سيرجيو ليون: الرائد الإيطالي الذي أحدث ثورة في سينما الغرب الأمريكي
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
وليد السبيعي
سيرجيو ليون، المخرج والمنتج وكاتب السيناريو الإيطالي، وُلد عام 1929، وأصبح أحد أبرز الأسماء في عالم السينما بفضل إبداعه في أفلام “الويسترن سباغيتي”. هذا النوع من الأفلام، الذي ظهر في ستينيات القرن العشرين، تميز بلمسة إيطالية خالصة من حيث الإخراج والانتاج وتعاون مع شركاء إسبان في بعض الأحيان، مما أعاد تعريف أفلام الكاوبوي الأمريكية التقليدية.
كانت أعمال سيرجيو ليون ذات تأثير كبير، وأبرزها ثلاثية “الدولار” التي تتضمن أفلام “A Fistful of Dollars”، “For a Few Dollars More”، وأشهرها “The Good, the Bad and the Ugly”، الذي قام ببطولته كلينت إيستوود. هذا الفيلم تحديداً لم يكن مجرد فيلم ناجح بل كان حجر الزاوية في ثورة سينما الغرب الأمريكي. وقد وصف كلينت إيستوود ليون بأنه “الرجل الذي صنع مني نجماً وتعلمت منه كل شيء”، مؤكداً على تأثير ليون العميق على مسيرته الفنية.
سيرجيو ليون في موقع تصوير فيلم ‘Once upon a time in the West’ عام 1968ورغم نجاحاته الكبيرة، رفض سيرجيو ليون إخراج فيلم “The Godfather” لأنه كان منشغلاً بالتحضير لفيلم آخر مقتبس من رواية “The Hoods”، وهو “Once Upon a Time in America”. استغرق ليون عشر سنوات لإعداد هذا الفيلم، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان “كان” السينمائي حيث لاقى إعجاباً كبيراً، ووصفه النقاد بأنه “عراب الثمانينيات وأحد أفضل الأفلام في التاريخ”.
ليون وهو يوجه الممثل روبيرت دي نيرو في أحد مشاهد تصوير فيلم Once Upon a Time in America عام 1984لكن، عندما عُرض الفيلم في دور السينما، قامت شركة Warner Brothers بحذف جميع مشاهد الفلاش باك الخاصة بشخصية روبرت دي نيرو دون موافقة ليون، مما أدى إلى فشل الفيلم في شباك التذاكر بسبب ارتباك الجمهور وعدم قدرتهم على فهم التسلسل الزمني للأحداث. هذا الفشل أثر بشدة على ليون، وأصيب باكتئاب حاد، وتوفي بجلطة قلبية في سن الستين عام 1989. وذكرت زوجته أنه بعد فشل الفيلم، كان ليون يردد حوارات الفيلم حتى وفاته، مشيراً إلى شعوره الدائم بخيبة الأمل.
في موقع تصوير أحد مشاهد فيلم Once Upon a Time in America عام 1984بعد وفاة ليون، استغلت شركة Warner Brothers الفرصة وأصدرت نسخة DVD كاملة من الفيلم بدون حذف أي مشهد. حققت النسخة نجاحاً كبيراً وغطت تكاليف الإنتاج الأساسية للفيلم، وما زالت النسخ تُباع حتى اليوم، محققة أرباحاً ضخمة للشركة.
يظل سيرجيو ليون، بفضل رؤيته السينمائية الفريدة وأعماله الخالدة، أحد الأسماء اللامعة في تاريخ السينما العالمية، ورمزاً للابتكار والشجاعة الفنية.
الوسومسينماالمصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: سينما
إقرأ أيضاً:
الغرب سيدفع ثمنا باهظا إذا تجاهل دول البريكس
يتمثل السبب الرئيسي لفشل استراتيجيتنا في أوكرانيا في تهويننا من أمر روسيا. فقد قللنا كثيرا من شأن قدرتها على الصمود، ومن حجم اقتصادها وقوته، ومن التحالفات التي تستطيع إقامتها. والأهم في هذا العنصر الأخير هو تحالف بريكس بلاس. تشير الكلمة إلى الحروف الأولى من أسماء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، أما بلاس فتشير إلى الأعضاء الجدد: إيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة. وعما قريب سوف تنضم المملكة العربية السعودية. وثمة العديد من البلاد الأخرى شبه المرتبطة. تمثل دول بريكس بلاس مجتمعة 34.5% من اقتصاد العالم. في حين تمثل مجموعة الدول الصناعية السبع المتقدمة 29.6%. بل إن الفجوة تزداد اتساعا حينما نأخذ في الاعتبار أنصبة المجموعتين من سكان العالم، فبريكس بلاس تمثل 45% بينما تمثل مجموعة السبعة 10%. فما الذي يجعلنا إذن على يقين من قدرتنا على الفوز في حرب القرن الحادي والعشرين الباردة وهذه البلاد أضخم منا، بل وهي أغنى ما مجتمعة أيضا؟ يتشبث الاقتصاديون وواضعو الاستراتيجيات السياسية في الغرب في فكرة واحدة، هي أن الدولار يسيطر على التجارة العالمية. فهكذا يمكن أن تفرض الولايات المتحدة إرادتها على الآخرين. إذ تمنح الهيمنة الدولارية لإدارة الولايات المتحدة ميزة معاقبة البلاد من خلال النظام المالي. لأن جميع البنوك في الغرب تعتمد على أسواق الدولار بصورة أو بأخرى. كثيرا ما أسمع حجة واهية مفادها أننا لا يجب أن نتخوف من بريكس بلاس لأنها لا يمكن أن تنشئ عملة مشتركة قادرة على تحدي الدولار. وهذه الحجة تقع في فئة الحجج الصحيحة وغير ذات الجدوى في آن واحد. فمجموعة بريكس بلاس لن تنشئ عملة واحدة. ولها في الاتحاد الأوروبي عبرة في أن العملة المشتركة قد تفضي في نهاية المطاف إلى تزايد الانقسامات السياسية بين الأعضاء. في حين تسعى بريكس بلاس إلى أمر آخر هو إقامة بنية أساسية تسمح لأعضائها بتسيير تدفقات مالية بين أعضائها دونما عروج على عالم الدولار في أي نقطة. ولقد كان ما يعرف بمدفوعات بريكس [Brics Pay] نجما ساطعا في قمة قازان التي أقيمت أخيرا في نهاية أكتوبر بجنوبي روسيا. ومدفوعات بريكس هي نظام دفع متسلسل يستعمل تكنولوجيا أساسية شبيهة لبيتكوين وغيرها من العملات الرقمية. تندرج أنظمة الدفع ضمن المواد التي لا تقرأ أخبارها عادة في المجلات الجديدة، وذلك لسبب وجيه، هو أنها جزء من شبكة أنظمة مالية عالمية، وهي بطبيعتها شديدة الإملال، لكنها أصبحت في عالمنا اليوم أداة جيوسياسية مهمة لأنها تتيح للبلاد أن تدافع عن أنفسها ضد العقوبات الغربية. تمثل مجموعة بريكس بلاس ما بين 35 و40% من التجارة العالمية، لكن بلاد المجموعة تقع جميعا تحت رحمة الولايات المتحدة لأن أغلب تجارتها تتم بالدولار. بل إن هذا يصدق على التدفقات التجارية داخل منطقة بريكس بلاس. وقد ذهب الاقتصادي الفرنسي جاك سابير إلى أن أعضاء بريكس بلاس ماضون في تحويل 80% من ذلك الجزء من التجارة بعيدا عن الدولار الأمريكي، من خلال استعمال مدفوعات بريكس [Brics Pay] خلال السنوات الخمس القادمة. وسوف يكون لهذا أثر هائل على توازن القوى