دائرة نتنياهو.. فساد ومعلومات سرية تتسرب لخدمة أهداف سياسية
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
شنّ الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل هجوما لاذعًا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمحيطين به، واصفا إياهم بأنهم يشكلون "دائرة فاسدة من الانتهاكات والتسريبات"، إذ تتجلى لديهم ثقافة الولاء المطلق لرئيس الوزراء على حساب القيم الوطنية والأخلاقية، وحتى على حساب أمن إسرائيل.
وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "هآرتس"، سلط برئيل الضوء على ما أسماه "التحلل الأخلاقي" الذي يغلف دائرة نتنياهو، معتبرًا أنها أصبحت "وكرًا للشخصيات المشبوهة" التي وضعت ولاءها الشخصي للرئيس فوق التزامها تجاه الدولة، ويصفهم بأنهم "ليسوا فقط موظفين، بل أدوات لممارسة السلطة والتلاعب بالمعلومات لخدمة أجندات نتنياهو الشخصية".
ويشير إلى أنه رغم القوانين والإجراءات الأمنية المشددة في إسرائيل، فإن مكتب رئيس الوزراء قد تجاوز كل هذه المعايير، مما فتح المجال لمثل هذه الشخصيات للوصول إلى ملفات حساسة.
بعد شن اعتقالات في صفوف مقربين من نتنياهو متهمين بتسريب معلومات أمنية سرية.. أكسيوس: السؤال الكبير هو ما إذا كان نتنياهو على علم بالتسريبات أو ضالعا فيها#حرب_غزة pic.twitter.com/AQluAdHTQ5
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 2, 2024
بيئة مسمومةوفي الفضيحة الجديدة التي أثارت ضجة في الأوساط الأمنية والسياسية، يكشف برئيل عن دور أحد المقربين من نتنياهو في تسريب معلومات أمنية حساسة للصحافة الأجنبية، بما في ذلك صحف مثل "بيلد" الألمانية و"جويش كرونيكل" البريطانية.
ويقول برئيل "في حين أن الشخص المعني لا يحمل التصريح الأمني المناسب، فقد أتيح له الوصول إلى معلومات حيوية تشمل محاضر اجتماعات الكابينت، وملفات استخباراتية بالغة الحساسية، وزيارات إلى قواعد عسكرية". ويضيف أن "حقيقة تسريبه معلومات تهدد الأمن القومي لم تكن مصادفة، بل هي انعكاس للبيئة المسمومة التي يخلقها نتنياهو في محيطه".
ولم يقتصر الأمر على ذلك؛ فقد لجأ رئيس الوزراء إلى الدفاع عبر الادعاء بما أسماه "التطبيق الانتقائي للقانون"، وهو أمر اعتاد عليه، بحسب برئيل، عند مواجهته قضايا فساد أو سوء إدارة.
ويعلق الكاتب "هذا المصطلح أصبح مألوفًا لكل من يتابع تصريحات نتنياهو المتكررة، حيث يستخدمه دائمًا كحجة دفاعية، سواء في قضايا الفساد التي تلاحقه أو عند الكشف عن أي فضيحة في مكتبه".
يعتبر كاتب المقال أن هذا النمط من الانتهاكات ليس جديدًا في محيط رئيس الوزراء، بل هو جزء من إرث طويل من الفضائح، حيث يشير إلى عدد من الأسماء التي شغلت مناصب مهمة في مكتبه سابقًا مثل نير حيفيتس وشلومو فيلبر وأريه هارو، وكلهم تورطوا في قضايا فساد واسعة النطاق. واستبدلهم رئيس الوزراء لاحقًا بشخصيات لا تقل إثارة للجدل مثل عوفر غولان ويونتان أوريخ، اللذين تورطا في الضغط غير المشروع على "شاهد دولة"، وما زالت النيابة العامة تنظر في قضيتهما.
وبحسب برئيل، فإن دائرة نتنياهو ليست مجموعة من الأشخاص غير الأكفاء، بل على العكس "إنهم يمتلكون مهارات وخبرات عالية، ولكنهم يستخدمون هذه المهارات لتقويض القيم الوطنية ولخدمة أجندات رئيس الوزراء الخاصة". ويصفهم بأنهم "أذكياء بشكل مدمّر، ويستخدمون مهاراتهم ليس لتحسين العمل الحكومي، بل لتعزيز سلطة نتنياهو بأي ثمن".
