوية التي ورد فيها الدعاء أثناء المطر، حيث الاستغفار في تلك اللحظات يعد فرصة عظيمة للتوبة.

 

3. قبل الصلاة:

استغفار العبد قبل الصلاة يجعل قلبه أكثر تقوى ويزيد من خشوعه.

دعاء المطر: أوقات مباركة لطلب الخير والاستجابة

الاستغفار هو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، فهو يمنح الإنسان فرصة لتطهير نفسه من الذنوب والعودة إلى الله سبحانه وتعالى.

كما أن الاستغفار لا يقتصر على مجرد كلمات، بل يجب أن يكون نابعًا من القلب بصدق وإخلاص.

 فلنحرص على الإكثار من الاستغفار في كل وقت، لنجني ثماره الطيبة من مغفرة، ورزق، وراحة نفسية، ونجاة من البلاء.

 

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة: حددنا الأهداف التي يمكن لأوكرانيا ضربها بصواريخ أتاكمز
  • الجامع الأزهر يستضيف الملتقى الأول للتفسير ووجوه الإعجاز
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • حزب الله ينشر ملخصا لعملياته في معركة أولي البأس ضد إسرائيل
  • أهمية الاستغفار في حياة المسلم
  • عبادة تُنير وجهك في الدنيا ويوم القيامة.. انتهز الفرصة
  • الاستغفار في الإسلام: مفتاح للمغفرة وزيادة الرزق
  • شروط نقل الأعضاء والحكم الشرعي فيها
  • هل تجوز قراءة القرآن في سرادقات العزاء بأجر؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • حكم من يكذب في سرد الحلم أو الرؤية.. هل مصيره النار؟