المالية العالمية. فقرابة 60% من الاحتياطيات الأجنبية العالمية محفوظة حاليا بالدولار. وفي ظل نظام المدفوعات الجديد، قد تكون بريكس بلاس على طريق تجاوز الدولار في غضون خمس سنوات، وفقا لحسابات سابير. وفي حين أنني أتعامل مع هذه التوقعات بشيء من الحذر، لكنني لا أخالفه في صحة النزعة نفسها. فليست بريكس بلاس بحاجة إلى عملة واحدة لتستقل عن الدولار الأمريكي. لأن كل ما هي بحاجة إليه يتمثل في تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين. تقوم طمأنينة الغرب على أساس ملاحظة مفادها أن العالم لم تكن فيه قط غير عملة مهيمنة واحدة. كانت هذه العملة ذات مرة هي الجنيه، وذلك حتى منتصف عشرينيات القرن العشرين، ثم أصبحت الدولار منذ ذلك الحين. ولهيمنة عملة واحدة تأثير شبكي مفاده أن الفائز يغنم كل شيء. لكن تسلسل الكتل [blockchain] الآن يغير من الحسابات. ويمكننا أن نتصور هذه التكنولوجيات باعتبارها سجلا آمنا لتتبع المدفوعات. لكنها مفتوحة المصدر. ولا يقتصر أمر تكنولوجيا التسلسل الكتل على أنها العمود الفقري للعملات المشفرة لأن بوسعها أيضا أن تدير المدفوعات بين البنوك والبنوك المركزية. لقد قلل خبراء الاقتصاد الكلي، وخاصة مستشاري الحكومات منهم، تقليلا كبيرا من تأثير تقنية تسلسل الكتل والعملات المشفرة. ولا يزال الكثيرون منهم يفعلون ذلك. كما أنهم يقللون من تأثير نظام مدفوعات بريكس. إذ لم يروا أن هذه التكنولوجيا تسمح للدول بفطام نفسها عن اعتمادها على الولايات المتحدة. ويمثل التعلق بالتكنولوجيا الحديثة إلى جانب الاعتقاد الوهمي بأن الغرب هو موضع حسد العالم السبب الرئيسي الذي يجعلنا نستمر في التقليل من شأن خصومنا. وهذا هو السبب وراء تعرض أوكرانيا لخطر خسارة الحرب. وهناك حجة واهية أخرى تتعلق بملاحظة أن مجموعة بريكس ليست متماسكة سياسيا بمثل تماسك الغرب. وهذا بدوره صحيح ومضلل في الوقت نفسه. فالدول الأعضاء ليست بحاجة إلى مثل درجة التكامل السياسي الملموسة في مجموعة الدول السبع الكبرى أو حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي. فخلافا للصين وروسيا، ليست الهند والبرازيل مهتمتين بالمواجهة مع الولايات المتحدة. بل إنهما تريدان التجارة مع الجميع وألا تصبحا جزءا من كتلة. وقد تقاربت روسيا وكوريا الشمالية وإيران من بعضها بعضا. وأقام الرئيس الصيني شي جين بينج تحالفا استراتيجيا مع فلاديمير بوتين، ولكنه يظل على مسافة. ومجموعة بريكس بلاس مجموعة متنوعة، لكن قوتها تنبع من التركيز على الأشياء القليلة المشتركة بين هذه الدول. والأهم بين هذه المشتركات هو رغبتها جميعا في تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة. ولا يتعلق الأمر هنا بالانتخابات الأمريكية. فقد تطورت سياسات التجارة والعقوبات الأميركية على مدى إدارات عدة. وأصبحت الولايات المتحدة أقل استعدادا لاستيعاب فوائض التجارة العالمية، ودعم دفاع أوروبا. وليس لدى دونالد ترامب أو كامالا هاريس استراتيجية، أو حتى طموح، لكبح الطموحات الجيوسياسية لمجموعة بريكس بلاس. فالانفصال العالمي هو الاتجاه السائد في قرننا هذا، وسوف تكون مجموعة بريكس بلاس العماد الثاني للنظام العالمي ثنائي القطب الجديد. فولفجانج مونشاو من كتاب الرأي في صحيفة نيو ستيتسمان ومدير يوروإنتيليجنس. عن نيوستيتسمان |