كيف تفاعل الداخل الإسرائيلي مع قضية الوثائق المسربة من مكتب نتنياهو؟#الأخبار #حرب_غزة pic.twitter.com/SNxMwJXqG7
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) November 3, 2024
منظمة إجراميةوتكشف الفضيحة الأخيرة عن "ممارسات إعلامية سامة" من محيط نتنياهو، حيث يقوم هؤلاء المقربون بتسريب معلومات سرية إلى وسائل الإعلام الأجنبية، في وقت يمتنعون فيه عن الإفصاح بها للصحافة الإسرائيلية. فقد نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية، على سبيل المثال، معلومات توصف بأنها "استخباراتية سوداء"، مما يهدد بكشف مصادر إسرائيلية هامة في قطاع غزة، بحسب برئيل.
ويعلق على ذلك قائلاً "الأمر الأكثر خطورة أن هذه المعلومات لم تُسرب لمهاجمة حركة حماس، بل تم استخدامها للتلاعب بالرأي العام الإسرائيلي والتأثير على عائلات الأسرى".
ومع استمرار هذه الانتهاكات، يتساءل الكاتب عن غياب التحقيقات الجنائية في هذه الحوادث، مشيرًا إلى أن السلطات الأمنية تغض الطرف عن الكثير من هذه الانتهاكات عندما يتعلق الأمر بمقربين من رئيس الوزراء، في وقت تلاحق فيه شخصيات أخرى بصرامة.
ويدعو الكاتب الإسرائيلي إلى فحص مدى تأثر قرارات الأمن القومي الإسرائيلي بهذه الممارسات غير القانونية.
يختتم برئيل مقاله بالقول "لقد تحولت دائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى ما تشبه المنظمة الإجرامية، حيث يتم توظيف الأشخاص الذين يتمتعون بولاء كامل لنتنياهو، ويضعون تلبية رغباته الشخصية فوق كل اعتبار حتى لو كان ذلك على حساب أمن الدولة ومصالحها الحيوية".
ويشير إلى أن "من يدير هذه الدائرة المسمومة ليس فقط نتنياهو، بل يشارك في الأمر شخصيات أخرى داخل مكتبه، مثل رئيس الطاقم زاحي برورمان، الذي لا يتردد في تمرير معلومات حساسة ومهمة وفقًا لرغبات نتنياهو". ويصف برئيل هذه الدائرة بأنها "كارثة أمنية"، مشيرًا إلى أن "الرائحة الكريهة للفساد تنبعث من رأس الهرم، حيث يتغاضى نتنياهو عن التجاوزات الأمنية طالما أنها تخدم أجنداته".
ويلخّص برئيل وصفه لدائرة نتنياهو بالقول إنها "بيئة مسمومة، تجسد كيفية تجاوز القوانين والمؤسسات الأمنية من أجل حماية الحاكم المطلق".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دائرة نتنیاهو رئیس الوزراء إلى أن
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء» يستعرض مؤشرات المؤسسات الدولية حول أداء الاقتصاد العالمي
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرا جديدا حول «أداء الاقتصاد العالمي خلال عام 2024 وتوقعات عام 2025»، من خلال تسليط الضوء على بعض الموضوعات المختارة كمجال السياسة النقدية والتضخم والتجارة والسياحة وسوق العمل العالمية، حيث أشار المركز إلى أن عام 2024 قد شهد تباطؤًا في النمو الاقتصادي العالمي مقارنة بعام 2023، ويأتي ذلك مدفوعًا بالعديد من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية والمناخية العالمية، حيث استمرت أسعار الفائدة مرتفعة في ظل مساعي البنوك المركزية حول العالم لكبح التضخم، كما أثرت التوترات الجيوسياسية -لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا- سلبًا على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. وقد جاء الأداء الاقتصادي في عام 2024 متباينًا بين المناطق المختلفة حول العالم، وبين الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة والدول النامية، حيث حققت بعض الاقتصادات نموًّا أفضل من غيرها، وتشير التوقعات لعام 2025 إلى أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشرق أوروبا سوف تستمر خلال العام المقبل، مما يشير إلى استمرار التحديات الاقتصادية العالمية.
أشار التقرير، إلى أن الاقتصاد العالمي حافظ على صموده ومرونته نوعاً ما في عام 2024، متجنبًا الدخول في حالة ركود، رغم التشديد الحاد والمتزامن للسياسات النقدية العالمية، مع استمرار النمو ولكن دون التوقعات، فوفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2024، سيتباطأ النمو من 3.3% عام 2023 إلى 3.2% في عامي 2024 و2025.
ومن جهة أخرى، توقع تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية»، الصادر عن البنك الدولي في يونيو 2024، أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً ضعيفاً ثابتًا عند 2.6% في عام 2024 قبل أن يرتفع إلى 2.7% في عامي 2025 و2026، وهو أقل من المتوسط البالغ 3.1% في العقد السابق للجائحة. كما توقعت وكالة ستاندرد آند بورز تباطؤ في النمو العالمي من 3.5% في عام 2023 إلى 3.3% في عام 2024، ثم إلى 3% في عام 2025.
أشار التقرير، إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي للاقتصادات المتقدمة تظهر نمواً طفيفاً من 1.7% في عام 2023 إلى 1.8% في عام 2024 مع بقاء النسبة نفسها في عام 2025 حتى عام 2029، ومن المتوقع تباطؤ النمو في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقدر الصندوق أن يصل إلى 2.8% عام 2024 من 2.9% عام 2023، وأن يتباطأ إلى 2.2% في عام 2025، وفي منطقة اليورو من المتوقع أن ينمو الاقتصاد من 0.4% عام 2023 إلى 0.8% عام 2024 و1.2% في عام 2025، وفي المملكة المتحدة من المقدر أن يصل النمو إلى 1.1% عام 2024 من 0.3% عام 2023.
أما بالنسبة لليابان، فمن المقدر أن يتباطأ النمو في عام 2024، ليصل إلى 0.3% من 1.7% عام 2023، وبالنسبة لكندا فمن المقدر أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي من 1.2% عام 2023 إلى 1.3% عام 2024، وأن يصل إلى 2.4% عام 2025.
أوضح التقرير أنه وفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز (S&P)، سوف ينتعش اقتصاد اليابان في عام 2025 ليحقق نمو نحو 1%، في حين سيبلغ معدل نمو اقتصاد المملكة المتحدة 1.5%. وفي الأسواق الناشئة الرئيسة، تُعَد الهند محركًا رئيسًا للنمو العالمي، حيث من المتوقع أن يبلغ نموها 7% أو أقل على مدى السنوات المقبلة. كما يتوقع أن ينمو اقتصاد البرازيل والمكسيك نحو 2% في عام 2025، وجنوب إفريقيا بنحو 1.5%.
ومن جهة آخري، يقدر صندوق النقد الدولي أن تسجل اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية انخفاضًا محدودًا في النمو من 4.4% في عام 2023 إلى 4.2% في عامي 2024 و2025. كما أشار الصندوق إلى أن معدل النمو الاقتصادي في الصين انخفض من 5.2% عام 2023 إلى 4.8% في عام 2024، ومن المتوقع أن يبلغ هذا المعدل نحو 4.5% في عام 2025. أما في روسيا، فقد ظلَّ معدل النمو الاقتصادي ثابتًا عند 3.6% في عامي 2023 و2024. فيما ارتفع معدل النمو الاقتصادي في البرازيل من 2.9% عام 2023 إلى 3.0% عام 2024.
أكد التقرير أنه رغم توقع انتعاش الاستثمار وتحسن الإنتاجية ستظل توقعات النمو على المدى المتوسط للاقتصادات المتقدمة دون تغيير. أما الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، فتظل آفاق نموها ضعيفة مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي لآفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل 2024، وأدنى من المستويات المتوقعة قبل الجائحة. وذلك بسبب تأثير الصدمات التي شهدتها السنوات الأخيرة.
أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن ينخفض التضخم العالمي من 6.7% في عام 2023 إلى 5.8% عام 2024 و4.3% في عام 2025 على أساس سنوي. ويعكس هذا الانخفاض في التضخم العالمي تراجعاً واسع النطاق في عامي 2024 و2025، على عكس الوضع في عام 2023، حيث انخفض التضخم العام بشكل أساسي بسبب انخفاض أسعار الوقود.كما أنه من المتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي بمقدار 1.3 نقطة مئوية في عام 2024، يليه انخفاض بنسبة 0.1 نقطة مئوية في عام 2025.
أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يستغرق تحقيق معدلات التضخم المستهدفة في معظم الاقتصادات حتى عام 2025. وعلى الرغم من أن وتيرة انخفاض التضخم كانت أسرع من المتوقع في أكتوبر 2023، فإن التباين بين أداء الاقتصادات المختلفة يُتوقع أن يصبح أكثر وضوحًا خلال الفترة المقبلة. أما عن الاقتصادات المتقدمة فتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم في عام 2023 بلغ 3.1%، في حين تشير التوقعات إلى تراجع معدلات التضخم في عامي 2024 و2025، إذ إنه من المتوقع أن يبلغ التضخم 2.2% في عام 2024، وإلى 2% في عام 2025. كما تشير التقديرات إلى انخفاض معدل التضخم في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من 8.1% عام 2023 إلى 7.9% في عام 2024 مع وصوله إلى 5.9% في عام 2025.
أوضح التقرير أن السياسات النقدية لدى البنوك المركزية شهدت تحولات كبيرة خلال العامين الماضيين والعام الجاري، نتيجة لارتفاع التضخم والتباطؤ الاقتصادي والاضطرابات الجيوسياسية، فخلال عامي 2022 و2023 اتجهت البنوك المركزية إلى تشديد سياساتها النقدية، ومع تراجع التضخم في عام 2024 بدأت بعض البنوك المركزية في تنبي سياسات نقدية أكثر مرونة، وفيما يلي عرض لأبرز مسارات وتوقعات السياسة النقدية لدى البنوك المركزية الكبرى في العالم:
-الولايات المتحدة الأمريكية: بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في 11 اجتماعًا متتاليًا في عامي 2022 و2023، ثم أبقاها بين 5.25% و5.5% لأكثر من عام، وفي اجتماع 18 سبتمبر 2024 خفض الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أربع سنوات بمقدار 50 نقطة مئوية، لتتراوح بين 4.75% و5.0%. وفي اجتماع نوفمبر 2024، خفضها للمرة الثانية على التوالي خلال 2024 بمقدار 25 نقطة لتتراوح بين 4.50 بالمئة و4.75 بالمئة. ثم خفضها للمرة الثالثة على التوالي في ديسمبر 2024، وذلك بواقع 25 نقطة أساس بحيث باتت تتراوح بين 4.25 و4.50%
-منطقة اليورو (البنك المركزي الأوروبي): في اجتماعه الذي انعقد في 12 ديسمبر 2024، خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس بمقدار 25 نقطة أساس، مع خفض سعر الفائدة على الودائع من 3.25% إلى 3.00%. وكان هذا الخفض الرابع منذ انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة في سبتمبر 2023 (حيث كان الخفض الأول في يونيو 2024). ومنذ مارس 2023، بدأ البنك تفكيك أحد برامجه الرئيسة للتيسير الكمي، مع تخفيضات في الحجم الإجمالي لبرنامج التيسير الكمي المرتبط بالجائحة أيضًا في النصف الثاني من عام 2024، وكان البنك قد أطلق استجابته للجائحة في 12 مارس 2020 ووسعها بشكل كبير في 18 مارس و4 يونيو من العام نفسه. بالإضافة إلى تقديم قروض رخيصة للبنوك لتشجيعها على إقراض الشركات.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أصدرت يوم 5 ديسمبر 2024 تقريرًا بعنوان "تحديث التجارة العالمية: ديسمبر 2024"، توقعت فيه أن يصل حجم التجارة العالمية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند نحو 33 تريليون دولار في عام 2024، بزيادة قدرها تريليون دولار عن العام السابق.
اتصالًا، يأتي هذا النمو السنوي في التجارة العالمية والبالغ 3.3% مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع بنسبة 7% في تجارة الخدمات، حيث نمت تجارة السلع بمعدل أبطأ بلغ 2% هذا العام، لكنه أقل من ذروتها في عام 2022. وشهد كلا القطاعين (تجارة السلع - تجارة الخدمات) ارتفاعًا في قيم التداول في الربع الثالث، ومن المتوقع أن يستمر الزخم في الربع الأخير من عام 2024.
وفي الربع الثالث من عام 2024، قادت الاقتصادات المتقدمة نمو التجارة العالمية، حيث نمت وارداتها بنسبة 3%، وصادرتها بنسبة 2%. وسجلت اليابان أقوى نمو ربع سنوي في صادرات السلع (5%) وأعلى ارتفاع سنوي في صادرات الخدمات (13%). كما ارتفعت واردات السلع الأمريكية بنسبة 4%، مع زيادة الصادرات بنسبة 2% على أساس سنوي و1% في الربع الثالث.
وعلى النقيض، عانت البلدان النامية خلال الفترة نفسها، حيث انخفضت الواردات بنسبة 1%، خلال الربع الثالث من عام 2024، في حين ارتفعت الصادرات بنسبة 1% فقط. وتراجعت التجارة بين البلدان النامية بنسبة 1%. ومع ذلك، ظلت تجارة البلدان النامية إيجابية على أساس سنوي، حيث نمت بنحو 3%.
أما بالنسبة لمعدلات السياحة الدولية، فقد أشار تقرير مركز المعلومات لارتفاعها إلى 96% من مستويات ما قبل الجائحة في الأشهر السبعة حتى يوليو 2024، مدفوعة بالطلب القوي في أوروبا وإعادة فتح الأسواق في آسيا والمحيط الهادئ. فوفقًا للبيان الصادر عن منظمة السياحة العالمية، سافر حوالي 790 مليون سائح دولي في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، أي بزيادة قدرها 11% عن الأشهر نفسها من عام 2023، وأقل بنسبة 4% فقط عن تلك الأشهر في عام 2019.
وأوضح التقرير أنه بفضل زيادة الربط الجوي وتسهيل الحصول على التأشيرات ودعم تعافي السفر الدولي، أظهرت البيانات أن جميع مناطق العالم سجلت عامًا قويًّا حتى الآن. حيث كانت منطقة الشرق الأوسط الأقوى نموًّا نسبيًّا، حيث ارتفع عدد الوافدين الدوليين بنسبة 26% فوق مستويات عام 2019 في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. كما استقبلت إفريقيا 7% زيادة في عدد السياح في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالأشهر نفسها من عام 2019. واستعادت أوروبا والأميركتان 99% و97% على التوالي من الوافدين إليهما قبل الجائحة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. أما منطقة آسيا والمحيط الهادئ فقد سجلت نموًّا بنحو 82% من أعداد السياح خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2024 مقارنة بما قبل الجائحة، حيث وصل إلى 85% في يونيو 2024، و86% في يوليو 2024. وفيما يتعلق بإيرادات السياحة الدولية، فقد استعادت 47 دولة من أصل 63 دولة تتوفر لها بيانات، قيمتها قبل الجائحة في الأشهر الستة الأولى من عام 2024.
أشار التقرير إلى أن البيانات المُعدَّلة لعام 2023 تُظهِر أن عائدات السياحة الدولية بلغت 1.8 تريليون دولار أمريكي، وهو المستوى نفسه تقريبًا قبل الجائحة، كما تعافى الناتج المحلي الإجمالي المباشر للسياحة من مستويات ما قبل الجائحة في عام 2023، ليصل إلى ما يقدر بنحو 3.4 تريليونات دولار أمريكي، أي ما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومن المتوقع أن يكون الأداء السياحي في العام 2024 إيجابيًّا رغم التحديات، حيث يُظهر مؤشر ثقة السياحة التابع للأمم المتحدة توقعات إيجابية للأشهر الأخيرة (سبتمبر: ديسمبر) من عام 2024، عند 120 نقطة، وإن كان أقل من توقعات شهري مايو وأغسطس، والتي بلغت 130 نقطة (على مقياس من 0 إلى 200، حيث تعكس 100 أداءً متوقعًا). ووفقًا لتوقعات المكتب الوطني للسفر والسياحة التابع لإدارة التجارة الدولية من المتوقع أن يستمر إجمالي عدد الوافدين الدوليين في الزيادة بشكل كبير على مدى العامين المقبلين. وسيرتفع إجمالي عدد الوافدين الدوليين بنسبة 16.8% إلى 77.7 مليون وافد في عام 2024، ويرتفع أيضًا بنسبة 9.7% إلى 85.2 مليونًا في عام 2025، علاوة على ذلك، فقد يرتفع بنسبة 7.0% إلى 91.1 مليونًا في عام 2026.
أشار تقرير "التوظيف والتوقعات الاجتماعية في العالم: تحديث سبتمبر 2024" الصادر عن منظمة العمل الدولية (ILO)، إلى تصاعد الضغوط على عدم المساواة في التوظيف مع تراجع حصة دخل العمالة وبقاء نسبة كبيرة من الشباب خارج العمل أو التعليم أو التدريب. فقد انخفضت حصة دخل العمل العالمية بنسبة 0.6 نقطة مئوية من عام 2019 إلى عام 2022 وظلت ثابتة منذ ذلك الحين، مما زاد من تفاقم الاتجاه الهبوطي. ولو ظلت الحصة عند المستوى نفسه كما كانت في عام 2004، لكان دخل العمل أكبر بمقدار 2.4 تريليون دولار أمريكي في عام 2024.
كما أشار التقرير إلى دور التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الأتمتة، في تعزيز الإنتاجيةَ، إلا أن العمال لا يحصلون على نصيب عادل من المكاسب الناتجة. وفي حالة غياب سياسات شاملة لضمان تقاسم فوائد التقدم التكنولوجي على نطاق واسع، فإن التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى تعميق التفاوت، مما يعرض تحقيق أهداف التنمية المستدامة للخطر.
أشار التقرير في ختامه إلى أنه في ضوء المعطيات سالفة الذكر، فإن آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2025 تتسم بوجود مجموعة من التحديات والفرص، ومن تلك التحديات استمرار معدلات التضخم المرتفعة وإن كان بمعدلات أقل من السنوات السابقة، وذلك بسبب مجموعة عوامل، منها: اضطراب سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الطاقة، مما سيجعل البنوك المركزية حذرة تجاه تخفيف سياساتها النقدية، كما ستستمر التوترات الجيوسياسية في التأثير السلبي على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل الصراعات الدائرة وتزايد حدة التنافس بين القوى الكبرى واحتمالات نشوب حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها التجاريين الرئيسين، وخاصة الصين.
وبالرغم من تلك التحديات، فإن هناك نقاطًا مضيئة، حيث سيشهد العالم تسارعًا في التحول الرقمي، مما يفتح آفاقًا جديدة للنمو والابتكار، بالإضافة إلى ذلك ستزداد أهمية الاستدامة البيئية، في ظل مساعي الحكومات والشركات إلى تبني ممارسات صديقة للبيئة، كما ستشهد بعض القطاعات نموًّا ملحوظًا كقطاع السياحة في ظل التنامي الكبير في أعداد السياح عالميًّا، وقطاع التكنولوجيا الذي يأتي نموه مدفوعًا بالتطور المستمر في الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وكذلك قطاع الطاقة المتجددة في ظل تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة المتجددة، كما ستشهد الرعاية الصحية نموًّا مستمرًا، أيضًا ستواصل التجارة الإلكترونية توسعها مدفوعة بتغيير سلوك المستهلكين.
اقرأ أيضاًالقيادة المركزية الأمريكية: نفذنا ضربة دقيقة ضد منشأة لتخزين الصواريخ للحوثيين
أستاذ استثمار: توطين الصناعة إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي انتهجتها الدولة لتغير واقع الاقتصاد